أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - رياض سعد - تجنيس الغرباء في العراق: أزمة هوية وطنية أم فوضى إنسانية مقنّعة؟














المزيد.....

تجنيس الغرباء في العراق: أزمة هوية وطنية أم فوضى إنسانية مقنّعة؟


رياض سعد

الحوار المتمدن-العدد: 8511 - 2025 / 10 / 30 - 08:36
المحور: الصحافة والاعلام
    


يشهد العراق في السنوات الأخيرة ظاهرة خطيرة آخذة في الاتساع، تتمثل في تجنيس الأجانب والغرباء بطرق غير مدروسة، بل وغير قانونية أحيانًا، تحت ذرائع إنسانية أو دينية أو اجتماعية... ؛ و هذه الظاهرة لم تعد مجرد حالات فردية، بل تحوّلت إلى ملفّ سياسي واجتماعي معقّد يمسّ الأمن الوطني، والنسيج الاجتماعي، والهوية العراقية ذاتها.
لقد أصبح مشهد دخول أعداد كبيرة من الزائرين من دول فقيرة – كأفغانستان وباكستان وبنغلاديش وإيران والهند والدول الافريقية وغيرها – ؛ مألوفًا في مواسم الزيارات الدينية، خصوصًا في زيارة الأربعين، حيث يُسمح لهم بالدخول المؤقت، لكن بعضهم لا يغادر الأراضي العراقية بعدها، بل يستقر في المدن الدينية أو العشوائيات، ليمتهن التسول أو الأعمال غير المشروعة، كالسرقة أو الدعارة أو تجارة العملة والمخدرات.
وهنا يُطرح السؤال الصارخ: من المسؤول عن تفاقم هذه الظاهرة؟
المؤسسات الرسمية تبدو في حالة ارتباك وتشظٍّ إداري بين وزارات الداخلية والعدل والهجرة والبلديات، فيما تُفتح الأبواب أحيانًا بدافع سياسي أو مذهبي أو بدعوى “الضيافة الدينية”... ؛ لكن ما يحدث في الواقع هو تفريغٌ تدريجيٌ لمعنى المواطنة، فأن يولد طفل في باكستان او افغانستان ثم يُقذف به في شوارع النجف أو كربلاء لا يعني أنه صار عراقيًا بالهوية أو الانتماء، بل يعني أن العراق يُستغل كأرض سائبة، بلا رقابة ولا نظام واضح للجنسية والإقامة.
الأخطر من ذلك أن بعض العلاقات العابرة بين غرباء ونساء عراقيات أصبحت طريقًا مختصرًا لنيل الجنسية، إذ يمكن لأي أجنبي أن يدخل المحكمة ويعقد زواجًا شكليًا دون أن يُسأل عن هويته أو خلفيته أو نواياه، ثم يحصل بسهولة على إقامة، فرخصة عمل، فالجنسية في نهاية المطاف!
فهل يُعقل أن تتحول الجنسية العراقية، التي دفع لأجلها الملايين دماءهم وأعمارهم، إلى ورقة تُمنح لأي غريب بلا تحقق ولا مراجعة؟
إن هذا الانفلات لا يهدد فقط النظام القانوني، بل يهدد النسيج الاجتماعي والثقافي للعراق... ؛ ولنا تجارب مريرة مع ابناء الفئة الهجينة والذين حصلوا على الجنسية العراقية خلال القرن المنصرم تؤكد تلك المخاطر ؛ فالتجنيس غير المنضبط يخلق تباينات ديموغرافية خطيرة، ويتيح تسلل جماعات مجهولة الأصل والانتماء، وربما تُستغل هذه الثغرات من قِبل أطراف إقليمية أو استخباراتية لتغيير التوازنات السكانية والسياسية في البلاد.
ولعل جوهر المشكلة لا يكمن في الأجانب أنفسهم، بل في العجز الإداري والفراغ القانوني الذي سمح بذلك... ؛ فالدولة التي لا تضع سياسات واضحة للهجرة والتجنيس والإقامة، تفتح الباب أمام فوضى بشرية، تُغرق المدن وتنهك البنية الاقتصادية والأمنية، وتُفقد المواطن إحساسه بالأمان والانتماء.
إن الحلّ لا يكون بالتحريض على الكراهية أو الإقصاء، بل بـإعادة بناء مفهوم المواطنة على أسس قانونية صارمة، ووضع ضوابط دقيقة للتجنيس، ومراجعة حالات الإقامة والزواج التي استُخدمت كوسيلة للالتفاف على القوانين.
فالعراق، الذي كان دومًا أرضًا للتنوع والضيافة، لا ينبغي أن يُختطف اسمه لشرعنة فوضى الهويات والولاءات.
في النهاية، يبقى السؤال معلقًا كجرس خطر:
هل نحن أمام تسامح إنساني خرج عن السيطرة، أم أمام غزو ناعم يُعيد رسم ملامح العراق الديموغرافية والثقافية؟
الإجابة مرهونة بقدرة الدولة على أن تقول: هذه أرض العراق، وهذه هويته، وليست للبيع أو المجاملة.



#رياض_سعد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسفة اللحظة الضائعة: حين يبتلع الزمن ملامحنا
- الجنوب العراقي بين مطرقة السادية وسندان المازوخية : قراءة سو ...
- الخيانة كمرضٍ نفسيّ وعقدةٍ اجتماعية
- عندما يتحول الفضاء الرقمي والاعلام إلى ميدان صراع و حين يتكل ...
- المسرحية السياسية في العراق: وجوه تتبدل... والمأساة واحدة
- حين يتكرر المشهد: تكالب الأقليات السياسية على الأغلبية العرا ...
- حين تُغتال الحقيقة: اغتيال صفاء المشهداني وفضيحة الخطاب الطا ...
- حين يتنفس الحزن من رئة الوجود
- الشاب العراقي… أحلامٌ تذبل في سوق العمل الموحش
- مراجعات ضرورية حول الضربة الإسرائيلية المرتقبة ضد العراق
- الخونة الذين يشبهوننا ولا ينتمون إلينا
- السذاجة السياسية وخطر الحاشية الجاهلة
- الشخصية العراقية بين التمرد والاستكانة: قراءة في جدلية السلط ...
- حركة الإسلام السياسي الشيعي في العراق من المقاومة إلى السلطة ...
- براغماتية الإيراني ومثالية العراقي – قضية أمير الموسوي أنموذ ...
- الخائن الدوني : جرح الأمة النازف وطعنة الظهر التي لا تندمل
- الصلاة كفعل حب… قراءة فلسفية في نص زوربا واستلهامه لبناء عال ...
- ظاهرة الوقاحة في العراق: جذور نفسية وتموجات اجتماعية
- ايام الزمن الاغبر / الحلقة السادسة / الفلافل بين حقيقة الجوع ...
- العوائل المعروفة والاسر المشهورة بين شرف الانتساب وأرث الماض ...


المزيد.....




- يشتري الجريدة ويستقلّ التاكسي.. صورٌ نادرة تكشف الجانب -الخا ...
- تحليل تعابير وجه الرئيس الصيني وما التقطه الميكروفون من حديث ...
- قرية إيطالية خلابة تقدّم 23000 دولار للراغبين بالانتقال إليه ...
- -جائحة الوحدة-: لماذا نشعر بالعزلة في عالمٍ فائق التواصل؟
- ترامب يقول -وقف إطلاق النار ليس في خطر- بعد مقتل أكثر من مئة ...
- تدمير معسكرين لتهريب المخدرات بفنزويلا و4 قتلى بضربة أميركية ...
- إدانات لجرائم الدعم السريع بالفاشر ودعوات بأميركا لتصنيفها - ...
- دراسة علمية: ارتفاع درجات الحرارة عالميا يقتل شخصا كل دقيقة ...
- غوتيريش: العالم فشل في كبح الاحتباس الحراري والعواقب باتت -و ...
- لجنة الهدنة القنصلية عام 1948.. محاولة دولية فاشلة لوقف القت ...


المزيد.....

- مكونات الاتصال والتحول الرقمي / الدكتور سلطان عدوان
- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - رياض سعد - تجنيس الغرباء في العراق: أزمة هوية وطنية أم فوضى إنسانية مقنّعة؟