أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمود حمد - الفنان العراقي بين مرحلتين-الفنان والحرية-2/21















المزيد.....

الفنان العراقي بين مرحلتين-الفنان والحرية-2/21


محمود حمد

الحوار المتمدن-العدد: 1830 - 2007 / 2 / 18 - 11:36
المحور: المجتمع المدني
    


 الحرية كضرورة لوجود فن وفنانين؟
هل بإمكان الفنان أن يتحرر من الحاجة للحرية؟..
إن ذلك مخالف لكينونة الفن ولطبيعة الفنان ، فالفنان هو ذلك الإنسان الذي يجهد من اجل تحرير طاقة الخلق في روحه لتكون أعمالا إبداعية متحررة من قيود الانتظار في مداركه ،وداعية لتحرير القيم الجمالية والذوق السائد من أدران الأعمال(الفنية) الهابطة، والقيم الذوقية الملوثة بالتخلف.
كما إن الفن هو المنجز الإنساني المتحرر من الرتابة والنمطية، والقادر على استحضار الحلم وزجه في الواقع، والمؤهل لاستقدام المستقبل كعنصر وطاقة لانتشال الحاضر من أثقال الاستبداد والتخلف.
إن الاستبداد خصم للحرية وأولى ضحايا هذه الخصومة هي الثقافة والفن، وابرز نتائج تلك الخصومة هي شيوع التخلف، الذي سيؤدي حتما إلى تسويق الاستبداد وخنق الحرية واحتقار الثقافة والفن.
فالحرية شرط ضروري وحتمي لصيرورة الفن، حتى وان لم تكن بعض أنفاس الحرية تسري في الحياة العامة، فان بركان الحرية في روح الفنان حاجة موضوعية..بانطفائها يستحيل أن يكون الفنان فنانا والعمل الفني منتجا إبداعيا.
 لماذا تنتهك حريات الفنانين على مدى عقود؟
في أزمنة متعاقبة كان المثقفون عموما ومنهم الفنانين هدف السلطات المستبدة تسوقهم إلى المعتقلات كلما أحست بان عرشها مهتز أو تحيطه رياح التغيير..لكن هذه النوبات التقييدية لحريات المثقفين والفنانين أخذت طابعا فاشيا على يد الأنظمة القومية الشوفينية كما هي الحال في تجربتي حزب البعث عام 1963 و1968 في العراق، فبعد انقلاب 8 شباط الدموي أقفرت المدن وخلت الساحة الثقافية والفنية من المبدعين ومن المتلقين على حد سواء ، وصارو معظمهم نزلاء في أقبية التعذيب أو في المقابر الجماعية ، فيما أغلقت منافذ الأعمال الثقافية والفنية وحلت محلها (فرق الكاولية) في شوارع المدن السومرية ،والآشورية ،والبابلية ،وأمام دار الحكمة في بغداد، وجوار ارث الو اسطي..وأطلق الرصاص على نصب الحرية...
 لماذا أطلقوا الرصاص على نصب الحرية؟
بعدا انقلاب 8 شباط 1963 وقف احمد حسن البكر رئيس حكومة الانقلابيين أمام نصب الحرية مخاطبا مجموعة من "الحرس القومي" وهو يشير إلى نصب الحرية( هكذا بدد قاسم ثروة العراق على هذه العكاريك – الضفادع - المقطعة رجليها )..فانطلق الرصاص إلى صدور رموز الحرية في النصب .. وما تزال آثار الرصاص في صدورهم إلى اليوم!.
انتابنا الرعب يومها من أن يتمادى في كراهيته للحرية إلى إزالة النصب، مثلما لطخوا صورة الحمامة الوديعة في لوحة فائق حسن في ساحة الطيران..لقد أقاموا العديد من الأصنام فيما بعد للتشويش على ألق نصب الحرية في عيون الناس، وحتى في عيون الفقراء منهم الذين لا يعرفون القراءة والكتابة .. لأنه ارتبط في ذاكرتهم بثورة تموز1958 وزعيمها الوطني عبد الكريم قاسم..وصار اسم الفنان العراقي الفذ جواد سليم في قلوب وذاكرة الفقراء ملازما لمفردات(الثورة والحرية والزعيم!) ..
( وقبل أسابيع أطلق احد الدجالين العراقيين رؤيا تقول: إن نزيف الدم في العراق لن يتوقف إلا بإزالة نصب الحرية!!!!) فحذاري ..حذاري .. فالمستبدون الصغار والكبار ومن كل الأصناف والأجيال يستهدفون شعلة الحرية لإطفاء نورها..
وبعد انقلاب تموز 1968 استفاد الانقلابيون من دروس وعبر تجربة شباط 1963 فانتهجوا سبل الاستبداد(الحريرية) لبرهة من الزمن، دون أن تساعدهم طبيعتهم الوحشية على المطاولة وإدامة هذا النهج ، فما لبثوا إن ارتدوا إلى ديدنهم وزجوا بالمثقفين والثقافة في أتون (ثقافة صوتية مجوفة تردح تحت خيمة الكاولية).
لكن طوفان الاحتواء القسري وتهجين الثقافة والفن لم يفلح في قمع الحرية بعقول وقلوب الفنانين، رغم نجاحه النسبي في كبت الحريات بروح المدن العراقية، فأطلقوا حملة غير مسبوقة لإطفاء الثقافة، ووئد الفن، وتغييب الفنانين والمثقفين بين السجون والمنافي والعزل المميت.
ولكن لماذا؟
لان الفن نتاج الحرية والخلق والتجديد، والسلطة المستبدة نتاج التخلف والتعصب والركود.
ولان الفن طاقة للتغيير والعطاء ،والنظام المستبد طاقة للتشبث والاستلاب .
ولان الفنان داعية لتحرير الفعل الإنساني وتحرير عقل المتلقي لكي يدرك مكنونات الفعل الإبداعي الحر، وسر بقاء المستبد يكمن في استعباد الناس وترسيخ التخلف وإشاعته.
 تلازم حرية الإبداع وحرية الرأي؟
عندما نتحدث عن (الحرية)بمفهومها الواسع فإننا نعني (التعبير عن الذات الإنسانية) بمفهومها الواسع..
لان نشوء الفكرة وتبلورها وتحولها إلى مشروع إبداعي يتجسد بمنجز مادي محسوس ، لا تعدو أن تكون (رؤية الفنان وموقفه) الذي يريد أن يعبر به عن مكنوناته إلى المتلقي.
ولذلك فان (الحرية) هي البيئة الطبيعية التي يتنفس فيها الفنان والمتلقي، وتنبثق في أجوائها شروط التحاور المثمر بين العمل الفني ومدارك المتلقي، وتحرض إرثه المعرفي والثقافي على تحليل العمل الفني وتقييمه، واستخلاص رؤية فردية إزاءه.
لان الفنان المكبل بالاستبداد لا يستطيع أن يطلق طاقاته الإبداعية بكل مدياتها لتكون عملا ماديا محسوسا (مسرحيا، موسيقيا، تشكيليا،غنائيا، سينمائيا..الخ)، مثلما لا يستطيع المتلقي المستعبد بالخوف أو العوز والتضليل أن يستوعب أغراض المنتج الفني الجمالية والفكرية والاجتماعية ، كما انه يعجز عن إطلاق رأيه في ذلك المنجز الفني (ذلك الرأي الذي ينتظره بشغف كل مبدع عندما يعرض عمله للآخرين).
 خطورة إطلاق يد المسؤول الرسمي لخنق حرية الفنان؟
وبعيدا عن مرارة الأيام التي ما تزال تعصف بنا ،فان حرية الفنان كمواطن وكمبدع تعد احد معايير قياس قدرة الدولة على فهم دورها كمؤسسة خدمية تطبق سنن الواجبات والحقوق لمواطنيها.
لكن الأمر الذي نريد أن نتوقف عنده ونحذر منه هو انتفاخ المسؤوليات الإدارية لموظفي المؤسسات الحكومية المتخصصة بالفن التي وضعت لتسهيل وخدمة متطلبات الفنانين والفن إلى حد التحكم بمصائرهم(الوظيفية والمعيشية ) تحت ضغط التقييمات غير الفنية.
وليس هناك ضمانة للوقاية من هذا الوباء سوى احترام التشريعات وتنقيتها من شوائب مرحلة الاستبداد الشمولي، وتطبيقها دون تمييز.وفي مقدمة تلك الخدمات الضرورية للفنانين دون استثناء داخل الوطن وخارجه هي (الدعم المادي والمعيشي وتسهيلات وصول انتاجات الفنانين إلى المتلقين داخل الوطن وخارجه).



#محمود_حمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في ذكرى رحيل الصديق الفنان فائق حسين-رحيل الفنان السومري الح ...
- 1/21 :/الفنان والاستبداد/الفنان العراقي بين مرحلتين/
- التاسع من شباط1963
- الازمنةُ العراقيةُ!
- صِبيانٌ غابوا في مُنتَصفِ الدَربِ إلى-اللُقْمَةِ-!
- بيتٌ -عليٍ- والفانتوم!
- إمّا البيضةُ أوْ بَيتُ الطاعةِ؟!
- و-إذا الايامُ أغسَقَتْ-(1) فَلا تَنسوا -حياة شرارة-!
- لوحةٌ على جُدرانِ غُرفَةِ التَعذيبِ!
- طِفلٌ قُرويٌّ يقرأُ ألواحَ الطينِ
- لا يَصلِحُ لبلادِ النَهرينِ إلاّ السُلطانُ الجائِرُ؟!
- -عمالُ المَسْطَرِ- (1) بضيافةِ -عُقْبَة - (2)
- عبد الرحمنٌ ..كوَةُ ضَوءٍ في الظُلمةِ!
- -شهدي-(1)واحدٌ مِنّا!
- أميرةُ -الحَضَرِ- تبحثُ عن بَطنِ الحوتِ!
- ليلةُ الغدر ب -محجوب-
- الوحوش يغتالون الإبداع
- نَخلةٌ طَريدةٌ على الخليجِ!
- الحوار المتمدن و-الجريدة-!
- -هَلْ نَشهدُ إطفاءَ الظُلْمَةِ..وَشيوعَ رَغيدَ العَيشِ؟!-


المزيد.....




- -ارتكب أفعالا تنطوي على خيانة وطنه-..داخلية السعودية تعلن إع ...
- -حماس- تبدى موقفها من التقرير الاممي حول -الأونروا-وتحذر
- تحديث بشأن التحقيق حول مشاركة موظفين بالأونروا في هجوم حماس ...
- اعتقال المتهم الـ12 بالهجوم الإرهابي على مجمّع -كروكوس- في م ...
- غزة.. فضحت -حرية التعبير- الغربية وسخّفت تهمة -معاداة السامي ...
- -حماس- تحذر من وصاية أي جسم دولي على -الأونروا- كبديل عن الأ ...
- حماس تحذر من أي بديل عن الأمم المتحدة للإشراف على الأونروا
- حملة اغتيالات واعتقالات جديدة في الضفة الغربية
- قصف واشتباك مسلح.. ارتفاع حصيلة القتلى في غزة واعتقالات بالض ...
- اعتقال 8480 فلسطينا بالضفة الغربية منذ 7 أكتوبر


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمود حمد - الفنان العراقي بين مرحلتين-الفنان والحرية-2/21