أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - حجي قادو - بين مأزق الطائفية واستحقاق الهوية الكُردية














المزيد.....

بين مأزق الطائفية واستحقاق الهوية الكُردية


حجي قادو
كاتب وباحث

(Haji Qado)


الحوار المتمدن-العدد: 8500 - 2025 / 10 / 19 - 14:20
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


يمكن اختزال المشهد السوري الراهن في عبارة واحدة دامغة وواضحة:
إنّ القضية الكُردية اليوم تقف بين مأزق الطائفية والمذهبية من جهة، واستحقاق الهوية القومية من جهة أخرى، وسط إنكارٍ متعمّدٍ لوجودها التاريخي.

فكلّ ما يدور في البلاد من لقاءاتٍ دبلوماسيةٍ ومفاوضاتٍ سياسيةٍ وزياراتٍ مكوكية، سواء بين ما يُعرف بالحكومة السورية المؤقتة وبعض الحكومات العربية والدولية، أو في إطار الاتفاقات الاستثمارية والأمنية الموقّعة بالحبر الباهت، لا يصبّ في بوتقة الحلّ العادل للقضية الكُردية في سوريا. بل إنّ معظم هذه التحركات تُدار ضمن حساباتٍ ضيّقة لا تمتّ إلى جوهر الأزمة بصلة، ولا تسعى فعلاً لتجنّب حربٍ داخلية مدمّرة بين مكوّناتٍ سوريةٍ عاشت جنباً إلى جنب لقرونٍ طويلة، ودفعت معاً أثماناً باهظة من الدماء.

وعلى رئيس الحكومة السورية المؤقتة، أحمد الشرع، وشركائه أن يدركوا أنّ توسيع دائرة العلاقات الإقليمية والدولية لا يمنح الشرعية لأي سلطةٍ لا تنال رضا الداخل السوري بكلّ أطيافه القومية والدينية.
فالشعب هو مصدر الشرعية، والضامن الأول لبقاء أي حكمٍ واستمراره، ومن يتجاهل هذه الحقيقة فليتّعظ من مصائر الطغاة والمستبدين الذين سبقوه، وفي مقدّمتهم بشار الأسد، الذي ظنّ أن القوة وحدها تصنع الشرعية.

وفي ظلّ هذا المشهد المأزوم، تتسرب بين الحين والآخر تسريباتٌ سياسيةٌ جديدة، خصوصًا بعد زيارة الشرع إلى موسكو، تتحدث عن تغييراتٍ مرتقبةٍ في بنية الحكم السوري، كاحتمالية تعيين ماهر الأسد رئيساً للإقليم الساحلي، ومناف طلاس رئيساً للجمهورية السورية الفيدرالية، بينما تبقى قوات سوريا الديمقراطية (قسد) نواةً محتملةً للجيش السوري الجديد.
إلا أنّ هذه السيناريوهات، رغم كثرة ترديدها، لا تغيّر من حقيقة أنّ خطاب الحكومة المؤقتة تجاه القضية الكُردية، خصوصاً في شمال وشرق سوريا، ما يزال خطاباً هشّاً ومترهّلاً لا يرقى إلى مستوى تضحيات هذا الشعب.

لقد قدّم الكُرد آلاف الشهداء دفاعاً عن أرضهم وعن كرامة السوريين جميعاً، ووقفوا في وجه أعتى التنظيمات الإرهابية في العالم، فحرّروا الأرض نيابةً عن المجتمع الدولي، ورووا تراب الوطن بدمائهم الزكية، وزيّنوا فجر الحرية بقرابين الشرف والكرامة.
ومع ذلك، ما زالت حقوقهم تُختصر في كلماتٍ عابرة، ووعودٍ معلّقة على شفاه الساسة المراهقين الذين يتقنون فنّ الخطابة أكثر من فنّ الحكم.

كلّ ما يُقدَّم للكُرد حتى اليوم لا يتجاوز حدود الفقاعة الإعلامية التي تتبدّد مع أول نسمة إنكارٍ قومي أو أول نغمةٍ عنصريةٍ تصدح من أبواق الجماعات المتطرفة، تلك التي وصلت إلى دمشق عبر تفاهماتٍ دوليةٍ مشبوهة، واستولت على القرار السياسي بقوة السلاح، فارضةً واقعاً مريضاً على الأرض السورية.

أليس الكُرد ثاني أكبر قوميةٍ في البلاد؟
أليس من حقّهم أن تُدرّس لغتهم في المدارس والجامعات إلى جانب العربية؟
أليسوا شركاء أصيلين في التاريخ والجغرافيا والوجدان السوري؟
فكيف يمكن بناء وطنٍ جديدٍ من دون ذكر اسمهم في مسودة الإعلان الدستوري؟
وكيف يتحقق العدل إن لم يُعترف بحقوقهم القومية والدستورية وفقاً للمواثيق والعهود الدولية، بما في ذلك حق تقرير المصير؟

لقد حُرم الكُرد من الهوية الوطنية بشكلٍ ممنهجٍ ومقصود طوال العقود الماضية؛
جُرّدوا من الجنسية في عهد حزب البعث المنحلّ،
ثم جُرّدوا من الأمل في عهد سلطةٍ مؤقتةٍ مرتبكةٍ تتحدث عن الحرية ولا تمارسها، وتدّعي الوحدة وهي غارقة في انقساماتها الطائفية والولاءات الخارجية.

إنّ الشعب السوري، بكل مكوّناته، لا يحتاج إلى خطاباتٍ منمّقةٍ تُلقى أمام الكاميرات، بل إلى أفعالٍ صادقةٍ على الأرض.
يريد عدالةً تُمارَس لا تُقال، ومواطنةً تُجسَّد لا تُزخرف على الورق.

أما الحديث عن اندماج "قسد" في ما يُسمّى بالجيش السوري الجديد، فهو رهانٌ خاسرٌ، لأنّ ما بُني على اختلافٍ أيديولوجي وفكري لا يمكن توحيده بالانصهار القسري أو عبر اتفاقاتٍ فوقيةٍ لا تراعي حقائق الواقع.

وما دامت الطائفية والمذهبية والولاءات الضيقة هي المحرّك الرئيس للسياسة السورية،
وما دام أحد لا يجرؤ على القول إنّ القضية الكُردية هي قضية شعبٍ أصيلٍ له حقوقٌ قوميةٌ ودستوريةٌ لا يمكن تجاوزها،
فستظلّ كلّ الحلول السورية ناقصةً ومبتورة،
ويبقى الكُرد الحلقة المفقودة في المعادلة الوطنية،
يبحثون عن وطنٍ لم يُكتب له بعد أن يولد من جديد.



#حجي_قادو (هاشتاغ)       Haji_Qado#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بدايات حكم البعث... مع بدايات الثورة السورية ،ماذا حصل الكور ...
- قراءة في المشهد السوري بعد دخول هيئة تحرير الشام إلى دمشق
- قبل اندماج قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في الجيش السوري
- خيبة الأمل بعد سقوط النظام البعثي
- مناف طلاس بين حسابات القوى الإقليمية وتراجع نجم أحمد الشرع
- المجلس الوطني الكردي في سوريا (ENKS)
- أين اختفوا تلك الأبواق التي تاجرت بدماء السوريين؟
- هيمنة التركية على قرارات الحكومة السورية المؤقتة
- لأول مرة أراه يحمل السلاح ويخطب، هل نفد صبر الجنرال مظلوم عب ...
- لماذا لا يكون كُرد روج آفا جيرانًا لتركيا بدلًا من -هيئة تحر ...
- الكُرد... من الهويّة إلى الانتماء الكُردستاني
- لماذا لا يكون كُرد روج آفا جيران تركيا بدلًا من -هيئة تحرير ...
- مركز أمريكي يكشف فضيحة مدوّية ل-أبو عمشة- وفرقته!
- بين موسكو ودمشق: عودة شبح الوصاية الروسية إلى المشهد السوري
- كردستان: حقّ الوجود والعودة إلى الجذور
- بين البروباغندا التركية وتغييب الوعي الكردي
- لمحة تاريخية عن الكُرد وعلاقتهم بالدول الإقليمية: بين التوظي ...
- حول ما تسرّب من لقاء الشرع وعبدي في دمشق على خلفية أحداث حيي ...
- بين مركزية الدولة السورية ولا مركزيتها: صراع على حساب الفقرا ...
- بين التصعيد والتناقض: قراءة في الخطاب التركي تجاه المسألة ال ...


المزيد.....




- مسؤول إسرائيلي: نتنياهو يأمر بوقف المساعدات الإنسانية إلى غز ...
- ترامب: سأترأس مجلس إعادة تطوير غزة وسنوفر لسكانها منازل بالم ...
- تونس: هل يستجيب قيس سعيّد والحكومة لمطالب المحتجين في قابس؟ ...
- -اتفاق غزة- يهتزّ.. والولايات المتحدة تتحرك لمنع انهيار التف ...
- الحكومة الفرنسية تشرع في مناقشة مشروع قانون موازنة 2026
- وزير دفاع باكستان: اتفقنا مع كابل على وقف الإرهاب والأعمال ا ...
- غزة تحت القصف مجددا ومغردون: نتنياهو يهرب من المحاكمة
- -شبكات- يرصد ردود الفعل على تظاهرات مناهضة لترامب وغضب تونسي ...
- بعد انقلاب مدغشقر.. -جيل زد- يطالب بدور في رسم المستقبل
- مجمع كيميائي يتحول لكارثة بيئية.. كيف علق تونسيون؟


المزيد.....

- النظام الإقليمي العربي المعاصر أمام تحديات الانكشاف والسقوط / محمد مراد
- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - حجي قادو - بين مأزق الطائفية واستحقاق الهوية الكُردية