أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حسين علوان حسين - تاريخ الكومونات الاشتراكية (2)















المزيد.....



تاريخ الكومونات الاشتراكية (2)


حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي

(Hussain Alwan Hussain)


الحوار المتمدن-العدد: 8442 - 2025 / 8 / 22 - 20:53
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


ملاحظة المترجم
هذه هي ترجمتي للجزء الثاني والأخير من مقال الماركسي الأمريكي الكبير جون بيلامي (John Bellamy ) الموسوم: "ماركس والمجتمع الجماعي (الكوموني)" المنشور في عدد الأول من تموز، 2025،عن دار المجلة الماركسية الامريكية المستقلة: "المراجعة الشهرية" (Monthly Review). ومثلما سبق وأن أوضح الرفيق العزيز الأستاذ الدكتور طلال الربيعي المحترم في تعليق له على الجزء الأول منها، فإنها :" تحتوي على ثروة هائلة من المعلومات النظرية-فلسفية والتاريخية التي يصعب جداً الحصول عليها بهذه الكثافة والعلمية منقطعة النظير من مصادر أخرى إن توفرت". وقد اتضح لي من خلال نصوصها أن كارل ماركس – عكس ما كنت أتوهم سابقاً – كان مطلعاً تماماً على نظام الانتاج الجماعي لحضارة الإنكا القائم على كومونات قرى الآيالو والذي أسميته أنا بـ "نمط الانتاج الأنديزي؛ الإشتراكية التوزيعية : من كل حسب إنتاجه و لكل حسب حصته". ولقد نجح هذا النظام الاشتراكي بابداع إحدى أمجد الحضارات الاشتراكية اللانقدية في تاريخ العالم. هذه الحضارة - التي لم تعرف النقود مطلقاً رغم انتاجها الهائل للذهب - قامت على نمط إقتصاد الدولة الاشتراكي المبرمج الذي ساد على طول الشريط الأنديزي الممتد من كولومبيا حالياً ولغاية الحدود الجنوبية لتشيلي. ويشتمل هذا الشريط – المحصور بين ساحل المحيط الهادي غرباً وقمم جبال الأنديز شرقاً – حالياً على أجزاء من كولومبيا وتشيلي وبوليفيا والإكوادور والبيرو والأرجنتين، وبطول 4000 كم، وعرض أقصاه 500 كم. ويعود تاريخ بدء هذا النمط من الإقتصاد في المراكز الحضرية الأنديزية إلى العصور القديمة، ولكنه أصبح النمط السائد للإنتاج تدريجياً على طول هذا الشريط على الأقل منذ عام 1100م؛ وبلغ أوجه في عهد أمبراطورية الإنكا طوال القرنين الرابع عشر والخامس عشر، ولغاية سقوط هذا النمط الفريد من الإنتاج الجماعي – الذي تكفل شعبه بإبداع أروع المصوغات والمنسوجات والبنايات في تاريخ الحضارة البشرية - كنتيجة مباشرة للغزو الإستعماري للبرابرة المحتلين الأسبان بقيادة السفاح "فرانسسكو بيزارو" لمدينة "كوزكو" في البيرو – العاصمة السياسية لإمبراطورية الإنكا عام 1532م – وهو الغزو الذي تكفل بإبادة هذه الحضارة عن بكرة أبيها، وبموت ما لا يقل على 90% من سكانها الذين يقدر عددهم بما لا يقل عن عشرة ملايين نسمة، وبنهب ما لا يقل عن 300000 كغم من الذهب من شعبها. وقد تم اقتراف كل جرائم الابادات الجماعية اللصوصية هذه على نحو: "ليبرالي خالص، وفق قوانين الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والتنوير والتحضر للغرب"، حسبما يحلو لقاذورات سماسرة الامبريالية تلميع جيفها بنفاق باعث على التقيؤ في كل محفل وموقع .
رابط الجزء الأول من مقالي السابق هذا هو:
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=364812
وقد قمت بإضافة بعض العناوين لأشكال الانتاج الاجتماعي الواردة في هذا المقال المترجم، وذلك بوضعها بين قوسين كبيرين [..]. ولم أترجم المراجع الانجليزية للمقال، بل ابقيتها على أصلها بسبب عدم توفر النسخ العربية لغالبيتها واختلاف أرقام صفحاتها رغم احتوائها على ملاحظات تفصيلية مهمة جداً.
نص الجزء الثاني والأخير من المقال:
"أشكال المِلكية لوسائل الإنتاج الاجتماعي
[المِلكية القبلية]
كان أساس تحليل ماركس بأكمله هو الوجود المادي للعمل وللإنتاج البشري الذي قدمه لأول مرة في "مخطوطاته الاقتصادية والفلسفية" عام 1844، والذي أصبح الأساس لمفهومه المادي للتاريخ كما قدمه خلال الفترة 1845-1846 في "الأيديولوجية الألمانية" التي ألَّفها مع فريدريك إنجلز. في الوجود الاجتماعي لماركس، كان العمل والإنتاج عملية اجتماعية شارك فيها الأفراد باعتبارهم كائنات اجتماعية. ويمكن إدراك التاريخ البشري من خلال "أساليب الاستيلاء" المتغيرة المطبقة في الانتاج (1). كانت الحضارة الإنسانية بأكملها متجذرة بحقيقة العمل البشري والاستيلاء على موارد الطبيعة، وبالتالي بتكوين علاقات الملكية داخل المجتمعات، والتي كانت في الأصل مجتمعات لعلاقات القرابة. وكان أول شكل من أشكال الملكية الموصوف في الأيديولوجية الألمانية هو "المِلكية القبلية"، المرتبطة بالصيد والجمع مع أقدم أشكال الزراعة. تميزت هذه المجتمعات "بالتوحيد الأصيل بين شكل معين من أشكال المجتمع (العشيرة) والملكية المقابلة في الطبيعة". هنا، بقي تقسيم العمل غير متطور. كان المجتمع أبويًا، بينما ارتبطت الأشكال الأولى لتقسيم العمل بتطور "العبودية الكامنة في الأسرة". في هذا الوصف الأولي للمجتمع القبلي عند ماركس، لم يرد بعد أي ذكر مباشر للإنتاج أو للملكية الجماعية (2).
وتجدر الإشارة إلى أنه لا توجد في كتاب "الأيديولوجيا الألمانية " أي إشارة إلى "الشيوعية البدائية [الأصيلة]"، وهو مصطلح لم يستخدمه ماركس ولا إنجلز قط إلا بالإشارة إلى "النظام المشاعي الآسيوي"، وللشكل السلافي لحيازة الأراضي، وكذلك - بصورة أضعف - إلى أسلاف [نظام كومونة] "المارك" الألماني، ولا ينطبق على مجتمعات الصيد وجمع القوت. هذه الأخيرة، على الرغم من كونها مشاعية في ترتيباتها، لم تُعتبر أنماط إنتاج بالمعنى الكامل، بل مجتمعات عشائرية. وقد استُورد مصطلح "الشيوعية البدائية" لوصف مجتمعات الصيد والجمع تحديدًا لاحقًا في الأمميتين الثانية والثالثة (3).
[الملكية الجماعية والدولة القديمة]
الشكل التاريخي الثاني للملكية الوارد في "الأيديولوجية الألمانية" هو: "الملكية الجماعية والدولة القديمة"، الناشئة "من اتحاد عدة قبائل في مدينة واحدة بالاتفاق أو بالغزو، والتي بقيت مصحوبة بالعبودية" (4). نشأت "الملكية الخاصة للأرض" في العصور القديمة، كما أوضح ماركس لاحقًا في "دفاتره الإثنولوجية": "جزئيًا جراء فك التشابك بين الحقوق الفردية للأقارب أو رجال القبائل وبين الحقوق الجماعية للعائلة أو القبيلة ... وجزئيًا جرّاء نمو وتحول سيادة الزعيم القبلي ". وبالتالي، كانت الملكية الخاصة للأرض في البداية عبر الملكية الجماعية للأرض ( ager publicus )؛ ومع ذلك، فقد خدمت تدريجيًا في إدخال علاقات طبقية أضعفت [وشائج] النظام الجماعي (5).
ارتبط مفهوم "الكومونة والدولة القديمتين" الحاكمتين للعلاقات الاجتماعية في العصور القديمة بـ "البولِس = المدينة" كمجتمع يحكمه النظام الجماعي الذي نشأ من العلاقات القبلية السابقة. ومثلما كتبت باتريشيا سبرينغبورغ في كتابها: "ماركس والديمقراطية والبولِس القديمة"، كانت المدينة (البولِس): "كومونة حضرية تتواجد فيها الملكية الخاصة جنبًا إلى جنب مع الملكية الجماعية". وأوضحت سبرينغبورغ أن البولِس اليوناني، وفقًا لمفهوم ماركس، قد "أوقف الأشكال القبلية والجماعية، بينما دشّن الدولة كظاهرة" (6). ولم يكن الاقتصاد، والدولة على العكس، حسبما جادل هيغل وماركس، ولاحقًا كارل بولاني، قد انفصلا بعد عن البولِس. وبالتالي، لم يكن اغتراب الدولة عن المجتمع المدني بمعناه الحديث قد حصل بعد، مما سمح باستمرار الأشكال الجماعية، إلى جانب الانقسامات الطبقية (7).
[العبودية]
يرى ماركس أن العبودية، وإن كانت تُشكل من نواحٍ عديدة الأساس المادي للمدينة اليونانية في عصرها الذهبي، إلا أنها كانت خاضعة للنظام الجماعي الذي يحكم علاقات الملكية، والناشئ عن علاقات القرابة السابقة. وقد أدى نمو الملكية المنقولة والأموال، وخاصةً سكّ العملات - الذي بدأ في ليديا خلال القرن السابع قبل الميلاد - إلى تعميق الفوارق الطبقية فيها. وكان لهذا التطور دورٌ حاسم في تفسير أصول عبودية الرق القديمة [باعتبار الرقيق مالاً منقولاً] وانتشارها؛ كما أسهَمَ بانحلال النظام الجماعي القديم في اليونان وروما في نهاية المطاف (8).
في الواقع، وعلى الرغم من تأكيده القوي على دور العبودية في العصور القديمة، لم يصف ماركس المجتمع القديم أبدًا بكونه "نمط إنتاج عبودي" فعلياً، مثما أصبح شائعًا لاحقًا في النظرية الماركسية. وهكذا، فإن كتاب بيري أندرسون المعنون: " الممرات من العصور القديمة إلى الإقطاع" ، يخبرنا بأن "الابتكار الحاسم" للعالَم اليوناني الروماني القديم كان هو "النطاق الهائل لعبودية الرق" أو "نمط الإنتاج العبودي" (9). وعلى النقيض من ذلك، رأى ماركس في إنتاج العبيد إبان العصور القديمة كسمة ثانوية للشكل الجماعي وللدولة، مرتبطًا بنمو المال والتجارة. جوهرياً، كانت البولِس متجذرة، منذ العصور البدائية، في العلاقات القبلية أو علاقات القرابة، كما هو الحال في الفراترية اليونانية التي ظهرت منها التقسيماتها الطبقية بين الأرستقراطية والديموس = عامة الشعب ( في حالة أثينا) مع نمو الملكية الخاصة. وقد اعتبر ماركس العبودية بمثابة الإضافة إلى شيء ما. ولكن هذا لم يمنعه من الإشارة في كتابه "الأسس" (غروندريسه) - عند الأخذ في الاعتبار بوضوح العصور الذهبية لأثينا في عهد بريكليس وروما في عهد أغسطس - إلى أن "العمل القسري المباشر من الناحية الاقتصادية هو أساس العالم القديم؛ والمجتمع يرتكز عليه كأساس له" (10).
وصف ماركس (وعلماء الماركسية الكلاسيكيين حتى عصرنا هذا) الانتقادات المستمرة للاستحواذ غير المحدود على الثروة - التي لعبت دورًا بارزًا في الفلسفة اليونانية من أرسطو إلى أبيقور - بأنها قد نجمت عن تلك التغيرات في المجتمع التي يمكن إرجاعها في المقام الأول إلى ظهور أولى علامات الاقتصاد النقدي، وخاصة بالنسبة للفجوات الناجمة بين الطبقات وفي الدول التجارية، مما فتح الطريق أمام السعي المنهجي وراء الثروة لذاتها، وزعزع استقرار العلاقات الاجتماعية السابقة (11). وكما كتب ماركس فإن: "جميع أشكال المجتمع السابقة - أو ما شابهها – قد انهارت قوى الإنتاج الاجتماعي فيها بسبب تطور الثروة النقدية. لذا، نجد أن مفكري العصور القديمة ممن امتلكوا الوعي قد أدانوا الثروة بشكل مباشر باعتبارها انحلالًا للمجتمع" (12).
الاقتصاد السياسي للمجتمع الجماعي
كتَبَ ماركس وإنجلز: "إن جميع أطروحات الاقتصاد السياسي تَعتَبِرُ الملكية الخاصة أمرًا مسلمًا به" (13). وفي معارضته لهذا الأمر، وتماشيًا مع هيغل، أصرّ ماركس على أن "كل إنتاج إنما هو استيلاءٌ على الطبيعة من جانب الفرد ضمن شكل اجتماعي محدد ومن خلاله. وبهذا المعنى، يُعدّ القول بأن الملكية (الاستيلاء) هي الشرط الأساسي للإنتاج هو مجرد تكرار للألفاظ"؛ في حين أن الادعاء بكون الإنتاج مطابق للملكية الخاصة هو الإنكار للردح الأكبر من التاريخ البشري. لقد شكّل الإنتاج والملكية الجماعيين "الاقتصاد الطبيعي" للمجتمع، الذي ساد مرحلة متدنية من تطور القوى الإنتاجية. أما الملكية الخاصة، فقد نشأت مع ظهور المجتمع الطبقي وتقسيم العمل، ولم تصبح الشكل السائد للملكية إلا في ظل علاقات الإنتاج الرأسمالية (14).
وفي كتابه "الأسس"، كتب ماركس: " إن الملكية تعني في الأصل - بشكلها الآسيوي والسلافي والكلاسيكي القديم والجرماني - علاقة العامل (المنتج أو المُنتج للذات) الذي يخضع لشروط إنتاجه أو إعادة إنتاجه [أي وسائل الانتاج] باعتبارها ملكًا له". وهو بهذا كان يقصد الشكل "الآسيوي" في المقام الأول للمجتمعات القروية في الهند وجاوه؛ والشكل "السلافي"، والمير الروسي أو الكومونة الفلاحية التي استمرت حتى القرن التاسع عشر؛ والشكل "الكلاسيكي القديم"، والعلاقات الجماعية التي لا تزال واضحة في المدينة-البولِس اليونانية؛ والشكل الجرماني: "حيث انعكست الكومونة في القبائل الجرمانية " التي اجتمعت " بشكل دوري على أساس جماعي، بينما لم تكن "متحدة مع بعضها " (15). كما أشار ماركس أيضًا إلى أن الملكية الجماعية كانت واضحة عند شعوب السلتيين. كَتَبَ تاسيتوس في كتابه "جرمانيا" (Germania) عن أن القبائل الجرمانية كانت: "تُخصَّص الأراضي بما يتناسب مع عدد سكانها بالتناوب لزراعتها من قِبل جميع الفلاحين. ثم يقسمونها فيما بينهم حسب رتبهم؛ وتُيسر التقسيمَ وفرةُ المساحات الشاسعة من الأراضي الصالحة للزراعة المتاحة. ويُصار إلى تغيير الأراضي المحروثة سنويًا، فيتبقى هناك فائضٌ كافٍ"(16). وقد أُقرَّ بأنه في العديد من المجتمعات الجماعية: "لا يمتلك الفرد أيَّ ملكيةٍ منفصلةٍ عن الجماعة، بل هو مجرد حائز لها" بموجب مبادئ حق الانتفاع الجماعي. ويذهب جزءٌ من فائض العمل دائمًا إلى "الجماعة الأعلى" لإعادة الإنتاج (17). في مثل هذه الحالات، "تظلُّ العضوية في الجماعة الشرط الأساسي لامتلاك الفرد للأرض وللتربة؛ ولكن بصفته عضوًا في الجماعة، يكون الفرد مالكًا خاصًا" لقطعة أرضٍ مُعيَّنة (18).
[الاقتصاد الطبيعي (غير السلعي) للإنكا]
في كل من كتابيه "الأسس" و "رأس المال" ، أكد ماركس بشدة على العلاقات الجماعية البيروفية في ظل حكم الإنكا. واستنادًا إلى عمل بريسكوت، لاحظ ماركس أنه في مجتمع الإنكا لم يكن لدى الفرد "سلطة التصرف بممتلكاته أو إضافتها" فيما يتعلق بالأرض، التي كانت مملوكة جماعيًا ويعاد توزيعها كل عام. في "رأس المال" ، أشار ماركس إلى بيرو في ظل حكم الإنكا على أنها كانت تتمتع بـ "اقتصاد طبيعي" أو اقتصاد غير سلعي، وإلى "الشيوعية المتطورة ابداعاً عند البيروفيين". ومما أثار اهتمام ماركس فيما يتعلق ببيرو هو أنها كانت "مجتمعًا توجد فيه أعلى أشكال الاقتصاد، مثل التعاون وتقسيم العمل المتطور وما إلى ذلك" "على الرغم من عدم وجود أي نوع من النقود" و لا "مجموعة العمل". في بعض التكوينات الاجتماعية الأخرى، مثل المجتمعات السلافية، أكد ماركس أنه في حين أن التبادل النقدي قد حصل في العلاقات الخارجية، إلا أن هذا التبادل النقدي لم يكن "في قلب المجتمع الجماعي كعنصره المكون الأصلي". حتى في الإمبراطورية الرومانية في أوج تطورها، كان "نظام المال" مهيمناً في الجيش فقط (19).
[النظام الجماعي الآسيوي]
اعتبر ماركس أن "النظام الجماعي الآسيوي" المتمثل بالمجتمعات القروية التي ما زالت قائمة هو أحد أهم نماذج "الوحدة الأصلية" القائمة بين العمال وظروف الإنتاج الطبيعي. وأصرّ على أن هناك "مجموعةً كاملةً من الأنماط المتنوعة (وإن لم يبقَ منها أحيانًا سوى بقايا) [من " الملكية الجماعية البدائية "] ما تزال قائمةً في الهند، حيث يمكن رؤية "العمل الجماعي" بـ "شكله الذي تطور تلقائيًا". في الواقع، "فإن الدراسةً المتأنيةً لأشكال الملكية الجماعية الآسيوية، وخاصةً الهندية، تشير إلى أن تفكك مختلف أشكال الملكية الجماعية البدائية يؤدي إلى ظهور أشكالٍ جديدة متنوعة من الملكية. على سبيل المثال، يمكن إرجاع النماذج الأولية للملكية الخاصة الرومانية والألمانية إلى أشكالٍ معينة من نمط "الملكية الجماعية الهندية". لقد مثَّل الشكل الآسيوي للملكية في المجتمعات القروية شكلاً (نظرياً) سابقاً للنمط اليوناني والروماني القديم (20). وفي تحليل ماركس للتشكيلات الاقتصادية ما قبل الرأسمالية - مثلما لاحظ هوبسباوم - فإن "الأشكال الشرقية [الآسيوية] (والسلافية) كانت هي الأقرب تاريخياً إلى أصول الإنسان، لأنها تحافظ على المجتمع البدائي (القروي) العامل وسط البنية الفوقية الاجتماعية الأكثر تعقيداً، ولديه النظام الطبقي غير المتطور على نحوٍ كافٍ" (21).
غالبًا ما يُقال إن ماركس وإنجلز قد ركزا بقوة على فكرة "النمط الآسيوي" للإنتاج، والذي يُوصف عادةً - بالاعتماد على كارل فيتفوجل أكثر من ماركس - كمجتمع أدت فيه الحاجة لمشاريع الري الكبيرة، وبالتالي للعمل الجماعي الهائل، إلى نمو الدولة المركزية الاستبدادية، أو تضخمها. ومع ذلك، فلا يوجد أساس يُذكر لهذا عند ماركس. فعلى الرغم من أن ماركس قد استخدم مفهوم "النمط الآسيوي" في مقدمة مساهمته في الاقتصاد السياسي عام 1859، إلا أنه لم يستخدم بعدها هذا المصطلح أبدًا تقريبًا، وأسقطه في النهاية تمامًا. وعلاوة على ذلك، بينما أشار ماركس في بعض الأحيان إلى الدولة الاستبدادية التي تدير مشاريع الري الكبيرة، إلا أن تحليله كان موجهًا بشكل عام إلى مجتمعات القرى نفسها التي رآها جماعيات مكتفية ذاتيًا تُظهر الملكية الجماعية والإنتاج والتبادل في كل من الزراعة والصناعة الصغيرة (الإنتاج الحرفي) (22). ولقد أظهرت هذه المجتمعات القروية الهندية - التي عرّفها ماركس صراحةً بـ"الشيوعية البدائية"- صمودًا وجودياً يشير إلى عراقةٍ تتفوق حتى على "الكومونة والدولة القديمة" لليونان وروما. علاوةً على ذلك، وخلافًا لليونان وروما القديمتين، لم تكن العبودية هي الأساس الاقتصادي للمجتمع الآسيوي (23). ورغم أن هذه المجتمعات غالبًا ما اتخذت شكلًا استبداديًا تابعًا، إلا أن هذا لم ينفِ، في نظر ماركس، الطابع الجماعي للملكية/الإنتاج داخل مجتمعاتها القروية نفسها. ومع ذلك، غالبًا ما أدى الاستبداد من أعلى، إلى جانب الاستعمار، إلى ركودها لتصبح مجرد انظمة إعادة إنتاج بسيط (24).
كما أشار ماركس في كتابه "الأسس" إلى أن الطبيعة الاقتصادية للإنتاج والتبادل الجماعي قد كمنت في الاهتمام بالاحتياجات الإنسانية الجماعية وبتطوير مهارات الفرد الاجتماعي. "إن الطابع الجماعي للإنتاج من شأنه أن يجعل المنتِج مُنتِجًا جماعيًا عامًا، منذ البداية" لا يتوسطه تبادل السلع [نقداً]. "التبادل الذي يحدث أصلاً في الإنتاج ... لن يكون تبادلًا لقيم التبادل، وإنما للأنشطة" ولقيم الاستعمال. وسيتم تحديد هذا الإنتاج / التبادل الجماعي "من خلال الاحتياجات الجماعية والأغراض الجماعية [و] سيشمل منذ البداية مشاركة الفرد في عالم المنتجات الجماعي". بطبيعته، لا يتم تحديد الإنتاج الجماعي قبلياً بواسطة السوق بحيث يسمح لرأس المال بالتوسط في جميع علاقات الإنتاج، بل بالأحرى قبل ذلك على أساس المبادئ الجماعية التي من خلالها يُفترض الطابع الاجتماعي للإنتاج منذ البداية (25). وبهذا المعنى، فإن الإنتاج على أساس الملكية المشتركة، في سياق معاصر، كما زُعم، يجب أن يتم تنفيذه "وفقًا لخطة اجتماعية محددة"، وهي الخطة التي "تحافظ على التناسب الصحيح بين الوظائف المختلفة للعمل وبين الاحتياجات المختلفة لمجموعات العمال" (26).
[نمط الإنتاج الرأسمالي]
في المجتمع الرأسمالي، بحسب ماركس، فإن "الوقت هو كل شيء، والإنسان هو لا شيء؛ إنه، على الأكثر، جثة الوقت. لم تعد الجودة مهمة. الكمية وحدها هي التي تحدد كل شيء" (27). بالمقابل، فيما يتعلق بالإنتاج الجماعي، يُعَدّ وقت العمل، ككمية محضة، حاسمًا، ولكنه ليس صاحب الكلمة الفصل.
"لا شك أن تحديد الوقت يبقى أساسيًا. فكلما قلّ الوقت الذي يحتاجه المجتمع لإنتاج القمح والماشية، إلخ، كلما زاد الوقت الذي يكسبه ذلك المجتمع لتحقيق إنتاجات أخرى، مادية كانت أم ذهنية. وكما هو الحال بالنسبة للفرد، فإن تعددية نموه ومُتعه ونشاطه تعتمد على الاقتصاد في الوقت. فالاقتصاد في الوقت، بالنسبة لهذا النمط الاجتماعي، يُختزل نفسه في النهاية. كذلك، على المجتمع أن يوزع وقته بطريقة هادفة، لتحقيق إنتاج كافٍ لاحتياجاته العامة... وهكذا، يبقى الاقتصاد في الوقت، إلى جانب التوزيع المخطط لوقت العمل بين مختلف فروع الإنتاج، هو القانون الاقتصادي الأول لأساس الإنتاج الجماعي. بل أنه يصبح قانونًا، هناك، وبدرجة أعلى في الأهمية. ومع ذلك، يختلف هذا اختلافًا جوهريًا عن قياس قيم التبادل (العمل أو المنتجات) بوقت العمل. فعمل الأفراد في فرع العمل نفسه، وأنواع العمل المختلفة، يختلف عن بعضه البعض ليس فقط كميًا، بل ونوعيًا أيضًا" (28).
صحيحٌ أن ماركس قد كتب إلى إنجلز عام ١٨٦٨ قائلاً أنه: "ليس بوسع أي شكل من أشكال المجتمع منع وقت العمل المتاح له من تنظيم الإنتاج بطريقة أو بأخرى. ولكن ما دام هذا التنظيم لا يتم من خلال السيطرة المباشرة والواعية للمجتمع على وقت عمله - وهو أمرٌ لا يمكن تحقيقه إلا في ظل الملكية المشتركة وليس من خلال حركة أسعار السلع" - فإن النتيجة هي فوضى المجتمع الطبقي الرأسمالي، وبالتالي فشله في تلبية "هرم... الاحتياجات". في ظل الاقتصاد السلعي المعمم للرأسمالية، تصبح الاحتياجات الإنسانية والاجتماعية الأكثر إلحاحًا - بما في ذلك التطور الحر للفرد - عوائق أمام التراكم بدلًا من أن تُشكل الأهداف الرئيسية للإنتاج (29).

[نمط الإنتاج القائم على دفع الجزية (أو الخَراج) ]
كانت القوة الإنتاجية الناشئة للعمل كتعاون حيث يصبح من خلالها العمال أعضاء في "كيانات عاملة" موجودة بالفعل قبل الرأسمالية. وكما كتب ماركس في "رأس المال": ، فإن "التعاون البسيط"، الذي حقق "هياكل عملاقة"، كان واضحًا في الأعمال الضخمة "للآسيويين القدماء والمصريين والإتروسكان" وفي أعمال الإنكا في بيرو- مثلما لاحظ في مكان آخر. لقد وَجَدَت الحضارات المبكرة في آسيا "نفسها وهي تمتلك فائضًا [من قوى العمل] يُمكنها تشغيله في انجاز أعمال رائعة أو مفيدة. وفي بناء هذه الأعمال، فقد أنتجت بفعل سيطرتها على أيدي وأذرع جميع السكان غير الزراعيين تقريبًا آثارًا هائلة ما تزال تؤشر لقوتها" (30). لقد تمكنت هذه المجتمعات غير السلعية المتنوعة من استخراج الفائض كجزية من السكان الزراعيين إلى حد كبير. ويتوافق هذا مع نموذج الاقتصادات الطبيعية، أو ما يُطلق عليه الآن على نطاق واسع اسم "نمط الإنتاج القائم على دفع الجزية"، والذي شمل العديد من الحضارات ما قبل الرأسمالية، من العصور القديمة إلى عصر الإقطاع، والتي احتفظ معظمها بعلاقات جماعية أو كومونية في قاعدة المجتمع (31). وكما لاحظ سمير أمين، فإن "نمط دفع الجزية" قد انبثق من "أنماط إنتاج جماعية" سابقة. وهو "يضيف إلى المجتمع القروي الذي ما يزال قائمًا جهازًا اجتماعيًا وسياسيًا لاستغلال هذا المجتمع من خلال فرض الجزية". وعلى الرغم من أنه قد تباين بشكل كبير في أوقات وأماكن مختلفة، إلا أنه شكّل "الشكل الأكثر انتشارًا لمجتمعات ما قبل الرأسمالية" (32).
من المجالس المشتركة/الكومونات للعصور الوسطى إلى كومونة باريس عام 1871
حتى أوائل العصر الحديث، اعتمدت قرى الفلاحين في أوروبا على الحقوق العرفية المتعلقة بالأرض، والتي غالبًا ما كانت مصحوبة بالإنتاج السلعي الصغير. ومن ثم، فقد اعتمد الانتقال من الإقطاع إلى الرأسمالية في أوروبا - كما حصل في إنجلترا بدءًا من القرن الخامس عشر - على انحلال الحقوق العرفية والتسوير [الفردي الخاص] للأراضي المشتركة، مما أدى إلى نشوء طبقة بروليتاريا حديثة - وهي عملية استغرقت قرونًا. ولقد ارتبطت الأراضي المشتركة أو الملكية الجماعية - حتى في ظل الإقطاع والأشكال الأخرى من الإنتاج الخاضع للضريبة - بحقوق التملك الجماعية، مع توجهها نحو القيم الاستعمالية وإلى أشكال التبادل غير السلعية. وفي حين أن الملكية الخاصة للاقتصاد السلعي المعمم قابلة للتصرف، فإن الملكية المشتركة للأرض ليست كذلك، لكونها متجذرة في الحقوق العرفية للمجتمع أو ضمن نطاق منطقة معينة. وكما يشير المؤرخ بيتر لاينبو، "تتأصل الحقوق المشتركة في بيئة معينة مع زراعتها المحلية" (33). في مجتمع العصور الوسطى، كانت للمجتمعات الفلاحية حقوقها العرفية في الاستيلاء على الأرض/الطبيعة، مما وضع حدودًا للحقوق المقابلة للوردات الإقطاعيين في الأرض.
غالبًا ما يُنظر إلى الأراضي المشتركة في إنجلترا في العصور الوسطى على أنها كانت مبنية ببساطة على الأراضي المشتركة نفسها (الغابات والمستنقعات والمروج غير المزروعة المستخدمة للرعي وللمواد والموارد الطبيعية)، ولكن لا يمكن فصل الأراضي المشتركة بهذا المعنى الضيق عن الحقول المشتركة نفسها، المحيطة مباشرة بالمدن والقرى، والتي كانت تُزرع عادةً من خلال الحرث الجماعي، مع توزيع شرائح الأرض بطريقة تضمن المساواة بين القرويين في الوصول إلى أكثر الأراضي خصوبة (34). كتب ماركس على نطاق واسع في "رأس المال" وفي أماكن أخرى عن تسوير الأراضي المشتركة باعتباره عاملاً حاسماً في تطور الرأسمالية، وعن الوسائل الوحشية المستخدمة في مصادرت تلك الأراضي المشتركة قسراً، معلقًا على: "راحة البال الثابتة التي ينظر بها الاقتصادي السياسي إلى أبشع انتهاك لـ "حقوق الملكية المقدسة" وأفظع أعمال العنف ضد الأشخاص، لمجرد ضرورتها لبناء أسس نمط الإنتاج الرأسمالي" (35).
ولطالما ارتبط مفهوم المجتمع الجماعي بمسألة هيكل القيادة السياسية للمجتمع، بالإضافة إلى الملكية/الإنتاج، مما أثار مسألة الحاكمية الجماعية. في أواخر العصور الوسطى، وخاصة في شمال إيطاليا واقليم الفلاندرز، ظهرت الكومونات الحضرية أو المدن التي تتمتع بالحكم الذاتي والقائمة على يمين ملزم بين مواطنين متساوين (أغنياء عادةً) في تحدٍّ للمفاهيم الإقطاعية المتعلقة بالرتبة والتبعية. بُنيت هذه الكومونات الحضرية في العصور الوسطى حول نقابات الأصناف، وبالتالي فقد اتخذت شكل الأوليغارشية التجارية القائمة على النقابات، مشكلةً بذلك مهد البرجوازية. كما ولّد العصر الإقطاعي مفاهيم طوباوية للكومونات الحضرية، نشأت لدى البرجوازية النامية (36). وقد عُرفت حكومة مدينة باريس، عقب اقتحام سجن الباستيل عام 1789، باسم "كومونة باريس". ومن كومونة باريس السابقة المنبثقة من الثورة البرجوازية استمدت كومونة باريس العمالية الثورية اسمها عام ١٨٧١ (37). وبعيدًا كل البعد عن كومونات العصور الوسطى السابقة، وحتى عن كومونة باريس لعام ١٧٨٩ [البرجوازية]، فإن كومونة باريس القصيرة العمر لعام ١٨٧١ التي نشأت خلال الحرب الفرنسية البروسية - لم تُمثل، وفقًا لماركس، البناء لسلطة دولة جديدة، بل نفيًا لسلطة الدولة القائمة، وبالتالي نفياً للعلاقة المزدوجة المنفصلة القائمة بين الدولة والمجتمع المدني. لقد أسست نظامًا جماعيًا حضريًا ثوريًا حقيقيًا للطبقة العاملة في القرن التاسع عشر، والذي انتهى بعد اثنين وسبعين يومًا بمذبحة الكومونيين على يد الدولة الفرنسية.
بالنسبة لماركس، فقد قدمت كومونة باريس هيكلاً جديداً للقيادة السياسية الجماعية؛ هيكلاً منفصلاً عن الدولة الرأسمالية كقوة كائنة فوق المجتمع، وإن أدت وظائف مماثلة لها، متأثرة بالنظام البرجوازي الذي انبثقت منه. لقد أُدخلت كومونة باريس حق الاقتراع العام للذكور. وكان على المسؤولين المنتخبين فيها أن يتقاضوا أجوراً مساوية للأجور العامة للعمال، مع إمكانية استبدال المنتخبين فوراً إذا لم يلتزموا بتعليمات ناخبيهم. وألغت الكومونة عقوبة الإعدام، وعمالة الأطفال، والتجنيد الإجباري، كما ألغت الديون. ونُظم العمال في جمعيات تعاونية لإدارة المصانع، مع خطط لتنظيم التعاونيات في اتحاد كبير واحد. وتم تأسيس اتحاد للنساء، بالإضافة إلى نظام تعليم علماني شامل (38). وكما كتب ماركس في كتابه "الحرب الأهلية في فرنسا" (1871):
"كانت الكومونة تروم إلغاء تلك الملكية الطبقية التي تجعل من عمل الكثيرين المصدر لغنى القلة. لقد استهدفت مصادرة ممتلكات المُصادِرين. كما سعت لجعل الملكية الفردية حقيقة من خلال تحويلها لوسائل الإنتاج - الأرض ورأس المال، والتي أصبحت الآن بشكل رئيسي وسائل لاستعباد واستغلال العمل - إلى مجرد أدوات للعمل الحر والمشترك مثلما هي بالأصل. - لكن هذه هي الشيوعية: الشيوعية "المستحيلة"! ... [في الواقع،] إذا كان الإنتاج التعاوني لا يجب أن يظل خدعة وفخًا؛ وإذا كان يجب أن يحل محل النظام الرأسمالي؛ وإذا كانت الجمعيات التعاونية المتحدة ستنظم الإنتاج الوطني وفقًا لخطة مشتركة، وبالتالي تضعه تحت سيطرتها وتضع حدًا للفوضى المستمرة وللأزمات الدورية التي هي مصير الإنتاج الرأسمالي - فماذا ... سيكون كل ذلك سوى الشيوعية، الشيوعية "الممكنة"؟ ... كانت هذه أول ثورة تم فيها الاعتراف بالطبقة العاملة على أنها الطبقة الوحيدة القادرة على المبادرة الاجتماعية .... كان الإجراء الاجتماعي الأعظم للكومونة هو وجودها العامل. ولم تكن إجراءاتها الخاصة إلا دليلاً على توجه حكومة الشعب لمصلحة الشعب... وكان الإجراء الآخر لهذه الطبقة [العاملة] هو تسليم جميع الورش والمصانع المغلقة إلى جمعيات العمال، مع الاحتفاظ بالتعويضات، بغض النظر عما إذا كان الرأسماليون المعنيون قد هربوا أو فضّلوا الإضراب عن العمل" (39).
بالنسبة لماركس، فقد أثبتت كومونة باريس، مع كل نقاط ضعفها، أنه في جمهورية الطبقة العاملة، لم تعد سلطة الدولة فوق المجتمع المدني ضرورية، إلى جانب إلغاء المجتمع المدني البرجوازي نفسه. كانت كومونة باريس كومونة حضرية، تُنذر بجمهورية الطبقة العاملة ككل، القائمة على الإنتاج الجماعي في ظل خطة مشتركة وحكم اجتماعي ديمقراطي، مُشكلةً بذلك مرحلةً أوليةً في الانتقال إلى مجتمع شيوعي أشمل. "كان من شأن الدستور الكوموني أن يُعيد إلى الجسم الاجتماعي جميع القوى التي امتصتها حتى الآن طفيليات الدولة التي تتغذى على حرية حركة المجتمع وتُعيقها" (40).
انعكست هذه النظرة الشاملة لتشكيل المجتمع الجماعي، والتي شحذتها تجربة كومونة باريس، في "نقد برنامج غوتا" ، الذي كتبه ماركس عام 1875. بالنسبة لماركس، مثلت كومونة باريس عام 1871 الشكل الذي تم اكتشافه أخيرًا لـ "الدكتاتورية الثورية للبروليتاريا"، والتي كان يعتقد أنها تهدف إلى الإطاحة بدكتاتورية الطبقة الرأسمالية، وتشكيل نظام جديد أكثر ديمقراطية عبر الانتقال إلى الاشتراكية/الشيوعية. في الشيوعية المتطورة تمامًا، كما تصورها ماركس وإنجلز، لن يوجد هناك وحش السلطة الدولة ليقف فوق المجتمع. ستضمحل الدولة تدريجيًا مع انتقال هيكل القيادة السياسية إلى السكان بشكل عام، ليحل محله ما أسماه إنجلز ببساطة المجتمع/الكومونة (41). ولن يكون هناك مجتمع مدني بالمعنى البرجوازي. وسيتم تشغيل الاقتصاد وفقًا لخطة مشتركة يتم فيها اتخاذ القرارات بشكل أساسي مسبقًا من قبل المنتجين المتحدين أنفسهم، وليس بعد المهرجان من قبل السوق. والعمل الإبداعي، سيكون "الضرورة الأساسية للحياة" بحيث يصبح "التطور الحر لكل فرد" أساسًا "للتطور الحر للجميع". وسيكون الهيكل العام للاقتصاد هو هيكل "المجتمع التعاوني القائم على الملكية المشتركة لوسائل الإنتاج" ويحكمه مبدأ: " من كل حسب قدرته، ولكل حسب حاجته" . "في المجتمع التعاوني القائم على الملكية المشتركة لوسائل الإنتاج، لا يتبادل المنتجون منتجاتهم... لأنه الآن - على عكس المجتمع الرأسمالي - لم يعد العمل الفردي موجودًا بشكل غير مباشر، بل بشكل مباشر كجزء مكون من إجمالي العمل". في مثل هذا المجتمع، سيزداد "الإشباع الجماعي للاحتياجات، مثل التعليم والخدمات الصحية، وما إلى ذلك" بشكل كبير، وكذلك يزداد نطاق التطور الحضاري بشكل عام. وستُحوّل "مصادر الحياة" - أي الأرض/الطبيعة - إلى ملكية مشتركة لصالح الجميع (42).
عند تحديد الطابع العام للإنتاج، كتب ماركس في "رأس المال" : "الحرية، في هذا المجال [التي تحددها الضرورة الطبيعية]، لا يمكن أن تتكون إلا من هذا: أن الإنسان المؤتمن، المنتجين المتوحدين، يحكمون عملية الأيض البشري مع الطبيعة بطريقة عقلانية ... ويحققونها بأقل قدر من إنفاق للطاقة" في عملية تعزيز التنمية البشرية المستدامة (43). وسيتم تجاوز صدع الأيض الاجتماعي الفاصل بين البشرية والطبيعة. وكما أشار ماركس في وقت مبكر في مخطوطاته الاقتصادية والفلسفية ، "الشيوعية، باعتبارها طبيعية متطورة تمامًا، تساوي الإنسانية؛ وباعتبارها إنسانية متطورة تمامًا فإنها تساوي الطبيعية؛ إنها الحل الحقيقي للصراع بين الإنسان والطبيعة" (44).
الثورة في الزمن الإثنولوجي
شهد عام 1859 نشر كتاب تشارلز داروين كتابه "أصل الأنواع" ، الذي قدم نظرية قوية للتطور الطبيعي للأحياء لأول مرة. كما شهد "ثورة في الزمن الإثنولوجي" وثيقة الصلة، نتجت عن اكتشاف بقايا بشرية من عصور ما قبل التاريخ في كهف بريكسهام بجنوب غرب إنجلترا. وقد أدى اكتشاف كهف بريكسهام إلى توسيع مدة الفترة التي تم فيها التعرف على البشر على الأرض بآلاف القرون. كما تم العثور على بقايا بشرية، مصحوبة أحيانًا بأدوات بدائية، قبل ذلك، بما في ذلك أول بقايا إنسان النياندرتال في "وادي نياندرتال" في ألمانيا عام 1856. وعلى الرغم من أنها أقل إثارة من اكتشاف إنسان النياندرتال، إلا أن بقايا كهف بريكسهام لم تترك أي شك حول "عظمة التاريخ القديم للبشرية" (45).
وكانت النتيجة اندفاعًا كبيرًا لاستكشاف الأصول التطورية والأنثروبولوجية للبشر، ولطبيعة المجتمعات المبكرة، ولأصول الأسرة والدولة والملكية الخاصة، في أعمال مثل كتاب توماس هكسلي: "الأدلةعلى مكان الإنسان في الطبيعة" (1863)؛ و"الأدلة الجيولوجية على قِدم الإنسان" لتشارلز ليل (1863)؛ و"عصور ما قبل التاريخ" لجون لوبوك (1864)؛ و"مجتمعات القرى في الشرق والغرب" لهنري سومنر مين (1871)؛ و"المجتمع القديم" للويس هنري مورغان (1877)؛ و"القرية الآرية في الهند وسيلان" لجون بود فير (1880). وفي ألمانيا، واصل جورج لودفيج فون مورير البحث الذي بدأه في عام 1854 بعمله العظيم حول نظام [كومونة] المارك الألمانية في كتابه: "مقدمة لتاريخ المارك، ودساتير القرى والبلدات والسلطة العامة".
في الفترة من ١٨٨٠ إلى ١٨٨٢، ألّف ماركس سلسلة من المقتطفات من أعمال مورغان، وفير، وماين، ولوبوك، عُرفت باسم " الدفاتر الإثنولوجية ". وكان قد دوّن ملاحظاتٍ مُوسّعة قبل عام من الدراسات الإثنولوجية لعالم الاجتماع الروسي الشاب مكسيم كوفاليفسكي، الذي تناولت مخطوطة كتابه " الملكية الجماعية للأراضي: أسبابها، مسارها، وعواقب انحلالها " العلاقات الجماعية في الهند والجزائر وأمريكا اللاتينية (46). وفي الفترة من ١٨٨٠ إلى ١٨٨١، دوّن ماركس مقاطع من كتاب ويليام ب. موني " جاوه؛ أو كيف تُدير مستعمرة" (1861).
تجلى اهتمام ماركس بالدراسات الإثنولوجية في أواخر حياته بوضوح في رده على عمل مورير حول نظام المارك الألماني، الذي أثبت فيه مورير بشكل قاطع أن المارك قد تمتع بأساس جماعي أقوى مما كان يُعتقد سابقًا. وفي رسالته إلى إنجلز عام ١٨٦٨، أشار ماركس إلى أن هذه الدراسات الإثنولوجية التي أجراها مورير وآخرون قد كشفت، دون علم منهم، عن أهمية "النظر إلى ما وراء العصور الوسطى، إلى العصر البدائي لكل أمة، وأن هذا يتوافق مع التوجه الاشتراكي". ومع ذلك، أشار ماركس إلى أن مورير وغيره من باحثي الإثنولوجيا- مثل عالم اللغة والمؤرخ الثقافي جاكوب غريم - لم يُظهروا فهمًا حقيقيًا لهذا التوجه: "لقد تفاجأوا بالعثور على ما هو أحدث في ما هو أقدم". أما الأشكال الجماعية الباقية، وهي بقايا مجتمعات كانت أكثر مساواة في الماضي، فقد أشارت بطريقة جدلية إلى المجتمع الشيوعي المتطور في المستقبل (47).
وبفعل دراساته السابقة الدقيقة للملكية المشتركة وللحكم الجماعي في المجتمعات، فقد تمكن ماركس من دمج هذه الاكتشافات الجديدة بكل ثرائها دون تغيير جذري في نهجه الأساسي الذي طوره على مدار حياته. في دفاتره الإثنولوجية ، غالبًا ما ينصبُّ التركيز على العلاقات الجماعية. وقد سلط ماركس الضوء على سبعة وعشرين مقطعًا من كتاب مورغان " المجتمع القديم" تتناول الملكية المشتركة والإسكان وحيازة الأراضي عبر وضعه الخطوط المتوازية بجانبها في الهوامش أو عبر تدوينه للتعليقات الموجزة عليها (48). مع ذلك، فقد تم التركيز هنا بشكل أكبر بكثير مما كان عليه في أعمال ماركس السابقة على العلاقات القائمة على القرابة والجنوسه حيثما تشكلت تلك المجتمعات. لقد أعجب ماركس بشكل خاص بدراسات مورغان عن تكتل "هاودنوسوني" [في ولاية نيويورك]، الذي أطلق عليه الفرنسيون اسم "اتحاد الإيروكوا"، و"عصبة الأمم الخمس" من قبل الإنجليز، والذي مثَّل مجتمعًا سابقًا قائمًا على نظام تكتل العشائر. كتب ماركس، مقتبسًا من مورغان، "كان جميع أعضاء عشيرة الإيروكوا أحرارًا شخصيًا وملزمين بالدفاع عن حرية بعضهم البعض" (49). لقد بنى شعب الهاودنوسوني بيوتًا طويلة واسعة ضمت عائلات متعددة. ووصف مورغان هذه البيوت الطويلة في كتابه "منازل وحياة السكان الأصليين الأمريكيين" (1881) بأنها "واسعة بما يكفي لاستيعاب خمس أو عشر أو عشرين عائلة، وكانت كل أسرة تمارس الشيوعية في معيشتها" (50). وبكلمات مورغان، كما اقتبسها ماركس وأكد عليها: "هذه ستكون (خطة مجتمعية أسمى) إحياءً - بشكل أسمى - لحرية ومساواة وإخاء العشائر القديمة [المجتمع الجماعي التقليدي]" (51).
لقد أزال فهم ماركس للملكية على أنها ناشئة أصلاً عن الاستيلاء على الطبيعة أسطورة الشعوب عديمة الملكية التي استُخدمت لتبرير مصادرة الأراضي من قبل المستعمرين الأوروبيين. في مقتطفاته المقتبسة من كتاب كوفاليفسكي: "الملكية الجماعية للأراضي فيما يتعلق بالجزائر"، لاحظ ماركس (عبر كوفاليفسكي) أن "قرونًا من الحكم العربي والتركي وأخيرًا الفرنسي، باستثناء الفترة الأخيرة ... لم تتمكن من تفكيك التنظيم القائم على القرابة، ومبادئ عدم قابلية ملكية الأراضي للتجزئة وللتصرف فيها" (52). مع ذلك، فإن الثورة وحدها هي التي يمكن أن تضمن حيازة الأراضي الجماعية الدائمة. بعد شهرين قضاهما في الجزائر عام 1882 للنقاهة، أعلن ماركس أن الجزائريين "سيذهبون إلى الخراب والدمار بدون الحركة الثورية" (53). وعلى نحو مماثل، كان عليه أن يلاحظ بشكل خاص من خلال مقتطفاته من كتاب كوفاليفسكي: "السرقة البريطانية للممتلكات الجماعية والخاصة للفلاحين" في الهند (54).
وبسبب اعتلال صحته، لم يتمكن ماركس في السنوات الأخيرة التي سبقت وفاته عام ١٨٨٣ من إعداد أطروحة، كما كان ينوي بوضوح، مستندًا إلى دفاتره الإثنولوجية. مع ذلك، فقد سعى إنجلز إلى نقل اكتشافات ماركس الإثنولوجية إلى الأمام من خلال ابحاث مورغان وماورير وآخرين في كتابه "أصل العائلة والملكية الخاصة والدولة" (١٨٨٤)، الذي كُتب في العام التالي لوفاة ماركس؛ وكذلك في كتاب "المارك" (١٨٨٢)، الذي قرأه ماركس وعلق عليه قبل النشر. كان تحليل إنجلز متجذرًا بعمق في دراسة القرابة والعلاقات بين الجنسين، وخاصةً "العشيرة" (الجينس: gens) حسبما تجلت في مختلف الثقافات. في كل مكان - في الإيروكوا في أمريكا الشمالية، وفي الإنكا في بيرو، وفي المجتمعات القروية في الهند وجاوه، وفي القبائل الروسية، وفي العشائر السلتية في أوروبا، وفي العصور اليونانية القديمة، وفي [كومونة] المارك الألماني - كانت هناك دلائل، كما جادل، على وجود مجتمعات عائلية كبيرة، وحياة مشتركة، وحيازة مشتركة للأراضي، وحرث مشترك، وعمل تعاوني، تختلف باختلاف الزمان والمكان. وكانت جوانب هذه العلاقات الجماعية القديمة واضحة في الفراترية اليونانية القديمة والعشائر الرومانية (55). كما أعلن ان: "المجتمع العائلي الأبوي":
"كان منتشراً على نطاق واسع، إن لم يكن شاملاً، كمرحلة وسيطة بين الأسرة الشيوعية الأمومية والأسرة المنعزلة الحديثة... وستظل التساؤلات حول ما إذا كانت وحدتهم الاقتصادية هي العشيرة أم الجماعة العائلية أم جماعة القرابة الشيوعية الوسيطة، أو ما إذا كانت هذه الجماعات الثلاث قائمةً بظروف الأرض، موضع جدل طويل. إلا أن كوفاليفسكي يؤكد أن الظروف التي وصفها تاسيتوس لا تفترض وجود الجماعة الماركية أو القروية، بل الجماعة العائلية؛ إلا أن هذه الأخيرة تطورت، في وقت لاحق، إلى الجماعة القروية، بسبب نمو السكان." (56)
في تصور إنجلز، فإنن أقدم المجتمعات القبلية التقليدية القائمة على الصيد والجمع - حيث لم يكن هناك فائض اقتصادي بعد - كان النظام الاجتماعي فيها يركز على إعادة إنتاج العلاقات القرابة والسكان أكثر من تركيزه على الإنتاج بالمعنى الاقتصادي (57).
الكومونة الروسية (مير/ أوبشينا)
نشأت القضية المعاصرة للكومونة الروسية، التي لعبت دورًا مهمًا في فكر ماركس وإنجلز، لأول مرة خلال الفترة من 1847 إلى 1852. في ذلك الوقت، كتب البارون البروسي فون هاكستهاوزن-أبينبورغ (أرستقراطي ألماني ومسؤول ومؤيد للقنانة) دراسة عن العلاقات الزراعية الروسية بدعم من القيصر، حيث كشف عن الوجود الواسع النطاق للمير الروسي ( أوبشينا ). وكان لهذا الاكتشاف دور كبير في تطور الحركة الشعبوية (النارودنية) الروسية. في البداية، لم ير ماركس شيئًا مميزًا بشكل خاص في المير الروسي، واعتبره مجرد مظهر من مظاهر النظام الطائفي القديم المتدهور. ومع ذلك، عند استلامه لنسخة من كتاب: "وضع الطبقة العاملة في روسيا" للباحث الروسي الشاب ف. ف. بيرفي (فليروفسكي) في عام 1869، فقد كرس ماركس نفسه بأقصى سرعة لتعلم قراءة اللغة الروسية، وهو ما حققه في أقل من عام. وقد قاده هذا إلى الدراسة المكثفة للحركة الشعبوية الروسية، الأمر الذي أدى في النهاية إلى تغيير وجهة نظره بشأن الأهمية المعاصرة للـ"مير" (58).
تجلت وجهة نظر ماركس المتطورة عن الكومونة الروسية في مسودات رسالته إلى فيرا زاسوليتش عام 1881، وفي مقدمة عام 1882 (التي كتبها بالاشتراك مع إنجلز) للطبعة الروسية الثانية من البيان الشيوعي. في مسودات رسائله إلى زاسوليتش، جادل ماركس بأن المير الروسي كان الشكل الأكثر تطورًا للزراعة الجماعية، والتي تم العثور على آثار لها "في كل مكان" في أوروبا، وفي أجزاء من آسيا. كانت الأشكال السابقة - مثل القبائل الألمانية في زمن [يوليوس] قيصر- قائمة على القرابة وتتميز بالعيش الجماعي والزراعة الجماعية. على النقيض من ذلك، فإن الكومونة الزراعية اللاحقة للمارك الألماني، كما وصفها تاسيتوس بعد أكثر من قرن، جمعت بين الملكية الجماعية للقرية، بما في ذلك إعادة التوزيع الدوري للأرض، مع المنازل الفردية والزراعة. وقد أظهرت الجماعة الزراعية "الازدواجية" في أشكال الملكية التي كانت مصدرًا لمزيد من الحيوية وأيضًا علامة على الحل الوشيك والظهور التدريجي للملكية الخاصة، حيث ستصبح الملكية المشتركة المتبقية مجرد ملحق تابع للملكية الخاصة (59).
أظهرت جميع الأشكال الباقية لسلالة الزراعة الجماعية، والتي تواجدت في روسيا وآسيا في القرن التاسع عشر (في الأولى، خالية من القوة المشوهة للاستعمار الخارجي)، نفس الخصائص الثنائية الأساسية للكومونة الزراعية. فحيثما نجت الشيوعية الزراعية، كان ذلك بسبب وجودها كـ " عالم مصغر محلي " تعرض "لاستبداد مركزي إلى حد ما فوق الكومونة". وقد أثارت هذه الثنائية [اي عالمها المحلي المصغر وتعرضها للاستباداد المركزي من فوق] السؤال حول ما إذا كانت الكومونة الروسية أو المير يمكن أن تكون الأساس لتطور مجتمع شيوعي جديد. كانت إجابة ماركس المؤقتة هي أنه بالنظر إلى: (1) الأساس غير القرابي للكومونة الروسية؛ (2) "معاصرتها"، مما يعني أنها كانت قادرة على دمج بعض "الإنجازات الإيجابية للنظام الرأسمالي دون الحاجة إلى المرور تحت آلام الرأسمالية القاسية"؛ و(٣) بقاءها على أساس وطني ، يجعل منها مهيئة لاحتمال أن تصبح النواة لمجتمع جماعي حديث التطور، متجذراً في العمل التعاوني. كما أن أزمة المجتمع الرأسمالي المعاصر قد تُعزز في حد ذاتها "عودة المجتمعات الحديثة إلى شكل أرقى من الملكية الجماعية للإنتاج، وهو الشكل "القديم". ولكن لتحقيق ذلك، لا بد من ثورة تستند إلى الحركات الاشتراكية المعاصرة (60).
اختتم ماركس وإنجلز مقدمتهما للطبعة الروسية الثانية من "البيان الشيوعي" بالكلمات التالية: "إذا أصبحت الثورة الروسية هي الشرارة للثورة البروليتارية في الغرب، بحيث يتكامل الاثنان، فإن ملكية الأراضي الجماعية الفلاحية في روسيا قد تكون بمثابة نقطة الانطلاق للتطور الشيوعي" (61).
المجتمع الجماعي بين الماضي والمستقبل
أشار ماركس عدة مرات طوال حياته إلى أن وجود بقايا الملكية الجماعية للأراضي في المنطقة المحيطة بترير، حيث نشأ، قد ترك انطباعًا عميقًا لديه. ولقد ناقش علاقات الملكية القديمة هذه في شبابه مع والده، وهو محامٍ. ولا شك أن ترجمته لكتاب تاسيتوس "جرمانيا"- الذي أكمله ماركس بينما كانان ما يزال في سن المراهقة - قد عززت هذه الآراء. كما أن دراساته المبكرة للبولِس وللفلسفة اليونانية من خلال أرسطو وأبيقور (كلاهما تناول طبيعة المجتمع)؛ وانخراطه كمحرر لصحيفة "راينشه تسايتونج" في مسألة فقدان الفلاحين لحقوقهم العرفية في الغابة؛ وتبنيه لمفهوم هيغل عن الاستيلاء/الملكية كأساس للمجتمع، كل ذلك غذّى عنده هذا المنظور. اعتبر ماركس منذ عام 1842 أن الملكية قد انبثقت من "القوة الأساسية للطبيعة" مع العمل البشري. وكان هذا واضحاً في ألمانيا عصره في الحق العرفي/الجماعي لجمع الحطب من الغابة، بما يتماشى مع جميع أشكال الاستيلاء الأساسية للوجود البشري (62).
كان نهج ماركس تجاه مسألة الشيوعية منذ البداية ماديًا وتاريخيًا، مؤكدًا على الأصول الاجتماعية للبشر، على العكس من الآراء الفردية والمثالية والرومانسية والطوباوية الشائعة بين الاشتراكيين الفرنسيين والهيغليين الشباب الألمان. منذ كتاباته المبكرة، أكد ماركس على الأساس الطبيعي والجماعي للاستيلاء البشري على الطبيعة وعلى التطور الاجتماعي لعلاقات الملكية كمنتج للعمل البشري الواضح على مدار التاريخ البشري، مقارنًا ذلك بالعلاقات المنفصلة للملكية الخاصة الرأسمالية. وقد تضمنت آراؤه هذه وجهة نظر أنثروبولوجية عميقة ونظرية عمل للحضارة البشرية (63). كما دعمت الأنطولوجيا الاجتماعية الناتجة نقده الكامل للاقتصاد السياسي. لقد سيطرت فكرة أن الماضي قد قدم الأدلة العملية على المستقبل البشري، وإمكانية تجاوز الحاضر من خلال إنشاء المجتمع الجماعي الأعلى، على فكر ماركس منذ البداية تقريبًا.
ونظراً للأهمية الجوهرية للمجتمع الجماعي في فكر ماركس، فقد استعان بجميع المعلومات التاريخية والأنثروبولوجية المتاحة في عصره لاستكشاف مختلف أشكال الملكية الجماعية والحوكمة الجماعية، بما في ذلك الكومونات الزراعية والهياكل الجماعية الحضرية. وتعمق في التاريخ اليوناني والروماني، وفي تقارير الإداريين الاستعماريين، وفي الأعمال الإثنولوجية المبكرة. وقد تواصل بحث ماركس هذا على يد ماركسيين كلاسيكيين آخرين، ولا سيما روزا لوكسمبورغ (64).وفي نهاية المطاف، فقد كان ماركس مقتنعاً بأن الماضي هو الوسيط بين الحاضر والمستقبل. وسيُبعث الأساس الطبيعي والعفوي للبشرية بشكل مجتمعي أرقى، ليس فقط في أوروبا، بل في جميع أنحاء العالم من خلال الثورة. كتب هوبزباوم: "لا يوجد أي تفسير خاطئ لأفكار ماركس أكثر غرابة من التفسير الذي يوحي بأن ماركس قد توقع بدء الثورة من الدول الصناعية المتقدمة في الغرب حصراً" (65).
في عصرنا هذا، تُظهر الثورات في الصين - مع كوموناتها الشعبية المبكرة النابضة بالحياة ونظامها الحالي للملكية الجماعية للأراضي في المجتمعات - وفي فنزويلا - بكوموناتها المتنوعة ونضالها من أجل إنشاء "الدولة الجماعية" - أن المستقبل البشري، إذا كان هناك مستقبل على الإطلاق، إنما يستوجب إنشاء مجتمع جماعي، مجتمع من المنتجين المتحدين، ومن طرفهم، ولصالحهم (66) ."

المراجع:
1. ↩ Marx and Engels, Collected Works, vol. 29, 461.
2. ↩ Karl Marx, Grundrisse (London: Penguin, 1973), 495 Marx and Engels, Collected Works, vol. 5, 32–33. The question of “mother right”´-or-of traditional matrilineal society was only introduced later by Engels in The Origin of the Family, Private Property and the State, based primarily on Lewis Henry Morgan’s Ancient Society and Marx’s Ethnological Notebooks.
3. ↩ Karl Marx, Theories of Surplus Value (Moscow: Progress Publishers, 1975), part 3, 422–23 Frederick Engels, “Supplement to Volume Three of Capital,” in Karl Marx, Capital, vol. 3 (London: Penguin, 1981), 1038 Marx and Engels, Collected Works, vol. 47, 103. Engels expanded the concept of “primitive communism” to the precursors of the Germanic Mark association, as well as to the village communities in India and the Russian commune´-or-mir (obshchina) in his day. The inclusion of precursors of the German Mark in this context was probably what accounted for his own very provisional substitution of the term “primitive communism” (in his appendix to Capital and a couple of letters) for the Asiatic mode as characterizing the base mode of production in such societies. Engels refrained altogether from alluding to earlier hunting and gathering societies, as “primitive communism,” seeing these societies as determined largely by kinship relations rather than economics. Nevertheless, neither Marx nor Engels had any doubt about the communal-clan character of these earlier societies, which was reinforced in the 1870s and ’80s by their anthropological writings: Marx’s Ethnological Notebooks and Engels’s Origins of the Family, Private Property, and the State. See Stephen P. Dunn, “The Position of the Primitive-Communal Social Order in the Soviet-Marxist Theory of History,” in Toward a Marxist Anthropology, ed. Stanley Diamond (Berlin: De Gruyter, 2011), 175, 181 Moses Finley, “Ancient Society,” in A Dictionary of Marxist Thought, ed. Tom Bottomore et al. (Oxford: Blackwell, 1983), 20.
4. ↩ Marx and Engels, Collected Works, vol. 5, 33.
5. ↩ Karl Marx, Ethnological Notebooks, ed. Lawrence Krader (Assen, Netherlands: Van Gorcum, 1974), 292 Marx, Grundrisse, 474–75, 477, 483.
6. ↩ Springborg, “Marx, Democracy and the Ancient Polis,” 52–53.
7. ↩ Karl Marx, Early Writings (London: Penguin, 1974), 90 Hegel, The Philosophy of Right, 183 Marx, Capital, vol. 3, 970 Karl Polanyi, Primitive, Archaic and Modern Economies (Boston: Beacon Press, 1971), 82–83.
8. ↩ Marx, Grundrisse, 103, 491, 495–96 Marx, Ethnological Notebooks, 213 Marx and Engels, Collected Works, vol. 5, 332 Marx, Capital, vol. 3, 970 Springborg, “Marx, Democracy and the Ancient Polis,” 59 Finley, “Ancient Society,” 20. As Samir Amin notes, slavery “is practically nowhere found to be the origin of class differentiation.” Samir Amin, Unequal Development: An Essay on the Social Formations of Peripheral Capitalism (New York: Monthly Review Press, 1976), 20. Coinage appeared in China about the same time as in Lydia (or earlier). See “Chinese Coinage,” American Numismatic Association, n.d., money.org
9. ↩ Marx, Capital, vol. 3, 245 Perry Anderson, Passages from Antiquity to Feudalism (London: New Left Books, 1974), 18, 35. G. E. M. de Ste. Croix’s great work, The Class Struggle in the Ancient Greek World (London: Duckworth, 1981) can be seen as aligned with Anderson in this respect. In contrast, see Ellen Meiksins Wood, Peasant-Citizen and Slave (London: Verso, 1989), 42–80. Wood argued that, aside from domestic service and work in silver mines, two areas where slave labor predominated, the remaining enslaved people in ancient Athens were “scattered through the division of labour,” including areas such as agriculture and the “lower civil service,” as in the “Scythian archers who represented the nearest thing to an Athenian police force.” Wood, Peasant-Citizen and Slave, 79.
10. ↩ Marx, Grundrisse, 245, 491, 495–96 Marx, Ethnological Notebooks, 213 Marx and Engels, Collected Works, vol. 5, 332 Springborg, “Marx, Democracy and the Ancient Polis,” 59 Finley, “Ancient Society,” 20. On the tribal formation in Attica, see George Thomson, The Prehistoric Aegean: Studies in Ancient Greek Society (London: Lawrence and Wishart, 1978), 104–9.
11. ↩ This has now been established in great detail in contemporary classical scholarship. See Richard Seaford, Money and the Early Greek Mind: Homer, Philosophy, Tragedy (Cambridge: Cambridge University Press, 2004), 1–20, 125–36, 147–72.
12. ↩ Marx, Grundrisse, 540.
13. ↩ Marx and Engels, Collected Works, vol. 4, 31–32.
14. ↩ Marx, Grundrisse, 87–88, 488–89.
15. ↩ Marx, Grundrisse, 483, 495. In relation to Java, Marx was influenced by Thomas Stamford Raffles’s 1817 History of Java. Marx, Capital, vol. 1, 417, 916 Raffles, History of Java.
16. ↩ Tacitus, Germania, 26 translation as found in Tacitus, The Agricola and the Germania, trans. H. Mattingly and S. A. Handford (London: Penguin, 1970), 122–23.
17. ↩ Marx, Grundrisse, 473–75.
18. ↩ Marx, Grundrisse, 473–75 Springborg, “Marx, Democracy, and the Ancient Polis,” 56.
19. ↩ Marx, Grundrisse, 102–3, 473, 490 Karl Marx, Capital, vol. 2 (London: Penguin, 1978), 196, 226 Marx, Capital, vol. 3, 1017 William H. Prescott, History of the Conquest of Mexico/History of the Conquest of Peru (New York: Modern Library, n.d. originally published separately in 1843/1847), 756–57.
20. ↩ Marx, Theories of Surplus Value, Part 3, 422–23 Karl Marx, A Contribution to the Critique of Political Economy (Moscow: Progress Publishers, 1970), 21, 33 Marx, Grundrisse, 490–95.
21. ↩ Hobsbawm, Introduction to Marx, Pre-Capitalist Economic Formations, 37–38.
22. ↩ Marx’s concept of the “Asiatic mode of production,” a term which he almost never used -dir-ectly (though he made frequent reference to Asiatic village communities), had the virtue of going against any unilinear theory of development, raising the issue of alternative paths. He saw it as standing for the oldest form of communal property, which, like the related Slavic form, was remarkable for its tenacity. He was eventually to conclude that the Russian commune (as well as perhaps some Asiatic village communities) could conceivably be the basis of revolutionary developments when integrated with modern communist thought, possibly skirting the capitalist path. See Marx, Theories of Surplus Value, part 3, 422–23 Lawrence Krader, The Asiatic Mode of Production: Sources, Development and Critique in the Writings of Karl Marx (Assen, Netherlands: Van Gorcum and Co., 1975), 5–7, 183 John Bellamy Foster and Hannah Holleman, “Weber and the Environment,” American Journal of Sociology 117, no. 6 (2012): 1640–41 Bryan S. Turner, “Asiatic Society,” in A Dictionary of Marxist Thought, 32–36 Karl Wittfogel, “Geopolitics, Geographical Materialism and Marxism,” Antipode 17, no. 1 (1985): 21–71.
23. ↩ Marx, Grundrisse, 470–73 Marx, Theories of Surplus Value, Part 3, 422 Marx, Pre-Capitalist Economic Formations, 69–70, 88 Marx and Engels, Collected Works, vol. 25, 149–50.
24. ↩ It is a mistake to argue, as Kevin Anderson does, that Marx was mainly interested in “communal social formations” as a whole, and that “communal property” was “too superficial a category for his investigations.” Rather, Marx always based his analysis in this sphere on communal property, often found in forms that were in contradiction to the larger tributary formation. Nor is it meaningful to claim that many traditional societies “lack much in the way of property,” since property itself for Marx (and Hegel) is merely derivative of forms of appropriation that lie at the basis of human material existence in all of its forms. Hence, no society can be devoid of property. Anderson, The Late Marx’s Revolutionary Roads, 8–19.
25. ↩ Marx, Grundrisse, 171–72.
26. ↩ Marx, Capital, vol. 1, 171–72.
27. ↩ Marx and Engels, Collected Works, vol. 6, 127 István Mészáros, Beyond Capital (New York: Monthly Review Press, 1995), 765.
28. ↩ Marx, Grundrisse, 172–73 Mészáros, Beyond Capital, 749. The notion of “time’s carcase” here has to do with Epicurus’s conception of time as the accident of accidents, “death the immortal,” erasing all qualitative features. Marx, Collected Works, vol. 1, 63–65 Marx, Collected Works, vol. 6, 166.
29. ↩ Marx and Engels, Collected Works, vol. 42, 515 Karl Marx, Texts on Method, ed. Terrell Carver (Oxford: Basil Blackwell, 1975), 195.
30. ↩ Marx, Capital, vol. 1, 451–53.
31. ↩ On the concept of “natural economy” in Marx and Rosa Luxemburg, see Scott Cook, Understanding Commodity Economies (New York: Rowman and Littlefield, 2004), 114, 130–31, 151 Rosa Luxemburg, The Accumulation of Capital (New York: Monthly Review Press, 1951), 368–85.
32. ↩ Amin, Unequal Development, 13–20.
33. ↩ Peter Linebaugh, The Magna Carta Manifesto (Berkeley: University of California Press, 2008), 44–45.
34. ↩ Jan de Vries, The Economy of Europe in an Age of Crisis, 1600–1750 (Cambridge: Cambridge University Press, 1976), 43 Christopher Dyer, “The Economy and Society,” in Oxford Illustrated History of Medieval England, ed. Nigel Saul (Oxford: Oxford University Press, 1997), 143–46 Thomas Edward Scrutton, Commons and Common Fields (Cambridge: Cambridge University Press, 1887), 1 John Bellamy Foster, Brett Clark, and Hannah Holleman, “Marx and the Commons,” Social Research 88, no. 1 (Spring 2021): 1–5.
35. ↩ Marx, Capital, vol. 1, 889. See Ian Angus, The War Against the Commons: Dispossession and Resistance in the Making of Capitalism (New York: Monthly Review Press, 2023).
36. ↩ See Jan Dumolyn and Jelle Haemers, Communes and Conflict: Urban Rebellion in Late Medieval Flanders, eds. Andrew Murray and Joannes van den Maagdenberg (Boston: Brill, 2023), 229–49.
37. ↩ Mitchell Abidor, “The Paris Commune: Myth Made Material,” Tocqueville21, May 11, 2021, tocqueville21.com.
38. ↩ Mathijs van de Sande and Gaard Kets, “From the Commune to Communalism,” Resilience, March 22, 2021, resilience.org.
39. ↩ Karl Marx and Frederick Engels, Writings on the Paris Commune, ed. Hal Draper (New York: Monthly Review Press, 1971), 76–81.
40. ↩ Marx and Engels, Writings on the Paris Commune, 75 Frederick Engels in Karl Marx, Critique of the Gotha Programme (New York: International Publishers, 1938), 31.
41. ↩ Marx and Engels, Collected Works, vol. 25, 247–48, 267–68 V. I. Lenin, The State and Revolution (Moscow: Progress Publishers, 1969), 16–27. On the whole question of the “withering away of the state,” see Mészáros, Beyond Capital, 460–95.
42. ↩ Marx, Critique of the Gotha Programme, 5–10, 31 Karl Marx and Frederick Engels, The Communist Manifesto (New York: Monthly Review Press, 1964), 41.
43. ↩ Marx, Capital, vol. 3, 959.
44. ↩ Marx, Early Writings, 348.
45. ↩ Trautmann, Lewis Henry Morgan and the Invention of Kinship, 3 Lewis Henry Morgan, Ancient Society, ed. Eleanor Burke Leacock (New York: Merdian Books, 1963) Preface to John Bellamy Foster, Marx’s Ecology (New York: Monthly Review Press, 2000), 212–13.
46. ↩ Karl Marx, “Excerpts from M. M. Kovalevsky,” in Krader, The Asiatic Mode of Production, 346–414.
47. ↩ Karl Marx to Frederick Engels, March 25, 1868, in Marx and Engels, Selected Correspondence, 188–89.
48. ↩ Lawrence Krader, Introduction to Marx, Ethnological Notebooks, 28.
49. ↩ Marx, Ethnological Notebooks, 150.
50. ↩ Lewis Henry Morgan, Houses and House Lives of the American Aborigines (Chicago: University of Chicago Press, 1965), 6.
51. ↩ Marx, Ethnological Notebooks, 81, 139 Morgan, Ancient Society, 562.
52. ↩ Marx, “Excerpts from M. M. Kovalevsky,” 400.
53. ↩ Karl Marx to Laura Lafargue, April 13, 1882, Collected Works, vol. 46, 242 Peter Hudis, “Marx Among the Muslims,” Capitalism Nature Socialism 15, no. 4 (2004): 67.
54. ↩ Marx, “Excerpts from M. M. Kovalevsky,” 387. See John Bellamy Foster, Brett Clark, and Hannah Holleman, “Marx and the Indigenous,” Monthly Review 71, no. 9 (February 2020): 9–12.
55. ↩ Marx and Engels, Collected Works, vol. 26, 167–68, 190–203 Marx and Engels, Collected Works, vol. 6, 482 Frederick Engels, “The Mark,” in Frederick Engels, Socialism: Utopian and Scientific (New York: International Publishers, 1989), 77–93. Engels’s “The Mark” is often referred to as first having appeared as an appendix to the 1892 edition of Socialism: Utopian and Scientific, but it was initially published in the first German edition of Socialism: Utopian and Scientific in 1882. Engels sent it to Marx prior to publication requesting suggested changes. Although Marx had earlier taken notes on the Teutonic Mark in his Ethnological Notebooks based on Maurer’s discussion, it was Engels’s “The Mark” and Marx’s comments in this respect in his draft letters to Vera Zasulich that represented their most developed view, an area in which they were in close accord. Marx and Engels, Selected Correspondence, 334.
56. ↩ Marx and Engels, Collected Works, vol. 26, 241–42. Engels’s Origin of the Family, Private Property, and the State is often dismissed for its supposed rigid notion of “primitive communism.” Thus, anthropologist David Graeber and archaeologist David Wengrow in The Dawn of Everything use this as an excuse for dismissing Engel’s analysis, despite the fact that Engels himself never used the term “primitive communism” in his book, which was imported into historical materialism in this context by Second and Third International Marxism. Nor did Engels ever apply the term “primitive communism” to hunting and gathering societies, which he saw through a much more complex kinship lens, though recognizing “communal” elements. The main outlines of Engels’s argument, focusing on kinship, community, and egalitarianism in traditional societies, conforms to what anthropology in general has long since discovered in this respect. Having foisted the notion of some kind of absolute, pure, and holistic “primitive communism” on Engels, Graeber and Wengrow proceed to declare that property relationships were more “ambiguous” than Engels thought. They emphasize the gendered division of labor, as if this invalidates Engels’s argument, ignoring his own analysis there. Nevertheless, the existence of communal property and relatively egalitarian arrangements in hunting and gathering societies and in many later societies is not to be denied. Hence, Graeber and Wengrow themselves point to a “baseline communism” supposedly in opposition to Engels’s dogmatic (though in fact nonexistent) use of “primitive communism” to describe hunting and gathering societies. David Graeber and David Wengrow, The Dawn of Everything: A New History of Humanity (New York: Farrar, Straus and Giroux, 2021), 47. For a more detailed discussion of Engels’s Origin of the Family, Private Property, and the State, emphasizing kinship-family-gender aspects of his argument, see John Bellamy Foster, The Return of Nature (New York: Monthly Review Press, 2020), 287–96. On the egalitarian character of traditional kinship societies and their collective/communal aspects, see Morton Fried, The Evolution of Political Society: An Essay on Political Anthropology (New York: Random House, 1967) Richard B. Lee, “Reflections on Primitive Communism,” in Hunters and Gatherers, eds. Tim Ingold, David Riches, and James Woodburn (New York: Berg, 1988), 252–68.
57. ↩ Marx and Engels, Collected Works, vol. 26, 131–32 Dunn, “The Position of Primitive-Communal Order in the Soviet-Marxist Theory of History,” 180–81.
58. ↩ Haruki Wada, “Marx and Revolutionary Russia,” in Shanin, Late Marx and the Russian Road, 43–45.
59. ↩ Marx, “Marx-Zasulich Correspondence,” 103, 107–9, 118–20.
60. ↩ Marx, “Marx-Zasulich Correspondence,” 110–13, 120–21.
61. ↩ Karl Marx and Frederick Engels, “Preface to the Second Russian Edition of the Manifesto of the Communist Party” (1882), in Late Marx and the Russian Road, ed. Shanin, 139.
62. ↩ Marx and Engels, Collected Works, vol. 1, 234.
63. ↩ Charles Woolfson, The Labour Theory of Culture: A Re-Examination of Engels’s Theory of Human Origins (London: Routledge and Kegan Paul, 1982) Marx and Engels, Collected Works, vol. 25, 452–64.
64. ↩ Rosa Luxemburg, Complete Works, vol. 1, ed. Peter Hudis (London: Verso, 2014), 146–234.
65. ↩ Hobsbawm, Introduction to Marx, Pre-Capitalist Economic Formations, 49.
66. ↩ On China, see William Hinton, Fanshen: A Documentary of Revolution in a Chinese Village (New York: Monthly Review Press, 2008) and Lu Xinyu, “‘Chinese-Style Modernization’: Revolution and the Worker-Peasant Alliance,” Monthly Review 76, no. 9 (February 2025): 22–41. On Venezuela, see John Bellamy Foster, “Chávez and the Communal State,” Monthly Review 66, no. 11 (April 2015): 1–17 and Chris Gilbert, Commune´-or-Nothing!: Venezuela’s Communal Movement and Its Socialist Project (New York: Monthly Review Press, 2023).

يتبع، لطفاً.



#حسين_علوان_حسين (هاشتاغ)       Hussain_Alwan_Hussain#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تاريخ الكومونات الإستراكية (1)
- الفنان التشكيلي الكبير رسول علوان حيدر في كتاب جديد
- إيضاحات بصدد الكومونة الاشتراكية
- الكومونات الاشتراكية ومناهضة الإمبريالية: النهج الماركسي
- أعلام عراقية شامخة: الأستاذ المتمرس الدكتور عبد اللطيف علوان ...
- أعلام عراقية شامخة: الأستاذ المتمرس الدكتور عبد اللطيف علوان ...
- الفنان التشكيلي العراقي الكبير غازي السعّودي في كتاب مهم
- فيزياء الرأسمالية
- إلى روح الشاعر الفذ: موفق محمد أبو خُمْره
- الطفل حيدر يريد الزواج
- خطبة الأسقف نعنول بن نمنم
- فيروس جائحة كورونا صناعة أمريكية 99%
- حكاية مؤرّخ الخرّيط
- إيضاحات بصدد مقال الرفيق أ. د. علي طبله المحترم / 2-3
- إيضاحات بصدد مقال الرفيق د. علي طبله المحترم / 1-3
- قاريء الكف: الدكتور ماكس
- التركيبة الطبقية لفاشية ترأمب
- عرس سعيدة وسعيد
- تمساحٌ في الدار
- رُبى الجَمَال: نجمة فوق قمم مطربات العرب كافة


المزيد.....




- الفصائل الفلسطينية: سلاحنا باقٍ ما دام الاحتلال.. هذا ما جرى ...
- الحزب الشيوعي العراقي: نحو إجماع وطني للأنهاء الكامل لأي وجو ...
- الفصائل الفلسطينية في لبنان تنفي بدء تسليم سلاح المخيمات
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل 8 متظاهرين ضد الحرب على غزة في حيفا ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل 8 متظاهرين في حيفا احتجوا ضد الحرب ...
- كاتبة سودانية: المرتزقة الكولومبيون بدارفور خانوا إرث بوليفا ...
- جيش لبنان يبدأ تسلم سلاح الفصائل الفلسطينية في مخيم برج البر ...
- السلطات اللبنانية تبدأ عملية تسلم أسلحة من مخيمات فلسطينية ب ...
- حزب اليسار يستبعد نائبين برلمانيين
- بيان ثلاثة أحزاب شيوعية عمالية في المنطقة:


المزيد.....

- مقال (الاستجواب الدائم لكورنيليوس كاستورياديس) بقلم: خوان ما ... / عبدالرؤوف بطيخ
- الإمبريالية والاستعمار الاستيطاني الأبيض في النظرية الماركسي ... / مسعد عربيد
- أوهام الديمقراطية الليبرالية: الإمبريالية والعسكرة في باكستا ... / بندر نوري
- كراسات شيوعية [ Manual no: 46] الرياضة والرأسمالية والقومية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- طوفان الأقصى و تحرير فلسطين : نظرة شيوعيّة ثوريّة / شادي الشماوي
- الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة: ... / رزكار عقراوي
- متابعات عالميّة و عربية : نظرة شيوعيّة ثوريّة (5) 2023-2024 / شادي الشماوي
- الماركسية الغربية والإمبريالية: حوار / حسين علوان حسين
- ماركس حول الجندر والعرق وإعادة الانتاج: مقاربة نسوية / سيلفيا فيديريتشي
- البدايات الأولى للتيارات الاشتراكية اليابانية / حازم كويي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حسين علوان حسين - تاريخ الكومونات الاشتراكية (2)