أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - بهاء الدين الصالحي - فؤاد حداد وبناء المحلمة المصرية















المزيد.....

فؤاد حداد وبناء المحلمة المصرية


بهاء الدين الصالحي

الحوار المتمدن-العدد: 8518 - 2025 / 11 / 6 - 14:12
المحور: قضايا ثقافية
    


نوع جديد من شعر الحماس يلقيه فؤاد حداد عبر أشعاره حيث يقدم لنا درسا في التاريخ ولكن من خلال الصياغة الشعرية: من قبل خوف الأعادي / لازم تخافوا الخيانه . ذلك في إطار النصيحة التي يقدمها الجيل الجديد حيث تنتفي الحادثه التاريخيه من تفاصيلها بحكم معرفتها للجميع لتصل الى رسالة معرفية أراد الشاعر إيصالها إلى ذلك الجيل ولكن من خلال المسمى العام وهو مصر: ومصر هي الطريقه/ هي الأمل والحقيقة/ قالت بنبره قويه/ يا ايها الاحرار السادة الأبرار/ عندي نصيحه أمانه.
وفي شعره سردية البطولة الجماعية وكأنه يستنفذ لوحة التاريخ ليؤكد أن عرابي لم يكن طارئا ولم يكن بطلا فرديا بل انه ابن لهؤلاء محمد عبده وجمال الدين الأفغاني والنديم ومن هنا النوع الجديد في طرح شعر الحماسة، إن شعر الحماسة القديم كان يدور حول الأفراد وبطولات الأفراد والقبائل وبطولات القبائل وهي جميعها مرحلة دون الأمة لأن القبيله عندما حكمت المجموع في بعدما تم تأسيس فكره الجموع بعد الرسالة المحمدية قد أصابها نوع من تضخم الذات فانفجرت واصابت أدران هذا الانفجار الواقع العربي، ولكن الجديد في شعر الحماسة في ذلك العصر بعيدا عن الشكل القديم بعدما ترسخ في وعي الجموع مفهوم كلمة الشعب وهي كلمة غير مرادفه وغير مشتقة من الفعل العربي تشعب، شعب بني هاشم ،شعاب بني كذا ،وهكذا وردت كلمة الشعب كلمة عبقرية حيث تجسيد المفردة لصالح المجموع وذلك من أجل خلق العلاقة الجينية ما بين الفرد والمجموع ومن هنا سحر اللغة القبطية الذي خلق مفهوم شعب الكنيسة. ولعل مفهوم النصيحة عبر مصر التي هي الطريقه والامل والحقيقه هي ذلك اعتبار لثورة عرابي وإعطائها شرعيتها التاريخية من خلال قوله: من طلعة الفجر قومي/ يا مصر يا عياشه / واهدي رغيف العيش /لأحمد عرابي باشا /أمير لواء الجيش.
هنا يبحث فؤاد حداد عن منظومة الوطن عبر ابنائه ويترك مسيرة محمد عبيد ذلك الحلم الندي الذي بقي كحلم جميل كملاك عابر لمن اختلط دمه ولحمه بتراب تلك الأرض ، صياغة الصورة الشعرية عند فؤاد حداد مهووسة بالجماهير حيث البطل جماعيا دوما عنده من خلال مفهوم الحلم : زرع الامل والاماني له تاريخ أصول هنا مفهوم الفانتازيا حيث تحكم الحلم في ذات الشاعر فصار ينتج صورا متداخلة ولكنها مرتبطة بـ النزق الذي يعانيه كل الشعراء فما بالك إن كان ذلك النزق ممزوج بالعشق لذلك الوطن الرائع: احمد عرابي ربط فوق الليالي خيول/ ساعه ما بتشب يلقاها القمر مشغول. وكأنه يعيد لنا أجواء الحلم الشكسبيري وتقاليد الرومانسية القديمة لأن الرجل الانسان عندما يحب يتحول العالم حوله وفق منظور ذلك الحب الذي يعانيه بفعل النزق الذي يفقده فعلة النوم، وكان الحلم هو الشكل الأنسب للتعبير عن ذلك الرجل الذي غابت ملامحه ولكن تحول إسمه إلى قيمة مجردة حتى صار ادائه مرعبا لاعدائه وظلوا يبحثون عنه حتى بعد موته واختلاط دمه بتراب الأرض التي تقدست بعشق ابنائها لها. وكأنه يحكي من خلال تقنية صندوق الدنيا ففي ظل أجواء الملحمة يرصد توافق الطبيعة مع روح الفداء المتوقدة عند البطل: شوف البطل/ مصري وشفايفه تشبه الوليفين/ والأرض قايمه معاه على الجنبين/ والامهات بحري البلاد تناديه /دهب الحريم عيط عشان يفديه لأجل الولاد .
هنا هل يرصد فؤاد حداد ملامح محمد عبيد ام يرصد الصورة المثالية للبطل التي محمد عبيد فصار التوحد ما بين الصورة الذهنية للبطل وما فعله محمد عبيد من آثاره حب الوطن وعشقه للأرض وغنائه من أجلها وسريان دمه في سراديبها. على مستوى الملامح تحققت له مسألة الألفة حتى تتفاعل الطبيعه معه بل فأي ارض قامت ان لم يكن الحب بينهما هو لغه الحوار.
ثم يطرح الدرس المستفاد من هذه المسألة من خلال مقولته الخالدة : الملحمه اخلد من التماثيل.
يقدم لنا فؤاد حداد الثورة العرابية كملحمة من خلال حصول معنونة بأسماء أبطالها ، ولكنه في قصيدة عبد الله النديم يطرح لنا فكره مجايلة الثوره فكره تاريخية النزق للحرية والتي نشأت عند حداد بفعل وعيه المتنامي ولكنه وجد الحضن الدافئ عبر سيرة هؤلاء العظام الذين سبقوه في طريقة تعاطيهم مع نزق الحرية الذي يعانيه :
أول علام الكلام/ أسامي ناس كانوا قبلي/ تدور عليهم عيني / هادوني حقي من السما والميه/وحبلهم مد حبلي / على طريق الزمن.
التوافق ما بين العام والخاص من خلال إدماج النديم في منظومة الوطن والثورة العرابية من خلال إيقاع الحركة داخل قصائد فؤاد حداد منابع من مفهوم الحلم والحلم عنده ليس نوعا استغراقيا في أوهام الماضي بل انه إزاحة دائمة لصالح المستقبل لأن الفرد يؤخذ في إطار حركة المجموع وليس في إطار رؤيته لذاته لأن ذاته بالنسبة للمجموع تصبح كائنا متذري ليصبح محققا للحلم العام: عبد الله النديم طالع/ طالع معاه النور /يحمل خطيب الشارع /والجمعة والجمهور /زي المناره والشجر مشهور.
يطرح هنا مفهوم توافق عرابي كجيش والنديم كشعب هنا حيث تتعدد وظيفة الخطابة والخطابة هنا ليست ضربا في البلاغة بقدر ما أنها نوع من التحفيز للفعل الإنساني عبر المجتمع لتغيير الواقع الانساني للأفضل حيث جمعت الخطابه للشارع حيث الشارع بمعناه العادي العامي أي استدعاء كل متناقضات الكائن الاجتماعي المعين ثم يثنيها بالجمعه ليقول إن الدين في خدمة الثورة ثم ينهيها بمفهوم الجماهير ما دلالة هذا الجمع والتعدد بالاحرى لصفة واحدة هي صفة الخطيب هنا فكرة التنوع التاريخي لأن مفهوم الجمهور لم يكن مفهوما نخبويا او ثقافيا وقت اداء النديم لرسالته التحفيزية للشارع المصري قدري مع انه كان لفظا دينيا متعلق بمفهوم الإجماع أو مقاله الجمهور العلماء هكذا تم تحويله لمعطى معين في علم الاجتماع فهذا أمر اخر له دلالاته السياسية والاجتماعية عبر تاريخ تطور المجتمعات ومفهوم التاريخ التصاعدي.
ثم يأتي هنا لتحليل الدور التاريخي لعبد الله النديم ولكن شعرا هنا مفهوم الملحمة الحقيقي وهو مفهوم السرد لحقائق تاريخية ولكن في إطار فني قادر على الوصول الى الذائقه الشعبيه كي يحقق نوعا من الانتشار للمفهوم او العقيدة او الفكره: وانا اللي اسمي وجسمي/ يمشي البلاد كلها/ تقول له ويقول لها/ عن الحياة العريضة/ عن الشهادة فريضة/ في جيش عرابي صمود.
هنا نوع من السياق المعرفي الشعر في النهاية ليس دفقات وجدانية يلقيها الشاعر عندما يستثيره أمر أو يستدعي من لا شعوره جزءا كان مكبوتا فيستعين بقدره اللغة على صياغة صورة جمالية قادرة على استمالة أذن المستمع ليطرب ذلك المستمع ولكن ذلك المعنى لن يتطرق الى عقله فيفقد صفه الحافز للفعل الانساني وهنا يفقد الشعر معناه التنويري وهو أمر بعيد تماما عن أداء فكرة الإبداع شعرا او التاريخ شعرا لذلك الوجدان الشعبي الذي تشرب به فؤاد حداد على الرغم من أنه لم يكن مصريا إلا أنه سحر ذلك الوطن الذي يتسرب داخل سراديب الروح. ليقرر ان عرابي لم يكن سيفا فقط ولكنه سيفا ناطقا بأحلام شعب وبالتالي استوى لسان النديم مع سيف عرابى هذا ما أراد فؤاد حداد قوله عبر شعره.
وعندما يتماهى حلم الماضي مع حلم الحاضر يكون استدعاء النموذج التاريخي من خلال صياغة شعرية هي الصيغة الادق لمفهوم تواصل الأجيال هنا يكون السؤال لماذا استدعى فؤاد حداد نماذج من المشاركين في الثورة العرابية ليعبر عبرهم حول خطاب معين هنا أن العقل الجمعي أو الطبيعة النوعية للأفكار التي أرساها جمال الدين الأفغاني والتي توافقت مع مكبوت الصراع الاجتماعي الخفي في اتجاه القهر للأجانب المدعومين بأسرة محمد علي وقتذاك وكذلك محاولة جمال الدين الأفغاني للعودة إلى الحياة بأفكاره بعد هزيمته مع ذلك الواقع المتكلس في بلاده والذي ادى به الى هروبه الى مصر ثم الى الاستانة هنا نوع من التوافق الملائم اللحظة التاريخية الطفرة، ليجتمع سيف عرابي مع فكر الأفغاني مع ظهير اجتماعي من خلال الطابع الشعبي لأداء النديم ليجتمع لدينا يقين بأن فؤاد حداد قد صنع ملحمة فعليه من خلال شعره ولكن جاءت متقطعة من خلال عناوين منفصلة ولكن الشخصية الشعرية أو البعد النسق المعرفي المستمر عبر شعر فؤاد حداد يؤكد لنا انه كل لا ينفصل وبالتالي نستطيع القول أن كل أداء فؤاد حداد هو سردية وطن من واقع عقل منظم وفؤاد متبتل في حب وطن هنا اجتمعت الجوانب الروحية والجوانب العقلية في فؤاد حداد فصنعت لنا نبوءة بالمستقبل وشفافية في رؤية الواقع من خلال أدق تفاصيله المحورية:
زي الهرم عارف خلود حلال/ لما التفت فوق المآسي/ وقال يا مصر كنا رجال/ بنعلي اسمك للزمان الجاي / طول السنين بندور وبنجاهد / ونشق مطلع اغنيه في الضي / وانا اسمي عبد الله النديم شاهد / كان الضمير المصري دايما حي.
ثم يختم تلك القصيدة التي تعتبر جزءا رئيسيا في الملحمة المصرية بمقولة خالدة تحمل فلسفة حداد الذي تحول إلى قناعات تسير علي الارض : النيل بيجري في الخلود مجراه. ما كانش إلا عرق /جنودك الفلاحين.
هنا معنى أن تتحول أنت لقناعات تؤدي الى اصطدام مع واقعك ولكنك تعيش لأنك مؤمن، والأرض لا تعشق إلا المؤمنين فلم يكن فؤاد حداد فلاحا يوما ولم يمارسها ولكنه أدرك يوما أن الفلاح المصري هو البوابة الملكية لتمرير التاريخ فقرر أن يودع مجتمع الافنديه إلى مفهوم الطين المخلص الذي صنع رجالا هم في نهاية الأمر صناع المستقبل وهم الفلاحون المصريون.
يتبع



#بهاء_الدين_الصالحي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فؤاد حداد والشعر أمة
- تاريخ بني اسرائيل قراءة د كارم عزيز
- لماذا فؤاد حداد
- الابداع والولادة عند رشا عباده
- أزمة الرأي العام العربي
- الفريضة الغائب للدولة الوطنية
- أزمة الدولة الوطنية
- صناعة القيمة في مقام السيدة : قراءة في رواية في مقام السيدة ...
- محمد محمد مستجاب
- عم حجاج أدول
- نجيب سرور وإعادة الطرح
- ظلال الخوف : قراءة في مجموعة راسبوتين يستمع فيروز سرا
- نجيب سرور عبر رواية عابر علي الجسر
- ليالي الألم قراءة لرواية ليالي الهدنة لمني العساسي
- ادب الرسائل عودة
- فلسطين الفلسطينية
- الهراوي صا نع بالبهجة
- دراما وأشياء أخري
- خيري شلبي
- عرب الدغايمة


المزيد.....




- نانسي عجرم تسحر الجمهور في حفل حاشد في إندونيسيا
- الجيش الإسرائيلي يُعلن بدء ضرب مواقع حزب الله في الجنوب اللب ...
- سخرية ترامب من مسؤولين صينيين
- -أنا استخبارات ولاك- كيف أدى تهديد رجل انتحل صفة أمنية لشرطي ...
- -هل تضغط بريطانيا لوقف دور الإمارات المزعوم في الصراع الدائر ...
- -الإعصار الأكثر فتكاً هذا العام-، كالمايغي يضرب وسط فيتنام ب ...
- رسالة من حزب الله إلى الرئاسات الثلاث في لبنان: لا تفاوض سيا ...
- بعد تقرير لـ -يورونيوز-.. الجيش الأمريكي يحذف إرشادات مثيرة ...
- أنيق ومستوحى من الماضي السعيد.. ألمانيا تكشف عن قميصها الجدي ...
- معارك ضارية بين القوات الروسية والأوكرانية في بوكروفسك وكييف ...


المزيد.....

- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الأنساق الثقافية للأسطورة في القصة النسوية / د. خالد زغريت
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس / د. خالد زغريت
- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - بهاء الدين الصالحي - فؤاد حداد وبناء المحلمة المصرية