أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ليث الجادر - اقتصاد الأنقاض: كيف تعيد حماس إنتاج نفوذها من باطن رخام غزة














المزيد.....

اقتصاد الأنقاض: كيف تعيد حماس إنتاج نفوذها من باطن رخام غزة


ليث الجادر

الحوار المتمدن-العدد: 8526 - 2025 / 11 / 14 - 20:45
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


الحياة في غزة، كما تراها شاشات الفضائيات والفيديوهات، هي خرائب محترقة ووجوه جياع تتدافع على أي قدر طعام مجاني. تظهر الشباب والصبيان وهم يقطعون الطرق أمام شاحنات المساعدات لنهبها، في مشهد من الفوضى واليأس.

لكن خلف هذا العرض الصاخب، تدور عجلة صامتة، تتحصن فيها قلة من الغزيين، ممن يشغلون أنفسهم في الحفاظ على أوضاعهم المتميزة ضمن الإطار الطبقي. هؤلاء القلائل يجدون طرقًا للربح والاستمرارية حتى وسط الحرب والحصار، مستفيدين من الموارد المحدودة التي لا تصل إلى الأغلبية العظمى من السكان.

من بين هذه الموارد يبرز رخام غزة، ذلك الحجر الذي لطالما شكّل مصدر دخلٍ رئيسي لعدد من العائلات والمصانع في جنوب القطاع. ومع أن القصف دمّر البنية التحتية، فإن تقارير حديثة من وكالات دولية مثل OCHA ورويترز والعربي الجديد تشير إلى أن النشاط في بعض محاجر الرخام لم يتوقف تمامًا، بل استمر بشكل محدود ومتقطع خلال فترات الهدوء النسبي، من خلال ورش صغيرة تعمل بأدوات بدائية أو في مناطق تقل فيها شدة العمليات.

ورغم الحصار الإسرائيلي شبه الكامل، تَظهر سيناريوهات محتملة تفسّر كيف يمكن أن يتحرّك هذا القطاع في الخفاء:
فمن المرجّح أن يُسمح بمرور بعض الكميات من الرخام عبر وسطاء إسرائيليين يشترونه من منتجين محليين بالآجل، لتبقى عائداته معلّقة، وهو ما يضمن – من وجهة نظر إسرائيلية – عدم وصول الأموال مباشرة إلى حركة حماس. هذه الآلية الاقتصادية غير المعلنة قد تفسّر كيف يستمر قطاع الرخام في البقاء، ولو في نطاق ضيّق، حتى وسط الخراب العام.

لكن الصورة الأوسع تكشف أن المسألة لا تتعلق بالرخام وحده، بل بآلية أشمل: في كل حرب، هناك من يواصل الربح. في غزة، تواصل شريحة صغيرة – من رجال الأعمال المحليين أو التجار المرتبطين بشبكات خارجية – العمل في الظل، بينما يغرق الباقون في مأساة الحياة اليومية. إنّ الاقتصاد الطبقي في زمن الحرب لا يموت، بل يعيد تشكيل نفسه على مقاس الأقلية القادرة على النجاة.

بين الواقع والتحليل:
رغم أن المناطق الغنية بمحاجر الرخام تقع ضمن نطاق النفوذ التقليدي لحركة حماس في جنوب قطاع غزة، ولا سيما في خان يونس وضواحيها الشرقية، فإنّ المعطيات الميدانية لا تثبت وجود سياسة معلنة أو موثّقة لدى الحركة للسيطرة الاقتصادية على هذه المحاجر. ما هو مؤكَّد أن حماس تحتفظ بوجود إداري وأمني فعلي في تلك المناطق، من خلال لجان خدمية وهيئات طوارئ محلية، حتى في فترات التصعيد العسكري، وهو ما يتيح لها استمرار الحد الأدنى من الإدارة الميدانية.

أما القول بأن الحركة تتعمّد الإبقاء على نفوذها هناك لضمان السيطرة على مورد الرخام في مرحلة الإعمار المقبلة، فهو استنتاج تحليلي محتمل ينبع من الترابط بين الجغرافيا والاقتصاد والسيطرة السياسية في القطاع، لكنه لم يُؤكَّد بوثائق أو تصريحات رسمية. ومع ذلك، لا يمكن تجاهل أن مثل هذا السيناريو ينسجم مع طبيعة الاقتصاد الحربي في غزة، حيث يتحول النفوذ الميداني تلقائيًا إلى رأسمال سياسي واقتصادي في أي مرحلة ما بعد الحرب.

استدراك ختامي:
إنّ كل ما قيل هنا، وقد التزمنا فيه بأقصى درجات الموضوعية الممكنة، يضعنا أمام مثال حيّ على قدرة حركة حماس على إعادة إنتاج نفوذها في المرحلة المقبلة، لا بوصفها سلطةً ميدانية فحسب، بل كفاعلٍ اقتصادي–سياسي يملك أدوات الاندماج في معادلة الإعمار المقبلة.

فالمؤشرات الراهنة تُوحي بأن قطر وتركيا قد تلعبان دورًا مباشرًا في تمويل أو إدارة مشاريع الإعمار، وهو ما يمنح حماس مساحةً لإعادة التموضع من موقع “الضحية المحاصَرة” إلى موقع “الشريك المضطرّ في التسوية”.

أما البداية الفعلية لهذه المرحلة فستتجلى – على نحوٍ ساخر من منطق الحرب – في اضطرار إسرائيل إلى رسم ما يُعرف بالخط الأصفر: أي مناطق الفصل أو العزل التي ستُفرض لأسباب أمنية، لكنها ستتحول عمليًا إلى حدودٍ اقتصادية جديدة تُعيد رسم موازين السيطرة داخل القطاع.

وهكذا، فإن مشهد الرخام – بين الحصار والأنقاض – ليس سوى إشارة استشفافية لما قد تكون عليه غزة الغد: اقتصادٌ مجزّأ، تهيمن عليه مصالح طبقية متشابكة، وحركةٌ تعرف جيدًا كيف تقتات على بقايا الخراب لتستعيد حضورها من جديد.



#ليث_الجادر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليسار في الكيانات الكونفدرالية العراقية: مواطن القوة واسترا ...
- الاقتصاد الرقمي وحملة الإنفاق العسكري: حين تتحوّل التكنولوجي ...
- حين تصير الذاكرة صلاةً
- الوصاية المائية التركية: اتفاقية التعاون أم شرعنة الخضوع؟
- العراق بين الفدرالية المشوهة والكونفدرالية الممكنة (امتداد ل ...
- حين يصبح الكيان سجنًا للوطن: دعوة إلى الكونفدرالية العراقية
- انتخابات على ضفاف دجلة... ودجلة يحتضر
- مقاطعة الدم: لماذا يجب أن تقاطع النساء صناديق القتلة
- العودة إلى الواقع — التنظيم المباشر كأساس للثورة
- تعيين مبعوث خاص إلى العراق: قراءة في الدلالات السياسية والبر ...
- الرقمنة بين سلطة العنف وسلطة الجماهير – مفارقة التوظيف التقن ...
- بين التفاؤل اليساري والصرامة الماركسية قراءة في احتجاجات جيل ...
- بين التفاؤل اليساري والصرامة الماركسية قراءة في احتجاجات جيل ...
- ملاحظة تحليلية حول مقال بن درور يميني: تقاطع في القراءة أم ا ...
- الحزب الشيوعي العراقي بين المشاركة العقيمة والمقاطعة المثمرة ...
- الاحتجاجات العراقية ودور الحزب الشيوعي العراقي: نقد الأداء و ...
- النتوء الرأسمالي – الاقتصاد الرقمي داخل جسد الرأسمالية وعلاق ...
- العلاقة الأمريكية – الإسرائيلية: اختلاف تكتيك أم خلاف استرات ...
- -غزة: دورة المأساة بين الهيمنة الدولية والسلطة المحلية والأي ...
- سلامٌ ؟ في يوم ذكرى تأسيس البحريه الأمريكيه… وفي الخلفية حما ...


المزيد.....




- اليمينُ الصاعدُ مجدّدًا في أميركا اللاتينية والتحدّي أمام ال ...
- بلاغ صحفـــــي لـــــفريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب صـ ...
- Self-Determination, Not Goodwill, Will Decide the Global Sou ...
- The False Stability of the “Right” in Italy
- Missile Defense Fraud Goes Ballistic: Needless, Unworkable, ...
- “من له مصلحة في استمرار الاحتقان بالمديرية الجهوية للاستشارة ...
- الشيوعي العراقي: بعزم لا يلين نواصل نضالنا رغم كثافة التحديا ...
- Polishing Genocide: Israel’s Desperate War to Erase History ...
- سبع أطروحات حول انتفاضات جيل Z في الجنوب العالمي
- في اليوم الثاني من الإحتجاجات عمال “مياه الشرب” يجبرون رئيس ...


المزيد.....

- الأسس المادية للحكم الذاتي بسوس جنوب المغرب / امال الحسين
- كراسات شيوعية(نظرية -النفايات المنظمة- نيقولاي إيڤانو& ... / عبدالرؤوف بطيخ
- قضية الصحراء الغربية بين تقرير المصير والحكم الذاتي / امال الحسين
- كراسات شيوعية(الفرد والنظرة الماركسية للتاريخ) بقلم آدم بوث2 ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية (العالم إنقلب رأسًا على عقب – النظام في أزمة)ق ... / عبدالرؤوف بطيخ
- الرؤية الرأسمالية للذكاء الاصطناعي: الربح، السلطة، والسيطرة / رزكار عقراوي
- كتاب الإقتصاد السياسي الماويّ / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية(النمو السلبي: مبدأ يزعم أنه يحرك المجتمع إلى ا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية (من مايوت إلى كاليدونيا الجديدة، الإمبريالية ا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية (المغرب العربي: الشعوب هى من تواجه الإمبريالية ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ليث الجادر - اقتصاد الأنقاض: كيف تعيد حماس إنتاج نفوذها من باطن رخام غزة