أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - محمد الزيري - المجلس الوطني للصحافة... عندما تتحول مؤسسة المهنة إلى رهينة صراعات ضيقة














المزيد.....

المجلس الوطني للصحافة... عندما تتحول مؤسسة المهنة إلى رهينة صراعات ضيقة


محمد الزيري

الحوار المتمدن-العدد: 8525 - 2025 / 11 / 13 - 13:12
المحور: الصحافة والاعلام
    


أعترف أنني كلما عدت إلى قراءة مشروع قانون المجلس الوطني للصحافة، أحسست بأننا نعيش نسخة مغربية من “اللعب في الوقت بدل الضائع”. مشروع يعيش مخاضا عسيرا منذ شهور، تأجل مرة بعد أخرى، وتحول من أداة لتنظيم المهنة إلى عنوان لفوضى مؤسساتية مكشوفة.
لقد كان من المفترض أن يكون المجلس الوطني للصحافة صمام أمان لمهنة الصحافة في المغرب، ومعبّراً عن استقلاليتها، لكنه للأسف تحوّل إلى مؤسسة فاقدة للبوصلة، رهينة حسابات أشخاص لا يريدون أن يغادروا الكراسي، حتى لو احترقت المهنة بأكملها من أجل بقائهم.
يقال إن التأجيل الأخير لمشروع القانون جاء بطلب من المعارضة في البرلمان، بهدف "تحسين الصيغة" و"تحقيق التوافق". وهذا في حد ذاته أمر صحي لو كنا فعلا أمام نقاش مهني حقيقي.
لكن ما رأيناه كان عكس ذلك تماما. فالمسألة لم تعد مرتبطة بالنصوص القانونية بقدر ما أصبحت صراعا على المواقع والنفوذ، ومحاولات يائسة لتمرير ملحقات في اللحظات الأخيرة تمنح العضوية التلقائية لمن لم يعد له حضور انتخابي ولا شرعية مهنية.
حين تدرج أسماء بعينها في النصوص، فاعلم أن القانون لم يكتب لتنظيم المهنة، بل لتأبيد نفوذ أشخاص. وهنا يكمن الخطر الحقيقي. فبدل أن يبنى المجلس على أساس الشفافية والديمقراطية، يراد له أن يكون مجلساً مغلقاً، لا يدخله إلا من يملك مفاتيح العلاقات والولاءات.
تأجيل القانون وعدم تنصيب مجلس جديد خلق فراغاً قاتلاً. المادة 56 تقول إن "المصالح الإدارية تستمر في أداء مهام المجلس"، لكن من هي هذه المصالح؟ ومن يراقبها؟ ومن يحاسبها؟
هل يمكننا أن نعيش إلى ما لا نهاية في حالة "انتظار دائم"، بينما القضايا الحقيقية للصحافيين من الحماية القانونية إلى الدعم المهني إلى البطاقة المهنيةتظل معلقة بلا جواب؟
لقد أصبح هذا “الفراغ” أخطر من وجود مجلس ضعيف. لأنه يجعل الصحافة بلا مرجعية مؤسساتية، ويمنح الفرصة لكل جهة أن تتحدث باسم المهنة دون صفة أو شرعية.
قد يقول البعض إن العودة إلى وزارة الاتصال تراجع عن استقلالية المهنة. وأنا أقول لهم: أي استقلالية تتحدثون عنها؟
هل الاستقلال أن نعيش تحت رحمة مجلس منقسم، غير منتخب، فاقد للشرعية؟
هل الاستقلال أن يتحكم في مصير الصحافيين أشخاص لم يخضعوا لأي محاسبة ولا تجديد شرعية منذ سنوات؟
إن العودة المؤقتة إلى وزارة الاتصال ليست نكوصا، بل إنقاذا مؤقتا من غرق أكيد. على الأقل حين تكون الوزارة مسؤولة، يمكن محاسبتها سياسيا وقانونيا، ويمكن مساءلة الوزير أمام البرلمان والرأي العام.
أما اليوم، فلا أحد يعرف من يحكم، ولا من يقرر، ولا من يتحمل المسؤولية.
المجلس الوطني للصحافة في صيغته الحالية لا يمكن أن يستمر. الإصلاح الحقيقي يجب أن يبدأ من القاعدة، عبر انتخابات نزيهة، تمثيلية عادلة، ونظام داخلي يضمن المحاسبة والشفافية.
أما الإصرار على تدوير نفس الوجوه ونفس الأساليب، فهو انتحار بطيء للمهنة، وتكريس لواقع عبثي يسيء إلى صورة الصحافة المغربية في الداخل والخارج.
كصحافي، أشعر بالأسف وأنا أرى مؤسسة وُلدت من رحم النضال تتحوّل إلى كيان متكلّس، تحكمه توازنات شخصية بدل المصلحة العامة.
لقد كان النضال من أجل مجلس وطني مستقل، لا من أجل ناد مغلق.
الصحافة المغربية لا تحتاج إلى مجلس صوري ولا إلى وصاية بيروقراطية. ما تحتاجه هو إرادة سياسية حقيقية لإعادة تنظيم القطاع على أسس شفافة وديمقراطية.
لكن قبل ذلك، نحن الصحافيون مطالبون بأن نتحمل مسؤوليتنا، وأن نقولها بصوت مرتفع: لا نريد مجالس بالتعيين، ولا انتخابات على المقاس، ولا تمثيليات مصطنعة.
إذا كان لا بد من الاختيار بين فوضى المجلس وصرامة الوزارة، فإني أختار الوزارة، لأنني على الأقل سأعرف من أحاسبه حين يخطئ، ومن أُطالبه حين يقصر.
الصحافة ليست لعبة كراسي. إنها مسؤولية وطنية، والذين يتعاملون معها كغنيمة، هم أول من يفقدها معناها وشرفها.



#محمد_الزيري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جيل Z… ضحايا فراغ لا صُنّاع فوضى-
- حينما تحولت الأحزاب المغربية إلى مقاولات والجمعيات إلى دكاكي ...
- من لا يخطئ لا يعمل-: الخطأ المهني في الصحافة السمعية البصرية ...
- برامج التنمية الترابية بالمغرب: -في حضرة العدالة المجالية... ...
- الإعفاءات تتوالى والتعليم العالي بالمغرب يغلي: أي مستقبل للد ...
- العدالة المجالية بالمغرب: بين الخطط الضخمة وإخفاقات التطبيق ...
- مقالين في قانون المجلس الوطني للصحافة تحت المجهر مقالة قصيرة ...
- خلاصة القول: هل أصبح الصحافي ضيفا في مجلسه؟
- انتداب الناشرين في المجلس الوطني للصحافة: دفاع الوزير وحقيقة ...
- إعادة هيكلة المجلس الوطني للصحافة: خطوة نحو تعزيز الاستقلالي ...
- لا أحد سأل، لكن... لماذا يفرض على الصحافيين ما لا يفرض على غ ...
- لماذا العنف داخل الجامعات المغربية؟ على خلفية احداث جامعة ال ...
- واقع الحركة الطلابية بالجامعات المغربية ومهام الفصائل التاري ...
- دور و مصداقية الإعلام العربي
- هل كان المغاربة واعون بهويتهم ؟
- التحديات التي واجهت الهوية المغربية
- الهوية عند الحركة الوطنية المغربية
- المسار التاريخي للجمعية المغربية للحقوق الانسان
- مفاهيم حقوق الإنسان في جدلية الكوني والخصوصي
- العمل الجمعوي بالمغرب واقع و افاق


المزيد.....




- مستوطنون يشعلون النار بمسجد في الضفة الغربية ويكتبون عبارات ...
- الخارجية الأمريكية تدعو إلى قطع إمدادات الأسلحة عن قوات الدع ...
- بعد عشر سنوات على هجمات باريس الإرهابية.. حزن وجراح لم تلتئم ...
- بعد عقد على اعتداءات 13 نوفمبر.. فرنسا تكرم ذكرى 132 ضحية
- تبون يعفو عن صنصال... انتكاسة لسياسة -لي الذراع- ونجاعة نهج ...
- هجمات باريس 2015: معركة فرنسا ضد التطرف
- فرنسا تحيي الذكرى السنوية العاشرة لهجمات باريس في ظل خطر إره ...
- 6 نباتات تعيد الحياة إلى حمّامك.. خيارات مثالية للمساحات الر ...
- استقالة وزيري العدل والطاقة في أوكرانيا على خلفية فضيحة فساد ...
- ما وظيفة حساس عادم السيارة ومتى يجب استبداله؟


المزيد.....

- مكونات الاتصال والتحول الرقمي / الدكتور سلطان عدوان
- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - محمد الزيري - المجلس الوطني للصحافة... عندما تتحول مؤسسة المهنة إلى رهينة صراعات ضيقة