أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ليث الجادر - الاحتجاجات العراقية ودور الحزب الشيوعي العراقي: نقد الأداء وإعادة إنتاج النظام














المزيد.....

الاحتجاجات العراقية ودور الحزب الشيوعي العراقي: نقد الأداء وإعادة إنتاج النظام


ليث الجادر

الحوار المتمدن-العدد: 8500 - 2025 / 10 / 19 - 00:13
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


على امتداد العقدين الماضيين، شكّلت موجات الاعتراضات والاحتجاجات الشعبية في العراق مظهراً ملازماً للحياة السياسية والاجتماعية، تزامناً مع تراجع مستمر في الأوضاع المعيشية اليومية واتساع رقعة الأزمات على مختلف المستويات الخدمية والاقتصادية والسياسية. ورغم اتساع هذه الحركات الاحتجاجية وتكرارها، فإن طبيعتها ودوافعها لا تعبّر في مجملها عن نزعة شعبية راسخة نحو تغيير النظام السياسي القائم، بقدر ما تعكس سخطاً متزايداً على أداء السلطات التنفيذية والحكومات المتعاقبة.

تتسم المطالب التي رفعتها مختلف الحركات الاحتجاجية بطابع إصلاحي جزئي، يتمحور حول تحسين الخدمات الأساسية، مكافحة الفساد الإداري والمالي، معالجة البطالة، وتحسين ظروف المعيشة، دون أن يترافق ذلك مع طرحٍ متكامل لمشروع بديل أو رؤية لإعادة صياغة بنية النظام السياسي. وقد أسهم هذا الطابع الجزئي للمطالب في تمكين القوى الحاكمة من احتواء موجات الغضب الشعبي عبر تقديم وعود إصلاحية شكلية أو إجراء تغييرات سطحية لا تمس جوهر بنية السلطة القائمة.

علاوة على ذلك، لم تكن هذه الاحتجاجات — في معظمها — حركات اجتماعية مستقلة ذات أفق تغييري واضح، بل كثيراً ما اندمجت، سواء بصورة مقصودة أو تلقائية، في تخندقات سياسية وطائفية قائمة. فقد استُخدمت الاحتجاجات في غير مناسبة كأداة ضمن صراعات النفوذ بين القوى السياسية نفسها؛ إذ تفسح جهة ما المجال أمام تصعيد احتجاجي للضغط على خصومها داخل النظام، قبل أن تُعيد احتواء هذا التصعيد حين تحقق مكاسبها السياسية. وفي حالات أخرى، كان الحراك الشعبي ينطلق من داخل أطر مذهبية أو مناطقية محددة، الأمر الذي أضعف طابعه الوطني الجامع وحوّله إلى جزء من آليات عمل النظام السياسي بدلاً من أن يشكّل تهديداً لبنيته.

كما اتسمت دوافع غالبية المشاركين في هذه الاحتجاجات بطابع معيشي يومي أكثر من كونها دوافع سياسية بنيوية. فالوعي السائد كان ينصرف إلى نقد الأداء الحكومي المباشر، دون أن يمتد إلى مساءلة شكل النظام السياسي وآليات عمله. هذا القصور في الوعي السياسي الجمعي، إلى جانب غياب قيادة وطنية بديلة ومشروع سياسي منظم، فتح المجال أمام القوى التقليدية لإعادة توجيه الحراك بما يتوافق مع مصالحها، مما حال دون تطوره إلى حركة تغييرية جذرية.

ورغم بروز لحظات استثنائية اتجهت فيها الاحتجاجات إلى طرح أسئلة أعمق تتعلق بطبيعة النظام ذاته — كما في انتفاضة تشرين 2019 التي رفعت شعارات تتجاوز الحكومة إلى رفض النظام السياسي بأكمله — فإن هذه اللحظات ظلت محدودة الانتشار والتأثير، ولم تتحول إلى تيار تغييري منظم بسبب القمع الشديد، والانقسام المجتمعي، وغياب البنية التنظيمية والقيادية.

ولا يمكن اعتبار هذا الطابع العفوي أو غير البنيوي للاحتجاجات الشعبية مثلبةً جوهرية أو عائقًا حتميًا أمام التغيير. فالشعوب لا تمتلك آلية ميكانيكية للتفكير الجمعي، ولا يمكن توقّع نشوء عقل جمعي منظم يمارس التفكير السياسي المتكامل. إن مسار التغيير السياسي لا يمر عبر هذا «العقل الجمعي» المفترض، بل من خلال بلورة تلك الاعتراضات العفوية والمتفرقة في اتجاه واعٍ يشير إلى المسببات البنيوية المشتركة للأزمة، ويحوّلها إلى قوة سياسية منظّمة. وهذه المهمة تقع أساسًا على عاتق النخبة الواعية، القادرة على الربط بين الواقع الاجتماعي والخيارات السياسية الممكنة.

وبما أن هذه النخبة لم تتشكل بعد في السياق العراقي الراهن، فإن إمكانية التغيير تبقى مرهونة بقدرة القوى السياسية والفكرية الجديدة على تثوير لحظة جماهيرية تفرزها شروط واقعية، بما يسمح بظهور نواة لهذه النخبة واجتماع مفرداتها. وهنا تجدر الإشارة إلى أن غياب النخبة الواعية لم يكن أمرًا عرضيًا، بل هو نتيجة مسار تاريخي مفصّل تمت معالجته في مقالات سابقة، حيث تفككت البنى السياسية القادرة على بلورة موقف جمعي بعد 2003، وتراجعت الحوامل الاجتماعية التقليدية التي كانت تؤطر العمل المعارض، ما أفسح المجال لبقاء الاعتراض في صورته العفوية وغير المؤطَّرة.

وفي هذا الإطار، تمثل المواقف الشعبية المتصاعدة تجاه الانتخابات الحالية، وما يرافقها من تشكيك واسع في جدواها، فرصة حقيقية يمكن أن تشكّل نقطة انطلاق لتبلور نواة نخبوية سياسية جديدة. وكان من المفترض أن يبادر الحزب الشيوعي العراقي، بحكم تاريخه وتجذره في الحياة السياسية، إلى التقاط هذه اللحظة وتحويلها إلى رافعة تنظيمية ثورية تعيد تعريف موقعه داخل المشهد السياسي. غير أنه عاد وكرر الخطأ الإستراتيجي ذاته من خلال مشاركته في الانتخابات، متجاهلاً طبيعة اللحظة السياسية وطاقتها الاعتراضية، وبذلك لم يكتفِ بتفويت الفرصة، بل ساهم — بطريقة يصعب تبريرها — في ترسيخ النظام القائم والمشاركة في إعادة إنتاجه، بدلاً من توظيف اللحظة لمواجهته.



#ليث_الجادر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النتوء الرأسمالي – الاقتصاد الرقمي داخل جسد الرأسمالية وعلاق ...
- العلاقة الأمريكية – الإسرائيلية: اختلاف تكتيك أم خلاف استرات ...
- -غزة: دورة المأساة بين الهيمنة الدولية والسلطة المحلية والأي ...
- سلامٌ ؟ في يوم ذكرى تأسيس البحريه الأمريكيه… وفي الخلفية حما ...
- البلوب والنتؤ الرأسمالي: قراءة مكملة في الذكاء البنيوي لمجتم ...
- آلية التفكير الطبقي: من الذكاء بلا عقل إلى البلوب الأمريكي
- لعبة الاستغفال ...لماذا يطالب حزب الله بالاستسلام ..وتلهث دو ...
- ثورة من خلف الشاشات: جيل Z المغربي بين المطلبية والغموض القي ...
- الناخب كفاعل مضاد للمصلحة العامة: قراءة في تشوّه الوعي الانت ...
- كوبا: اشتراكية الصمود وتناقضات الواقع الاجتماعي
- في معنى اتخاذ 3 تشرين ..اليوم الوطني للعراق
- تشرين: منتفضون بلا انتفاضة
- هل انتهت فترة إسكات النيران بين إيران وإسرائيل وأمريكا؟
- غزة بين حماس الوظيفية وترامب الوسيط الجلاد
- العدالة بين الليبرالية والماركسية: في التجريد النهائي للمفهو ...
- الازدهار بلا فرص للعمل: ماذا يُحتم؟
- مقاطعة الانتخابات: جهد طبقي ضد الانتهازية
- الحاضر.. الحقيقة المراوغة والطبقية كمعيار
- الوطنية البرجوازية: بين اللاهوت الرمزي والبنية المادية، والم ...
- الوطنية البرجوازية: بين اللاهوت الرمزي والبنية المادية، والم ...


المزيد.....




- العمود الثامن: لماذا خسرت القوى المدنية ؟
- محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية ي ...
- ما هي الرأسمالية؟
- افتتاحية المناضل-ة – عدد 85 (نوفمبر 2025)
- صدور العدد 85 من جريدة المناضل-ة: لأجل وحدة حرة وديموقراطية ...
- إطلاق أكاديمية التكوين السياسي… خطوة جديدة لدعم الشباب داخل ...
- الماركسية والممارسة السياسية في المغرب: جدل الانكسارات و الإ ...
- اليمينُ الصاعدُ مجدّدًا في أميركا اللاتينية والتحدّي أمام ال ...
- بلاغ صحفـــــي لـــــفريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب صـ ...
- Self-Determination, Not Goodwill, Will Decide the Global Sou ...


المزيد.....

- الأسس المادية للحكم الذاتي بسوس جنوب المغرب / امال الحسين
- كراسات شيوعية(نظرية -النفايات المنظمة- نيقولاي إيڤانو& ... / عبدالرؤوف بطيخ
- قضية الصحراء الغربية بين تقرير المصير والحكم الذاتي / امال الحسين
- كراسات شيوعية(الفرد والنظرة الماركسية للتاريخ) بقلم آدم بوث2 ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية (العالم إنقلب رأسًا على عقب – النظام في أزمة)ق ... / عبدالرؤوف بطيخ
- الرؤية الرأسمالية للذكاء الاصطناعي: الربح، السلطة، والسيطرة / رزكار عقراوي
- كتاب الإقتصاد السياسي الماويّ / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية(النمو السلبي: مبدأ يزعم أنه يحرك المجتمع إلى ا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية (من مايوت إلى كاليدونيا الجديدة، الإمبريالية ا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية (المغرب العربي: الشعوب هى من تواجه الإمبريالية ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ليث الجادر - الاحتجاجات العراقية ودور الحزب الشيوعي العراقي: نقد الأداء وإعادة إنتاج النظام