أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ليث الجادر - الرقمنة بين سلطة العنف وسلطة الجماهير – مفارقة التوظيف التقني














المزيد.....

الرقمنة بين سلطة العنف وسلطة الجماهير – مفارقة التوظيف التقني


ليث الجادر

الحوار المتمدن-العدد: 8506 - 2025 / 10 / 25 - 14:13
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


تكشف التجربة الرقمية في العقدين الأخيرين عن مفارقة حادة:
أن الحركات ذات البنية الأيديولوجية الصلبة — كداعش أو حماس — استثمرت الفضاء الرقمي كوسيلة توسع وتمويل وتنظيم فعّال، بينما بقيت الحركات الجماهيرية الاحتجاجية، رغم انفتاحها الرقمي، مشلولة عند حدود الاتصال والتعبئة العفوية.

أولًا: التنظيم العقائدي مقابل العفوية الجماهيرية

تنجح الحركات الإسلاموية العنيفة في التوظيف التقني لأنها تملك مركزًا أيديولوجيًا محددًا يوجّه النشاط الرقمي نحو غاية استراتيجية واحدة: التجنيد، التمويل، والهيمنة الرمزية.
أما الحركات الجماهيرية الحديثة فتعاني من تفكك أيديولوجي وغياب مركز قيادة، ما يجعل الرقمنة فيها وسيلة تفاعل اجتماعي، لا وسيلة هيمنة ثورية.

بهذا المعنى، يمكن القول إن البنية العقائدية الصلبة تمنح الحركات المتطرفة قدرة تنظيمية رقمية تفوق بكثير تلك التي تملكها الحركات الديمقراطية أو الإصلاحية، لأن الأخيرة تُقدّس التعددية على حساب المركزية التنظيمية.

ثانيًا: الاقتصاد الموازي والتمويل الرقمي

بينما استخدمت التنظيمات مثل داعش أو حماس العملات الرقمية، منصات الظل، والأسواق السوداء الإلكترونية لتأمين تمويلها بعيدًا عن النظام المالي الدولي، بقيت الحركات الاحتجاجية الرقمية أسيرة الاقتصاد الرسمي الذي تراقبه الدولة وتتحكم به.
إنها مفارقة رأسمالية بامتياز:
القوى التي تعادي النظام العالمي تستفيد من أدواته أكثر من القوى التي تسعى إلى إصلاحه.

ثالثًا: علنية الجماهير مقابل سرّية الإرهاب

الاحتجاجات الجماهيرية الرقمية تعاني من علنية مفرطة تجعلها قابلة للاختراق والمراقبة بسهولة؛ فهي تتحرك في فضاء مفتوح تُشاهد فيه الأجهزة الأمنية كل تفصيل.
أما الحركات الإرهابية فقد اعتمدت السرية التنظيمية الرقمية، واستثمرت التشفير والبرمجيات المغلقة لتخلق "عالمًا موازياً" خارج سيطرة الرقابة.
في المفهوم الماركسي، هذا يعني أن الأخيرة استطاعت خلق بنية تحتية رقمية مستقلة — وإن كانت منحرفة أيديولوجيًا — بينما الأولى لم تخرج عن البنية الفوقية للنظام الرأسمالي الذي تتحرك داخله.

رابعًا: المفارقة الماركسية

من منظور ماركسي، ما نراه اليوم هو أن الرأسمالية سمحت للتيارات الأكثر انغلاقًا أيديولوجيًا باستخدام أدواتها بحرية لأنها لا تهدد بنيتها الطبقية مباشرة، بل تعيد إنتاج مناخ الخوف والفوضى الذي يبرّر عسكرة الدولة وتعزيز الرقابة.
بينما الحركات الاحتجاجية، على الرغم من سلميتها وعلنيتها، تُواجَه بالاحتواء أو التجاهل لأنها — نظريًا — تمتلك إمكان التهديد الحقيقي لعلاقات الإنتاج إن وعت ذاتها طبقيًا.
أي أن الرقمنة هنا تعمل كـ منظومة فرز طبقي خفية: تمنح القوة لمن يستثمرها في إنتاج الخوف، وتشلّ من يحاول استخدامها في إنتاج الوعي.

خلاصة

الرقمنة لم تعد أداةً محايدة؛ إنها ميدان صراع طبقي جديد، تُعيد فيه الرأسمالية توزيع السيطرة لا على وسائل الإنتاج المادي فحسب، بل على وسائل الإدراك الجمعي.
وإذا كان العنف العقائدي قد عرف كيف يوظّف الرقمنة لتوسيع سلطته، فإن الحركات الجماهيرية التقدّمية ما تزال تتعلم كيف تحرّر أدواتها من السيطرة المركزية.
إن الدرس الماركسي المركزي في هذا السياق هو أن امتلاك الوسيلة التقنية لا يساوي امتلاك الوعي التاريخي بها. ومن دون هذا الوعي، ستظل الجماهير رقمًا في معادلة اتصال، بينما يظل رأس المال — أو من يتقاطع معه — هو صاحب الكلمة الأخيرة في إدارة الخوارزميات التي تحكم مصير الثورة نفسها.



#ليث_الجادر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين التفاؤل اليساري والصرامة الماركسية قراءة في احتجاجات جيل ...
- بين التفاؤل اليساري والصرامة الماركسية قراءة في احتجاجات جيل ...
- ملاحظة تحليلية حول مقال بن درور يميني: تقاطع في القراءة أم ا ...
- الحزب الشيوعي العراقي بين المشاركة العقيمة والمقاطعة المثمرة ...
- الاحتجاجات العراقية ودور الحزب الشيوعي العراقي: نقد الأداء و ...
- النتوء الرأسمالي – الاقتصاد الرقمي داخل جسد الرأسمالية وعلاق ...
- العلاقة الأمريكية – الإسرائيلية: اختلاف تكتيك أم خلاف استرات ...
- -غزة: دورة المأساة بين الهيمنة الدولية والسلطة المحلية والأي ...
- سلامٌ ؟ في يوم ذكرى تأسيس البحريه الأمريكيه… وفي الخلفية حما ...
- البلوب والنتؤ الرأسمالي: قراءة مكملة في الذكاء البنيوي لمجتم ...
- آلية التفكير الطبقي: من الذكاء بلا عقل إلى البلوب الأمريكي
- لعبة الاستغفال ...لماذا يطالب حزب الله بالاستسلام ..وتلهث دو ...
- ثورة من خلف الشاشات: جيل Z المغربي بين المطلبية والغموض القي ...
- الناخب كفاعل مضاد للمصلحة العامة: قراءة في تشوّه الوعي الانت ...
- كوبا: اشتراكية الصمود وتناقضات الواقع الاجتماعي
- في معنى اتخاذ 3 تشرين ..اليوم الوطني للعراق
- تشرين: منتفضون بلا انتفاضة
- هل انتهت فترة إسكات النيران بين إيران وإسرائيل وأمريكا؟
- غزة بين حماس الوظيفية وترامب الوسيط الجلاد
- العدالة بين الليبرالية والماركسية: في التجريد النهائي للمفهو ...


المزيد.....




- مؤشرات على فوز كاسح لمرشحة اليسار لرئاسة أيرلندا
- مقابلة مع سمير عادل سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الع ...
- فم الحصن:جيل وراء جيل والنضال مستمر
- فيديو.. فتح: لم نشارك في اجتماع الفصائل الفلسطينية بالقاهرة ...
- رؤيتنا.. دروس معركة غزة.. ومهام الثوريين
- سوريا.. اعتقال -أبو الفدا- المتهم بقمع متظاهرين سلميين بحقبة ...
- الفصائل الفلسطينية المجتمعة بالقاهرة تتفق على تشكيل لجنة مؤق ...
- لماذا لا يؤثر اليسار في حَراك جيل- زد وفي سواه من حركات النض ...
- حزب الشعب المعارض في تركيا يتنفس الصعداء بعد حكم قضائي
- لينين أم روزا لوكسمبورغ؟ تساؤل مغلوط، يطرحه الكثيرون بحسن ني ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية (العالم إنقلب رأسًا على عقب – النظام في أزمة)ق ... / عبدالرؤوف بطيخ
- الرؤية الرأسمالية للذكاء الاصطناعي: الربح، السلطة، والسيطرة / رزكار عقراوي
- كتاب الإقتصاد السياسي الماويّ / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية(النمو السلبي: مبدأ يزعم أنه يحرك المجتمع إلى ا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية (من مايوت إلى كاليدونيا الجديدة، الإمبريالية ا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية (المغرب العربي: الشعوب هى من تواجه الإمبريالية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علم الاعصاب الكمي: الماركسية (المبتذلة) والحرية! / طلال الربيعي
- مقال (الاستجواب الدائم لكورنيليوس كاستورياديس) بقلم: خوان ما ... / عبدالرؤوف بطيخ
- الإمبريالية والاستعمار الاستيطاني الأبيض في النظرية الماركسي ... / مسعد عربيد
- أوهام الديمقراطية الليبرالية: الإمبريالية والعسكرة في باكستا ... / بندر نوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ليث الجادر - الرقمنة بين سلطة العنف وسلطة الجماهير – مفارقة التوظيف التقني