أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - رياض سعد - الشاب العراقي… أحلامٌ تذبل في سوق العمل الموحش














المزيد.....

الشاب العراقي… أحلامٌ تذبل في سوق العمل الموحش


رياض سعد

الحوار المتمدن-العدد: 8501 - 2025 / 10 / 20 - 10:02
المحور: الصحافة والاعلام
    


منذ مقعدٍ خشبي مهترئ في مدرسة حكومية، تبدأ حكاية الشاب العراقي مع سباقٍ مرهق لا ينتهي... ؛ اذ يُدفع صغيراً إلى ميدان التعليم الأكاديمي، مدفوعاً بأحلام الأهل وصورة “المستقبل المشرق” التي يتباهون بها أمام الأقارب والجيران... ؛ يقضي ما يقارب عقدين من عمره متنقلاً بين المدارس والمعاهد والجامعات، حاملاً حقيبة أثقلتها الدروس والامتحانات، ومثقلاً بضغط اجتماعي متوارث يربط قيمته الإنسانية بالشهادة التي سينالها...
وحين يكتمل المشهد – أو هكذا يظن – يتخرج وهو يظن أن أبواب المجد العملي ستُفتح أمامه... ؛ لكن الواقع يسخر منه ببرود، إذ يجد نفسه أسير “سجن البطالة” أو حبيس وظائف هزيلة الأجر، لا تكفي حتى لشراء كفاف يومه... ؛ هنا تبدأ رحلة جديدة من الانكسارات: البحث عن واسطة، طرق أبواب المعارف، الانخراط في طوابير الانتظار، والانحناء أمام سطوة المحسوبيات.
نعم يعيش العراقي عمرا طويلا بين مناهج بائسة وكوادر مرهقة، فقط ليُمنح ورقة تسمى “شهادة” يُقال إنها مفتاح الحياة... ؛ لكن حين يخرج بها إلى العالم، يكتشف أن الأبواب ليست مغلقة فحسب…؛ بل مسمّرة ومختومة بالشمع الأحمر.
وهنا، تبدأ لعبة “انتظر دورك” التي تديرها الدولة بمهارة... ؛ مئات الآلاف من الخريجين يكدّسون سنوات عمرهم على أرصفة البطالة، بينما الوظائف تُوزَّع على أساس الولاء الحزبي أو القرابة من أصحاب القرار... .
وإذا ظنّ أنه وجد فرصة عمل، وجد نفسه أمام راتب لا يكفي لدفع إيجار غرفة صغيرة... ؛ ومع ذلك، تُلقى على كتفيه مهام الزواج وتأسيس بيت وتأثيثه، وكأنه يمتلك عصاً سحرية... ؛ وعندما يتزوج تتضاعف الالتزامات: أطفال بحاجة إلى رعاية، مدارس تتطلب مصاريف، أمراض تستدعي علاجاً، وديون تتراكم... ؛ و يتحول يومه إلى سلسلة لا تنتهي من العمل المجهد والمطالب المستنزفة، حتى تتآكل أحلامه بصمت في زوايا حياته.
لكن القصة لا تنتهي هنا؛ فثمة منافسة غير عادلة تتربص به في سوق العمل، من خلال تدفق العمالة الأجنبية والوافدين الذين يزاحمونه في مهنه القليلة وفرصه المحدودة ، ويضغطون على الأجور نحو الحضيض، في ظل غياب تخطيط حكومي يحمي اليد العاملة الوطنية... ؛ يصبح الشاب العراقي في هذه المعركة كالمصارع الوحيد في حلبة تكتظ بالخصوم، بلا دعم أو حماية.
ومع مرور الوقت، يتحول كثير من هؤلاء الشباب إلى أسرى روتين خانق، يهربون منه بالجلوس في المقاهي، وتدخين النرجيلة، أو حتى الإدمان على المخدرات... ؛ أما الحياة نفسها، فتغدو دائرة مغلقة من التعب والالتزامات المتكررة، حيث تتحول الطموحات إلى ذكريات، والأحلام إلى أطلال باهتة.
هكذا، يُكتب على الشاب العراقي أن يعيش بطلاً لمسرحية سوداء، فصولها تتكرر، ونهايتها غامضة، حيث لا يموت الحلم فقط… ؛ بل يُدفن حياً تحت ركام الأيام... .
في النهاية، الشاب العراقي ليس عاطلاً فقط، بل مُحاصَر بين دولة تتقن التهميش، وسوق عمل يبتلع كرامته، وواقع اجتماعي يستهلك ما تبقى من حلمه. هنا، لا تموت الأحلام وحدها… بل يُدفن معها جيلٌ كامل تحت أنقاض وطن لا يريد أن يستيقظ.



#رياض_سعد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مراجعات ضرورية حول الضربة الإسرائيلية المرتقبة ضد العراق
- الخونة الذين يشبهوننا ولا ينتمون إلينا
- السذاجة السياسية وخطر الحاشية الجاهلة
- الشخصية العراقية بين التمرد والاستكانة: قراءة في جدلية السلط ...
- حركة الإسلام السياسي الشيعي في العراق من المقاومة إلى السلطة ...
- براغماتية الإيراني ومثالية العراقي – قضية أمير الموسوي أنموذ ...
- الخائن الدوني : جرح الأمة النازف وطعنة الظهر التي لا تندمل
- الصلاة كفعل حب… قراءة فلسفية في نص زوربا واستلهامه لبناء عال ...
- ظاهرة الوقاحة في العراق: جذور نفسية وتموجات اجتماعية
- ايام الزمن الاغبر / الحلقة السادسة / الفلافل بين حقيقة الجوع ...
- العوائل المعروفة والاسر المشهورة بين شرف الانتساب وأرث الماض ...
- الشيعة وإيران: بين الاستقواء السياسي والتحول الاجتماعي بعد ا ...
- بين العراق وتجارب الأمم الأخرى – لماذا انتصرت بعض الشعوب وفش ...
- الهند والعراق: تشابه ظاهري وتباين جوهري في إدارة التعددية وا ...
- قضية الصبي علي: دموع تهز الرأي العام وتكشف خلل النظام الإصلا ...
- التيه الوجودي: مقاربة نفسية واجتماعية لاستعادة البوصلة
- ثنائية الدين والوطن - الازدواجية المقدَّسة: تناقض الأصوليات ...
- الدعاية الانتخابية بين الفوضى والتبذير وعشوائية الرسالة وتنا ...
- الترابط المذهبي والاستلاب السياسي: تحليل ظاهرة التأثير الإير ...
- العراق واستقرار الأغلبية الأصيلة: معادلة الأمن الوطني وحقيقة ...


المزيد.....




- هذا ما اكتشفه علماء آثار تحت حانة خشبية تاريخية بأمريكا
- السلام مع إسرائيل له شروطه.. باسيل لـ-يورونيوز-: لا حل فوري ...
- منصة مشبوهة تطل على طائرة ترامب ومكتب التحقيقات الفيدرالي يت ...
- سرقة مجوهرات -لا تقدر بثمن- من متحف اللوفر بباريس
- تحليل إخباري - كيف نفهم الموقف الأمريكي حول التطورات في قطاع ...
- -لقد فشلنا-... وزير? ?العدل يصرح بأن واقعة السرقة بمتحف اللو ...
- 43 عاماً من حكم بول بيا.. استقرارٌ يشيخ ودولة تبحث عن نفسها ...
- ناشر هآرتس: الدولة الفلسطينية مصلحة إسرائيلية وعلى نتنياهو ا ...
- روسيا تهاجم منجم فحم أوكراني وقتيلان في بيلغورود
- برّاك يحذر: إسرائيل قد تتحرك منفردة إذا لم ينزع لبنان سلاح ح ...


المزيد.....

- مكونات الاتصال والتحول الرقمي / الدكتور سلطان عدوان
- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - رياض سعد - الشاب العراقي… أحلامٌ تذبل في سوق العمل الموحش