عبدالباقي عبدالجبار الحيدري
الحوار المتمدن-العدد: 8523 - 2025 / 11 / 11 - 19:34
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
اليوم، الثلاثاء 11 تشرين الثاني 2025، يعود العراقيون إلى صناديق الاقتراع… لا ليصنعوا التغيير، بل ليعيدوا كتابة الفصل ذاته من المسرحية التي لم تتبدل فصولها منذ اثنين وعشرين عامًا.
يمضون نحو صناديق الخشب بأحلامٍ من غبار، يصوّتون باسم الدين، وباسم المرجعية، وباسم الإصلاح والخدمات، ثم يعودون إلى بيوتهم الفقيرة ليتساءلوا: لماذا لا يتغير شيء؟
منذ عام 2003، وكل انتخاباتٍ جديدة هي وعدٌ قديم بثوبٍ جديد.
يتكلم السياسيون عن الإصلاح وكأنهم لم يكونوا هم الفساد بعينه، وعن الفقراء وكأنهم لم يكونوا من سرق خبزهم، وعن الوطن وكأنهم لم يقتطعوا خرائطه بالمحاصصة والمصالح.
وما زالوا ـ كل مرة ـ يجدون من يمنحهم صوته، لا حبًّا فيهم، بل خوفًا من التغيير، أو طمعًا بوهمٍ اسمه “الخدمات”.
أيها العراقيون،
لقد مضت اثنتان وعشرون سنة من النهب، والوجوه ذاتها تتبادل الكراسي كما يتبادل اللصوص الغنائم.
تبدلت الشعارات، لكن الأيادي هي ذاتها، والعقول هي ذاتها، والكذب هو ذاته.
وما زالوا يبيعونكم الأمل على موائد من الخداع.
غير أن الحقيقة المؤلمة التي لا يريد أحد أن يواجهها هي أن الشعب نفسه صار جزءًا من المشكلة.
فمن يصوّت لمن نهب وطنه، لا يمكنه أن يدّعي البراءة.
ومن يبيع صوته مقابل وعدٍ أو دينارٍ أو وجبةٍ انتخابية، فقد باع معه كرامته وكرامة أجيالٍ لم تولد بعد.
أيها الوطن المتعب،
كم مرةٍ تحتاج لتتعلّم أن الفساد لا يُصلح نفسه؟
كم مرةٍ سنصفق للجلاد نفسه ونرجوه أن يكون رحيمًا؟
لقد تحوّلت الانتخابات في العراق من فرصةٍ للتغيير إلى طقسٍ موسميٍّ لتجديد الفساد، تُستدعى فيه الكلمات الكبيرة — الدين، المرجعية، الوطن، الإصلاح — لتغطية الجرح، لا لعلاجه.
ولذلك، فإن الإصلاح لا يبدأ من الصندوق، بل من الوعي.
من لحظةٍ يقرر فيها المواطن أن يقول: كفى.
كفى لمن سرق باسمي، وكفى لمن استغل إيماني، وكفى لمن جعل الوطن مزرعةً لعائلته وحزبه ومذهبه.
فالوطن لا يُبنى بالانتخاب، بل بالاستفاقة.
ولا يتحرر بالتصويت، بل بالوعي.
وما لم يدرك العراقي أن خلاصه يبدأ من رفضه، فسيبقى يدور في حلقةٍ لا تنتهي من الخديعة.
#عبدالباقي_عبدالجبار_الحيدري (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟