أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بديعة النعيمي - المشروع الأميركي الجديد لغزة..هل هو انتداب حديث؟














المزيد.....

المشروع الأميركي الجديد لغزة..هل هو انتداب حديث؟


بديعة النعيمي
كاتبة وروائية وباحثة

(Badea Al-noaimy)


الحوار المتمدن-العدد: 8530 - 2025 / 11 / 18 - 11:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قامت إدارة "دونالد ترامب" بتقديم تصور جديد لإدارة غزة بعد الحرب تمثل في رؤية صاغتها واشنطن باعتبارها خطة لإعادة بناء القطاع وإنهاء حالة الصراع المستمرة.
الخطة اعتمدها مجلس الأمن ووافق عليها بتاريخ 17/نوفمبر/2025، وجاءت في عشرات البنود التي تضع غزة تحت إشراف دولي مباشر عبر قوة استقرار متعددة الجنسيات، وإدارة انتقالية تكنوقراطية يقودها "مجلس سلام" دولي.

تقوم الخطة على ثلاث ركائز أساسية، أولها ترتيبات أمنية صارمة تبدأ بنشر "قوة دولية" تتولى مراقبة وقف إطلاق النار، والإشراف على إعادة الأمن الداخلي، ووضع آليات لنزع "سلاح الفصائل المسلحة".
وثانيها إدارة انتقالية تتولاها هيئة دولية يرأسها ترامب نفسه، تتفرع عنها لجنة تكنوقراطية فلسطينية تدير الشؤون المدنية بعيدا عن الفصائل.
وثالثها عملية إعادة إعمار مشروطة، تعتمد على تدفق دعم دولي واسع مقابل التزام غزة بمسار سياسي وأمني جديد، مع الإشارة إلى "إمكانية" قيام دولة فلسطينية مستقبلية إذا تحققت شروط الاستقرار والإصلاح.

غير أن هذه الخطة رغم قبولها دوليا، اصطدمت برفض حاد من جميع الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حماس. ذلك لأنه بالنسبة لها لا يمكن النظر إلى الخطة إلا بوصفها محاولة لإعادة صياغة المشهد الفلسطيني عبر أدوات خارجية، بما يفكك بنيتها العسكرية والتنظيمية ويفرض عليها واقعا سياسيا جديدا دون تفاوض أو ضمانات. وهذا من حقها لأن أي فصائل مقاومة يرزح شعبها تحت احتلال معين لن تقبل بهذه الخطة. وخاصة بما يتعلق ببند نزع السلاح. فحماس ترى في هذا المطلب جوهرا سياسيا لا يمكن التنازل عنه، لأن سلاحها هو رمز لوجودها ودورها كحركة مقاومة تدافع عن أرضها لا عن مكاسب سياسية. وبالتالي فإن تسليمه لقوة دولية يعني عمليا إنهاء نفوذها ورفع قدرتها على التفاوض، وهذا مرفوض.
كما أن وجود قوة ما تسمى ب "قوة استقرار متعددة الجنسيات" ما هو إلا وصاية أمنية مباشرة على غزة، يمنح أطراف خارجية، على رأسها الولايات المتحدة ودولة الاحتلال، سلطة التحكم في مفاصل الأمن الفلسطيني.

إلى جانب ذلك، ترفض الفصائل ما تصفه ب "الوصاية الإدارية الدولية". ف "مجلس السلام" الذي تقترحه الخطة، برئاسة "ترامب"، يصبح السلطة الفعلية في غزة، بينما تترك الإدارة المحلية بيد خبراء فلسطينيين دون صلاحيات سياسية حقيقية. ما يعيد إنتاج شكل من "الانتداب الحديث"، حيث تفصل السيادة عن الإدارة، وتدار غزة بطريقة فوق وطنية لا تعكس إرادة أهلها أو قواها السياسية.

أما العامل الآخر الذي دفع بالفصائل إلى الرفض فهو فقدان الثقة. فهي ترى أن دولة الاحتلال قد تستخدم الخطة لتكريس مكاسب عسكرية وسياسية ثم تتراجع عن الاستحقاقات اللاحقة. بالإضافة إلى أن الانسحاب "التدريجي" الذي تقترحه الخطة يعتبر تكتيكيا لإدارة الاحتلال بدل إنهائه.
كما أن الفصائل تخشى أن يتحول وجود القوة الدولية إلى غطاء قانوني لاستمرار الرقابة الأمنية على غزة لعقود، دون أن يؤدي ذلك إلى استقلال حفيقي أو نهاية لمعاناة أهلها.

وتضيف الفصائل سببا آخر لرفض تلك الخطة، وهو ملف الرهائن لديها. فواشنطن تطالب بإطلاق سراح جميع الرهائن فورا، وهو ما تعتبره حماس تنازلا مجانيا يفقدها أحد أقوى أوراق التفاوض، في حين لا تقدم الخطة ضمانا واضحا لمقابل سياسي أو أمني مضمون.

كما وتنظر إلى الخطة على أنها محاولة لتفكيك البنية السياسية القائمة. فصيغة الإدارة التكنوقراطية تخرج الفصائل الفلسطينية على رأسها حماس، من المشهد بطريقة غير مباشرة. فهي تمنعها من المشاركة في الحكم، وتفرض مؤسسات جديدة تمهد لبديل سياسي لا ينبع من المجتمع المحلي، بل من توافق "دولي-إقليمي" لا يمثلها. وهذا يعتبر من وجهة نظرها هندسة خارجية تهدف إلى تغيير موازين القوة في القطاع وفقا للمصالح الأميركية وذيلها الصهيوني.
وفي ضوء كل ما تقدم، يمكن القول إن السبب الجوهري لرفض الفصائل الفلسطينية، وعلى رأسها حماس، لهذه الخطة يكمن في انعدام الثقة العميق بالإدارة الأميركية والصهيونية لأنها خبرت على مدى عقود طبيعة التسويات المفروضة من الخارج. ولعل أوضح الأمثلة التاريخية التي تستدعيها الذاكرة الفلسطينية هي تجربة 1982 وخطة "فيليب حبيب" في بيروت، إذ جرت آنذاك مفاوضات عبر وساطة أميركية دون ضمانات حقيقية، ترتب عليها خروج المقاومة الفلسطينية من بيروت ونزع سلاحها تحت وعود بحماية المدنيين، فكانت النتيجة مجزرة صبرا وشاتيلا.هذه التجربة، بكل ما حملته من خذلان وانهيار للضمانات الدولية، تمثل لدى المقاومة درسا لا يمكن تجاهله كلما طرحت مبادرة أميركية جديدة تعتمد على "التطمينات" ذاتها. لذلك، فإن الرفض يأتي من قراءة عميقة ومتراكمة لسياق تاريخي أثبت أن مثل هذه الترتيبات كثيرا ما تؤدي إلى إضعاف القوى الفلسطينية، وإعادة إنتاج السيطرة الخارجية، وترك الشعب الفلسطيني بلا حماية ولا سيادة حقيقية. ومن هنا، فإن تمسك الفصائل بموقفها ما هو إلا تعبير عن وعي سياسي وتجربة مريرة لا كما يقال أن رفضها يكمن في نزاعها على النفوذ والاستمرار في حكم غزة.



#بديعة_النعيمي (هاشتاغ)       Badea_Al-noaimy#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جمعية -المجد- ورحلة -رامون- إلى جنوب إفريقيا..
- مطر يختبر الخيام.. وإرادة تهزم الغرق
- *جاجة حفرت على راسها عفرت*
- جرائم باسم -الأمن-..اغتصاب في سجون الاحتلال
- إرهاب العصابات الصهيونية بين الأمس واليوم..من مشروع الدولة إ ...
- أنفاق رفح تعيد خلط أوراق الحرب على غزة
- الماء كسلاح احتلال..ردم الآبار في الضفة الغربية نموذجا.
- الطبيب الذي كتب بدم الشهداء..منير البرش يوثق الحقيقة.
- اليمين المتطرف يشرعن الإعدام الجماعي باسم -الأمن القومي-
- بين نصوص العنف -التوراتية المحرفة- وجرائم الاحتلال..امتداد ل ...
- مستوطنون يواصلون السيطرة على ينابيع الأغوار/نبع الحمة نموذجا
- -سدي تيمان-..-أبو غريب- فلسطين
- غزة تحت القصف مجددا..مجزرة ٢٨/أكتوبر/٢ ...
- هل هو واقع جغرافي جديد أم مقبرة قادمة؟
- مسرى النبوة تحت التهويد..هل تستجيب الأمة لنداء القدس؟
- من -السيوف الحديدية- إلى -الانبعاث-..-بويا- للتلميع
- -أوتشا- وتصاعد هجمات المستوطنين أثناء موسم الزيتون في الضفة ...
- -ميري ريغف- وفوبيا جثمان الشهيد يحيى السنوار
- -الخطيئة وعقابها- والرد على حدث رفح ١٩/أكتوبر/&# ...
- الاحتلال يوثق جرائمه بيديه..جثامين مشوهة


المزيد.....




- الحكم بالسجن على المعتدى على أريانا غراندي في عرض -Wicked- ب ...
- مصر.. تامر حسني يخضع لعمل جراحي استأصل جزءًا من كليته
- الكويت.. الداخلية تعلن ضبط شبكة متورطة بستهيل استقدام عاملات ...
- الرئيس اللبناني: حزب الله بشقه العسكري انتهى.. ولاريجاني -اه ...
- مقاتلات تحلق وعزف موسيقي.. شاهد كيف استقبل ترامب ولي العهد ا ...
- لقاء ابن سلمان وترامب.. هل ستبيع أمريكا طائرات إف 35 للسعودي ...
- بعد دعوة السيسي.. مصر تبطل نتائج 19 دائرة انتخابية
- أحمد أبوزيد.. نصائح صانع المحتوى المصري للمبتدئين وما تعلمه ...
- ماذا يعني إلغاء زيارة قائد الجيش اللبناني إلى واشنطن الآن؟
- قائد الجيش اللبناني يلغي زيارة كانت مقررة للولايات المتحدة.. ...


المزيد.....

- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بديعة النعيمي - المشروع الأميركي الجديد لغزة..هل هو انتداب حديث؟