أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميشيل الرائي - في خطأ التقسيم وأوهام التصنيف في الخطاب المسرحي














المزيد.....

في خطأ التقسيم وأوهام التصنيف في الخطاب المسرحي


ميشيل الرائي

الحوار المتمدن-العدد: 8501 - 2025 / 10 / 20 - 10:01
المحور: الادب والفن
    


يبدو أن بعض الخطابات الأكاديمية المعاصرة قد تورطت في نزعة تصنيفية متسرعة تحاول أن تخضع الأداء المسرحي إلى منطق القسمة الجامدة وكأن المسرح بنية يمكن ضبطها بجداول من أربعة أعمدة هكذا يقال بثقة متعالية إن الأداء المسرحي ينقسم إلى أرسطي وستانسلافسكي وبريختي وطقسي لارطو مع إضافة الرقمي الذي لم يقعد له الى الان بوصفه القسم الخامس كما لو كنا أمام معادلة كيميائية يمكن التحقق منها بالقياس الكمي لكن هذا القول على ما يبدو لا ينتمي إلى المنطق بقدر ما ينتمي إلى بلاغة التبجح الأكاديمي التي تستعير من المنطق مصطلحاته لتزيّن جهلها بآلياته إن من يضع مثل هذا التقسيم يتعامل مع المفاهيم كما يتعامل الأطفال مع المكعبات يركّبها حسب الشكل لا حسب الفكرة ويظن أن اكتمال الشكل دليل على اكتمال الفهم
في المنطق كما نعلم الحصر نوعان : عقلي قائم على الضرورة لا يقبل الزيادة أو النقصان كقولنا إن الممكن إما موجود أو غير موجود واستقرائي يقوم على التجربة والتتبع كقول القدماء إن العناصر أربعة وهو قول تاريخي نسبي قابل للتبدل التقسيم المقترح للأداء المسرحي ليس عقليًا لأن العقل لا يمنع من تصور أقسام أخرى وليس استقرائيًا تامًا لأن التجربة المسرحية لا تزال تتطور وتعيد تعريف ذاتها إنه إذن تصنيف اعتباطي ناقص يستند إلى مظهر من مظاهر التاريخ لا إلى بنية من بنياته
إن الخطأ الجوهري هنا يكمن في تحويل المفهوم الجمالي إلى مقولة منطقية فالأداء المسرحي ليس كليًا يُجزّأ إلى أقسام بل هو سيرورة متحركة تتقاطع فيها الرؤى الجمالية والفكرية والتقنية الأرسطية ليست أداءً بل تنظيرًا للفعل الدرامي وستانسلافسكي ليس مرحلة بعد أرسطو بل إعادة تعريف لمفهوم المحاكاة وبريخت لم يأتِ خارج هذا السياق بل في صميمه حين حوّل التمثيل إلى وعي نقدي بالواقع أما أرتو فكان أشبه بانفجار داخل البنية نفسها لا قسمًا منها فكيف يمكن تقسيم ما هو في جوهره تاريخ تحولات لا منظومة فصول
إن التقسيم المنطقي يفترض تباين الأقسام وعدم تداخلها بينما الواقع المسرحي قائم على التفاعل والتهجين بريخت يتقاطع مع ستانسلافسكي في مفهوم الفعل وأرتو يشترك معهما في الجسد والطقس بل إن كل واحد منهم يعيد كتابة الآخر بطريقة مختلفة
يبدو أن ما ينقص بعض الأساتذة الذين يوزّعون المصطلحات كما يوزّع الكهنة البركات هو الوعي المنهجي قبل الحماس الاصطلاحي لقد نسوا أن المنطق ليس زينة لغوية تُعلّق على العناوين بل هو أداة لفحص العلاقة بين المفهوم ودلالته إنهم يتحدثون عن التقسيم المنطقي ولا يعرفون أن شرطه الأول هو التمييز بين النظرية والمنهج والفلسفة وهي مجالات تختلف في الماهية لا في الدرجة
الأداء المسرحي لا يُقسّم بل يُفهم في ضوء أنطولوجيا التغيّر فهو ينتقل من المحاكاة الأرسطية إلى التعبير النفسي في ستانسلافسكي إلى الوعي الجدلي في بريخت إلى التجربة الطقسية في أرتو وصولًا إلى الرقمي الذي يذيب الجسد في التقنية وهذه ليست أقسامًا بل تحوّلات إبستمولوجية تشهد على دينامية المسرح لا على جغرافيته
إن المشهد الأكاديمي المسرحي في الوطن العربي للأسف يعاني من تضخّم المصطلح وضعف المفهوم إذ يُستدعى المنطق واللسانيات والسيميائيات كزينة فكرية لا كأدوات تحليل يتحدثون عن أرسطو وستانسلافسكي كما لو كانا علامتين تجاريتين لا بنيتين معرفيتين وما لم يُدرّس المنطق في كليات الفنون الجميلة لا بوصفه علمًا مجردًا بل كآلية لتنظيم التفكير النقدي سيظل المسرح عندنا أسير انطباعات لا تحليلات
إنني أقول إن أول درس ينبغي أن يتعلمه الباحث المسرحي هو أن المنطق ليس عدوّ الخيال بل شرطه الخفي فالمسرح بدوره حجة تُعرض على الخشبة وتنتظر استدلال الجمهور ومن لم يتقن بناء الحجة سيبقى ممثلًا في الخطاب أكثر مما هو باحثًا في المسرح



#ميشيل_الرائي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لقد عبث المجد بفرائك
- قصيدة تشريحية تقريبًا (تمارين في ميتافيزيقا الشعر)
- أماكن أخرى للهذيان
- في مديح بيكاّسو
- المظهر الكوميدي لمأساة قديمة
- المراثي الوطنية
- المراثي الوطنيّة II
- قراءة معرفية للمسرح العربي: استقصاء البنية والمعرفة
- كولاجات
- أطفال يخرجون ألسنة ركضهم
- سنعود أجسادًا من رماد أو شجيرات ورد بعين الحيوان الساحر
- وقاحةُ الرياضيِّ المنتصر
- قمرٌ ممزوجٌ بفوضى الموتى على حافة الفأس
- باحثا عن رينيه شار
- الضوء رماد الشمس
- حديث عابر عن ماهية الفاعل
- باحثا عن جورج حنين
- الحضور الذي اختير لا يلقي وداعًا.
- حضور أبدي يبكي
- عن الم الوردة


المزيد.....




- خاطرة.. معجزة القدر
- مهرجان الجونة يحتضن الفيلم الوثائقي -ويبقى الأمل- الذي يجسد ...
- في روايته الفائزة بكتارا.. الرقيمي يحكي عن الحرب التي تئد ال ...
- في سويسرا متعددة اللغات... التعليم ثنائي اللغة ليس القاعدة  ...
- كيت بلانشيت تتذكر انطلاقتها من مصر في فيلم -كابوريا- من بطول ...
- تظاهرة بانوراما سينما الثورة في الجلفة بطبعتها الثانية
- -بطلة الإنسانية-.. -الجونة السينمائي- يحتفي بالنجمة كيت بلان ...
- اللورد فايزي: السعودية تُعلّم الغرب فنون الابتكار
- يُعرض في صالات السينما منذ 30 عاما.. فيلم هندي يكسر رقما قيا ...
- -لا تقدر بثمن-.. سرقة مجوهرات ملكية من متحف اللوفر في باريس ...


المزيد.....

- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميشيل الرائي - في خطأ التقسيم وأوهام التصنيف في الخطاب المسرحي