أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض سعد - بغداد تُستباح بهدوء... العمالة الأجنبية كحصان طروادة جديد














المزيد.....

بغداد تُستباح بهدوء... العمالة الأجنبية كحصان طروادة جديد


رياض سعد

الحوار المتمدن-العدد: 8516 - 2025 / 11 / 4 - 09:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


رجعت بغداد اليوم كما كانت بالأمس , حيث فتح البعثيون ابوبها امام الغرباء والدخلاء وشذاذ الافاق ... ؛ فها هي ملامحها الاجتماعية تتبدل بصمتٍ مريب، ومشاهدها اليومية تكتظ بوجوه لا تمتّ إلى أهلها بصلة... ؛ ففي شوارع الكرادة والمنصور وغيرهما من احياء بغداد ، بات المشهد لافتًا : عمّال أجانب يملؤون الأزقة والمحال والمقاهي، حتى ليخيّل للمارّ أن الحيّ تحوّل إلى سوق عابر للجنسيات.
وفي تقرير محلي حديث اطّلعت عليه، يشير إلى دخول نحو خمسة آلاف عامل مصري إلى منطقة الكرادة فقط، خلال فترة وجيزة ... ؛ اذ يقيم معظمهم بصورة غير قانونية... ؛ وإلى جانبهم الاف العمال من سوريا وبنغلادش وباكستان ... ؛ يتوزعون في مهن مختلفة، من التنظيف إلى البناء إلى الخدمات والمطاعم... ؛ ممن وجدوا في بغداد مقصداً سهلاً، في وقتٍ تشتد فيه الحاجة إلى فرص العمل لأبنائها...!!
وهذه الظاهرة تتسع بلا ضوابط، وتطرح أسئلة مشروعة حول من يقف وراءها، ومن المستفيد منها، وما انعكاساتها على المجتمع العراقي واقتصاده وأمنه ... ؟!
الأمر لا يتوقف عند حدود العمل أو المنافسة الاقتصادية، بل يتجاوزها إلى الجانب الأمني والاجتماعي... ؛ فوجود هذا العدد الكبير من المقيمين غير النظاميين يفتح الباب واسعًا أمام الاختراقات الأمنية، واستغلال هذه الفئات في أنشطة مشبوهة أو شبكات تهريب أو تجسس أو جريمة منظمة... ؛ إنها صورة واقعية لما يمكن تسميته بـ "حصان طروادة" الجديد، الذي يدخل المدن من بوابات العمل والاحتياج وغيرهما ، لكنه قد يخفي في جوفه تهديدًا أكبر.
إن ما يجري في بغداد اليوم لا ينبغي التعامل معه بخفة أو لامبالاة، فالعواصم لا تُحتلّ بالمدافع وحدها، بل أحيانًا تُخترق بالهويات المؤقتة والوجوه الغريبة التي تتسلل تحت غطاء الحاجة والسياحة والعمالة ... ؛ المطلوب تحرك رسمي عاجل لتنظيم العمالة الأجنبية، وضبط الإقامات، وحماية فرص العمل لأبناء البلد، قبل أن نجد أنفسنا غرباء في مدينتنا.
فـ بغداد التي احتضنت الاجانب والغرباء والاعداء عبر التاريخ، لا تحتمل اليوم أن تُختزل إلى ساحة عبورٍ مفتوحة بلا حراسة , او ان تتحول الى مكان اقامة دائمة لمن لا ينتمون للعراق والهوية الوطنية العريقة .
بغداد العاصمة ؛ تُستباح اليوم بهدوء، لا بصوت المدافع، بل بخطوات عمّالٍ غرباء تسللوا إلى أحيائها بلا ضوابط ولا رقابة... ؛ مشهد يكشف عن فوضى إدارية وأمنية تتسع يومًا بعد يوم، في مدينة أنهكتها الحروب والفساد واللامبالاة.
إن ما يحدث ليس مجرد تزايد في الأيدي العاملة، بل ظاهرة خطيرة تمسّ الأمن الوطني مباشرة... ؛ فحين تتحول شوارع بغداد إلى تجمعات بشرية مجهولة الهوية والانتماء، ويعمل الآلاف دون تسجيل أو رقابة، فإن الباب يُفتح على مصراعيه أمام الاختراق الأمني والجريمة المنظمة والعمالة المأجورة... ؛ وهذه ليست مبالغة؛ فكل فوضى سكانية غير مضبوطة تسبق عادةً فوضى أمنية قادمة.
السلطات، كعادتها، تلتزم الصمت أو تُلقي باللوم على الآخرين. لا رقابة جدية على منافذ الدخول، ولا خطة لتنظيم العمالة، ولا سياسة واضحة تحمي سوق العمل العراقي الذي يُستنزف كل يوم... ؛ كيف يُعقل أن يُترك آلاف الأجانب في قلب العاصمة، يعملون ويقيمون بلا تراخيص، في حين يُعاني مئات الالاف من الشباب العراقيين من البطالة وانعدام الفرص...؟!
لقد تحوّلت العمالة الأجنبية إلى حصان طروادةٍ عصريّ، يدخل المدن العراقية تحت ذريعة "العمل الرخيص"، فيما الحقيقة أن كثيرين منهم بلا هويات واضحة أو عقود قانونية... ؛ إنهم يدخلون من الأبواب الخلفية، في بلدٍ لم يعد يملك مناعته الإدارية ولا حصانته الأمنية.
إن الخطر ليس في وجودهم وحده، بل في غياب الدولة... ؛ فحين يغيب القانون، يحضر العبث، وحين تضعف الرقابة، يقوى الفساد... ؛ وهكذا تتحول بغداد شيئًا فشيئًا إلى مدينة مفتوحة، بلا سيادة اجتماعية، ولا أمان مهني، ولا انتماء واضح.
آن للحكومة العراقية أن تفيق قبل أن نجد أنفسنا نعيش في عاصمة لم تعد عراقية الملامح.
فـ"حصان طروادة" الذي يتجول اليوم في الكرادة، قد لا يكون من خشب، لكنه بالتأكيد يحمل في جوفه ما هو أخطر من الخشب... الإهمال الرسمي والعمى الوطني.
لا يمكن النظر إلى هذه الأعداد المتدفقة على أنها مجرد ظاهرة اقتصادية عابرة... ؛ إنها، وبلا مبالغة، قنبلة موقوتة تهدد الأمن الوطني... ؛ فالدخول غير المنظم، والإقامة غير القانونية، يشكلان بيئة خصبة للاستغلال من قبل الجهات الإرهابية والمافيات المنظمة، مما يضع استقرار البلاد على حافة الهاوية.
إنها ليست دعوة للانغلاق أو لبذر الكراهية ، فالعمالة الوافدة يمكن أن تكون عاملاً مساعداً في ظل نظامٍ صارمٍ وواضح... ؛ لكن الكارثة تكمن في فوضى الدخول، وغياب الرقابة، وانهيار آليات ضبط الحدود... ؛ إنه "حصان طروادة" العصر الحديث، حيث يدخل من بوابات الفوضى والإهمال ما لا يمكن السيطرة عليه.
السؤال الذي يفرض نفسه: إلى متى ستظل بغداد، قلب العراق النابض، باباً مفتوحاً أمام كل من هبَّ ودبَّ، بينما يُحرم أبناؤها من أبسط حقوقهم في العيش الكريم والعمل الآمن في وطنهم؟!
لقد حان الوقت لوضع حدٍ لهذه الظاهرة الخطيرة، عبر إقرار سياسات هجرة واضحة، وتعزيز الرقابة على الحدود، ومحاسبة المتلاعبين بأمن العراق واستقراره... ؛ فالبلاد ليست سوقاً مفتوحة، والمواطن ليس رقماً في معادلة الفوضى.



#رياض_سعد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أطفال داعش المنسيون: تداعيات جهاد النكاح والمستقبل المجهول
- الصديق الذي يشبه الدواء... حين يصبح الإنسان علاجًا للإنسان
- الإنسان المرهق... حين يمشي العالم محمولًا على أكتاف الأرواح ...
- تشريح البيئة الملوثة بالسموم الاجتماعية والامراض والعقد النف ...
- تجنيس الغرباء في العراق: أزمة هوية وطنية أم فوضى إنسانية مقن ...
- فلسفة اللحظة الضائعة: حين يبتلع الزمن ملامحنا
- الجنوب العراقي بين مطرقة السادية وسندان المازوخية : قراءة سو ...
- الخيانة كمرضٍ نفسيّ وعقدةٍ اجتماعية
- عندما يتحول الفضاء الرقمي والاعلام إلى ميدان صراع و حين يتكل ...
- المسرحية السياسية في العراق: وجوه تتبدل... والمأساة واحدة
- حين يتكرر المشهد: تكالب الأقليات السياسية على الأغلبية العرا ...
- حين تُغتال الحقيقة: اغتيال صفاء المشهداني وفضيحة الخطاب الطا ...
- حين يتنفس الحزن من رئة الوجود
- الشاب العراقي… أحلامٌ تذبل في سوق العمل الموحش
- مراجعات ضرورية حول الضربة الإسرائيلية المرتقبة ضد العراق
- الخونة الذين يشبهوننا ولا ينتمون إلينا
- السذاجة السياسية وخطر الحاشية الجاهلة
- الشخصية العراقية بين التمرد والاستكانة: قراءة في جدلية السلط ...
- حركة الإسلام السياسي الشيعي في العراق من المقاومة إلى السلطة ...
- براغماتية الإيراني ومثالية العراقي – قضية أمير الموسوي أنموذ ...


المزيد.....




- دفعوا متظاهرا سلميا أرضًا والتموا فوقه.. أدلة فيديو تستخدم ض ...
- مجلة بيبول: جوناثان بيلي -الرجل الأكثر جاذبية على قيد الحياة ...
- الخدمات المالية الرقمية: سبل الموازنة بين النمو السريع وضمان ...
- المتحف المصري الكبير يفتح أبوابه للزوار.. كيف كان الإقبال في ...
- عشرات القتلى ومئات الجرحى جراء زلزال ضرب شمال أفغانستان
- الهجرة إلى إسبانيا.. ترحيب بالوافدين الجدد مع برامج متعددة ل ...
- بين البخار والعطر... الحمّام المغربي يحتفظ بسحره رغم تغيّر ا ...
- قلق يصيب ملايين الأمريكيين من توقف برنامج المساعدات الغذائية ...
- أين الجثث؟ مصير مجهول لضحايا مجزرة المستشفى السعودي بالفاشر ...
- اللوفر.. من قلعة لملوك فرنسا إلى أحد أشهر متاحف العالم


المزيد.....

- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض سعد - بغداد تُستباح بهدوء... العمالة الأجنبية كحصان طروادة جديد