أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - حسين علوان حسين - أعلام عراقية شامخة: الأستاذ المتمرس الدكتور عبد اللطيف علوان الجميلي / ذكريات (1)














المزيد.....

أعلام عراقية شامخة: الأستاذ المتمرس الدكتور عبد اللطيف علوان الجميلي / ذكريات (1)


حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي

(Hussain Alwan Hussain)


الحوار المتمدن-العدد: 8401 - 2025 / 7 / 12 - 10:58
المحور: مقابلات و حوارات
    


تمهيد
بإلحاح مستديم مني على أستاذي الفاضل الكريم الدكتور عبد اللطيف الجميلي - الرئيس الأسبق لقسم اللغة الانجليزية / كلية الآداب جامعة بغداد ، والأستاذ رقم واحد في تخصص اللغة الإنجليزية وعلم اللغة التطبيقي في العراق اليوم – فقد تفضل عليَّ متجملاً بسرد مقتطفات من ذكرياته عن سيرة حياته عبر الاتصال الهاتفي، أستهلها اليوم بهذه الحلقة.
مرحلة الطفولة
أسمي: عبد اللطيف علوان جواد الجسّام الجميلي، من مواليد بغداد، عام 1938، في محلة الصليخ القديمة. ومن الطرائف أن الاسم الصحيح لجدي الأعلى قد انقلب من "جسّام" إلى "جاسم" في سجلات النفوس لعام 1957 وذلك تحكماً من جانب موظف الاحصاء المتحذلق الذي اعترض على تثبيت إسم "جسام" في سجل النفوس بالقول: "شنو "جسّام"؟ وين أكو إسم "جسام "؟ الصحيح هو "جاسم"، و أصله "قاسم""! وكانت عائلتنا تسكن منذ القدم في حي الصليخ القديم. وكانت دارنا – مثل دور بقية سكان المحلة وقتذاك – قد تم تشييدها منذ العهد العثماني. ولكن الاقطاعي التركي الأصل – جَزْمي سليمان (ابن أخ رئيس الوزراء السابق حكمت سليمان) – قد استطاع أن يستحصل على كتاب استشهاد من اسطنبول يؤيد ملكيته لأرض المحلة كلها، فاستصدر بموجبة قراراً قضائياً باتاً بإخلاء الدور المبنية عليها كافة. حصل هذا عام 1958، قبل قيام ثورة 14 تموز المجيدة. وعندما عمد هذا الاقطاعي إلى استجلاب البلدوزرات بحماية رجال الشرطة بغية هدم بيوت أهالي المحلة على رؤوس ساكنيها، تصدى لهم شبان محلتنا، واندلعت الاحتجاجات التي تحولت الى المناوشات مع رجال الشرطة، وجرى اعتقال 14 من شباب المحلة. وبقي هذا النزاع مستعراً حتى قيام الثورة، حيث تولى المرحوم الشهيد الزعيم عبد الكريم قاسم الاهتمام بهذه القضية بنفسه. وبعد دراسته لملفها بنفسه، أبلغ سكان المحلة بصدور حكم قضائي بات بشأنها، وهو ما يتعذر نقضه. ولتعويض عوائل سكان محلة الصليخ القديمة الخاضعة دورهم للهدم بموجب القرار القضائي ذاك، فقد تم تخصيص عرصة جديدة مساحتها (150) متراً لكل رب عائلة من سكنة المحلة القديمة، وجرى تمليكها له بمبلغ رمزي زهيد جداً (خمسون فلساً أو أقل للمتر المربع الواحد) وذلك في محلة الصليخ الجديدة الكائنة على مقربة من بناية مدرسة كلية بغداد حالياً. كما تم تسليف الأصحاب الجدد لتلك القطع السكنية بقرض من المصرف العقاري لتيسير تشييد دورهم على العرصات الجديدة المملَّكة لهم بالطابو. هكذا كان الزعيم عبد الكريم قاسم يحسم بنجاعة وكل تجرًد وبُعد نظر مشاكل الشعب العراقي.
كان المرحوم والدي يمتهن وظيفة الطهي في بيوتات العوائل البغدادية الميسورة، وقد لازم طويلاً دار السيد طاهر الجلبي آل راضي (أحد مؤسسي "جمعية حماية الأطفال" في العراق بمشفاها المشيد آنذاك في الباب المعظم مقابل السجن المركزي سابقاً) الكائنة بباب الشيخ حتى تقاعده، ومن ثم وفاته عام 1989. أما المرحومة أمي، فاسمها: فهيمة حسن حمادي المفرْجي. وكان كلا أبويّ أميين، فيما كان المرحوم عمي البصير "لفتة" هو الذي يتولى متابعتي وتشجيعي ومرافقتي جيئة وذهابا للكُتّاب، ومن بعده للمدرسة الابتدائية يومياً.
عندما بَلغتُ الخامسة من العمر، دَخلتُ كتّاب "مُلا راضي" الكائن في "المجمرة". وكان هذا الكُتّاب عبارة عن كوخ مبني من الطين، ومسقف بالبواري، وأرضيته مفروشة بالحصران. وكان المرحوم المُلا راضي رجلاً كهلاً كفيفاً ذا لحية بيضاء مهندمة، يحمل الخيزرانة دوماً، للاهتداء بها الى الطريق، ولمعاقبة الطلاب المشاكسين. وأذكر أنني كنت الطالب الأقرب إليه، حيث كان يجلسني أمامه مباشرة بمثابة المراقب للصف. وفي يوم من الأيام، تحدّاني أحد زملائي المشاغبين في الصف أن أقوم: بنتف ولو شعرة واحدة من لحية أستاذي الملا، فما كان مني إلا أن تجاسرت بكل غباء، فتنفت شعرة من لحيته. عندها عاجلني الملا بضربة رهيبة بخيزرانته. وعندما علم أنني أنا الفاعل: قال لي: " هذا أنت؟ عجيب! من الذي قال لك أن تقوم بهذه الفعلة؟" فصرحت له بإسم الطالب المشاكس الذي تحداني أن أقوم بها ، فنال عندئذٍ جزاءه العادل من التقريع يخيزرانة الملا.
ولقد ختمت في هذا الكُتّاب القرآن المجيد، وصرت أستطيع قراءة الجريدة وأنا في السادسة من العمر، دون أن أستوعب معاني كل ما أقرأ. وكان الاحتفال بختمة القرآن المجيد مهرجاناً شعبياً بهيجاً له طقوسه الخاصة. حيث يُصار إلى ترتيب مسيرة راجلة للطلاب تنطلق من الكُتّاب حتى بيت الطالب الخاتم للقرآن المجيد، مرورا بالمقاهي والمحلات، وذلك على قرع الدفوف وصدح الأناشيد. واحتفاءً بختمتي للقرآن، فقد خاط لي والدي صاية زبون من الخز اللماع الأبيض والأسود - من النوع الذي ما نزال نراه في المسلسلات السورية عن الحارة - فيما راح بقية الطلبة ينشدون في الطرقات على قرع الدفوف نشيد الختمة:
سلامٌ عليكم، سلامٌ سلامْ؛
سلامٌ عليكم، فردوا السلامْ؛
سلامٌ سلامٌ، كمسك الختامْ.
أما أنا ، فقد كان عليَّ أن أقرأ بصوت عال "سورة سبأ" وسط المسيرة الحاشدة. وعندما أصل في تلاوتي إلى كلمة "التناوش" من الآية (52):
وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّىٰ لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ
يسرع أقوى فتيان جماعتي الطلاب في المسيرة بتناوش الحدرية (العرقجين) من على أم رأسي، ويهرول بها لداري حيث يجد الأهل قد استعدوا لهذا الطقس مقدماً، فيملأون له العرقجين بما تيسر من المسكوكات النقدية التي تصبح ملكاً له، مع العرقجين!
وكان لدينا يومها غزالاً كنا نربيه في دارنا، فقام المرحوم والدي بذبحه، واقمنا في بيتنا وليمة للطلاب، كما وزعنا لحم الغزال على بيوت الجيران.
يومها، كانت محلتنا كلها بمثابة عائلة واحدة متكاتفة، فإن قام أحد الجيران بطبخ أكلة جديدة، سارع بتوزيعها على جيرانه. وإذا ما احتاج بيت حاجة ما، سارع جاره يتأمينها له بكل نكران ذات ونيافة، حتى وإن احتاج إلى أطقم فراش لنوم عديد ضيوفه الحالّين عليه.

وقتها، ما كنّا نشعر بوجود الجدران العازلة بين البيوت .

يتبع، لطفاً.



#حسين_علوان_حسين (هاشتاغ)       Hussain_Alwan_Hussain#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفنان التشكيلي العراقي الكبير غازي السعّودي في كتاب مهم
- فيزياء الرأسمالية
- إلى روح الشاعر الفذ: موفق محمد أبو خُمْره
- الطفل حيدر يريد الزواج
- خطبة الأسقف نعنول بن نمنم
- فيروس جائحة كورونا صناعة أمريكية 99%
- حكاية مؤرّخ الخرّيط
- إيضاحات بصدد مقال الرفيق أ. د. علي طبله المحترم / 2-3
- إيضاحات بصدد مقال الرفيق د. علي طبله المحترم / 1-3
- قاريء الكف: الدكتور ماكس
- التركيبة الطبقية لفاشية ترأمب
- عرس سعيدة وسعيد
- تمساحٌ في الدار
- رُبى الجَمَال: نجمة فوق قمم مطربات العرب كافة
- مرقة موزموزموز
- الماركسية الغربية والإمبريالية: حوار
- حرامي -البدون-
- أنا متأكسدة
- الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 18-19-20/20
- الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 17-20


المزيد.....




- الجونة كما لم ترها من قبل.. مصورة تكشف سحر التفاصيل الصامتة ...
- وزارة الدفاع السورية تُعلن سقوط قتلى بصفوفها خلال الانتشار ف ...
- ترامب يصعّد المواجهة مع بوتين: -باتريوت- لأوكرانيا وخطة لـ - ...
- ميرتس: لا مشكلة بألمانيا مع المسلمين بل مع المتطرفين منهم
- فرنسا: استعراض العيد الوطني تحت عنوان -المصداقية العملياتية- ...
- القنابل الانزلاقية هي سلاح روسيا المدمّر لتعويض إخفاقها الجو ...
- الداخلية السورية تتدخل بالسويداء بعد اشتباكات أوقعت عشرات ال ...
- خطة -المدينة الإنسانية- الإسرائيلية تثير موجة انتقادات واسعة ...
- ترامب يأمل في نتائج ملموسة لمحادثات وقف إطلاق النار بغزة
- مقتل العشرات باشتباكات في السويداء جنوبي سوريا


المزيد.....

- تساؤلات فلسفية حول عام 2024 / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - حسين علوان حسين - أعلام عراقية شامخة: الأستاذ المتمرس الدكتور عبد اللطيف علوان الجميلي / ذكريات (1)