أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - أكرم شلغين - هل نملك الشجاعة لمراجعة ثقافتنا السائدة؟














المزيد.....

هل نملك الشجاعة لمراجعة ثقافتنا السائدة؟


أكرم شلغين

الحوار المتمدن-العدد: 8518 - 2025 / 11 / 6 - 14:12
المحور: قضايا ثقافية
    


تحدّث صديق يعيش في المهجر عن الإشكال العميق الكامن في الفرق بين أداء الفرد في مجتمعاتنا الشرقية، ذات الخصوصية "الثقافية" والأدق أن نقولها بوضوح "الدينية الثقافية" لأن كليهما متداخل ومترابط، وبين أدائه حين يغادر إلى بيئة أخرى تقوم على مبادئ الحرية والعقلانية والمساءلة.
لقد لاحظ، كما لاحظ كثيرون، أن الإنسان الذي ولد هنا وتشكل وعيه في فضاء الخوف والمقدس والعادة، يتحول هناك إلى إنسان آخر: أكثر عقلانية، أكثر ثقة بنفسه، أكثر إيمانا بالمجتمع وبالقدرة على التغيير.
فهل تغيرت جيناته بمجرد عبوره الحدود؟ أم أن ما تغير هو الهواء الذي يتنفسه، والفضاء الذي يتيح له أن يفكر بلا قيد؟
وهنا بيت السؤال المؤلم:
هل نملك نحن شجاعة الدخول إلى أعماق ثقافتنا لنسائلها بصدق؟
هل نستطيع أن ننظر في مرآتنا الحضارية دون أن نكسرها خوفا من أن تكشف ملامحنا الحقيقية؟
في مجتمعاتنا، نمارس نوعا من “التحنيط الثقافي” لأنفسنا. نقدس الماضي لا حبا في الجذور، بل خوفا من الأسئلة. نكرر الشعارات عن الأصالة والهوية، لكننا نتحاشى الغوص في معناهما. كأننا نعيش ما سماه المفكر المغربي عبد الله العروي "الوعي الشقي بالتاريخ"؛ وعي يعرف أن الزمن تغير لكنه يصر على التمسك بمفاهيم لم تعد صالحة إلا كرموز.
لا بأس أن نقلها بوضوح بأن الشجاعة الفكرية الحقيقية لا تكمن في الدفاع عن الموروث، بل في القدرة على مساءلته. مرة قال محمد أركون :" المجتمعات لا تتقدم إلا حين تجرؤ على تفكيك المقدّس دون أن تهدم الإيمان". وهذا بالضبط ما ينقصنا: أن نفرق بين نقد البنية الثقافية ونقض الإيمان نفسه، بين احترام العادات وبين تحويلها إلى قيود أبدية. وكذلك، لعل ما قاله طه حسين في "مستقبل الثقافة في مصر" ما يزال صالحاً اليوم: "نريد أن نتعلم كيف نفكر، لا أن نفكر كما كان يفكر الناس قبل ألف عام." ولا بأس في اقتباس من نتعلم منهم كالفيلسوف الألماني إيمانويل كانط إذ لخص جوهر التنوير في قوله: "التنوير هو خروج الإنسان من قصوره الذي اقترفه في حق نفسه." وقصورنا اليوم لا يعود إلى عجز في العقل، بل إلى رهبة من طرح الأسئلة الكبرى، تلك التي تمس الدين والعادات والتقاليد والسلطة معا.
لقد آن لنا أن نخرج من هذا القصور الثقافي الطوعي، بأن نعيد النظر في المسلمات التي صارت تقدس أكثر من النصوص نفسها. فحين نمتلك الجرأة على نقد أنفسنا، لا بدافع الهدم بل رغبة في البناء، عندها فقط يمكن أن تبدأ “جرثومة التطور” التي تحدّث عنها صديقي بالعمل في بيئتنا نحن، لا في المهجر فحسب. أتذكر ما قاله نزار قباني: "الحرية أن لا نخاف، والكرامة أن لا نكذب على أنفسنا." فهل نملك شجاعة الحقيقة؟
أم سنبقى نغني لأنفسنا أننا بخير، بينما تتسع الهوة بيننا وبين العالم كل يوم؟



#أكرم_شلغين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مهرجان الحنفية: مسرحيات الفشل في الأنظمة الديكتاتورية
- كلمات من القلب
- ما لا يعود
- بين ناطحات السحاب وسحابات الدم: هل أصبح التقسيم مصيرا محتوما ...
- الدين لله والوطن للجميع: رؤية في السياق السوري*
- العدو الذي لا نعرفه: التأمل في الصراع الداخلي عبر Face/Off-
- سوريا ليست لفئة واحدة، بل تعددية جميلة لا تُستبدل
- ورقة خريفية في مهب الوجود
- بين ديكنز والخلود: حين يشيخ الزمن ولا نزال نحلم بالشباب
- الماضي بوابة للتأمل… والمستقبل أفق للخلق
- بين الحلم والهيمنة....نحن هنا
- -طلّقني!-
- سألتنا كولا إن كنّا سنعود... فبكى البحر قبلنا
- التعايش والاحترام
- الخير والشر: معادلة الإنسان والكون بين الفطرة والضرورة
- جلنار والفراشة
- السوري… الحلم المؤجل والحرية الغائبة
- النقاء السياسي واللغة
- الاغتراب الجيلي وابتعاد الشباب عن الشأن العام في سوريا
- الروبوت الحامل: بين التحرر من العقم وفقدان قدسية التجربة الإ ...


المزيد.....




- نانسي عجرم تسحر الجمهور في حفل حاشد في إندونيسيا
- الجيش الإسرائيلي يُعلن بدء ضرب مواقع حزب الله في الجنوب اللب ...
- سخرية ترامب من مسؤولين صينيين
- -أنا استخبارات ولاك- كيف أدى تهديد رجل انتحل صفة أمنية لشرطي ...
- -هل تضغط بريطانيا لوقف دور الإمارات المزعوم في الصراع الدائر ...
- -الإعصار الأكثر فتكاً هذا العام-، كالمايغي يضرب وسط فيتنام ب ...
- رسالة من حزب الله إلى الرئاسات الثلاث في لبنان: لا تفاوض سيا ...
- بعد تقرير لـ -يورونيوز-.. الجيش الأمريكي يحذف إرشادات مثيرة ...
- أنيق ومستوحى من الماضي السعيد.. ألمانيا تكشف عن قميصها الجدي ...
- معارك ضارية بين القوات الروسية والأوكرانية في بوكروفسك وكييف ...


المزيد.....

- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الأنساق الثقافية للأسطورة في القصة النسوية / د. خالد زغريت
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس / د. خالد زغريت
- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - أكرم شلغين - هل نملك الشجاعة لمراجعة ثقافتنا السائدة؟