أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - محمد الزيري - المجلس الوطني للصحافة بالمغرب - -فضحية مصورة… ودروس أخلاق مستورة-














المزيد.....

المجلس الوطني للصحافة بالمغرب - -فضحية مصورة… ودروس أخلاق مستورة-


محمد الزيري

الحوار المتمدن-العدد: 8533 - 2025 / 11 / 21 - 23:46
المحور: الصحافة والاعلام
    


الآن فعلا، وأكثر من أي وقت مضى، نحتاج إلى مجلس مهني حقيقي للصحافيين، مجلس يناقش معايير المهنة بصدق، لا مجلسً يدفن رأسه في الرمال كلما دوى حدث أو تسربت فضيحة. فبعد الفيديو المسرب الذي هز صورة المجلس الوطني للصحافة، لم يعد ممكنا الاستمرار في نفس الخطاب المطمئن، ولا في لغة التبريرات التي تحاول دوما حماية “الواجهة” على حساب المهنة وأخلاقياتها.
لقد كشف الفيديو ـ بصرف النظر عن حيثياته ومدى قانونيته ـ ما هو أعمق وأخطر من مجرد خطأ فردي: كشف هشاشة البنية الداخلية لهذا الجهاز، وضعف مناعته الأخلاقية، وغياب آليات حقيقية للمراقبة والمساءلة. فما معنى أن يكون المجلس مؤسسة هدفها حماية شرف المهنة بينما أعضاؤه يتورطون في سلوكات تمس هذا الشرف في الصميم؟ وكيف يمكن لهيئة كان يفترض أن تكون صوت الصحافيين، أن تتحول إلى مصدر للارتباك والشك والامتعاض داخل الجسم الإعلامي؟
بعد هذه الواقعة، أصبح النقاش حول جدوى المجلس الوطني للصحافة نقاشا وجوديا: هل ما زلنا بحاجة إلى مجلس بهذه الصيغة؟ أم أن العودة إلى وزارة الاتصال ـ رغم كل تحفظات الماضي ـ قد تكون أقل ضررا وأكثر وضوحا؟ لقد سبق وطرحت هذا السؤال في مقال سابق، واليوم يتأكد أن الإشكال لم يكن في التفاصيل التنظيمية بقدر ما كان في غياب إرادة حقيقية لإرساء مؤسسة مستقلة فعلاً، شفافة فعلاً، ومهنية فعلاً.
المؤسف أن المجلس، منذ تأسيسه، ظل يعاني عجزاً بنيوياً: ضعف التواصل مع المهنيين، غياب تقارير دورية مقنعة، ارتباك في تطبيق مدونة الأخلاقيات، وخلافات داخلية تمتد أحياناً إلى مستوى الشخصنة. أما اليوم، فالصورة تضرب في عمق المشروعية. فكيف نطالب الصحافيين باحترام قواعد السلوك المهني بينما المؤسسة الوصية عليهم عاجزة عن الالتزام بما تفرضه على الآخرين؟
ما وقع يعيد فتح ملف الإصلاح من بابه الواسع. فبدل المجالس الشكلية و”التوافقات الباهتة”، نحن بحاجة إلى إعادة هندسة حقيقية لمنظومة التنظيم الذاتي في المغرب، انطلاقا من آليات أكثر صرامة في اختيار أعضاء المجلس، ومعايير شفافة للترشح، ونظام مراقبة داخلي مستقل، ومسطرة واضحة للمحاسبة والعزل عند الاقتضاء. ومن دون ذلك، سيظل المجلس جهازا بلا أسنان، وبلا تأثير، وتحول قراراته إلى مجرد بلاغات مهذبة لا حياة فيها.
لقد أثبتت واقعة “الفيديو المسرب” أن المجلس الوطني للصحافة، بصيغته الحالية، يعيش خارج زمن المهنية، وأن إصلاحه لم يعد خيارا بل ضرورة. إما مجلس يليق بشرف المهنة، أو العودة إلى أنظمة أكثر وضوحا، مهما كانت مثقلة بعيوب الماضي. المهم ألا يستمر الوضع كما هو، لأن المهنية ليست شعارا يرفع، بل ممارسة تحترم… وأول من يجب أن يحترمها هو المجلس نفسه.
المضحك المبكي هو أنه سيأتي يوم ـ ولن نستغرب إن كان قريبا ـ يقرر فيه هذا المجلس تنظيم دورة تكوينية حول “أخلاقيات المهنة”. اتسائل أي شفافية، وأي ميثاق، وأي أخلاق سيقدمها مجلس هو أول من اخترق حدود المهنية، وأول من مرغ أخلاقيات الصحافة في الوحل؟
بأي وجه سيقف عضو من أعضائه ليشرح للصحافيين معنى الاستقامة؟ وبأي خطاب سيقنعهم بأن احترام المهنة يبدأ من الذات، بينما الفيديو المسرب لا يزال شاهدا على زمن العبث؟ أي رسالة يمكن أن يبعثوها سوى أن "افعلوا ما نقول ولا تفعلوا ما نفعل"؟
لقد بلغ حد السخرية مستويات لا تطاق. مؤسسة كانت تفترض أن تكون قدوة تحولت إلى درس حي في تناقض الخطاب مع الممارسة. كيف لمن فقد شرعيته الأخلاقية أن يطالب الآخرين بالالتزام؟ وكيف لمن غرق في مستنقع لا قاع له أن يوزع دروس الطهارة المهنية؟
كفى. هذا يكفيكم. لقد مرغتم المهنة في وحل لا يليق بها، وأسأتم لصورة الصحافة أمام الرأي العام، وتسببتم في تآكل ما تبقى من الثقة الهشة بين الصحافي والمجتمع. ما وقع لم يعد حادثا عابرا يمكن تجاوزه بتبرير أو بيان، بل كشف عورة منظومة كاملة بنيت على هشاشة في الاختيار، وضعف في المراقبة، وارتباك في المسؤولية.
إن المشهد اليوم لا يحتاج إلى "دورات تكوينية" بقدر ما يحتاج إلى دورة تنظيف شاملة: تنظيف المنهج، تنظيف المعايير، وتنظيف المؤسسات نفسها من كل من يعتبر التنظيم الذاتي مجرد بطاقة مرور اجتماعية، أو وسيلة لتزيين السيرة الذاتية. الصحافة ليست صالونا يوزع فيه بعض المتصدرين أوسمة أخلاقية، بل هي مهنة تقوم على النزاهة قبل أي شيء آخر.
إذا أراد المجلس أن يقدم فعلا درسا في الأخلاق، فليبدأ بنفسه: بالاعتراف الواضح، بالمحاسبة، بالاستقالة حين يجب، وبإعادة بناء الثقة التي تبعثرت. وإلا، فكل ما سيقدمه ليس سوى مسرحية مكررة يعرف الجميع نهايتها.
المهنة تحتاج إلى مؤسسة قوية، محترمة، لا تخشى المواجهة ولا تتوارى خلف البيانات. مؤسسة تشبه نماذج العالم المتقدم، حيث لا يجلس في المجالس المهنية إلا من يملك سجلا نظيفا، وسمعة مهنية صلبة، وقدرة حقيقية على حماية القطاع لا على تلويثه.
أما المشهد الحالي، فهو لا يليق إلا بعنوان واحد:
"مجلس بلا ....… يريد أن يدرس الأخلاق!"



#محمد_الزيري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المشاورات الترابية بالمغرب… طقوس تشاركية أم فرصة ضائعة؟
- المجلس الوطني للصحافة... عندما تتحول مؤسسة المهنة إلى رهينة ...
- جيل Z… ضحايا فراغ لا صُنّاع فوضى-
- حينما تحولت الأحزاب المغربية إلى مقاولات والجمعيات إلى دكاكي ...
- من لا يخطئ لا يعمل-: الخطأ المهني في الصحافة السمعية البصرية ...
- برامج التنمية الترابية بالمغرب: -في حضرة العدالة المجالية... ...
- الإعفاءات تتوالى والتعليم العالي بالمغرب يغلي: أي مستقبل للد ...
- العدالة المجالية بالمغرب: بين الخطط الضخمة وإخفاقات التطبيق ...
- مقالين في قانون المجلس الوطني للصحافة تحت المجهر مقالة قصيرة ...
- خلاصة القول: هل أصبح الصحافي ضيفا في مجلسه؟
- انتداب الناشرين في المجلس الوطني للصحافة: دفاع الوزير وحقيقة ...
- إعادة هيكلة المجلس الوطني للصحافة: خطوة نحو تعزيز الاستقلالي ...
- لا أحد سأل، لكن... لماذا يفرض على الصحافيين ما لا يفرض على غ ...
- لماذا العنف داخل الجامعات المغربية؟ على خلفية احداث جامعة ال ...
- واقع الحركة الطلابية بالجامعات المغربية ومهام الفصائل التاري ...
- دور و مصداقية الإعلام العربي
- هل كان المغاربة واعون بهويتهم ؟
- التحديات التي واجهت الهوية المغربية
- الهوية عند الحركة الوطنية المغربية
- المسار التاريخي للجمعية المغربية للحقوق الانسان


المزيد.....




- مصر.. موظفة تدعي اختطافها وضربها والداخلية تكشف حقيقة الواقع ...
- أول لقاء بين ترامب وممداني.. صفحة جديدة أم لغم سياسي؟
- -أتعهد بعدم خيانة أوكرانيا-.. زيلينسكي: سأقترح بدائل للخطة ا ...
- الدعم السريع ترحب بوساطة ترامب لإنهاء الحرب في السودان وتتعه ...
- ألمانيا: رفض طلبات اللجوء المقدمة من سوريين .. الأسباب والتب ...
- بعد 14 عاما على كارثة فوكوشيما... محافظة يابانية تصادق على إ ...
- احذري هذه الأطعمة في وجبات طفلك المدرسية
- مادورو يأمر بنشر قوات وأسلحة ثقيلة لمواجهة عمليات أميركية مح ...
- 10 أشياء تجب معرفتها عن قائد -حرب الوقود- في مالي
- نتنياهو يطلب حذف قضيتين والاستعانة بصديق أمام المحكمة في -ال ...


المزيد.....

- مكونات الاتصال والتحول الرقمي / الدكتور سلطان عدوان
- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - محمد الزيري - المجلس الوطني للصحافة بالمغرب - -فضحية مصورة… ودروس أخلاق مستورة-