|
|
إخفاقات البراغماتية والفلسفة التجريبية: القاسم البنائي المشترك
غالب المسعودي
(Galb Masudi)
الحوار المتمدن-العدد: 8509 - 2025 / 10 / 28 - 19:48
المحور:
قضايا ثقافية
مقدمات إبستيمولوجية نشأت الفلسفة التجريبية كمذهب يقوم على الحس باعتباره المصدر الوحيد والأساسي للمعرفة. وتتمثل عقيدتها المركزية في إنكار أن يكون العقل مزوداً بأي أفكار فطرية أو مبادئ قبلية موروثة، مشددة على أن "ليس في العقل شيء لم يمر بالحس أولاً". في سياق تطورها، تبنت التجريبية—خاصة في مراحلها المبكرة والوسطى—نموذجاً معرفياً يهدف إلى تأسيس المعرفة كـ "تمثيل صادق وبسيط للواقع." كان الأمل الفلسفي السائد يرتكز على فكرة مطابقة الصورة الذهنية أو النظرية والكائن الخارجي تماماً، وهو مسعى بلغ ذروته في عصر التنوير، حيث ساد الاعتقاد في القدرة المطلقة للعقل البشري على فك شفرة أسرار الكون. إلا أن هذا الاعتقاد في إمكانية المطابقة الموضوعية المطلقة بدأ بالتآكل تدريجياً.
البراغماتية (الذرائعية) على النقيض من النزعة التمثيلية القديمة، ظهرت البراغماتية (المعروفة أيضاً بالذرائعية) في الولايات المتحدة على يد فلاسفة مثل تشارلز ساندرز بيرس وويليام جيمس وجون ديوي. لقد حوّلت هذه الفلسفة محور اهتمامها من وصف الواقع إلى التعامل معه. وتعتبر البراغماتية الكلمات والأفكار أدوات وظيفية تستخدم للتنبؤ وحل المشكلات والعمل، رافضةً بشكل صريح فكرة أن وظيفة الفكر هي تمثيل الواقع أو عكسه. بالنسبة للبراغماتيين، تُفهم الموضوعات الفلسفية الكبرى—مثل طبيعة المعرفة، والمعنى، والمعتقد، والعلوم—بأفضل طريقة من منظور استخداماتها العملية ونجاحاتها المحققة. عزز جون ديوي هذا التوجه عبر مفهومه الأساسي للـ "خبرة" الذي تأثر بعمق بفكر داروين، إذ رأى أن الخبرة هي نتاج التفاعل والتبادل بين الكائن الحي وبيئته. هذا المنظور التفاعلي يعارض الثنائيات الفلسفية التقليدية، مثل الثنائية بين الجسد والعقل أو الروح والمادة، ويؤكد أن الفلسفة لا يمكن فصلها عن الاهتمامات العملية للإنسان.
الهروب من تمثيل الواقع كانت نشأة البراغماتية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالخصم المشكك في فكرة الحقيقة المطلقة. فقد نشأت كرد فعل مباشر على ما وصفه ويليام جيمس بـ "الإفلاس الذي حدث... في المفاهيم القديمة للحقيقة العلمية" في منتصف القرن التاسع عشر. هذا الإفلاس لم يكن سوى النتيجة المنطقية لفشل التجريبية الكلاسيكية في تقديم أساس متين ليقينها، مما أدى إلى انتشار هائل للنظريات المتضاربة التي لم تعد قادرة على الادعاء بامتلاك صفة الموضوعية المطلقة. أدرك الفلاسفة في هذه المرحلة أن المطابقة المطلقة بين النظرية والواقع الخارجي غير ممكنة منطقياً. كرد فعل بنائي مشترك بين التيارات التجريبية المتأخرة والبراغماتية، تحولت النظريات من كونها "أوصافاً للواقع" إلى مجرد "أدوات للتصرف في موقف ما". وبناءً على ذلك، لم تعد النظريات قادرة على الادعاء بالحقيقة المطلقة، بل أصبحت مجرد افتراضات وتخمينات نظرية مقبولة في سياقات محدودة ودائماً عرضة للمراجعة والاختبار. كان هذا التحول بمثابة نزع صفة الموضوعية المطلقة عن أي بناء معرفي والاعتماد الكلي على معيار داخلي (التحقق الحسي أو المنفعة العملية).
الإخفاق البنيوي للتجريبية الكلاسيكية يرتكز الإخفاق البنيوي للتجريبية الكلاسيكية والوضعية المنطقية اللاحقة على فشلها في تأسيس اليقين العلمي والتعميم المنطقي استناداً إلى التجربة البعدية وحدها. يُعدّ ديفيد هيوم أبرز الفلاسفة الذين قوضوا أسس التجريبية من الداخل. لقد أثار هيوم "مشكلة اليقين والتعميم الاستقرائي"، والتي أدت، في نهاية المطاف، إلى تفكك وانهيار التجريبية الحديثة. وتتركز المشكلة في أن الاستقراء—أي منطق الانتقال من ملاحظة عدد من الحالات الجزئية إلى قاعدة عامة—لا يملك أساساً منطقياً لضمان استمرار تكرار الظاهرة في المستقبل. وصف كارل بوبر، لاحقاً، قضية الاستقراء بـ "قضية هيوم"، معتبراً نقد هيوم للأسس المنطقية للاستقراء "جوهرة لا تُقدر بثمن فيما يخص نظرية المعرفة". فالاستقراء، كما هو مستخدم في العلوم التجريبية، هو في جوهره "أسطورة"، لأنه يعتمد على مجرد عدد معين من الملاحظات الجزئية للوصول إلى قاعدة عامة. الإخفاق المنطقي هنا هو عدم القدرة على ضمان أن الحكم الكلي، الذي لم يُستدل عليه بعد من الجزئيات، سيكون مطابقًا لتلك الجزئيات التي وُجدت فعلاً. أي أن التجربة، مهما تراكمت، لا تستطيع أن تمنح القانون العلمي صفة اليقين الضروري.
الوضعيون وإنقاذ الاستقراء بعد صدمة هيوم، حاولت التيارات اللاحقة المستندة إلى التجربة، وأبرزها الوضعية المنطقية (أو التجريبية المنطقية)، إنقاذ مبدأ الاستقراء. تُعتبر هذه الوضعية بمثابة الامتداد الفلسفي الأوروبي للتجريبية والبراغماتية الأمريكية، حيث تشاركت مع البراغماتية في الاهتمام بالتحقق والغاية المتمثلة في رفض الميتافيزيقا. حاول أنصار الوضعية المنطقية تأسيس المعرفة الصحيحة على الواقع ومجموع الخبرة الحسية كمعيار وحيد لصدقها، واعتماد معيار التحقق الاستقرائي بناءً على الوقائع الملاحظة. غير أن هذه المحاولة فشلت في التغلب على أزمة هيوم. وقد تعرضت لنقد حاد من قبل فلاسفة مثل كارل بوبر، الذي رأى أن الوضعية المنطقية لم تكن تحاول بصدق وإخلاص وضع معيار لتمييز العلم، بل كانت محاولاتها "مُغْرِضَة"، ومسوقة بانحياز فلسفي مسبق يهدف إلى "إزاحة الميتافيزيقا تماماً" واعتبارها لغواً. هذا الرفض للحلول القبلية (التي حاول كانط تقديمها لمشكلة هيوم) والتمسك بالتحقق البعدي أوقع التجريبية في مأزق مزدوج: عدم القدرة على تأسيس اليقين العلمي (بسبب هيوم) والسقوط في دوغمائية منهجية تحظر القضايا الميتافيزيقية دون أساس منطقي نزيه.
الإخفاق البنيوي للبراغماتية بينما عانت التجريبية من أزمة اليقين المنطقي (الاستقراء)، عانت البراغماتية من أزمة اليقين الموضوعي والقيمي، نتيجة تضخيمها لمعيار المنفعة إلى مستوى تعريف الحقيقة. تركز البراغماتية على النتائج الملموسة والفعالة، حيث تعتبر أن المعرفة الحقيقية هي تلك التي تثبت نجاحها في تحقيق الأهداف وحل المشكلات على أرض الواقع. ففي نظر البراغماتية، تُعرّف الحقيقة بالمنفعة: "الحقيقي هو ما يعمل". وقد وُجه النقد للبراغماتية بسبب هذا التوسع في مفهوم المنفعة. أشار بعض الباحثين إلى أن هذا توسع "غير مشروع" و "يُفرِغ كلمة النافع من كل محتوى" عندما يصبح مرادفاً للحقيقة. إن كون "الحقيقي نافعاً" على نحو ما، لا يستتبع بالضرورة القول بأن "المنفعة هي أساس لتعريف الحقيقة". وهذا يمثل المشكلة الأساسية: إذا كانت الحقيقة هي ما يعمل، وما يعمل يتغير بتغير الأفراد والظروف والسياقات المحدودة، فإن الحقيقة نفسها تصبح نسبية ومؤقتة، مجرد تخمينات وافتراضات نظرية لا تُقبل كغايات نهائية. هذا التضخم لمعيار المنفعة يفرغ الحقيقة من أي محتوى موضوعي ثابت.
متاهة النسبية يتمثل أحد أخطر التداعيات لرفض الأسس القبلية والميتافيزيقية المشترك بين التجريبية والبراغماتية في تفكيك الأساس الموضوعي للأخلاق. بما أن البراغماتية تؤسس الصواب والخطأ على المنفعة المتغيرة والنجاح العملي، فإن القيم تصبح نسبية.
عندما يُرفض وجود مرجعية متجاوزة أو ثابتة تملي السلوك الأخلاقي، يدخل الفكر بالضرورة في "متاهة نسبية الصواب والخطأ"، حيث لا يوجد ما هو صواب أو خطأ "بحد ذاته". بالنسبة للنسبية، لا يوجد سوى تطبيقات لقوانين أخلاقية محددة حسب الإطار المرجعي. علاوة على ذلك، تحمل النسبية تناقضاً ذاتياً، فبالرغم من أنها تدعي أن "الكل لديه الحقيقة" ولا ينبغي إقناع الآخرين بما لديك، إلا أن التطبيق الواقعي للنسبية يمنع من يناقضها، مما يجعلها غير قادرة على إنكار ما يتناقض مع الحقيقة ذاتها، وهذا قصور منطقي يواجه كل النزعات التي ترفض الثوابت الجوهرية.
التجريبية المنطقية كجسر هيكلي للإخفاق المشترك العلاقة بين التجريبية والبراغماتية تتضح في العلاقة بين البراغماتية الأمريكية والوضعية المنطقية الأوروبية (التي تُعتبر امتداداً للتجريبية). تُوصف الوضعية المنطقية بأنها "البنت الشرعية للفلسفة البراغماتية" لاشتراكهما في الاهتمام بالتحليل اللغوي، والتحقق، ورفض الميتافيزيقا.
تجاوز مأزق التجربة النسبية في مواجهة هذه الإخفاقات المشتركة، ظهرت مقاربات فلسفية تهدف إلى تجاوز القيود التي فرضها الاعتماد الكلي على التجربة البعدية، دون العودة إلى الدوغمائية العقلانية التقليدية. وكانت العقلانية النقدية لكارل بوبر هي الأبرز في هذا السياق.
كما نقد بوبر الوضعية المنطقية لافتقارها إلى النزاهة الفكرية، مبيناً أن هدفها لم يكن وضع معيار سليم لتمييز العلم، بل كان تحقيق مهمة محددة سلفاً هي إزاحة الميتافيزيقا من الفضاء المعرفي. هذا النقد يبرز أن النزعة التجريبية المتأخرة، عندما حاولت بناء معيارها (التحقق)، كانت مدفوعة بانحياز فلسفي مسبق يكرر رفضها الجذري للقبلية والميتافيزيقا.
دروس الإخفاق المشترك في الإبستيمولوجيا المعاصرة إن القاسم البنائي المشترك بين إخفاقات الفلسفة التجريبية والبراغماتية يكمن في البنية التأسيسية التي أصرت على أن التجربة (الحسية أو العملية) يجب أن تكون المرجعية المطلقة والوحيدة للمعرفة. أدى هذا الإصرار إلى تحويل الحقيقة من مفهوم موضوعي تأسيسي إلى مفهوم وظيفي أداتي. كانت النتيجة الحتمية لهذا المسار هي تقويض اليقين على مستويين: اليقين المنطقي للتعميم (في التجريبية الكلاسيكية والوضعية) واليقين القيمي والأخلاقي (في البراغماتية). الدرس الإبستيمولوجي المستفاد هو أن التخلي عن وهم "اليقين التأسيسي" أمر ضروري بعد هيوم، وأن نموذج النمو المعرفي يجب أن يقوم على النقد والتفنيد والمراجعة المستمرة للفرضيات (كما في العقلانية النقدية)، بدلاً من محاولة إثباتها بالتحقق الاستقرائي أو العملي المؤقت. ---------------------------- المراجع "أسس المذهب التجريبي." bussh.univ-saida.dz "براغماتية." ويكيبيديا "الفلسفة البراغماتية والبيداغوجيا التجريبية عند جون ديوي." الحوار المتمدن "مشكلة الاستقراء عند الوضعية المنطقية." ASJP - CERIST "العقلانية النقدية عند كارل بوبر: قراءة في كتاب روني بوفريس (3/3)." المجلة الثقافية الجزائرية "إشكالية الاستقراء في فلسفة ديفيد هيوم." مجلة وادي النيل للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية والتربوية. jwadi.journals.ekb.eg
#غالب_المسعودي (هاشتاغ)
Galb__Masudi#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
آليات الهيمنة الأيديولوجية: دور الوثنية السياسية والطاعة الم
...
-
الكومنتاريا والهيمنة الإمبريالية التكنولوجية
-
جاسم عاصي: الناقد الروائي وبناء سردية الهامش العراقي
-
النشاط الأنطوإبستيمولوجي الكلي
-
الديمقراطية كإشكالية فلسفية
-
التحالف الاستراتيجي بين الرأسمالية الريعية والثيوقراطية
-
التباين الإبستمولوجي بين العلموية والماهيات الوجودية في الفل
...
-
مغالطة الاحتكام إلى التقليد في العقلانية المعاصرة
-
ومغالطة الاحتكام إلى التقليد العقلانية المعاصرة
-
العقلنة، البيروقراطية، والاستلاب الجديد
-
الفصل الثالث والثلاثون من كتاب العدم السريالي
-
العلاقة بين أفول القارئ وتراجع سلطة المثقف
-
الفصل الثالث عشر: من كتاب العد م السريالي-عظام الوجود ومِطرق
...
-
كِتَابُ اَلْعَدَمِ اَلسِّرْيَالِيِّ
-
إله سبينوزا والإله الوجودي: الجوهر المحايث ونسق الوجود
-
الرأسمالية وخلق النخب الموالية
-
العلاقة الجدلية بين الفن والثيوقراطية: دراسة فلسفية
-
جدلية الفن والواقع: بين المحاكاة والإبداع
-
النزعة البدائية والانا المثالية في تشكيل الهوية: مقاربة فلسف
...
-
التضارب الأخلاقي في عصر التكنولوجيا: مقاربة فلسفية
المزيد.....
-
فيضانات مفاجئة تجتاح كوبا ليلًا.. فيديو يظهر لحظات صادمة
-
عضة أنقذتها.. فتاة شجاعة تتصدى لرجل حاول اختطافها في شارع بت
...
-
مجازر وقتل جماعي.. صور أقمار صناعية تكشف عن -تطهير عرقي- في
...
-
لامين يامال يطرق أبواب قصر بيكيه وشاكيرا!
-
منظمة أطباء بلا حدود تقول إن ليبيا أمهلتها حتى التاسع من تشر
...
-
المنظمة الدولية للهجرة في السودان تحذر من وضع إنساني كارثي
-
إعلان عباس بشأن من يتولى الرئاسة الفلسطينية حال شغور المنصب
...
-
ليبيا: السلطات تمهل أطباء بلا حدود حتى التاسع من نوفمبر لمغا
...
-
صحف عالمية: نتنياهو ينسف هدنة غزة ويُتهم بالتفريط بسيادة إسر
...
-
متاحف قطر تفتتح معرضين يحتفيان بالفن الهندي الحديث والحذاء ا
...
المزيد.....
-
الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس
/ د. خالد زغريت
-
المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين
...
/ أمين أحمد ثابت
-
في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي
/ د. خالد زغريت
-
الحفر على أمواج العاصي
/ د. خالد زغريت
-
التجربة الجمالية
/ د. خالد زغريت
-
الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان
/ د. خالد زغريت
-
أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد
...
/ منذر خدام
-
أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال
...
/ منذر خدام
-
أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول
...
/ منذر خدام
-
ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة
/ مضر خليل عمر
المزيد.....
|