محمد الزيري
الحوار المتمدن-العدد: 8482 - 2025 / 10 / 1 - 16:14
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لم يشهد المغرب في تاريخه الحديث فراغا في التأطير السياسي والجمعوي كما يشهده اليوم. الأحزاب التي وُجدت لتكون مدارس للسياسة تحولت إلى مقاولات انتخابية، والجمعيات التي كانت فضاءات للمواطنة صارت مجرد وسيلة لاقتناص التمويلات. النتيجة واضحة: جيل بكامله في مواجهة العدم.
الأحزاب التي أنجبت قادة ورجال فكر في الماضي، أضحت اليوم هياكل خاوية بلا مشروع مجتمعي. الزعامات مشغولة بالمقاعد والمناصب، واللغة الوحيدة التي تمارس داخلها هي لغة الولاء والمصالح.
إذن كيف ننتظر من شاب أن ينخرط في حزب لا يفتح نقاشاً فكرياً ولا يكوّن أعضاءه سياسياً؟
المشهد الجمعوي يعيش الانهيار ذاته. جمعيات تتحرك فقط حين يصل التمويل، وتختفي حين ينقطع. التربية على القيم، تكوين النشء، صناعة المواطن الفاعل... كلها أدوار تراجعت لصالح "مشاريع" ورقية لا تترك أي أثر في الواقع.
كثيرون يصفون جيل Z باللامبالاة. لكن الحقيقة أن هذا الجيل هو ضحية مجتمع خذله. وُلد في زمن الثورة الرقمية دون بوصلة فكرية أو قيمية، لم يجد أمامه سوى شاشات فارغة تغرقه في التفاهة والاحتجاج الافتراضي، بينما المؤسسات التي كان يفترض أن ترشده نحو الفعل المواطناتي هربت من مسؤوليتها.
غياب التأطير ليس مجرد خلل ثانوي، بل هو تهديد مباشر لمستقبل الديمقراطية. فجيل غير مؤطر هو جيل هش، سهل الانجراف وراء الخطابات المتطرفة أو الشعبوية، وجيل لا يرى معنى للمشاركة ولا جدوى من السياسة.
لقد خانت الأحزاب رسالتها، وانحرفت الجمعيات عن دورها، ودفع جيل كامل إلى الهامش. ما لم تتحرك الدولة والنخب لإعادة الاعتبار لفضاءات التأطير، فإننا نتجه نحو مستقبل تسيره شاشات بلا قيم، وشباب بلا بوصلة، ومؤسسات بلا مواطنين.
#محمد_الزيري (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟