أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - حجي قادو - الدور التركي في سوريا: بين الفوضى الممنهجة وتوسيع النفوذ














المزيد.....

الدور التركي في سوريا: بين الفوضى الممنهجة وتوسيع النفوذ


حجي قادو
كاتب وباحث

(Haji Qado)


الحوار المتمدن-العدد: 8507 - 2025 / 10 / 26 - 09:48
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


لقد لعبت تركيا دورًا سلبيًا للغاية في مجريات الأحداث السورية، وخاصة بعد سقوط النظام البائد، ولا سيّما في ظل ما يُسمّى بـ"الحكومة السورية المؤقتة" التي تحوّلت إلى أداة بيد أنقرة لتنفيذ أجنداتها الإقليمية الخاصة. فبدلًا من أن تكون عامل استقرار، أصبحت السياسة التركية أحد أبرز أسباب استمرار الفوضى وتعميق حالة عدم الاستقرار الأمني والسياسي في سوريا.
لقد سبق و جاءت العمليات العسكرية التركية تحت مسمّيات “درع الفرات” و“غصن الزيتون” و“نبع السلام” لتكشف بوضوح أن الهدف الحقيقي منها لم يكن مكافحة الإرهاب كما تدّعي أنقرة، بل ترسيخ واقع احتلال جديد وتهديد ما تبقّى من توازن واستقرار في البلاد. فقد استغلت تركيا الانقسامات الداخلية السورية، ولعبت بمهارة على وتر العاطفة والوصاية المزعومة على الشعب السوري، بينما كانت تسعى في حقيقة الأمر إلى تحقيق مصالحها القومية والاقتصادية على حساب وحدة الأراضي السورية ومستقبلها السياسي.
لكن السؤال الذي يفرض نفسه هو:
لماذا لم تطالب "السلطة المؤقتة" بانسحاب القوات التركية من المناطق التي احتلتها؟ ولماذا تتجاهل ما تفرضه أنقرة هناك من إجراءات تمسّ السيادة الوطنية؟ فقد فرضت تركيا عملتها في التداول داخل تلك المناطق، واعتمدت لغتها رسميًا في المدارس، ورفعت أعلامها فوق المباني الحكومية، في مشهد يعبّر عن هيمنة كاملة تتجاوز مجرد النفوذ العسكري. ومع ذلك، تلوذ الحكومة المؤقتة بالصمت، وكأنها لا ترى ما يجري على الأرض من انتهاك واضح للسيادة السورية.
إن جوهر التحرك التركي لا يقتصر على إضعاف القوى المحلية، بل يمتد إلى محاولة إنهاء وجود قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في روج آفا كردستان، تمهيدًا لتحويل الشمال السوري إلى منطقة نفوذ دائمة، أشبه بولاية تركية جديدة من حيث الكثافة السكانية، والنفوذ الاقتصادي، والمشاركة في مشاريع الإعمار والإسكان التي تُقدَّم في إطار دعائي واحتفالي يخدم صورة تركيا أمام العالم. وبهذا تسعى أنقرة إلى إنعاش اقتصادها المنهك عبر السيطرة على الموارد النفطية والممرات التجارية الحيوية داخل الأراضي السورية.
كل المؤشرات الميدانية والسياسية بعد تراجع سلطة النظام أظهرت أن تركيا تعاملت مع الأزمة السورية بوصفها فرصة ذهبية لتوسيع نفوذها الإقليمي. حتى بدا أن صعود “الجولاني” في الشمال السوري لم يكن إلا نتيجة مباشرة للدعم التركي غير المعلن، إذ تحوّل الرجل إلى أداة بيد الاستخبارات التركية، تُحرّكه بما يخدم مصالح أنقرة، لا بما يتماشى مع متطلبات الواقع السوري أو تطلعات الشعب السوري في الحرية والديمقراطية.
أما السؤال الأهم اليوم فهو:
ماذا لو انهارت قوات سوريا الديمقراطية فعلاً، أو تم دمجها نهائيًا ضمن الجيش السوري كأفراد لا ككتلة تنظيمية مستقلة؟
إن تحقق هذا السيناريو، فسيؤدي بلا شك إلى فوضى أمنية شاملة وانفلات خطير في عموم البلاد، وربما إلى اندلاع حرب أهلية جديدة. إذ سيعني ذلك فتح السجون التي تضم آلاف مقاتلي تنظيم "داعش"، وإعادة تنشيط الخلايا الإرهابية النائمة في مختلف المناطق السورية، ما سيقود إلى موجة جديدة من الإرهاب والمجازر، واستهداف المدنيين دون تمييز، فضلاً عن نزوح مئات الآلاف من السكان في مشهد إنساني كارثي.
وسينعكس هذا الانهيار بشكل مباشر على النسيج الاجتماعي السوري، مُضعفًا البنية السياسية والاقتصادية والثقافية، ومُفقدًا السوريين أي تمثيل حقيقي في المحافل الدولية. كما سيؤدي إلى تغيير ديمغرافي واسع في المناطق الكردية قد يمتد تأثيره إلى الساحل والسويداء، في ظل غياب المؤسسات المدنية والخدمات الأساسية من ماء وكهرباء وخبز ورعاية صحية، مما يجعل الحياة اليومية شبه مستحيلة.
وفي ظل هذا الواقع، ستبقى الفصائل المسلحة الموالية للاستخبارات التركية صاحبة الكلمة العليا في القرارين الأمني والسياسي داخل سوريا، بينما ينتشر الفقر والبطالة والجوع والتشريد في كل مكان. فكل سلطة لا تحمي حرية المواطن وكرامته، تتحوّل بالضرورة إلى سلطة طاغية.
وفي المحصّلة، يمكن القول إن المشروع الوطني المتكامل الذي تمثله قوات سوريا الديمقراطية، رغم كل التحديات، يبقى ضرورة وطنية لا يمكن الاستغناء عنها، مقارنة بمشروع “الجولاني” الطائفي الهش، القائم على التبعية والفوضى ولون واحد، وغير القابل للتطور أو القبول الدولي.
فما بين مشروع وطني يسعى لبناء مؤسسات مدنية ديمقراطية مستقرة، ومشروع ظلامي قائم على الولاءات والانقسام والتبعية، يبقى الخيار واضحًا أمام كل من يضع مصلحة سوريا وشعبها فوق أي اعتبار آخر.



#حجي_قادو (هاشتاغ)       Haji_Qado#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدولة السورية بين وهم السلطة وحقيقة الانهيار
- الحركة الكردية في سوريا بين إرث النضال وضياع اللحظة التاريخي ...
- هل تحوّل الأخطبوط التركي إلى حمامة سلام؟
- مبادرة السلام التركية مع الكُرد: بين الخداع السياسي وتصفية ا ...
- هاكان فيدان يتخلى عن الدبلوماسية... خطابٌ متعجرف يكشف نوايا ...
- تصاعد التمييز الطائفي في بعض أحياء دمشق... أين الدولة؟
- نحن وأحلامنا في وطنٍ ينهشه الألم
- زيارة أحمد الشرع إلى موسكو... مأزق جديد في المشهد السوري
- بين مأزق الطائفية واستحقاق الهوية الكُردية
- بدايات حكم البعث... مع بدايات الثورة السورية ،ماذا حصل الكور ...
- قراءة في المشهد السوري بعد دخول هيئة تحرير الشام إلى دمشق
- قبل اندماج قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في الجيش السوري
- خيبة الأمل بعد سقوط النظام البعثي
- مناف طلاس بين حسابات القوى الإقليمية وتراجع نجم أحمد الشرع
- المجلس الوطني الكردي في سوريا (ENKS)
- أين اختفوا تلك الأبواق التي تاجرت بدماء السوريين؟
- هيمنة التركية على قرارات الحكومة السورية المؤقتة
- لأول مرة أراه يحمل السلاح ويخطب، هل نفد صبر الجنرال مظلوم عب ...
- لماذا لا يكون كُرد روج آفا جيرانًا لتركيا بدلًا من -هيئة تحر ...
- الكُرد... من الهويّة إلى الانتماء الكُردستاني


المزيد.....




- خيوط أولى في قضية سرقة متحف اللوفر في باريس.. إليكم التفاصيل ...
- السعودية: أول تصريحات لصالح الفوزان بعد تعيينه في منصبه عن م ...
- نتنياهو: إسرائيل ستحدد القوات الدولية التي لا نقبل بوجودها
- النواب الفرنسيون يستأنفون مناقشة الميزانية بعد رفض تجميد ضري ...
- تدريبات عسكرية أمريكية قبالة سواحل فنزويلا
- الخط الأصفر يحجز الفلسطينيين في خيامهم رغم وقف الحرب
- محاكمة -سريعة ومفاجئة- للمتهمين في قضية -التآمر 1- بتونس
- غريزة البقاء في الذكاء الاصطناعي تحير الخبراء
- أناتولي كاربوف.. أسطورة الشطرنج الروسي الذي تطارده العقوبات ...
- نتنياهو: نحن من سيحدد أي قوات دولية ستدخل غزة


المزيد.....

- حين مشينا للحرب / ملهم الملائكة
- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - حجي قادو - الدور التركي في سوريا: بين الفوضى الممنهجة وتوسيع النفوذ