حسين علوان حسين
                                        
                                            
                                                    
                                                
أديب و أستاذ جامعي
                                                    
                                                 
                                                    
                                                
(Hussain Alwan Hussain)
                                                    
                                                 
                                                
                                        
                    
                   
                 
                
                 
                
                
                 
                 
              
                                        
                                        
                                      
                                        
                                        
                                            الحوار المتمدن-العدد: 8512 - 2025 / 10 / 31 - 14:03
                                        
                                        
                                        المحور:
                                            الادب والفن
                                        
                                        
                                            
                                        
                                        
                                     
                                      
                                        
                                        
                                        
                                        
                                            
    
    
 
                                       
                                        
                                        
                                
                                
                                   
                                        
                                            
                                              في محور "الأدب والفن" للعدد 8510 - 2025 / 10 / 29 من "الحوار المتمدن" الأغر، نشرت الشاعرة ديلان تمّي القصيدة الغنائية التي نصها: 
حينما يزهر غصن الألم
أريدُ وردةً حيّةً،
تجعلُني أثملُ في ثوبي الربيعيِّ الأصفرِ،
تلملمُ بقايا أنوثتي المغبرَّةَ في جيبِ المسافاتْ،
وترقّعُ رقصتي الأحاديةَ بخطواتِها الثلاثِ إلى الخلف،
كأنّني بجعةٌ شقيّةٌ، تراقصُ وَهمَها أمامَ المرآة…
بلا خجلْ.
أريدُ وردةً حيّةً،
تُعيدُ لي إشراقةَ روحي،
وتطردُ الظلامَ عن ظلِّ وجهي، الذي انزلقَ منّي،
وانصبَّ في خيبةٍ ترفضُ الحياةْ.
أريدُها حمراءَ كالدمِ،
لا بنيّةً،
طريّةً،
أخافُ على يديّ إن داعبْتُها،
وعلى الياسمينِ من على كتفي أن يذبلَ،
ويذبلَ حلمي بوردةٍ أُحاديةٍ أزرعُها في قلبي،
وأُحنِّطُها بين كتبِه اليتيمةْ،
التي تُوبّخُني كلّما يزهرُ فيَّ غصنُ الألمْ.
أريدُ وردةً حنونةً،
تجعلُني أُحبُّ الحياةَ بقربٍ،
تلثُمُ شفتيَّ بألقها،
وتُجفّفُ دمعي المُخمَّرَ إن فاضْ.
أريدُها أنانيّةً،
تسقي غرورَها بماءِ الكبرياءِ،
ولا تنحني لتراكماتِ الندمِ المختزنةِ في صدرِها.
أريدُها مجنونةً،
تُغنّي للخريفِ بعشقٍ،
لكن لا تَركَعْ،
فتمسحُ بؤسي بابتسامةٍ نقيّةٍ،
وتُشمِّرُ عن ساعديها،
لِتُنقِذَ ما تبقّى من تهشّماتِ امرأةٍ
كانَتْ تحلمُ،
فَتكلَّلَ حُلمُها الوحيدُ بالانكسارْ.
التعليق:
في القصيدة النثرية أعلاه، يُطالعنا الشعر الطري المنقّى من المحسنات البديعية وحدود مصراعي البيت الشعري والأوزان والقوافي، ولكنه المفعم بإتقان لعبة خلق الصور الشعرية الجديدة المدهشة، في بوحٍ حرٍّ قلباً وقالباً، يرفض كل القيود، ويتطلع للحياة في الجمال، ويحلم بالأمل المتجاوز للألم؛ وهو ما يؤكد مرة أخرى أن الرومانسية باقية ما بقي الشعر الغنائي الذي لا روح له بغيرها جوهراً.
العنوان: "حينما يزهر غصن الألم" يشير إلى أن ثمة أمل بالحياة والجمال رغم ألم الانكسار. أما المستهل، فهو صريح ومباشر: "أريدُ وردةً حيَّةً". ألإرادة هنا لا تقتصر على ابتغاء الجمال (الوردة)، بل وكذلك على الجمال النابض بالحياة الحاسّة والحسّاسة المتآلفة. حياة الشاعرة محتاج للتفاعل مع حياة الآخر. والأثر المرتجى من هذا التفاعل مع الجمال الحي هو الفوز بنشوة الثمالة. ولكون الشاعرة مهتمة برسم الصور الجديدة، فإنها تلوّن ثمالة هذا الجمال على إهاب نسيج: "ثوبيَ الربيعيِّ الأصفرِ". نشوة الثمالة هي ربيع الحياة وإن كانت في إهاب أصفر، لأن ثمة ربيع في الخريف. هذا وجه، ولكن الوجه الآخر هو أن اللون الأصفر - الرامز لأشعة الشمس وللذهب - هو أيضاً العنوان للسعادة والفرح والدفء والتفاؤل، وهو الملهم للأمل، والرمز لعزة غنى الروح. كما أن الثمالة تحيل إلى تحرّي البهجة الآسرة. ولكن الفوز بالجمال الحي له أثر حيوي آخر: جبر الانكسار بفعل الإهمال: "تلملمُ بقايا أنوثتي المغبرَّةَ في جيبِ المسافاتْ". صورة "جيب المسافات" المُغْبِر للأنوثة المتوحدة شديدة الوجع، على جدتها، وتحيل إلى الاغتراب والحرمان من الإلفة والإهتمام والاعتناء المجلّي لألق حياة الأنثى، وهو الحرمان الذي يحجب إشعاع الحياة فيها بفعل الإنزواء. أما صورة جابر الانكسار، فتحيل إلى الإحساس الذاتي بشدة الرهافة إزاء مخاطر التعرض للجراح، وبمسيس الحاجة للتكامل مع سند الظهير الداعم.
في البيت الرابع والخامس، تطالعنا صورة أخرى للإسناد المتطلع إليه من الحي الآخر الجميل المُخَلِّص: "ترقّعُ رقصتي الأحاديةَ بخطواتِها الثلاثِ إلى الخلف". ولعل مفردة "ترقِّع" إنما تلتمس التوقيع لإنجاز أو إمضاء الرقص مع الحي الآخر الجميل بتناسق تام لحذو الخطوات الثلاث إلى الخلف معه عند أداء رقصة مبهجة يتطلب أداؤها القيام بتلك الحركة، مثل، التشا تشا تشا، أو الفالز، أو حتى التانغو، بدلاً من أدائها منقوصة على انفراد مثل إوَزَّة شقية تراقص وهماً صورتها المنعكسة على المرآة. فالخطوات الثلاث الى الخلف هي شقاء مضيع للعمر عندما تكون بلا قرين جميل دافء، وهي فرح مجدد للعمر برفقته. ثم تأتي العبارة الأخيرة المبتورة للمقطع الأول: "بلا خجل .." للإشارة إلى أن غياب القرين المراقص للعُمر والمكمل له هو أمر مخجل وووو عند الشاعرة لكونه علامة على غياب التمامية، أما الحلم بدفء القرين وبفتنة الحب فيرفضان الخجل. كما إن إستلهام صورة مراقصة القرين يحيل أيضاً هنا إلى إسم الشاعرة: "ديلان"، الذي هو نفسه الاسم لرقصة كردية تعبر عن الفرح والسعادة ودفء القلب وحنان العاطفة. 
الثيمة أعلاه تتكرر معالجتها في بقية المقاطع الشعرية الخمسة للقصيدة - وآخرها هو الأطول - عبر تنويعها وتعزيزها بخلق صور جديدة تبدعها ضربات ريشة رسامة ولوعة بالتشكيل الفني بالكلمات لتطريز الفراغات على سطح اللوحة. تبدأ أولاً بتوكيد إرادتها للوردة الحية لتعيد لها إشراقة روحها. كيف؟ هنا تأتي الصورة الرهيبة المتعددة الدلالات:" تطردُ الظلامَ عن ظلِّ وجهي، الذي انزلقَ منّي، وانصبَّ في خيبةٍ ترفضُ الحياةْ". ضياء الوردة المبتغاة يراد له طرد الظلام عن ظلِّ الوجه الساقط: كناية على الإحساس بفقدان أهم جزء حيوي من الذات والمعرّف لها، ألا وهو الوجه المعبر عن الجوهر الروحي وسر كينونة الأنثى كأجمل مخلوق في الكون. فقدان ظل الوجه هذا بتكلسه بفعل عقابيل التجربة الخائبة من شأنه أن يسلب من الشاعرة ترابطَها الروحي، واجبارها على العيشِ في حالةِ "نصفِ حياة" تمنعها من التمتع بتجربةِ كاملِ الحواسِّ والمشاعرِ الرفيعة. ولهذا نجد الشاعرة في المقطع الثالث تشخص الوردة المبتغاة بوجوب كونها: "حمراءَ كالدمِ"، "لا بنيّةً "، و"طريّةً". الجمال المبتغى يجب أن يكون أحمر دفّاقاً بالحب والاندفاع بالرغبة والالتزام - بشجاعة وقوة وحيوية – وليس بنياً باهتاً وحيادياً، مفتقراً للقوة وللعنفوان المطلوبين كباعثين لجوهر الروح المفتقد. كما أن طراوة النُّعُومَة واللين والدَّماثَة هي الأخرى من مبتغيات هذا الجمال اللازم؛ ويليق بالجميل أن يحلم بالجمال. ولكن شدة طراوة هذا الجمال المراد تبلغ حد خشية مداعبته ولمسه بيدي الشاعرة. ولكن لماذا هذا الخوف من لمس ترافة الجمال؟ يمكن عزو هذا الخوف إلى القلق بشأن الضعف الذاتي والخوف من المجهول والتغيير، وكذلك للطبيعة الساحقة لسمو الجمال وجلاله. وهذه استعارة انسانية أريبة تعكس تصور علاقتنا المعقدة بالأشياء العزيزة البالغة الجمال التي نجدها عميقة المعنى أو سامية سمواً مثالياً. ومن المعلوم أن كل ما هو جميل وجامح وحر هو أيضًا خطِر رغم شدة ابتغائنا له. استعارة الخوف من لمسة الجمال السامي تتمدد إلى خشية الشاعرة أيضاً "على الياسمينِ من على كتفي أن يذبلَ". الصورة هنا تحيل إلى تخيل الشاعرة لنفسها بأنها شجرة ياسمين يزهر الورد الأبيض - الرامز للنقاء والحب والأناقة - على أغصان كتفها، فتخاف عليه أن يذبل إزاء عنفوان الوردة الحمراء المبتغاة. صورة  التهيب من خطر جلال الجمال ليست فقط بالغة القوة هنا، بل أنها تواصل التبرعم لعديد الصور المركبة الأخرى: "ويذبلَ حلمي بوردةٍ أُحاديةٍ أزرعُها في قلبي". فكرة "ذبول الجمال الحالم" تهيمن على هذا المقطع الشعري، مثلما تهيمن فكرة "الحلم بالوردة الباعثة للحياة" على القصيدة برمتها. ورائعة صورة زرع الوردة في القلب لتستمد نسغ حيويتها من دم الحبيبة مباشرة، وهذه الوردة تتلاقح حياتها مع تربة القلب لأنها أحادية تجد في القلب صنواً لها. ثم تأتي الجملة: "وأُحنِّطُها بين كتبِه اليتيمةْ، التي تُوبّخُني كلّما يزهرُ فيَّ غصنُ الألمْ." التي يتكشف فيها مدى توجه الشاعرة نحو الإستحواذ التام على جمال الآخر المجتبى والذي يصل حد الرغبة بتحنيطه بين كتب القلب اليتيمة الفارغة بمن يملؤها حباً، والتي توبّخ الشاعرة كلما تذكرت ألم خيبتها اليتيمة وفقدان القرين المتمم. ويخيل لي أن مفردة "أحنطها" المجازية هنا قد لا تنصرف لفعل التحنيط حرفياً، بل للتخليد، مع إدامة حياة الوردة النابتة في القلب. وتلاحظ بلاغة جدلية عبارة: "يزهرُ فيَّ غصنُ الألمْ" المتخذة عنواناً للقصيدة التي تؤشر لصراع المتناقضين: الإزهار والألم ضمن وحدة الغصن الواحد الزاهر بهما معاً.
وعلاوة على الجمال والعنفوان والطراوة، تتطلب الشاعرة الحنان من الوردة؛ الحنان الذي يبعث فيها حب الحياة ويواسيها إن فاض دمعها الذي بقى مختزناً كالخمر المعتق وعصياً على التدفق المدرار، فيجد في سعادة الفوز بالمنال متنفساً للانبثاق.
في المقطع الأخير، هناك خصلتان أخرييان مطلوبتان من الوردة المبتغاة: الأنانية والجنون. فإن كان الحب أنانياً بالضرورة، فإن الجنون هو وجهه المكمل الآخر. 
خلاصة القول، هذه القصيدة - المشغولة بحرفنة شعرية مكينة تُغالب النثر مستغلة أقصى طاقاته الشعرية - تعكس تفاعل الحلم بالجمال السامي المتمم للآخر والمجلي له والذي ينقله بفعل عنفوانه وانانيتة وجنونه من التكلس والانزواء الى رحابة الحياة والسعادة والفرح وذلك في انبناء شفاف ورهيف الإحساس مما لا يتأتى مطلقاً للشعراء الذكور.
ترجمة القصيدة إلى الإنجليزية 
I want a living rose,
To intoxicate me in my yellow spring dress,
To gather the dusty remnants of my femininity in the pocket of distances,
And mend my solitary dance with its three backward steps,
As if a mischievous swan I were, 
dancing with its illusion before the mirror…
Without discomposure.
I want a living rose,
To -restore- the radiance of my soul,
And banish the darkness from the shadow of my face, which slipped from me,
And poured into a disappointment that rejects life.
I want her red as blood,
Not brown and bland,
Tender,
I fear for my hands if I caress her,
And for the jasmine on my shoulder to wither,
And for my dream of a single rose to plant in my heart to wither,
And preserve among his orphaned books,
That rebuke me whenever a branch of pain blossoms within me.
I want a tender rose,
That makes me love life in its presence,
That kisses my lips with its radiance,
And dries my fermented tears if they flood.
I want her self-obsessed,
That waters her vanity with the water of pride,
And does not bow to the accumulated regrets stored in her heart. 
I want her to be mad,
Singing with love to autumn,
But does not kneel,
Wiping away my misery with a pure smile,
With gird,
To salvage the shattered remains of a woman
Who used to have a vision,
And whose only dream was crowned with implosion.
                                                  
                                            
                                            
                                          
                                   
                                    
      
    
  
                                        
                         #حسين_علوان_حسين (هاشتاغ) 
                           
                          
                            
                          
                        
                           
                          Hussain_Alwan_Hussain#
                         
                
                         Hussain_Alwan_Hussain# 
                           
                          
                            
                          
                        
                           
                          
                         
                      
                                        
  
                                            
                                            
                                             
                                            
                                            ترجم الموضوع 
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other 
languages
                                        
                                            
                                            
                                            
الحوار المتمدن مشروع 
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم 
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. 
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في 
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة 
في دعم هذا المشروع.
 
  
                                                               
      
    
			
         
                                         
                                        
                                        
                                        
                                        
                                        
                                         
    
    
    
                                              
                                    
                                    
    
   
   
                                
    
    
                                    
   
   
                                        
			
			كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية 
			على الانترنت؟