أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالباقي عبدالجبار الحيدري - الجبهة التركمانية في أربيل: من ذروة القوة إلى نكسة نوفمبر قراءة تحليلية في مسار الصعود والهبوط














المزيد.....

الجبهة التركمانية في أربيل: من ذروة القوة إلى نكسة نوفمبر قراءة تحليلية في مسار الصعود والهبوط


عبدالباقي عبدالجبار الحيدري

الحوار المتمدن-العدد: 8529 - 2025 / 11 / 17 - 02:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مثّلت الجبهة التركمانية في أربيل، منذ تأسيسها في تسعينيات القرن الماضي، أحد أبرز الأطر السياسية التي عبّر من خلالها تركمان المدينة عن تطلعاتهم الثقافية والسياسية والإدارية. فقد امتلكت الجبهة في تلك المرحلة حضورًا واسعًا وشعبية راسخة بين الأهالي، وبرزت بوصفها قناة للتعبير عن الهوية التركمانية في مدينة متعددة المكوّنات.

غير أنّ هذا المسار لم يظلّ ثابتًا؛ فبعد عام 2005 بدأت مؤشرات التراجع تظهر بوضوح، وصولًا إلى نكسة نوفمبر في انتخابات العراق لعام 2025، التي كشفت عمق الأزمة البنيوية التي تعيشها الجبهة.

تهدف هذه المقالة إلى تقديم مقارنة دقيقة بين مرحلة القوة ومرحلة التراجع، وتحليل الأسباب الكامنة واقتراح الحلول الممكنة.

أولاً: مرحلة القوة (التسعينيات – 2005)
1. الارتباط الحقيقي بالمجتمع

كانت الجبهة في تلك السنوات قريبة من الشارع التركماني، تستمع لهمومه وتقف إلى جانب قضاياه اليومية. فقد اتسمت العلاقة بالبساطة والصدق، قائمةً على اللغة المشتركة والذاكرة والتقاليد المتقاربة.

2. تمثيل الهوية التركمانية المحلية

اعتمدت الجبهة على اللهجة التركمانية المحلية لأربيل، فشعر الناس بأنّ خطابها امتداد طبيعي لهويتهم. كما حملت أسماء شخصياتها ورموزها طابعًا تركمانيًا أصيلًا ينسجم مع البيئة الاجتماعية للأهالي.

3. حضور سياسي فاعل

ساهمت الجبهة بفاعلية في نقل قضايا تركمان أربيل إلى المؤسسات السياسية، وشاركت في المجالس المحلية، وكان لها أثر ملموس في عدد من القرارات والخدمات.

4. استقلالية القرار

رغم تعدد العلاقات الإقليمية، حافظت الجبهة على قدر من الاستقلال في قرارها السياسي، ولم تكن رهينة لمراكز خارجية كما أصبح الحال لاحقًا.

النتيجة:
مثّلت هذه المرحلة ذروة قوة الجبهة وشعبيتها، وكانت بحقّ عنوانًا للبيت التركماني في أربيل.

ثانيًا: مرحلة التراجع (2005 – 2025)
1. الارتهان السياسي للخارج

بدأت القيادة تعتمد بصورة متزايدة على الدعم الأجنبي وبعض الأحزاب الكردية أكثر من اعتمادها على جمهورها الحقيقي. أدّى ذلك إلى تآكل الثقة الشعبية، إذ سرعان ما يشعر الناس عندما يصبح الخطاب سياسيًا مستوردًا لا ينبع من واقعهم.

2. الابتعاد عن الهوية المحلية

برزت في هذه المرحلة ظواهر غريبة عن تركمان أربيل، منها:
- تغيّر بعض القيادات لأسمائهم الأصيلة إلى أسماء تركية.

- التخلي عن اللهجة التركمانية المحلية لصالح لهجة تركية لا يفهمها إلا القليل.

- أدّى ذلك إلى قطيعة نفسية وثقافية بين الجبهة وقاعدتها الاجتماعية.

3. ضعف الإنجازات

لم تستطع الجبهة تحقيق مكاسب حقيقية تتصل بالمساعدات أو التمثيل السياسي أو حماية المصالح الاقتصادية والاجتماعية للتركمان، فازدادت الفجوة بينها وبين الجمهور.

4. انقطاع التواصل الميداني

تراجع الحضور الميداني للجبهة في الأحياء التركمانية، وجرى استبداله بخطاب إعلامي ضعيف لا يمسّ هموم الناس.

5. الصراعات الداخلية

شهدت الجبهة انقسامات بين أجنحتها، ما جعل قرارها السياسي مرتبكًا وغير مستقر، وأضعف صورتها أمام الشارع.

النتيجة:
كانت نكسة نوفمبر 2025 نتيجة طبيعية لمسار طويل من الأخطاء والتخبطات، وفقدت الجبهة خلالها مقاعدها ونفوذها السابق.

ثالثًا: الأسباب الجوهرية للتراجع

- فقدان الهوية المحلية والقرب الاجتماعي.

- الارتهان السياسي للخارج.

- ضعف الإنجازات والخدمات الملموسة.

- غياب خطاب سياسي واقعي ومقنع.

- الابتعاد عن الشباب وغياب الدماء الجديدة.

- تحوّل الجبهة إلى إطار شكلي بلا رؤية استراتيجية.

رابعًا: الحلول المقترحة لإعادة بناء الجبهة
1. العودة إلى الشعب

إعادة بناء الثقة عبر اللقاءات المباشرة مع الأهالي في أحيائهم، والإنصات الحقيقي لهمومهم.

2. استعادة الهوية المحلية

- العودة إلى اللهجة التركمانية الأصيلة لأربيل.

- احترام الأسماء التراثية للعائلات التركمانية وعدم استبدالها.

3. التحرر من الارتهان الخارجي

صياغة قرار سياسي مستقل يستند إلى مصالح تركمان أربيل قبل أي اعتبارات إقليمية.

4. تجديد القيادة

استقطاب جيل جديد من المثقفين والشباب، وإبعاد الشخصيات التي استنزفت رصيدها الشعبي.

5. برنامج عملي واقعي

وضع خطة واضحة تشمل:

- دعم المساعدات الإنسانية.

- تعزيز التعليم والثقافة التركمانية.

- ضمان تمثيل سياسي حقيقي في المجالس المحلية والإدارات الحكومية.

6. تطوير إعلام عصري

خطاب هادئ، واقعي، مفهوم، بعيد عن الشعارات واللغة المنفّرة.

7. تعزيز العلاقات مع مكونات المدينة

بناء جسور تعاون مع الكرد و العرب في أربيل، بوصفهم شركاء في المدينة لا خصومًا.

إنّ ما تعيشه الجبهة التركمانية في أربيل اليوم ليس حدثًا مفاجئًا، بل خلاصة سنوات من التراجع التدريجي وفقدان البوصلة. ومع ذلك، فإن طريق الإصلاح لا يزال مفتوحًا، شريطة العودة إلى الجذور، وتصحيح المسار، واستعادة الثقة عبر العمل الحقيقي لا عبر الشعارات.

فالخسارة التي مُنيت بها الجبهة في نكسة نوفمبر 2025 ليست نهاية الطريق، بل يمكن تحويلها إلى نقطة انطلاق جديدة إذا توفّرت الإرادة والرؤية والصدق مع الناس



#عبدالباقي_عبدالجبار_الحيدري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انتخابات بلا وعي… ووطن يكرر جراحه
- المرشح والناخب بين الوهم والحقيقة: مسرحية انتخابية متكررة
- قلعة أربيل بين الأيادي الأصيلة والأيادي الحزبية
- إشكالية تشكيل الحكومة في إقليم كردستان: قراءة تحليلية في أسب ...
- العراق على أعتاب انتخابات نوفمبر 2025: 22 سنة من الخراب والف ...
- مشروع أكاديمي مقترح بيت المؤتمرات العلمية في قلعة أربيل
- الاستفتاء الكردي: استحقاق مؤجَّل لا حلم عابر
- الماء بين الأمس واليوم: مقارنة بين مشروع سنحاريب المائي ومشر ...
- الإرهاب الأميركي المقنّع بالديمقراطية: تحليل وثائقي وسياسي خ ...
- جامع باشا في أربيل: ذاكرة دينية ومعمارية نابضة
- أسرار المئذنة المظفرية: قراءة معمارية وسياسية وعسكرية
- عقارات هوب زون… 22 عاماً من الثقة والتميّز في سوق أربيل العق ...
- تحولات مدينة أربيل الحضرية بين دوكسيادس وبول سيرفيس: من النم ...
- فن تخطيط المدن في فكر روبير أوزيل: من الفلسفة إلى التطبيق
- الكيان الصهيوني بين حماية الدروز وإبادة الفلسطينيين: ازدواجي ...
- خارطة طريق لإنقاذ كردستان: إصلاح من الداخل لا مغامرة نحو الم ...
- الشرق الأوسط الجديد: سيناريو تفكك المحور الإيراني وهيمنة أمر ...
- ترامب بين جنون العظمة واضطراب الشخصية: قراءة في السلوك النفس ...
- حين تنشب الحرب بأدوات أمريكا وأموال العرب: إيران تقاتل وحدها ...
- مدينة أربيل بعيون الرحالة: مرآة الزمان وتحوّلات المكان


المزيد.....




- إسرائيل.. غارة على صور وتوصية بحرب على لبنان
- إسرائيل تقتل مسؤولا في حزب الله جنوب لبنان
- سوريا.. الكشف عن موعد محاكمة المتهمين في -انتهاكات الساحل-
- مقاتلات إف35 للسعودية: صفقة خلافية بين ترامب وإسرائيل
- شاهد..كيف لحقت الكونغو الديمقراطية بالملحق العالمي على حساب ...
- سوريا.. اشتباكات بين القوات الحكومية وقسد في ريف الرقة
- اليمن.. إحباط مخطط حوثي لتنفيذ اغتيالات في عدن
- واشنطن تحشد قرب فنزويلا.. أحدث حاملة طائرات تصل الكاريبي
- إيران تلجأ إلى تلقيح السحب وسط جفاف تاريخي لم تشهده البلاد م ...
- بعد 800 إفادة.. لجنة التحقيق الحكومية عاجزة عن دخول السويداء ...


المزيد.....

- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالباقي عبدالجبار الحيدري - الجبهة التركمانية في أربيل: من ذروة القوة إلى نكسة نوفمبر قراءة تحليلية في مسار الصعود والهبوط