ليث الجادر
الحوار المتمدن-العدد: 8519 - 2025 / 11 / 7 - 12:45
المحور:
الادب والفن
في الضفّة الأخرى للذاكرة،
يتمطّى الغيب بقيلولة،
يستريح فيها من الغياب،
يُلقي على الأرض أنفاسه الأولى،
فتستيقظ الحقول على دمدمة رعدٍ
تنثر حبات الكمأ في البعيد.
تتدلّى الغيوم البيضاء على أفق بنفسجي خافت،
يهطل رذاذها السري فيغسل وجوه الشجر،
ويكوّر شجيرات ياسٍ وبرتقال،
وتنحني النخلات، كأنها تصلّي لندى غامضٍ لا يُرى.
ومن عمق الصمت،
تنبعث رائحة الحقيبة المدرسية،
تشبه رائحة الأنبياء والأجداد الطيبين،
ويمرّ المعلم بعطره القديم،
ذلك العطر الذي صار معلّم الذاكرة نفسها.
هناك، لا شيء ينفصل عن شيء،
الرائحة ظلّ، والظلّ صوت، والصوت مطر،
وكلّ ما كان يومًا بعيدًا يعود في لحظة واحدة،
كأن الطفولة لم تبرح مكانها،
كأن الغيب كلّما غاب عاد أكثر حضورًا،
والعالم كلّه غفوةٌ صغيرة في قلب الذاكرة.
وماذا لو أنّ الجانب الآخر من الذاكرة
يستحيل إلى عقلٍ جماعي؟
حينها ستصير بيادر القمح مشاعًا،
والفرح مشاعًا،
والطمأنينة مشاعًا،
ويغدو الحبّ صلاةً،
يصليها الكائنون بلا معابد،
ولا أسماء،
بل بنبضٍ واحدٍ يتردّد في صدر الوجود.
#ليث_الجادر (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟