أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض سعد - أطفال داعش المنسيون: تداعيات جهاد النكاح والمستقبل المجهول















المزيد.....

أطفال داعش المنسيون: تداعيات جهاد النكاح والمستقبل المجهول


رياض سعد

الحوار المتمدن-العدد: 8515 - 2025 / 11 / 3 - 21:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


*مقدمة: أزمة إنسانية متعددة الأبعاد
تشكل ظاهرة "الأطفال اللقطاء" أو الذين ولدوا نتيجة علاقات "جهاد النكاح" التي مارسها مقاتلو تنظيم "الدولة الإسلامية" إرثاً معقداً يمتد لعقود طويلة ؛ وليس مجرد أزمة إنسانية، ليشكل تحدياً سياسياً وأمنيا واجتماعياً ونفسياً طويل الأمد... ؛ اذ تبرز هذه القضية بشكل صارخ في مخيم الهول في سوريا، حيث يعيش آلاف النساء والأطفال في ظروف بالغة الصعوبة، ومن بينهم أطفال مجهولو النسب نتيجة الممارسات التي رافقت فترة سيطرة التنظيم... ؛ إن هؤلاء الأطفال يمثلون الجانب الأكثر مأساوية من إراث داعش، حيث يحملون عبئاً ثقيلاً من التهميش والرفض الاجتماعي بسبب ظروف ولادتهم غير التقليدية .
غادرت من مخيم الهول في سوريا 249 عائلة دواعشية سُنّية عراقية تضم 839 شخصاً، بينهم الكثير من الأطفال مجهولي النسب، نتيجة ما عُرف بـ"جهاد النكاح"، متجهين إلى مخيم الجدعة في الموصل خلال الايام السابقة ... ؛ وهذه الوجبة من اللقطاء والارامل لم تكن الاولى ولا الاخيرة ... ؛ فقد بلغ عدد اللقطاء الالاف ...!!
هذه الأرقام ليست مجرد إحصاءاتٍ إنسانية، بل هي مرايا دامية تعكس إحدى أبشع نتائج الحرب والإرهاب: ولادة جيلٍ بلا ملامح، بلا نسب، بلا ذاكرة واضحة , بلا هوية , بلا انتماء ، جيلٍ يقف بين الوجود والعدم، بين الوطن والمنفى، بين الدين والضياع... ؛ بل انه جيل حاقد على الاغلبية والامة العراقية والهوية الوطنية .
ففي خضمّ الحرب على "داعش"، لم تُفجّر القنابل المدن فحسب، بل فجّرت البنى الأخلاقية والاجتماعية، وأحدثت تصدّعاً في معنى الأبوة والهوية والانتماء... ؛ و هؤلاء الأطفال الذين وُلدوا من علاقاتٍ عابرة في أجواء الحرب، بين مقاتلين أجانب ونساء عراقيات وغيرهن جرى استغلالهنّ تحت شعاراتٍ زائفة من "الجهاد"، يمثلون اليوم أزمةً نفسية واجتماعية وسياسية عميقة تمتد آثارها لأجيال ... .
نعم , ان وراء هذه الأرقام تختبئ مأساة إنسانية وسياسية وأمنية بالغة الخطورة، تتجاوز حدود الخيام والأسلاك الشائكة، لتصبح قضية وجودٍ تهدد بنية المجتمع العراقي والسوري لعقود قادمة... ؛ فهؤلاء الأطفال المجهولو النسب ليسوا مجرد ضحايا حرب، بل كثيرٌ منهم صاروا مشاريع موت مؤجلة، تربّوا في أحضان أمهاتٍ مؤدلجاتٍ بعقيدة تكفيرية مشبعة بالكراهية والانتقام والحقد والظلام ... ؛ فأولئك النسوة اللاتي جُندن في التنظيم لم يكنّ مجرد "زوجات مقاتلين وسبايا ارهابيين "، بل أدوات دعوية وعقائدية في مشروعٍ جهادي شيطاني استثمر الجسد والرحم والطفل في خدمة فكرٍ يقدّس الدم والموت ويحتقر الحياة والسلام .
إنّ هؤلاء الأطفال، الذين لم يعرفوا سوى لغة السلاح والشعارات الدموية، يُنقلون اليوم من مخيمٍ إلى آخر، في دائرةٍ مغلقة من العزلة والرفض... ؛ وبينما يراهم المجتمع على أنهم "أبناء الدواعش"، تراهم أمهاتهم كـ"بذور الخلافة الارهابية القادمة"... ؛ هكذا تُعاد صناعة التطرف من رحم المخيمات، في صمتٍ دوليٍّ مريب، وتواطؤٍ سياسيٍّ لا يريد مواجهة الجذور الفكرية للحرب...!!
*جذور الظاهرة: تحليل سياسي واجتماعي
*السياق السياسي والأمني
بعد سقوط آخر معاقل تنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا في مارس/آذار 2019، تم احتجاز ما يقرب من 60 ألف امرأة وطفل في مخيم الهول الذي تديره قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة... ؛ وقد أدى تردد العديد من الدول الأجنبية في إعادة مواطنيها من النساء والأطفال إلى تفاقم الأزمة ، حيث رفضت دول مثل بريطانيا إعادة حوالي 9000 من النساء والأطفال الذين يعيشون في المخيم... ؛ و هذا الواقع خلق بيئة خصبة لاستمرار النشاط الإرهابي داخل المخيم، حيث تحول إلى "مدينة صغيرة" تعاني من الظروف الصعبة، وأصبحت "نساء داعش" الأجنبيات محاصرات هناك.
*جهاد النكاح كظاهرة اجتماعية
"جهاد النكاح" أو ما يعرف بزواج الإنترنت من المقاتلين فيما بعد ، أصبح وسيلة للهروب من المخيم... ؛ وقد أشارت تقارير إلى أن مئات النساء الأجنبيات تزوجن من رجال تعرفن عليهم عبر الإنترنت، كما تم تهريبهن باستخدام الرشاوى النقدية التي قدمها أزواجهن الجدد، حيث وصلت المدفوعات البنكية إلى ما يزيد عن 500 ألف دولار... ؛ وتوضح هذه الممارسات كيف أصبح الزواج "وسيلة هروب سهلة وشائعة بشكل متزايد" من المخيم، حيث تشير التقارير إلى أن الخروج من مخيم الهول يمكن أن يكلف ما يقرب من 15 ألف دولار، اعتمادا على جنسية المرأة وعدد أطفالها وطريقة التهريب.
*ومن الناحية النفسية : الآثار النفسية طويلة الأمد
ينشأ هؤلاء الأطفال في بيئة تفتقر إلى أبسط مقومات الاستقرار النفسي، فهم محرومون من هوية واضحة، ومن الاعتراف الاجتماعي، ومن البيئة الأسرية المستقرة... و هذا الحرمان المتعدد الأبعاد يخلق جيلاً محطماً نفسياً، قد يصبح عرضة للتطرف مستقبلاً، أو يعاني من اضطرابات نفسية حادة... ؛ و إن عدم الاستقرار هذا يشكل تربة خصبة لاستمرار دوامة العنف، حيث يجد هؤلاء الأطفال أنفسهم بلا انتماء واضح، مما يسهل عملية تجنيدهم من قبل الجماعات المتطرفة لاحقاً.
نعم , يكبر هؤلاء الأطفال في بيئة تكرّس في أذهانهم صورة "العدو الدائم" و"المظلومية المقدسة"... ؛ إنهم يعيشون غربةً مركّبة: غربة النسب، وغربة الانتماء، وغربة الهوية... ؛ ، يعيش هؤلاء الأطفال حالة من الانشطار الداخلي؛ فهم يواجهون وصمة مزدوجة: ذنب الآباء المجرمين والمجهولين من جهة، ونبذ المجتمع من جهةٍ أخرى... ؛ الطفل الذي يسمع منذ وعيه الأول أن أباه "شهيد"، وأن "المجتمع كافر"، وأن "الثأر واجب"، يتحول تدريجياً إلى بركانٍ صغير من الكراهية ينتظر الانفجار... ؛ هنا لا نتحدث عن مآسٍ فردية، بل عن جيلٍ معطوبٍ نفسياً، يحمل في داخله بذور الانتحار الجماعي... ؛ و كيف يمكن لطفلٍ أن يبني هويته وهو لا يعرف مَن (أبوه) ، ولا لأي وطنٍ ينتمي، بل يُعامَل بوصفه "خطيئةً تمشي على قدمين"؟
إنّ فقدان الانتماء يخلق فراغاً وجودياً عميقاً، قد يتحوّل في مرحلةٍ ما إلى تمرّدٍ أو عنفٍ أو انحرافٍ، إن لم يُحتضن هؤلاء الأطفال في برامج تأهيليةٍ نفسية وتربويةٍ وإنسانيةٍ شاملة... الخ .
*التحليل النفسي: جيل مشوه لا يعرف سوى لغة الدم ..
التشويه المنهجي للطفولة ؛ فهؤلاء الأطفال تم تدمير طفولتهم بشكل منهجي من خلال:
• تطبيع العنف: مشاهدة عمليات الإعدام والتعذيب كـ"ترفيه يومي"
• تشويه المفاهيم: حيث أصبح القتل "عبادة" والاغتصاب "جهاد"
• تعطيل المشاعر: تدريبهم على عدم الشفقة أو الرحمة كعلامة "قوة إيمانية أو رجولة "
*مؤشرات الخطر النفسي .. الدراسات الميدانية توثق ظهور:
• البارانويا الجماعية: حيث يرون العالم كله "عدواً يجب قتله"
• الافتخار بالجرائم: يتباهون بجرائم آبائهم كـ"بطولات"
• الكراهية المرضية: لكل ما هو ديني مغاير ومذهبي مختلف ولكل ما هو مدني أو حديث أو "غربي"
*وأما من الناحية الاجتماعية : الوصم الاجتماعي والهوية المفقودة
يعاني الأطفال مجهولو النسب من تبعات نفسية بالغة الخطورة، فهم يحملون وصمة اجتماعية مزدوجة: كأبناء لتنظيم إرهابي، وكأطفال ولدوا من علاقات غير مستقرة... ؛ وقد سجلت في المخيم أكثر من 40 جريمة قتل، 10 منها على الأقل تمت بقطع الرؤوس منذ بداية عام 2021... ؛ مما يدل على بيئة العنف التي يعيش فيها هؤلاء الأطفال... ؛ وتشير التقارير إلى أن امرأة عراقية تعرضت للخنق أمام أطفالها بسلك كهربائي لمجرد نشرها مقطع فيديو على إنستغرام وهي ترقص في خيمتها، مما يوضح البيئة القمعية التي ينشأ فيها هؤلاء الأطفال.
نعم , هؤلاء الأطفال يشكّلون تحدّياً لمجتمعاتٍ لم تزل مثقلة بعقدٍ قبليةٍ ودينيةٍ ترفض "المولود المجهول"... ؛ إن المجتمع العراقي والسوري، وهما مجتمعان تقليديان بُنيت هويتهما على الانتماء العشائري والديني، يواجهان مأزقاً صعباً: كيف يمكن دمج هؤلاء الأطفال في نسيجٍ اجتماعي لا يعترف بشرعية وجودهم؟
وإذا تمّ تجاهلهم، فكيف سيمنع المجتمع ولادة "داعشٍ جديدة" في الظلّ، تُغذّيها مشاعر الحقد والتهميش؟
فإن إعادة دمج هؤلاء الأطفال في المجتمع تمثل كارثة محتملة إذا لم تُدار بحذرٍ وعمق... ؛ فالمجتمع العراقي والسوري، اللذان ما زالا ينزفان من جراح الإرهاب، يرفضان بطبيعتِهما هؤلاء الأطفال بوصفهم "غرباء ملوثين" أو "أبناء القتلة والذباحة"... ؛ ومع الرفض يولد العنف من جديد، لأن التهميش يغذي الحقد، والحقد يولّد الرغبة في الانتقام... ؛ إنّ عدم احتوائهم يعني أننا نزرع اليوم ألغاماً بشرية ستنفجر في المستقبل القريب داخل المدارس، والأسواق، والمعسكرات.
*التشريح الاجتماعي: أمهات مجندات وأبناء مؤدلجون
*الأمهات: من ضحايا إلى مجندات
هؤلاء النساء لم يعدن مجرد "زوجات داعش"، بل تحولن إلى حاضنات أيديولوجيات متطرفة... ؛ فكثيرات منهن خضعن لغسيل دماغ ممنهج، والآن ينقلن السموم الفكرية إلى أبنائهن في ظاهرة تشبه "توارث الإرهاب"... ؛ و هؤلاء النساء أصبحن ناقلات للفكر المتطرف عبر الأجيال، حيث يدرّسن أطفالهن كراهية "الآخر" ويمجدن "الخلافة والذبح والقتل والتفجير " في جلسات سرية بين الخيام.
*الأطفال اللقطاء: وقود حروب المستقبل
هؤلاء الأطفال مجهولو النسب ليسوا ضحايا بريئة فحسب، بل مقاتلون محتملون في طور التكوين... ؛ يعيشون في حالة من:
• انعدام الهوية: لا انتماء لهم إلا "لدولة الخلافة" الوهمية
• الكره الموروث: يرضعون كراهية المجتمعات مع حليب أمهاتهم
• التأهيل الدائم: يتدربون على العنف كأسلوب وحيد للحياة
*ومن الناحية السياسية والامنية ، تمثّل هذه القضية قنبلةً موقوتة في وجه الحكومات، فهؤلاء الأطفال ليسوا مجرّد لاجئين، بل رموزٌ حية لجرائمٍ عابرة للحدود... ؛ و هم نتاجُ تحالفٍ بين أيديولوجيا متطرفة وشبكاتٍ أجنبيةٍ جلبت الموت إلى الشرق الأوسط لاسيما الى العراق وسوريا ... ؛ إنّ عدم معالجة هذه الظاهرة بعمق سيجعل من مخيمات مثل "الهول" و"الجدعة" بؤراً محتملة لتفريخ التطرف من جديد، حيث يكبر جيلٌ لا يعرف إلا لغة الدم، لأن العالم لم يُعلّمه لغة الإنسانية.
نعم ، تتحمل الحكومات مسؤولية جسيمة ... ؛ فمخيم الهول لم يعد مجرّد مخيمٍ للنازحين، بل تحول إلى جامعة كبرى للتطرف والتعصب والاجرام ، تُغذّيها الدعاية الداعشية السرّية وتُعيد إنتاج خلايا الفكر التكفيري والارهابي ... ؛ و كل طفلٍ يولد هناك هو مشروع مقاتلٍ محتمل، وكل أمٍّ مؤدلجة هي نواة خلية ارهابية نائمة... ؛ إنّ نقل العائلات من "الهول" إلى "الجدعة" دون تأهيلٍ فكريٍّ ونفسيٍّ هو أشبه بنقل النار من غرفة إلى أخرى في بيتٍ من القش.
*التداعيات الأمنية: من مخيمات الاعتقال إلى ساحات القتال
بيئة خصبة للتجنيد : مخيم الجدعة في الموصل ليس "ملجأ إنسانياً" بل حاضنة إرهاب جديدة. التقارير الأمنية توثق تحول هذه المخيمات إلى:
• مراكز تدريب متخفية: حيث يتلقى الصغار تدريبات عسكرية بدائية
• قنوات اتصال نشطة: مع خلايا "داعش" النائمة في العراق وسوريا
• أسواق لتجارة البشر: حيث يتم بيع وشراء "أبناء الجهاد" بين المقاتلين
*إحصائيات مرعبة
تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن:
76% من الأطفال في هذه المخيمات يعانون من اضطرابات نفسية حادة
43% منهم أظهروا سلوكاً عدوانياً تجاه العاملين في المنظمات الإنسانية
28% حاولوا الهروب للانضمام إلى خلايا مسلحة
*ومن المنظور الإنساني والفلسفي ، يمكن القول إنّ هؤلاء الأطفال هم مرايا لضمير البشرية المكسور... ؛ لقد تحوّلت الحرب إلى رحمٍ مظلمٍ أنجب أبناءها بلا أسماء، وكأنّ القدر أراد أن يختبر مدى قدرة الإنسان على تجاوز الكراهية نحو الرحمة... ؛ فهم ليسوا أبناء الخطيئة بقدر ما هم أبناء الصمت العالمي، أبناء العالم الذي صمت عن الجريمة، ابناء الاشرار الذين يشرفون على المخابرات الدولية وينفذون مؤامراتها ... ؛ ثم استنكروا نتائجها حين صارت بشراً لقيطا ...!
ولذلك، فإنّ قضية اللقطاء من أبناء المقاتلين الأجانب والارهابيين الغرباء ليست مسألة إنسانية فحسب، بل هي امتحانٌ أخلاقيّ وحضاريّ لمدى استعداد المجتمعات العربية والعالمية لمواجهة تبعات التطرف فكراً وإنساناً.
نعم , هؤلاء الأطفال هم صورة مشوّهة لإنسانٍ فقد صلته بالجذر والغاية... ؛ إنهم نتاجُ زمنٍ استخدم الدين لتبرير الغريزة، واستخدم المرأة لتكريس الفوضى، واستخدم الطفل كرمزٍ للثأر الأبدي... ؛ لقد حوّل الإرهاب الرحم إلى مصنعٍ للجنود، وحوّل الطفولة إلى ساحة تعبئة عقائدية، حتى صار المهد مقدمةً للمقبرة.
*خاتمة واقعية قاسية: لا حلول سهلة
إنّ مواجهة هذه الظاهرة لا تكون بالشعارات الانسانية ولا بالتجنيس والادماج السطحي في المجتمع ؛ بل مشروع سياسي وامني وانساني شامل ؛ مشروع يحفظ لهؤلاء الاطفال اللقطاء وامهاتهن شيئا من انسانيتهم وحقوقهم من خلال توفير فرص الهجرة الى الدول الخارجية واسقاط الجنسية العراقية عنهن , وعدم تجنيس الاطفال اللقطاء ؛ فهذا المشروع يبعد الشر عن العراق ؛ ويضع حداً لاستخدام الدين كوقودٍ للدمار... ؛ فإهمال هؤلاء الأطفال اللقطاء او ايوائهم في العراق ؛ يعني أننا نُوقّع بأيدينا على ولادة جيلٍ جديد من الإرهابيين، يحمل وجوهاً ذات ملامح اجنبية وقلوباً غارقةً في العتمة.
إن إهمال هذه الشريحة البشرية الخطيرة او ايواءها في العراق ؛ لن يؤدي إلا إلى تفاقم الأزمة، وربما يضمن ولادة جيل جديد من المقاتلين الذين سيسعون إلى الانتقام من مجتمعات رفضتهم سابقا كالمجتمع العراقي والسوري .
إن مستقبل الاستقرار في المنطقة يعتمد، إلى حد كبير، على كيفية معالجتنا لهذه القضية الإنسانية المعقدة، والتي تتطلب جهوداً دولية منسقة، وبرامج إعادة تأهيل نفسي واجتماعي، وتشريعات قانونية وانسانية ؛ تضمن رحيل هؤلاء عن العراق بصورة انسانية وكريمة لضمان امن المجتمع العراقي .
لقد ولِد هؤلاء من رحم الخطيئة والجريمة ، لكن الخطيئة الكبرى ستكون في تركهم يكبرون بلا عقلٍ ولا ضمير، ليعيدوا إنتاج الكارثة في كل بيتٍ ومدرسةٍ ومدينة عراقية ... ؛ ومن غير المنطقي طرح مشروع (إعادة الإدماج ) اذ يواجه هذا المشروع تحديات كبيرة ؛ لعل أبرزها:
• الرفض المجتمعي: حيث ترفض المجتمعات المحلية قبول أبناء المنتمين للتنظيمات الإرهابية.
• التشريعات القانونية: عدم وضوح الوضع القانوني لهؤلاء الأطفال، لاسيما من هم مجهولو النسب... ؛ ولكن مع شديد الاسف تناهى الى سمعي ان بعض المسؤولين وبالتواطؤ مع الامريكان قاموا بإصدار الجنسية العراقية للبعض من هؤلاء اللقطاء , لغايات شيطانية وعدوانية تستهدف الاغلبية والامة العراقية والهوية الوطنية والعراق .
• الأبعاد الأمنية: صعوبة ضمان عدم انخراط هؤلاء الأطفال في أنشطة إرهابية لاحقاً.
• التباين في المعاملة: حيث يختلف تعاطي الحكومات مع هذه القضية، فبعضها يرفض استعادة مواطنيه، بينما يتعامل آخرون مع المشكلة بأبعادها الإنسانية... ؛ ولكن من العجيب والغريب ان الدول القوية والحكومات الاوربية المتحضرة والمقتدرة ترفض استعادة هؤلاء بينما تهرع الحكومة العراقية الى استقبال هؤلاء وايواءهم بل وتجنسيهم ...!!
*سيناريوهات مستقبلية .. ثمة عدة سيناريوهات محتملة لتطور هذه الأزمة:
• السيناريو الكارثي: يتمثل في تحول هؤلاء الأطفال إلى مقاتلين متطرفين، مما يضمن استمرار دورة العنف.
• السيناريو المتوقع : ان يسعى هؤلاء وبمساعدة القوى الاجنبية والخارجية للسيطرة على الدولة العراقية ؛ كما فعل لقطاء الفئة الهجينة من بقايا العثمنة ورعايا الانكليز الغرباء الدخلاء سابقا ؛ وعند سيطرة هؤلاء على مقاليد الامور تدخل الاغلبية والامة العراقية في دوامة جديدة من العنف والدمار والخراب والظلم .
نعم ينتظر العراق مستقبل أسود ؛ فهؤلاء براميل موقوتة على الطريق ؛ فهؤلاء الأطفال سيشكلون خلال 5-10 سنوات:
• جيش احتياطي لتنظيم "داعش" يضم آلاف المقاتلين
• أداة انتقام من المجتمعات التي رفضتهم
• مصدر عدم استقرار طويل الأمد للمنطقة
*تداعيات إقليمية ودولية :
وهذه الظاهرة لن تبقى حبيسة المخيمات، بل ستمتد آثارها إلى:
• تفجير الأوضاع الديموغرافية في العراق وسوريا
• تأجيج النزاعات الطائفية والعرقية
• تهديد الأمن الدولي من خلال هجمات إرهابية عابرة للحدود
نعم , هذه الأزمة لا تحتمل التردد أو التهرب من المسؤولية... ؛ نحن أمام خيارات احلاها مر :
• الخيار الأول: برامج إعادة تأهيل شاملة ومكلفة قد تستغرق سنوات طويلة وقد تفشل بسبب التحديات الكبيرة .
• الخيار الثاني: مواجهة عسكرية دموية مع جيل جديد من الإرهابيين .
• الخيار الثالث : ترحيل هؤلاء الى الدول الخارجية واسقاط الجنسية العراقية عن الامهات العراقيات المجندات , وعدم تجنيس اللقطاء مطلقا ؛ بالتعاون مع بعض الدول ولو بإعطاء بعض الامتيازات لتلك الدول .
الوقت ليس في صالحنا، فكل يوم يمر يزيد من تأصل الكراهية في قلوب هؤلاء الأطفال، ويقربنا من موجة عنف جديدة قد تكون أبشع من سابقاتها.



#رياض_سعد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصديق الذي يشبه الدواء... حين يصبح الإنسان علاجًا للإنسان
- الإنسان المرهق... حين يمشي العالم محمولًا على أكتاف الأرواح ...
- تشريح البيئة الملوثة بالسموم الاجتماعية والامراض والعقد النف ...
- تجنيس الغرباء في العراق: أزمة هوية وطنية أم فوضى إنسانية مقن ...
- فلسفة اللحظة الضائعة: حين يبتلع الزمن ملامحنا
- الجنوب العراقي بين مطرقة السادية وسندان المازوخية : قراءة سو ...
- الخيانة كمرضٍ نفسيّ وعقدةٍ اجتماعية
- عندما يتحول الفضاء الرقمي والاعلام إلى ميدان صراع و حين يتكل ...
- المسرحية السياسية في العراق: وجوه تتبدل... والمأساة واحدة
- حين يتكرر المشهد: تكالب الأقليات السياسية على الأغلبية العرا ...
- حين تُغتال الحقيقة: اغتيال صفاء المشهداني وفضيحة الخطاب الطا ...
- حين يتنفس الحزن من رئة الوجود
- الشاب العراقي… أحلامٌ تذبل في سوق العمل الموحش
- مراجعات ضرورية حول الضربة الإسرائيلية المرتقبة ضد العراق
- الخونة الذين يشبهوننا ولا ينتمون إلينا
- السذاجة السياسية وخطر الحاشية الجاهلة
- الشخصية العراقية بين التمرد والاستكانة: قراءة في جدلية السلط ...
- حركة الإسلام السياسي الشيعي في العراق من المقاومة إلى السلطة ...
- براغماتية الإيراني ومثالية العراقي – قضية أمير الموسوي أنموذ ...
- الخائن الدوني : جرح الأمة النازف وطعنة الظهر التي لا تندمل


المزيد.....




- -هذا بلاستيك وليس خشبًا-.. لقطة طريفة أثناء لقاء ممداني مع م ...
- ولي العهد السعودي يجري مباحثات مع ملك ماليزيا في الرياض
- لبنان: انطلاق أول لقاء تنسيقي لإعادة الإعمار في الجنوب.. وعو ...
- وفاة ديك تشيني عن 84 عامًا.. نائب الرئيس الأكثر إثارة للجدل ...
- القوات الأوكرانية تنقذ جملاً روسياً من جبهة القتال.. لماذا ت ...
- الإفراج عن الشيخ العدوي بعد فيديو -النهي عن الافتخار بملوك م ...
- السودان يدرس هدنة إنسانية أمريكية مقترحة لوقف الحرب
- شاب مصري يعثر على -تمثال جده- الفرعوني في المتحف المصري الكب ...
- “الأعيرة النارية تتطاير فوق رؤوسنا”.. مدنيون يروون قصص فراره ...
- دعوات لفتح كافة المعابر مع القطاع المدمّر لتوسيع نطاق العملي ...


المزيد.....

- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض سعد - أطفال داعش المنسيون: تداعيات جهاد النكاح والمستقبل المجهول