أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - حجي قادو - ثلاث خطوات تاريخية وخيارات تركيا: هل تلتزم أنقرة بحقوق الأكراد؟














المزيد.....

ثلاث خطوات تاريخية وخيارات تركيا: هل تلتزم أنقرة بحقوق الأكراد؟


حجي قادو
كاتب وباحث

(Haji Qado)


الحوار المتمدن-العدد: 8507 - 2025 / 10 / 26 - 16:19
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


في ربيع عام 2025، شهد الصراع الطويل بين حزب العمال الكُردستاني (PKK) والدولة التركية منعطفًا استراتيجيًا غير مسبوق قد يغيّر وجه المنطقة بأكملها. فقد أقدمت قيادة الحزب منذ شهري آذار/مارس وأيار/مايو الماضيين على ثلاث خطوات مصيرية شكّلت تحولًا جذريًا في نهجه السياسي والعسكري:
أولًا: حلّ البنية التنظيمية للحزب بأمر مباشر من القائد عبدالله أوجلان المعتقل في سجن إمرالي.
ثانيًا: إعلان نية إلقاء السلاح ووقف الكفاح المسلّح ضدّ الحكومة التركية.
ثالثًا: سحب المقاتلين من أراضي كردستان تركيا نحو عمق إقليم كردستان الجنوبي (العراق) كخطوة تهدف إلى تفادي الاحتكاك المباشر مع القوات التركية.
هذه الإجراءات وُصفت من قبل المراقبين بأنها انتقالٌ تاريخي من خيار الحرب والسلاح إلى خيار السياسة والدبلوماسية والسلام. غير أن السؤال الجوهري الذي يفرض نفسه هو:
ما المقابل الذي قدّمته تركيا لقاء هذا التنازل الكبير من قبل الحزب؟
وما الضمانات السياسية والدستورية التي يمكن أن تضمن للشعب الكُردي حقوقه القومية المشروعة في الدولة التركية؟
حتى اللحظة، تبدو أنقرة مترددة في تقديم أي تنازلات جوهرية أو إطار دستوري واضح يكفل الاعتراف بالهوية الكُردية وحقوقها الثقافية والسياسية. وفي المقابل، أظهرت قيادة الـPKK حسن نيةٍ واضحًا بتقديم فرصة تاريخية لتسوية سياسية حقيقية، لو تم توجيهها ضمن مسار قانوني وسياسي فعّال يضمن استمرارية السلام.
لكن لا يمكن قراءة هذا التحول دون التوقف عند ثمن الدماء الذي دفعه الشعب الكُردي طوال أكثر من أربعة عقود من الكفاح المسلّح، حيث سقط عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى، وامتلأت السجون التركية بآلاف المعتقلين السياسيين الذين ناضلوا من أجل العدالة والمساواة.
لذلك، فإن أي حلٍّ دائم وعادل يتطلب من الدولة التركية تعهدات واضحة وملموسة، تتمثل في:
الاعتراف الدستوري بالهوية القومية الكُردية داخل تركيا.
إقرار اللغة الكُردية كلغةٍ رسمية ثانية إلى جانب التركية في المناطق ذات الغالبية الكُردية.
تمكين سياسي حقيقي للكُرد عبر مشاركة فاعلة في مؤسسات الدولة والبرلمان.
إصلاحات تشريعية ودستورية تضمن مساواة المواطنين في الحقوق والواجبات، لا في الخطاب فقط بل في الممارسة الفعلية.
دون هذه الضمانات، ستبقى خطوة حل الحزب وإلقاء السلاح ناقصة وربما هشّة، قابلة للانهيار عند أول اختبار سياسي أو أمني.
ويبقى السؤال الأكبر:
هل ما يجري هو بداية لمرحلة توافق وطني تركي–كُردي تفتح الباب أمام دمج الطاقات الكُردية الأكاديمية والسياسية في العملية الديمقراطية التركية؟
أم أن ما يحدث مجرد تكتيك مؤقت يهدف إلى خفض مستوى العنف دون أي نية حقيقية لإحداث تغيير هيكلي في بنية الدولة؟
إن الإجابة عن هذا السؤال تعتمد كليًا على نوايا أنقرة العملية:
هل ستحوّل هذه المبادرة الكُردية إلى عملية سلام مستدامة بضمانات قانونية واضحة؟
أم أن كل هذه التضحيات ستُقابل ببيانات إعلامية وشعارات سياسية فارغة؟
لنجاح أي انتقال من مرحلة السلاح إلى مرحلة السياسة، لا بدّ من توافر ثلاثة عناصر رئيسية:
1. المصداقية المتبادلة: لا يمكن لأي عملية سلام أن تنجح دون وجود برنامج نزع سلاح واضح ومضمون قانونيًا، بإشراف دولي أو محلي موثوق.
2. تمكين المجتمع الكُردي المدني والسياسي: فخبرة العقود الماضية يجب أن تُترجم إلى طاقات مدنية وأكاديمية تُشارك في بناء مستقبل مشترك داخل تركيا.
3. مناخ سياسي وأمني مستقر: إذ إن استمرار خطاب الكراهية والعنصرية والتمييز سيقوّض أي محاولة للتفاهم، ويعيد الصراع إلى المربع الأول.
في الختام، يُعدّ القرار الذي اتخذه حزب العمال الكُردستاني خطوة جريئة وتاريخية تحمل في طياتها فرصة نادرة لتجاوز أربعة عقود من الدم والعنف، إذا ما تلاقت مع إرادة تركية صادقة للإصلاح السياسي والدستوري.
أما إذا بقيت المبادرة أحادية الجانب، من دون ضمانات دستورية ومؤسساتية واضحة، فلن تكون سوى هدنة هشة قد تنهار في أي لحظة إذا شعر الأكراد بأن حقوقهم أُقصيت مجددًا عن طاولة الحل.
إن الكرة اليوم في ملعب الحكومة التركية؛
فإما أن تُحوّل هذا التنازل التاريخي إلى حجر أساس لبناء سلام عادل ودائم،
وإما أن تبقي ساحات النضال مفتوحة على مصراعيها أمام شعبٍ يرى أن السلام لا يمكن أن يقوم على حساب كرامته وحقوقه المشروعة.



#حجي_قادو (هاشتاغ)       Haji_Qado#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدور التركي في سوريا: بين الفوضى الممنهجة وتوسيع النفوذ
- الدولة السورية بين وهم السلطة وحقيقة الانهيار
- الحركة الكردية في سوريا بين إرث النضال وضياع اللحظة التاريخي ...
- هل تحوّل الأخطبوط التركي إلى حمامة سلام؟
- مبادرة السلام التركية مع الكُرد: بين الخداع السياسي وتصفية ا ...
- هاكان فيدان يتخلى عن الدبلوماسية... خطابٌ متعجرف يكشف نوايا ...
- تصاعد التمييز الطائفي في بعض أحياء دمشق... أين الدولة؟
- نحن وأحلامنا في وطنٍ ينهشه الألم
- زيارة أحمد الشرع إلى موسكو... مأزق جديد في المشهد السوري
- بين مأزق الطائفية واستحقاق الهوية الكُردية
- بدايات حكم البعث... مع بدايات الثورة السورية ،ماذا حصل الكور ...
- قراءة في المشهد السوري بعد دخول هيئة تحرير الشام إلى دمشق
- قبل اندماج قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في الجيش السوري
- خيبة الأمل بعد سقوط النظام البعثي
- مناف طلاس بين حسابات القوى الإقليمية وتراجع نجم أحمد الشرع
- المجلس الوطني الكردي في سوريا (ENKS)
- أين اختفوا تلك الأبواق التي تاجرت بدماء السوريين؟
- هيمنة التركية على قرارات الحكومة السورية المؤقتة
- لأول مرة أراه يحمل السلاح ويخطب، هل نفد صبر الجنرال مظلوم عب ...
- لماذا لا يكون كُرد روج آفا جيرانًا لتركيا بدلًا من -هيئة تحر ...


المزيد.....




- وفاة الملكة الأم سيريكيت في تايلاند عن 93 سنة
- أميركا والصين تستبقان قمة ترمب- شي بمحادثات تجارية بناءة
- جورجيا تعتقل 3 صينيين حاولوا شراء كيلوغرامين من اليورانيوم
- استنكار واسع في تونس بعد تعليق نشاط -النساء الديمقراطيات-
- ليتوانيا تغلق مجددا مطار فيلنيوس وحدودها مع بيلاروس بسبب الم ...
- ليبيا تفتح مطار خليج سرت بعد غلقه 12 عاما
- كامالا هاريس تلمح إلى إمكان خوضها انتخابات الرئاسة مجددا
- بوتين يعلن نجاح تجربة لصاروخ -كروز- بالدفع النووي
- ترمب يبدأ جولة آسيوية بصفقات تجارية قبل زيارة الصين
- توقيف طالب لجوء -متحرش- في بريطانيا بعد إطلاق سراحه بالخطأ


المزيد.....

- اشتراكيون ديموقراطيون ام ماركسيون / سعيد العليمى
- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - حجي قادو - ثلاث خطوات تاريخية وخيارات تركيا: هل تلتزم أنقرة بحقوق الأكراد؟