أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علا الشربجي - ترامب والصين… بين تهكم الخطاب وعمق الصمت















المزيد.....

ترامب والصين… بين تهكم الخطاب وعمق الصمت


علا الشربجي
كاتبة و محلله سياسية و اقتصادية ، اعلامية مقدمة أخبار و برامج سياسية

(Ola Alsharbaji)


الحوار المتمدن-العدد: 8538 - 2025 / 11 / 26 - 12:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تحوّل الاستفزاز عند ترامب إلى أداةٍ سياسية مكشوفة لدى المتابع .. يهاجم بها خصومه ليُخفي هشاشة مواقفه الحقيقية.
لم يكن تهكم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الصين مجرّد زلة لسان أو نوبة من الغرور السياسي بل هو جزء من منهج متكامل يعتمد على تحويل المنافسة بين واشنطن وبكين إلى عرضٍ إعلامي صاخب.
إلا أن المفارقة الكبرى تكمن في أن هذا الصخب الأمريكي يقابله هدوء صيني مدروس يعبّر عن عمق ثقافي وفكري متجذر في تاريخ طويل من فهم النفس والخصم معًا.


منذ ان ظهر ترامب على الساحه و محاولاته من التقليل من شأن الآخرين و توظيف التهكم كسلاح سياسي لم يتوقف
لكن هذه المره حين وجهه نحو الصين بدا اقل ثقة و اكثر انفعالا
فالسخرية لم تكن من الصين لأنه قوي، بل هو القلق من تصاعدها.
خطابه المليء بالسخرية يحاول أن يُخفي وراءه مأزقًا أمريكيًا أعمق نتيجة
تراجع القدرة على احتواء القوة الصينية المتنامية، وفقدان واشنطن لاحتكار المبادرة الاقتصادية والتكنولوجية.

إن تهكم ترامب، حين يقول “نحن من جعل الصين عظيمة”، لا يعكس اعتدادًا بالنفس بقدر ما يُظهر حالة من الإحباط السياسي تجاه واقع جديد بدأت فيه بكين تفرض قواعد اللعبة العالمية بعيدًا عن المظلة الأمريكية.
لغة السخرية هنا تصبح لغة دفاع نفسي، وليست هجومًا فعليًا.

الهدوء القاتل عند التنين الأحمر
في المقابل، تأتي ردود الفعل الصينية خالية من أي انفعال.
البيانات الرسمية تتحدث عن “تصريحات داخلية أمريكية لا تستحق الرد " في ما يبدو للوهلة الأولى تجنبًا للمواجهة لكنه في جوهره استراتيجية ناعمة لضبط الإيقاع.
حسب الثقافة الصينية الصمت ليس ضعفًا بل هو اختبار لقدرة الخصم على استنزاف نفسه بالكلام.

الصينيون بحكم تكوينهم الحضاري، ينظرون إلى الانفعال كعلامة على فقدان السيطرة.
يبدو ان ترامب عرى نفسه امام القيادة الصينية التي لا ترى في استفزازات ترامب تهديدًا يستوجب ردًا بل فرصة لقراءة مشاعر القوة الأمريكية المتعبة.
هم يدركون أن من يرفع صوته أكثر، هو غالبًا من يخشى أن يُنسى صوته وسط ضجيج العالم الجديد.

النسر الأمريكي والتنين الأحمر… صراع الرموز قبل صراع القوى

الفرق بين النسر الأمريكي و التنين الأحمر في هذه المواجهة لا يقتصر على الاقتصاد والسياسة، بل يمتد إلى المنهج العقلي في إدارة الأزمات.

يرى التنين أن الزمن حليفه، يرى النسر أن الزمن عدوه إن لم يسبقه.
الأول " الصين " يتحرك وفق رؤية تراكمية تمتد لعقود، والثاني " امريكا " يتصرف وفق ردّات فعل انتخابية أو آنية
ترامب يفكر بلحظة التأثير السريع، بالصورة التي تنتشر على وسائل الإعلام، بالتصفيق اللحظي للناخبين.
أما الصين، فتفكر بعقود، لا بأيام تهتم بالنتائج لا بالردود وتدرك أن الهيبة لا تُصنع بالصوت بل بالثبات.

الصين لا تحتاج إلى الرد على السخرية لأن الواقع يجيب عنها.
كل صفقة جديدة، وكل توسّع في “الحزام والطريق”، وكل شراكة اقتصادية مع العالم النامي، هو ردّ عملي على خطاب ترامب دون أن تنطق بكلمة واحدة.

الصراع بين الخطاب والصمت
بين تهكم ترامب وصمت الصين، يتجلى صراع أعمق من السياسة:
صراع بين عقلٍ غربي مهووس بالهيمنة اللحظية، وعقلٍ شرقيٍّ يراهن على الزمن كحليف.
ترامب يعتقد أن السخرية تضعف الخصم .. بينما الصين تعلم أن ضبط النفس هو الذي يُنهك الخصم من الداخل.
وهكذا … بينما يواصل ترامب لعبته الكلامية على مسرح الإعلام، تواصل الصين مسيرتها الهادئة على مسرح التاريخ.
والفرق بين المسرحين أن الأول يبحث عن تصفيق، أما الثاني فيكتب النتيجة.
بقلم علا الشربجي : كاتبة سياسيه _اعلامية
تحوّل الاستفزاز عند ترامب إلى أداةٍ سياسية مكشوفة لدى المتابع .. يهاجم بها خصومه ليُخفي هشاشة مواقفه الحقيقية.
لم يكن تهكم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الصين مجرّد زلة لسان أو نوبة من الغرور السياسي بل هو جزء من منهج متكامل يعتمد على تحويل المنافسة بين واشنطن وبكين إلى عرضٍ إعلامي صاخب.
إلا أن المفارقة الكبرى تكمن في أن هذا الصخب الأمريكي يقابله هدوء صيني مدروس يعبّر عن عمق ثقافي وفكري متجذر في تاريخ طويل من فهم النفس والخصم معًا.


منذ ان ظهر ترامب على الساحه و محاولاته من التقليل من شأن الآخرين و توظيف التهكم كسلاح سياسي لم يتوقف
لكن هذه المره حين وجهه نحو الصين بدا اقل ثقة و اكثر انفعالا
فالسخرية لم تكن من الصين لأنه قوي، بل هو القلق من تصاعدها.
خطابه المليء بالسخرية يحاول أن يُخفي وراءه مأزقًا أمريكيًا أعمق نتيجة
تراجع القدرة على احتواء القوة الصينية المتنامية، وفقدان واشنطن لاحتكار المبادرة الاقتصادية والتكنولوجية.

إن تهكم ترامب، حين يقول “نحن من جعل الصين عظيمة”، لا يعكس اعتدادًا بالنفس بقدر ما يُظهر حالة من الإحباط السياسي تجاه واقع جديد بدأت فيه بكين تفرض قواعد اللعبة العالمية بعيدًا عن المظلة الأمريكية.
لغة السخرية هنا تصبح لغة دفاع نفسي، وليست هجومًا فعليًا.

الهدوء القاتل عند التنين الأحمر
في المقابل، تأتي ردود الفعل الصينية خالية من أي انفعال.
البيانات الرسمية تتحدث عن “تصريحات داخلية أمريكية لا تستحق الرد " في ما يبدو للوهلة الأولى تجنبًا للمواجهة لكنه في جوهره استراتيجية ناعمة لضبط الإيقاع.
حسب الثقافة الصينية الصمت ليس ضعفًا بل هو اختبار لقدرة الخصم على استنزاف نفسه بالكلام.

الصينيون بحكم تكوينهم الحضاري، ينظرون إلى الانفعال كعلامة على فقدان السيطرة.
يبدو ان ترامب عرى نفسه امام القيادة الصينية التي لا ترى في استفزازات ترامب تهديدًا يستوجب ردًا بل فرصة لقراءة مشاعر القوة الأمريكية المتعبة.
هم يدركون أن من يرفع صوته أكثر، هو غالبًا من يخشى أن يُنسى صوته وسط ضجيج العالم الجديد.

النسر الأمريكي والتنين الأحمر… صراع الرموز قبل صراع القوى

الفرق بين النسر الأمريكي و التنين الأحمر في هذه المواجهة لا يقتصر على الاقتصاد والسياسة، بل يمتد إلى المنهج العقلي في إدارة الأزمات.

يرى التنين أن الزمن حليفه، يرى النسر أن الزمن عدوه إن لم يسبقه.
الأول " الصين " يتحرك وفق رؤية تراكمية تمتد لعقود، والثاني " امريكا " يتصرف وفق ردّات فعل انتخابية أو آنية
ترامب يفكر بلحظة التأثير السريع، بالصورة التي تنتشر على وسائل الإعلام، بالتصفيق اللحظي للناخبين.
أما الصين، فتفكر بعقود، لا بأيام تهتم بالنتائج لا بالردود وتدرك أن الهيبة لا تُصنع بالصوت بل بالثبات.

الصين لا تحتاج إلى الرد على السخرية لأن الواقع يجيب عنها.
كل صفقة جديدة، وكل توسّع في “الحزام والطريق”، وكل شراكة اقتصادية مع العالم النامي، هو ردّ عملي على خطاب ترامب دون أن تنطق بكلمة واحدة.

الصراع بين الخطاب والصمت
بين تهكم ترامب وصمت الصين، يتجلى صراع أعمق من السياسة:
صراع بين عقلٍ غربي مهووس بالهيمنة اللحظية، وعقلٍ شرقيٍّ يراهن على الزمن كحليف.
ترامب يعتقد أن السخرية تضعف الخصم .. بينما الصين تعلم أن ضبط النفس هو الذي يُنهك الخصم من الداخل.
وهكذا … بينما يواصل ترامب لعبته الكلامية على مسرح الإعلام، تواصل الصين مسيرتها الهادئة على مسرح التاريخ.
والفرق بين المسرحين أن الأول يبحث عن تصفيق، أما الثاني فيكتب النتيجة.



#علا_الشربجي (هاشتاغ)       Ola_Alsharbaji#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كفى عبثاً: المؤثرون “المزعومون” في الأردن… وصمة عار يجب اقتل ...
- مسلم جيد و مسلم رديئ المفكر الجيد والمفكر السيئ… حين تختار أ ...
- غزة… حرب انتهت، ووجع لم ينتهِ
- توني بلير ،الشهير بالاعتذار الأجوف -Sorry- : صانع دمار العرا ...
- الاعتراف الدولي هل سيمنع الجرافات الاسرائيلية من سحق جثث الأ ...
- قطر بين وساطة السلام ونيران إسرائيل .. هل تُعاقَب من أجل إن ...
- نهج فردي يحول حادثة اللنبي إلى أزمة إقليمية
- تل أبيب تفتح خريطتها بأوهام مهووس قادم من الجحيم .. والأردن ...
- الشرق الأوسط الجديد يولد من رماد غزة وضربات طهران
- التسلل الإعلامي الإخواني .. اختراق ناعم لبنية الوعي و تفعيل ...
- الاردن البلد الجيوستهلاكي و الضامن للاستقرار الإقليمي في الم ...
- الفرح الذي يتحوّل إلى معركة: الدولة والإخوان في المشهد المصر ...
- فرصة ضائعة أم قرار سيادي؟ كيف فوتت مصر والأردن على ترامب ورق ...
- حين صار الدين وسيلة: كيف جيّر الإخوان الإسلام السياسي لخدمة ...
- التفكيك الناعم لتنظيم الإخوان المسلمين في الأردن: ضرورة سياس ...
- الأردن وتحديات الأمن الوطني: بين خطر التطرف الداخلي واستغلال ...
- على حافة الانفجار: محادثات ترامب وإيران في عُمان تحت مجهر ال ...
- هل للإخوان المسلمين علاقة بتخوّف السعودية من الأردن؟
- الرسوم الجمركية الأمريكية: ضربة قاتلة للاقتصاد الأردني أو فر ...
- بعد كل ما عاشه الأردنيون من ضغوطات… لهم الحق في عفو عام


المزيد.....




- كيف أنقذت كلبة حياة صاحبها بعد إصابته بتوقف قلبي أثناء النوم ...
- إسرائيل تعيش حربًا مختلفة.. جبهة مفتوحة بين كاتس وزامير ونتن ...
- ترامب -متفائل- ويؤكد أن روسيا -مستعدة لتقديم تنازلات-
- مؤشرات مقلقة وأزمات متعاقبة.. ما واقع التعليم في فلسطين؟
- الخطف الجماعي للتلاميذ بنيجيريا يكشف عن معاناة تينوبو الأمني ...
- تعتبره كابل ندبة استعمارية.. ما الخط الذي يثير التوتر بين أف ...
- قطر الخيرية تدشن مشاريع لتعزيز التنمية المستدامة في سريلانكا ...
- روسيا تقصف أوكرانيا بعشرات المسيرات وويتكوف يتوجه لموسكو الأ ...
- خطة ترامب لإنهاء حرب أوكرانيا -منسوخة من روسيا-.. كيف؟
- مصر: ندعم الجهود الرامية إلى تخفيف التوتر في لبنان


المزيد.....

- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علا الشربجي - ترامب والصين… بين تهكم الخطاب وعمق الصمت