أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - محمد الزيري - انتداب الناشرين في المجلس الوطني للصحافة: دفاع الوزير وحقيقة تقويض استقلالية الصحافة















المزيد.....

انتداب الناشرين في المجلس الوطني للصحافة: دفاع الوزير وحقيقة تقويض استقلالية الصحافة


محمد الزيري

الحوار المتمدن-العدد: 8411 - 2025 / 7 / 22 - 14:56
المحور: الصحافة والاعلام
    


في البداية، يجدر التأكيد على أن المجلس الوطني للصحافة هو مؤسسة مخصصة للصحافيين المهنيين فقط، باعتباره الضامن الحقيقي لاستقلالية المهنة وحامي أخلاقياتها، وهو الذي يفترض أن يمثل الصحافيين ويشرف على تنظيم ذاتي ديمقراطي ومهني مستقل.و بالتالي، فكرة إدخال الناشرين إلى هذا المجلس تحت مسمى "انتداب" بدل انتخاب، ثم عبر آلية تعطي لمنظمة مهنية واحدة سيطرة شبه كاملة على تمثيلهم، تمثل انحرافا خطيرا عن هذا الهدف وسنفسرها كيف من خلال هذه النقط:
أولا: تغليب نظام الانتداب على الانتخاب: تناقض صارخ مع مبدأ الديمقراطية المهنية..
لقد دافع الوزير محمد المهدي بنسعيد عن خيار الانتداب للناشرين باعتباره منطقيا ومناسبا بحجة أنهم لا يشكلون هيئة مهنية من الأشخاص الذاتيين، لكن هذا التبرير لا يحمل أية قوة مهنية أو قانونية. فالانتخاب هو المبدأ الديمقراطي السليم الذي يجب أن يسود في أي مؤسسة تمثل مهنة ذات بعد تنظيمي ومهني، ولا يجوز الاستناد إلى حجج شكلية لتبرير إقصاء جزء من المكون المهني أو من له تأثير كبير في القطاع.
الناشرون هم فاعلون اقتصاديون وسياسيون يمتلكون نفوذا واسعا، ولذلك، ترك الباب مفتوحا أمام منظمة مهنية واحدة لتنتدب جميع ممثلي الناشرين (7 أعضاء + 2 حكماء) يمنحها احتكارا فاضحا على التمثيل داخل المجلس، وهو ما يعكس تحكما غير ديمقراطي ومخالفا لروح التعددية والتمثيل العادل.

ثانيا: هيمنة منظمة واحدة على تمثيل الناشرين: خطر حقيقي على التوازن والاستقلالية..
ينص المشروع على أن المنظمة المهنية التي تحصد أكبر عدد من الحصص التمثيلية تحصل على جميع المقاعد المخصصة للناشرين، بل ويعطى الحق للفوز في حالة التعادل لمنظمة تشغل أكبر عدد من المستخدمين. هذا القرار يكرس هيمنة جهة واحدة على كامل تمثيل الناشرين، ويقطع الطريق على أي تعددية أو تنافس مهني داخل فئة الناشرين، مما يجعل المجلس مهددا بالانحياز لتوجهات اقتصادية وسياسية معينة على حساب استقلالية الصحافة.

ثالثا: إدخال "الناشرين الحكماء": غموض ومخاطر تحكمية
إضافة "الناشرين الحكماء" عبر انتدابهم من نفس المنظمة المهنية ذاتها التي تحتكر تمثيل الناشرين، دون تحديد معايير واضحة وشفافة لاختيارهم، تفتح الباب أمام محاباة وغموض في معايير الانتخاب. فما هي معايير "الخبرة والكفاءة والعطاء المتميز"؟ ومن هي الجهة المستقلة التي تقيمهم؟ الأسلوب المطبق يبدو فضفاضا ويدفعنا للشك في إمكانية توظيف هذا البند لخدمة مصالح خاصة على حساب مصلحة المهنة وحرية الصحافة.

رابعا: الخلط بين اختصاصات المجلس الوطني للصحافة وتمثيل الناشرين يدفع الى تفكيك المهنة بدلا من تنظيمها...
لا يمكن للمجلس الوطني للصحافة أن يتحول إلى مجلس يمزج بين الصحافيين المهنيين والناشرين، في حين أن لكل جهة هيئاتها الخاصة التي تنظمها وفق مصالحها وأدوارها. الناشرون، باعتبارهم فاعلين اقتصاديين، يجب أن ينظموا شؤونهم عبر هيئات مستقلة لا تتداخل مع مهام المجلس الصحافي الذي هو في الأصل مؤسسة مهنية، وليست تجارية أو اقتصادية.
حين يؤكد الوزير أن الصيغة المعتمدة تضمن توازنا بين الشفافية والتمثيلية والفعالية، فإن هذا القول يفتقر إلى أي دليل أو توضيح عملي في النص المقترح. فالمشروع لا يقدم أي آليات واضحة لضمان هذا التوازن، ولا يشرح كيف تحقق التمثيلية الواقعية التي يدعيها، بل بالعكس، التمثيل الحصري لمنظمة واحدة يلغي هذه الموازنة ويهدد فعالية المجلس واستقلاليته.

خامسا: النمط المعتمد من الاقتراع: كلام نظري يفتقر إلى الواقع..
تصريح الوزير بأن "الاقتراع يضمن الاختيار الفردي الحر والمباشر ويعزز المسؤولية" يبدو شعارا نظريا لا يغطي الواقع الميداني. في حين أن آلية الانتداب التي تمنح المنظمة المهنية الكبرى تمثيلا حصريا، فإن حرية الاختيار الفردي للناشرين في المجلس تلغى عمليا، ويتحول تمثيلهم إلى أمر مفروض لا علاقة له بمبدأ الديمقراطية المهنية.
مشروع القانون كما صيغ يعكس رغبة في تقليص استقلالية المجلس الوطني للصحافة عبر استحداث تمثيل مضطرب وغير متوازن للناشرين داخل مؤسسة يفترض أن تحمي الصحافيين فقط.
خيار الانتداب الأحادي للناشرين، إضافة إلى إدخال "الناشرين الحكماء" بدون معايير واضحة، يمثل تهديدا لاستقلالية الصحافة وتوازنها المهني.
الرسالة واضحة يجب أن يبقى المجلس الوطني للصحافة مؤسسة مهنية خالصة للصحافيين، ينتخب أعضاؤها بشفافية وديمقراطية، بينما يبقى الناشرون في هيئاتهم المستقلة، يحسنون تنظيمها دون اختراق للمجلس المهني الصحافي.
من حقنا أن نتساءل: هل هذه التعديلات تهدف حقًا إلى تعزيز تنظيم مهنة الصحافة واستقلاليتها، أم هي محاولة لتغليب مصالح الناشرين، وربما جهات اقتصادية وسياسية، على حساب حرية ومصداقية المهنة؟
إن النقاش القانوني حول مشروع القانون رقم 26.25 المرتبط بالمجلس الوطني للصحافة لا يمكن أن يُفصل عن المبادئ الأساسية التي تحكم التنظيم المهني في الديمقراطيات الحديثة، وخاصة في ميدان الصحافة الذي يكتسي حساسية بالغة كونه يمس بحرية التعبير وحق الرأي والتعددية الإعلامية.
ينبغي التنويه بأن المجلس الوطني للصحافة هو هيئة ذات طابع تنظيمي مهني ذاتي الاستقلالية، هدفها حماية حرية الصحافة وتنظيم مهنة الصحافة داخل الإطار القانوني والأخلاقي. هذا التوجه مستمد من مبادئ القانون التنظيمي والمهني التي تنص عليها المواثيق الدولية (مثل اتفاقيات منظمة العمل الدولية الخاصة بالصحافة)، وكذلك الممارسات الديمقراطية التي تفصل بوضوح بين المهنيين العاملين في الحقل الصحافي وبين الجهات الاقتصادية أو المالكين.
وبالتالي، فإن كل تدخل خارجي أو إدخال فئات غير صحافية داخل المجلس قد يخل بهذا الاستقلال ويهدد فعالية الرقابة الذاتية للمهنة.
يمكن القول إن مشروع القانون الحالي يتعارض مع عدة مبادئ قانونية أساسية:
• مبدأ استقلالية الهيئات المهنية عن المصالح الاقتصادية والسياسية.
• مبدأ التمثيل الديمقراطي الحر والتعددي.
• مبدأ الشفافية والموضوعية في انتخاب أو انتداب الأعضاء.
• مبدأ الفصل بين المصالح المهنية والتنظيمية المختلفة.
ولهذا، فإنه من الناحية القانونية والموضوعية، لا يمكن إلا أن نطالب بإعادة النظر الجذرية في صياغة هذه المواد، لضمان بقاء المجلس الوطني للصحافة كمؤسسة حرة ومستقلة تمثل الصحافيين فقط، مع ترك الناشرين و باقي الهيئات الاخرى ينظمون أنفسهم داخل هيئاتهم المستقلة تحترم مبادئ الحوكمة والشفافية.
و السلام عليكم...



#محمد_الزيري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إعادة هيكلة المجلس الوطني للصحافة: خطوة نحو تعزيز الاستقلالي ...
- لا أحد سأل، لكن... لماذا يفرض على الصحافيين ما لا يفرض على غ ...
- لماذا العنف داخل الجامعات المغربية؟ على خلفية احداث جامعة ال ...
- واقع الحركة الطلابية بالجامعات المغربية ومهام الفصائل التاري ...
- دور و مصداقية الإعلام العربي
- هل كان المغاربة واعون بهويتهم ؟
- التحديات التي واجهت الهوية المغربية
- الهوية عند الحركة الوطنية المغربية
- المسار التاريخي للجمعية المغربية للحقوق الانسان
- مفاهيم حقوق الإنسان في جدلية الكوني والخصوصي
- العمل الجمعوي بالمغرب واقع و افاق
- العمل الجمعوي و رهانات التنمية
- الشباب المغربي و العمل السياسي


المزيد.....




- -كيف يدور العالم بدون أمّ؟-.. هند صبري ترثي والدتها بكلمات م ...
- انطلاق أعمال تصوير الموسم الرابع من مسلسل -تيد لاسو-
- ترامب يتوقع زيارته الصين قريبًا.. ولقاء محتمل مع بوتين في بك ...
- -أهداف عسكرية-.. روسيا تجنّد الأطفال لتطوير المسيّرات عبر أل ...
- كيف تؤثر الفطريات التي تعيش في أجسامنا على أدمغتنا وسلوكنا؟ ...
- راشفورد يقترب من برشلونة.. فهل يتجاوز عقبة التسجيل؟
- تركيا تحذر الأكراد في سوريا وتؤكد: سنمنع أي محاولات لتقسيم ا ...
- ما الذي نعرفه عن الانفجارات المُريبة في ناقلات نفط توقفت في ...
- ما مشكلة ترامب مع أسوشيتد برس ووسائل الإعلام العامة في أميرك ...
- صحة غزة: القطاع سيواجه موتا جماعيا ما لم يتم إدخال الوقود


المزيد.....

- مكونات الاتصال والتحول الرقمي / الدكتور سلطان عدوان
- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - محمد الزيري - انتداب الناشرين في المجلس الوطني للصحافة: دفاع الوزير وحقيقة تقويض استقلالية الصحافة