أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ليث الجادر - إيران تستعد لليوم الأسود: الرسالة التي لا تريد تل أبيب سماعها














المزيد.....

إيران تستعد لليوم الأسود: الرسالة التي لا تريد تل أبيب سماعها


ليث الجادر

الحوار المتمدن-العدد: 8533 - 2025 / 11 / 21 - 23:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تعود فكرة نقل العاصمة في إيران إلى سنوات طويلة، وقد طُرحت في سياقات إدارية تتعلق باختناق طهران السكاني ومخاطرها الزلزالية، وبدا دائمًا أنها من تلك الملفات التي تُفتح ثم تُطوى من دون إلحاح سياسي. لكن إعادة إحيائها الآن، وعلى لسان رئيس الجمهورية نفسه، وفي لحظة هي الأكثر توترًا أمنياً واستراتيجياً في الإقليم، يكشف أن المسألة لم تعد مجرد نقاش تخطيطي. ففي الأوقات التي تتعرض فيها الدول لضغوط خارجية أو احتمالات مواجهة مباشرة، يسعى المسؤولون عادة إلى إطفاء الملفات المثيرة للقلق، وإظهار أعلى درجات التماسك، لا إلى إثارة أسئلة من شأنها الإيحاء بأن مركز الدولة نفسه قابل للانتقال. ولهذا، فإن تصريح الرئيس في هذا التوقيت لا يمكن قراءته إلا باعتباره جزءًا من رسالة ردعية مدروسة.

في العمق، تريد إيران أن تقول إنها تستعد لمرحلة قد تعود فيها المواجهة العسكرية مع إسرائيل إلى الواجهة، لكن ليس بالطريقة ذاتها التي يعرفها الطرفان. فطهران تُلوّح بأن الضربة التي ستوجّهها إن فُرضت عليها الحرب لن تكون ضربة رمزية أو محدودة، بل ضربة قاصمة تستهدف البنية الاستراتيجية للكيان بما يفوق قدرة إسرائيل على الاحتواء. إنها إشارة صريحة: إذا اندلعت الحرب، فلن تبقى في حدود الاشتباكات التقليدية، بل سنذهب إلى مستوى يجعل إسرائيل تواجه أخطر تهديد وجودي في تاريخها.

وهنا تتضح أهمية التوقيت. فإعادة طرح موضوع نقل العاصمة الآن تُراد منه الإشارة إلى أن الدولة الإيرانية تُحضّر نفسها لأسوأ الفرضيات، بما في ذلك احتمال أن تلجأ إسرائيل إلى استخدام سلاح تدميري شامل إذا شعرت بأن الضربة الإيرانية المقبلة ستتجاوز قدرتها على الاحتمال. ومن خلال هذا التصريح، تكشف طهران أنها لا ترى في العاصمة قيمة مقدسة أو مركزاً لا يمكن الاستغناء عنه. بل هي تقول بوضوح: حتى لو ضربتم قلب البلاد، فإن الدولة لن تُشلّ، ولن تُستأصل، ولن تُمنع من الرد.

إن استعداد إيران المعلن –حتى لو جاء موارباً– لإمكانية استبدال طهران بعاصمة أخرى، يجعلها تظهر بمظهر الدولة التي تضع بقاء بنيتها السياسية فوق رمزيتها الجغرافية. هذا النوع من الخطاب لا يُستخدم إلا في مراحل تتجه نحو اختبارات قصوى، لأنه يقدم للخصم رسالة قاسية: إذا كانت إسرائيل تفكر في الذهاب نحو خيار السلاح المدمّر، فإن إيران تعلن أنها ستذهب نحو خيار الصمود بعد الدمار، وستواصل الحرب كدولة محرّرة من عبء حماية المركز السياسي التقليدي، وقادرة على شن الضربة الهجومية الكبرى التي تهدد وجود الكيان ذاته.

وهكذا تتشكل الصورة الكاملة: إسرائيل تملك القدرة على إحداث دمار هائل، لكن إيران تريد القول إنها تملك القدرة على البقاء بعد ذلك الدمار، وأن أي ضربة تطال العاصمة لن تكون نهاية الصراع، بل بدايته الأكثر عنفاً. وفي المقابل، فإن الضربة الإيرانية الموعودة –كما يُفهم من التصريحات الأخيرة– ليست ضربة تكتيكية، بل ضربة مصممة لفتح مرحلة جديدة من المواجهة، مرحلة لا تعود فيها الحسابات مبنية على الردع التقليدي، بل على استعداد كل طرف لتحمّل أعلى درجات الخسارة من أجل توجيه الضربة الأكثر حسماً.

بهذا المعنى، يصبح تصريح الرئيس الإيراني عن «استبدال العاصمة» جزءًا من خطاب ردعي متكامل، يهدف إلى إفهام إسرائيل والعالم أن إيران ليست دولة تُرهبها فكرة خسارة مركزها السياسي، بل دولة مستعدة للتخلي عن قلبها العمراني من أجل الحفاظ على قلبها الاستراتيجي. إنها رسالة تُراد لها أن تبدو هادئة لكنها مشحونة بكل ما يشير إلى أن طهران تتهيأ لاحتمالات تتجاوز المشهد الحالي كله، وأنها إذا دخلت المواجهة المقبلة، فستدخلها بوصفها معركة كسر، لا معركة حدود.



#ليث_الجادر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نداء إلى الشيوعيين العراقيين..استفيقوا ..أنها مجرد كبوه
- تعافي اقتصاد إسرائيل وانكماش الاقتصاد الإيراني: مقارنة بين ق ...
- اليمين الأمريكي كوابح اليمين الإسرائيلي: الإسلام السياسي وال ...
- اقتصاد الأنقاض: كيف تعيد حماس إنتاج نفوذها من باطن رخام غزة
- اليسار في الكيانات الكونفدرالية العراقية: مواطن القوة واسترا ...
- الاقتصاد الرقمي وحملة الإنفاق العسكري: حين تتحوّل التكنولوجي ...
- حين تصير الذاكرة صلاةً
- الوصاية المائية التركية: اتفاقية التعاون أم شرعنة الخضوع؟
- العراق بين الفدرالية المشوهة والكونفدرالية الممكنة (امتداد ل ...
- حين يصبح الكيان سجنًا للوطن: دعوة إلى الكونفدرالية العراقية
- انتخابات على ضفاف دجلة... ودجلة يحتضر
- مقاطعة الدم: لماذا يجب أن تقاطع النساء صناديق القتلة
- العودة إلى الواقع — التنظيم المباشر كأساس للثورة
- تعيين مبعوث خاص إلى العراق: قراءة في الدلالات السياسية والبر ...
- الرقمنة بين سلطة العنف وسلطة الجماهير – مفارقة التوظيف التقن ...
- بين التفاؤل اليساري والصرامة الماركسية قراءة في احتجاجات جيل ...
- بين التفاؤل اليساري والصرامة الماركسية قراءة في احتجاجات جيل ...
- ملاحظة تحليلية حول مقال بن درور يميني: تقاطع في القراءة أم ا ...
- الحزب الشيوعي العراقي بين المشاركة العقيمة والمقاطعة المثمرة ...
- الاحتجاجات العراقية ودور الحزب الشيوعي العراقي: نقد الأداء و ...


المزيد.....




- مصر.. موظفة تدعي اختطافها وضربها والداخلية تكشف حقيقة الواقع ...
- أول لقاء بين ترامب وممداني.. صفحة جديدة أم لغم سياسي؟
- -أتعهد بعدم خيانة أوكرانيا-.. زيلينسكي: سأقترح بدائل للخطة ا ...
- الدعم السريع ترحب بوساطة ترامب لإنهاء الحرب في السودان وتتعه ...
- ألمانيا: رفض طلبات اللجوء المقدمة من سوريين .. الأسباب والتب ...
- بعد 14 عاما على كارثة فوكوشيما... محافظة يابانية تصادق على إ ...
- احذري هذه الأطعمة في وجبات طفلك المدرسية
- مادورو يأمر بنشر قوات وأسلحة ثقيلة لمواجهة عمليات أميركية مح ...
- 10 أشياء تجب معرفتها عن قائد -حرب الوقود- في مالي
- نتنياهو يطلب حذف قضيتين والاستعانة بصديق أمام المحكمة في -ال ...


المزيد.....

- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ليث الجادر - إيران تستعد لليوم الأسود: الرسالة التي لا تريد تل أبيب سماعها