|
مقاربة نقدية في رواية - المزاحمية - للشاعر والكاتب سمير الأمير
مجدي جعفر
الحوار المتمدن-العدد: 8498 - 2025 / 10 / 17 - 17:28
المحور:
الادب والفن
المكان. المزاحمية إمارة أو محافظة تقع على طريق الرياض – مكة، وشيد على هضبتها الأمراء والموسرين، الفيلات والقصور، وأشهرها قصر الوليد بن طلال، وهي المكان الذي تدور فيه أحداث الرواية. الزمن الخارجي للرواية : أربع سنوات، هي مدة تعاقد علي محمود عبدالبديع المالكي، وهو بطل النص، بالمملكة العربية السعودية، للعمل كمدرس لغة إنجليزية. الزمن الداخلي : من بداية حقبة التسعينات من القرن الماضي، ويعود به إلى الوراء، ليس إلى أكثر من ( 1400 ) سنة، منذ دخول عمرو بن العاص إلى مصر في زمن الخليفة عمر بن الخطاب وحسب، بل يعود الكاتب به إلى ما قبل انهيار سد مأرب. ................ عرفنا سمير الأمير شاعرا مجيدا، واليوم نعرفه روائيا مقتدرا، فقدم لنا ( سيرواية ) أو سيرة روائية، ليست سيرة علي المالكي فحسب، بل سيرة ومسيرة وطن / أمة. انتهى سمير الأمير من كتابة هذه الرواية عام 2023م، وبذلك يكون قد انقضى على أحداثها ثنتا وثلاثون عاما، وهذا البُعد الزماني جعل الأحداث في نفسه ترق وتشف، وجاءت أفكاره ولغته مُصفاة ومقطرة، فالبُعد الزماني والمكاني أيضا، جعله ينطر إلى الأحداث من كل الزوايا، ويقلبها على كل الوجوه، وقارئ الرواية، وهو العمل الروائي الأول له، يجده : 1 – ابتعد عن لغة الشاعر، ولم يظهر كشاعر إلا في قصيدتين قصيرتين فقط، وكان موفقا غاية التوفيق في جعلهما لحمة في بنية الرد. 2 – ظهر لنا كحكاء ماهر، وسارد متميز يعرف ويعي الأصول التي يقف عليها فن السرد الروائي دون عثرات، هذا الفن الروائي الذي كان من المرونة، والقادر على امتصاص واحتواء سمير الامير الشاعر، والباحث والمُنظر، والمفكر والمترجم، والمؤرخ أحيانا، فاستوعبت روايته " المزاحمية " كل هذا، فضلا عن تأملاته ومراجعاته، دون أن تفقد الرواية خصائصها. 3 – نجح نجاحا مدهشا في تضمينه لغة السرد والحوار اللهجة العامية المصرية ولهجة أهل البدو بالمزاحمية، وتضافرتا اللهجتين مع الفصحى السهلة البسيطة، البعيدة كل البُعد عن التقعيد والتقعير، لغة تنساب عذبة رقراقة، و يستملحها القارئ المصري والقارئ الخليجي على السواء. = اختار الكاتب علي محمود عبدالبديع المالكي المدرس المتعاقد بالمملكة العربية السعودية للعمل كمدرس لغة إنجليزية، شخصية محورية أو مركزية، ومن خلال علاقته المتشابكة مع زملائه المتعاقدين والوطنيين ( أهل المملكة ) والطلاب وأطباء وصناع وباعة .. إلخ، قدم لنا نصا روائيا قادرا على محاورة الواقع وإثارة الأسئلة. ......................... مشهد البداية : من أقوى المشاهد الروائية التي قرأتها مؤخرا، يأخذ القارئ إلى مسارات عدة، منها : المسار السياسي، والمسار الثقافي، والمسار الديني، والمسار الاجتماعي، والمسار الاقتصادي. هذه المسارات على مدى ( 294 ) صفحة، كتبها في ( 38 ) فصلا أو مقطعا سرديا، تتوازى أحيانا، وتتقاطع أحيانا أُخر. .................... يعتمد الكاتب كثيرا على مقابلة المواقف، موقف أني يقابله بموقف من الماضي، فمثلا أول يوم له بالإدارة التعليمية بالرياض بحي الدخل المحدود، طريق الرياض – مكة، يقابله بأول يوم له في مركز التدريب بالجيش. ................ الوصف. سمير الأمير من الوصافين الكبار، وصفه لمدينة الرياض، حي الملز، حي العليا، حي البطحاء ( قلب المدينة ) حيث حديقتها الشعبية، حي البديعة، مستشفى الشميسي العام. ووصف رائع للصحراء بالسعودية، ويعود لمقابلتها ومقاربتها بالصحراء الممتدة بالهايكستب حيث تم ترحيله من مركز تدريب المشاة، ويسرد تفاصيل الحياة اليومية للمجندين، والمعاملة السيئة من الشاويشية لحملة المؤهلات العليا، والوساطات لأبناء الضباط ورجال الأعمال وأقاربهم، وكيف تبدلت الأحوال لهؤلاء المجندين الذين يُعاملون أسوأ معاملة، عند زيارة الفريق إبراهيم العرابي، كيف تحولوا في معاملتهم للمجندين مائة وثمانين درجة، وبدا المعسكر مثاليا!. ......................... عندما يتحول " الباص " إلى رمز. فالباص كان في زمن الرئيس جمال عبدالناصر يمر بقريته وبكل القرى البائسة وينقل الأهالي والطلاب إلى الزقازيق، أما في عصر الرئيس المؤمن محمد أنور السادات، تم الغاؤه، إشارة إلى التخلي عن الفقراء، وبداية عصر جديد، ومن ملامح هذا العصر الجديد، شيوع وانتشار الدروس الخصوصية، وآثارها السيء على الطلاب، فمدرس الرياضيات اغتاظ من علي المالكي التلميذ الصغير، الذي انتهى من حل الامتحان في خمسة دقائق، فعنفه وقام بتمزيق ورقة الإجابة الخاصة به!. ...................... مصر في أعين السعوديين في النصف الأول من تسعينيات القرن الماضي ( فترة تعاقد علي المالكي ) 1 – جيل الكبار : يعشقون مصر وكل ما يمت لها ومن يمت لها بصلة. 2 – الأجيال التالية : يحبونها ويكرهونها في تناقض عجيب. 3 – جيل الطلاب الجُدد : يرونها كما لبنان وسوريا بلاد السهر والمتعة والمجون. .................... = يصف بيوت " المزاحمية " والمملكة عموما قبل ظهور البترول وبعده. = احتقارهم للعمل اليدوي .. = لا يرون في الشحاذة عيبا .. = لهجة أهل البدو وعدم نطق بعض الحروف حيث لا إدغام .. = يُعرف بالمتعاقدين وبوظائفهم والبلاد التي قدموا منها، واختلاف الأمزجة والأشربة، ويبين حتى الفروق الجوهرية والدقيقة بين المطبخ الدقهلاوي والمطبخ الصعيدي. .................................. لي عنق النصوص القرآنية. في السعودية : الشيخ عبدالله السعدي، القائم على أمر جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمزاحمية، استأجر علي المالكي منه أحد الأحواش التي يمتلكها ولمدة عام، ولما أخيره علي المالكي بعد معاينة الحوش بأن السخان مثقوب، ويجب إصلاحه، خشية من ماس كهربائي، وحدوث ما لا يُحمد عقباه، فيرد عليه السعدي قائلا : قبل أن تسبح قل " لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا "، فيعود علي المالكي، إلى الماضي، إلى زمن الجامعة، ونقاشاته مع طلاب جماعة الإخوان المسلمين، وهم كُثر، وهو مع صديق آخر فقط، وفتاتان ممن ينتمون معهما إلى حزب التجمع اليساري والمعارض، وفي مناظرة بينه وبين قائد الجماعة بالجامعة، وكلما اقترب علي المالكي من حسم المناظرة لصالحه، ولصالح التيار الذي ينتمي إليه، يصيح أتباع الجماعة في قائدهم : قل له آية؟ قل له حديث؟ ويسعفونه أحيانا بآية أو بحديث!. ................. ومقاربات المواقف لا تنتهي في الرواية، فكلما ذُكرت ( الدرعية ) حيث سوق " الحراج " يتم فيه البيع والشراء للأثاث القديم، يتذكر موقف تاريخي. ( فالدرعية كانت مشهورة في تاريخ حملة محمد علي لتأديب البدو وللقضاء على الحركة الوهابية ) ومن المشهد الأول بالرواية، نرى تعالق السياسة بالدين، ففي المقابلة لعلي المالكي مع اللجنة التي امتحنته، لم يستغرق اختبار اللغة الإنجليزية الخمس دقائق، في حين أن الأسئلة الأخرى المتعلقة بالسياسة أو الدين استغرقت مايزيد عن ربع الساعة، فمثلا كان هناك سؤالا عن رأيه في الملك إسماعيل، وهو كان يدرك أن اللجنة تريد أن تستشف منه، هل هو منحازا إلى الملكية أم إلى الجمهورية؟ فهم يخشون على تلاميذهم وطلابهم من الأفكار التي سادت مصر بعد ثورة يوليو 1952م، وتحولها من الملكية إلى الجمهورية، وتحولها إلى النظام الاشتراكي والتوجه إلى المعسكر الشرقي. وكانت الأسئلة في الدين والفقه : -أين الله؟ -رجل متزوج أخت أرملته، يجوز أم لا يجوز؟ -رجل وهو ساجد في صلاة الجنازة، سجد وكان فيه مسمار صغير على الأرض دخل في جبهته وخرت دم، فهل تبطل صلاته أم لا تبطل؟ ....................... لماذا يكتب سمير الأمير هذه الرواية؟ يقول على لسان علي المالكي : ( ما أحكيه هنا هو من الذاكرة التي خالطتها الرغبة في تطهير نفسي من سبة ترك مبادئي، التي كانت ضد السفر للخليج أو لأي مكان، إذ كنت أعتقد أنه علىّ أن أكون كتفا بكتف مع الشعب المصري أعاني معه ما يعاني وهو أمر بالقطع لا أدعيه الآن ) ص 37 ....................... التناقض يقول علي المالكي عن نفسه : ( لم تنمح من ذاكرتي أبدا قصة خلاف الملك فيصل مع جمال عبدالناصر ) ( تربطني بكل أهل الجزيرة صلة بعيدة ربما منذ قدوم عمرو بن العاص إلى بلادنا حسب رواية البعض وربما منذ انهيار سد مأرب حسب رغبتي في تدعيم انتمائي لمصر ولأصولي العربية في نفس الوقت ) ( فأمي أيضا من " ميت عاصم " ومن نسل مولانا العارف ويعود نسبه إلى آل البيت بحسب ما يرددون في القرية، في الواقع كنت أسيرا لحالة التناقض في كل شيء، أنتمي لعبدالناصر ولإشتراكيته، وافتخر في نفس الوقت أن جدودي كان لديهم أكبر مساحة من الأراضي في " منشأة المالكي "، أتحدث عن حرية المرأة، وداخلي زهو وافتخار بجدي عبدالبديع المالكي الذي تزوج من تسع نساء ) ص 29 ( التناقض عائش دائما على التبرير، وأنا أقول هنا ما أقوله لأبرره، وليس عندي شك في كوني رجلا مزدحما بالتناقضات ) ص29 ....................... أسباب ودواعي سفره : 1 – هربا لانقاذ الأسرة بعد تفاقم المشكلات بينه وبين زوجته نادية. 2 – تحسين الدخل وشراء شقة تمليك بدلا من الإيجار. 3 – الملل من الدروس الخصوصية، وطلوع السلالم للتدريس لأبناء الجهات السيادية والجهات الغنية الذي كان مشوبا في بعض الأحيان بنزول الكرامة. 4 – لم لا أجرب الصعود الطبقي؟ لاسيما بعد أن ساهم الهبوط الطبقي العائلي الداخلي في تحويل مسار والدي من ابن أغنياء يمتلك أبوه اكثر من مائة وخمسين فدانا إلى شاب منفصل عن العائلة، منحه ابوه خمسة أفدنة فقط فباعها واشترى سيارة ملاكي ثم عاد ليعمل عند أبيه كاتبا في مصنع الغزل والنسيج. ............................ = علي المالكي هو المدرس المتعاقد الوحيد بالمملكة العربية السعودية الذي رفض إعطاء الطلاب الدروس الخصوصية، بل نظم لطلاب مدرسته مجموعات تقوية في اللغة الإنجليزية بالمجان، وهذا ما أثار عليه حنق وغضب المتعاقدين المصريين وغيرهم، وعُرف عنه بأنه لا يمد يده لأي طالب. وعلي المالكي عُرف بين طلابه في المنصوره بأنه شاعر ومترجما لقصص الأطفال لمجلة ماجد الاماراتية ولمجلة براعم المحلية، ومشرفا على المسرح المدرسي. ...................... هل جاءت أيديولوجيته صدفة ام قدرا أم بإرادته؟ يقول عن نفسه : ( كيف تكرر فشل تصوراتي الذهنية عن العالم والتي شكلتها الأيديولوجية التي انتميت إليها أولا بالقدر والصدفة، وبعد ذلك بمحض الإرادة وإن كنت أحيانا أشك باعتبار أن الإرادة كانت وليدة مقدمات قدرية ولا دخل لي بها، فلست أنا الذي اقترحت على أبي أن يتزوج بنت الأستاذ عبدالهادي المقبوض على أخيها بتهمة الانتماء لتنظيم شيوعي، ولست أنا من اختار اسمي بعد مولدي على اسم المعتقل ليمنحوه الأمل وهو هناك في سجن الواحات ) ص 145. ...................................... الصدمة الأولى بالمملكة. كانت أول صدمة اليافطة المكتوب عليها " دول مجلس التعاون الخليجي " ويافطة أخرى مكتوب عليها " الأجانب "، وكان علي المالكي والمتعاقدين وغيرهم من الأجانب، وهذا ما أثار دهشته واستنكاره، فيقول ( نحن نتحدث لغتهم وندين بدينهم وتربينا كأطفال على حكايات عنتر، وسيف بن زي يزن، والزير سالم مثلهم تماما ) ويستنكر أيضا عنت العودة إلى القاهرة رغم الفرحة العارمة، انتشار أمناء الشرطة بالمطار وكل واحد ينادي على اسم ويأخذ جوازه لينهي اجراءات سفره، فهذا القادم يمت بصلة لأحد البشوات الجُدد، رغم أن ثورة يوليو كانت قد ألغت هذه الألقاب! ويتحدث عن معاناته المتكررة في استخراج تصريح العمل وموافقة الأمن، فيقول : ( لماذا يعتبرونني مواطن غير طبيعي لأني أنتمي لحزب التجمع ) ( كنت قد غادرت أحزاب اليسار التحتية منذ أن تخرجت وكان قد مضى على تخرجي عشر سنوات، وأنا ملتزم بالديمقراطية التي قسمت الاتحاد الاشتراكي إلى يمين ويسار ووسط، وألقت باليمين واليسار في عراء المعارضة وجعلت حزب الوسط حزب الرئيس المؤمن وحده في السلطة ) ص 178 ( علاقتي بالتجمع كانت سيئة عندما أعربت عن رأيي في موقف الاتحاد السوفيتي من الحشود الأمريكية في الخليج – فكان الاتحاد السوفيتي بذلك يفرط في أمنه القومي ) ويقول أيضا : ( كنت مطلعا بحكم ترجمتي للحوارات الشبابية في " الكمسمول " التي كانت تنشرها مجلة الأدب السوفيتي على ملامح الانهيار مبكرا – وكان هدفي تنبيه المثقفين واليساريين تحديدا إلى ما يحدث في الاتحاد السوفيتي من انهيار أخلاقي وقيمي بأسباب متعددة، منها الحرب في أفغانستان، فقد قرأت مذكرات الجنود فوجدت أن معظمهم اكتشف أن ما تعلموه في " الكمسمول " عن حماية الشعوب الفقيرة كذب وأنهم اكتشفوا أنهم بقصفون الشعب الأفغاني بالمدافع والطائرات دعما لطرف ضد طرف، حتى ولو كان من يقصفونهم جهلاء – في النهاية رأى الشباب السوفيتي تناقضا بين ما تعلمونه في منظمة الشباب وبين ما يمارسونه في بلد فقير ) وينتقد بشدة الحزب الذي ينتمي إليه، لأنه تحول عمليا إلى مكتب تسفير لأبناء أعضائه المتعثرين دراسيا في التعليم إلى دول الكتلة الشرقية! ويتحدث عن المنح الدراسية التي توزع على أبناء الأعضاء، ولم يسمع ولو لمرة واحدة بأنهم عاونوا أبا فقيرا على تعليم أبنائه في الدول الاشتراكية لكي يثبتوا أنهم يطبقون ما يصدعون به البشر طوال الوقت، ويشير إلى أحد أعضاء الحزب البارزين الذي كان يسهل سفر أبناء المسئولين في مجالس الأحياء مقابل الحصول على شقق له ولأقاربه! وينتقد أيضا " البرستورويكا " التي قد أوقفت نشر ترجمته لجزء من كتاب عن المعرفة السياسية بعد أن حصل منه على مائة جنيه فقط، وأبلغوه بأن الأفكار الجديدة في الاتحاد السوفيتي جعلت دار النشر المملوكة للحزب توقف نشر الكتاب باعتباره ينتمي لأفكار ما قبل جورباتشوف، فيقول : ( علمت أنني أنتمي لمجموعة من الذين يصلون خلف الاتحاد السوفيتي حتى لو اختار قبلة عكس كل الأفكار التي كرسنا لها عمرنا كله وقررت أن أبتعد عن هؤلاء ) ......................... عتامة الأيديولوجيا. ( أما وقد جئت لنجد وناقضت شعري وجعجعتي، وأصبحت أتلقى راتبي من أكبر اقتصاد ريعي في الوطن العربي .. فلأكن منصفا بالقدر الذي يجعلني استكنه التجربة بعيدا عن الهتاف والشعارات التي مازلت مؤمنا بنبلها وبقدرتها على إثارة العزة واستنهاض الكرامة، ولكني أعرف أيضا أن لي عنق الوقائع ليتفق معها يتسبب فيما أسميته بعد أن مضى زمن الحماسة ( عتامة اليديولوجيا " ) ويتحدث عن تأثره برواية ( بيع نفس بشرية ) لمحمد المنسي قنديل التي أورثته الوسواس القهري، ورواية ( الطائف مدينة جميلة ) لسليمان فياض ويتحدث فيها عن كرامة المدرسين المصريين، وتعلقه بهذين الكاتبين الكبيرين، وانضمامه إليهما في أتيليه القاهرة، يقول : ( لولا محمد المنسي قنديل وسليمان فياض لجمعت مالا وفيرا من وراء هذه الغربة واسترددت كل الأراضي التي باعها أبي وأعمامي في منشاة المالكي ) ويضيف : ( ولولاهما ايضا لفقدت كياني وكرامتي ) ص 217 ....................... الصحوة الإسلامية. عن الصحوة الإسلامية في مصر، يقول : ( الحديث السمج والفج عن المسيحيين وخبثهم والأسلحة التي يخزنونها في الكنائس وتقبيل الرجال للنساء في أعياد الميلاد – وغيره من الهراء الذي حشوا به أدمغة المصريين في فترة ما أسموه الصحوة الإسلامية التي انتشرت فيها شرائط " كشك " وغيره واستضافة محمد سليم العوا كضيف دائم على البرامج ) ويستنكر تغييب اللواء ( باقي ) المسيحي – فلا يُسمح الكلام عن عبقرية مسيحية أن تنتشر – فاللواء ( باقي ) هو من اخترع فكرة هدم خط بارليف بخراطيم المياه وتم استيراد ماكينات ضخ المياه باسم وزارة الزراعة تمويها على العدو، ومن المفارقات المضحكة أن يعلن الشيخ السعدي السعودي لعلي المالكي بأن الملك فيصل رحمة الله عليه هو من اقترح على أخيه أنور السادات هذه الفكرة وأخذ بها وانتصر! ........................................ الكفيل. وعن نظام الكفالة بالمملكة، يقول : ( الجميع خاضعون لأولياء النعم من طوال العمر والغالبية ترفل في أثواب الثراء، بفضل نظام يجعل دخل الكفيل الكسلان من عرق من استقدمهم كافيا لكي يمرح في سوريا ومصر والمغرب، وينكح ما شاء من النساء مثنى وثلاث ورباع، وربما لا يكتف بذلك فيذهب إلى موريتانيا ليطبق بقية الآبة الكريمة " أو ما ملكت أيمانكم " ) ................................ جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. -يتحدث عن الشيخ عبدالله السعدي وهو يدق بعصاه على الشباك قائلا : ( الصلاة الله هداكو ) وفي كل مصلحة أو مدرسة في المزاحمية تجد المنتمون لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يرسلون المتعاقدون المصريين للشيخ فتحي وينتظمون بعد صلاة العصر في حفظ القرآن، وكل الكتب عندهم حرام إلا كتب ابن باز وبن عثيمين وبن تيمية، كتب في حجم الكف يسمونها مراجع! .................... فاحشة قوم لوط. وهي ظاهرة منتشرة هناك، ويرصدها علي المالكي، ونشير إليها في عجالة. 1 – طلال الشنيطي زعيم الطلبة : ( كنت قد دخلت الفصل لتوي، وجدته يمد سبابته في مؤخرة زميله، الذي كان يسير أمامه، فانفعلت وشتمته وقلت : -احترم نفسك يا قليل الأدب. -وانت إيش دخلك؟ هو صديجي .. أمون عليه ويمون علىّ ) 2 – ( وجدت تلميذي القريني الطالب بالصف الأول الثانوي مستغرقا في الخيال، فسألته : -سرحان في إيه يا قريني؟ -والله يا استاذ علي إني أحب. - تحب إيه؟ - اتنيل على عينك – انتو هنا بتشوفوا بنات أساسا؟ - أفا عليك .. هو لازم أحب بنت؟ ليه ما في ورعان؟ ) ص 195 3 – فهد الوعيكي واهتزاز عرش الرحمن. والوعيكي هو التلميذ الفلسطيني الذي تم انتهاكه واغتصابه بوحشية من قبل مجموعة من الطلبة الذئاب! والطفل المصري الذي انتهكه واغتصبه إمام أحد المساجد، وقامت قائمة المصريين، حتى تم القصاص، ويسرد الكاتب حكايات وحكايات، يندى لها الجبين. ...................... قصص وحكايات. سمير الأمير حكاء ماهر، وتعج روايته بالحكايات، وهذه الحكايات تتداخل وتتناسل، وتتشابك أحيانا، ومن الصعب ذكر كل الحكايات في هذه العجالة، ولكنا نشير فقط إلى بعضها : 1 – حكاية المرأة البدوية وزوجها، فهذه المرأة تتبسط في الحديث مع علي المالكي ولا ترفع عينها عنه طوال رحلتهم إلى الحج، وزوجها غير مستاء من ذلك، بل كان يبتسم ببلاهة : ( الرجل والمرأة كانا بدويين لم يغادرا البداوة – وهذا ما يفسر تبسط المرأة إلى حد الابتذال -من يقرأ تاريخ نجد يعرف أن الأمور كانت بسيطة قبل تفجر البترول وهبوط الثروة – لقد تم استخدام المال في إعادة انتاج الوهابية بعنف بعد أن كان طوسون واخوه إبراهيم باشا قد قضيا عليها. -في تاريخ الملك عبدالعزيز نفسه حين عاد من الكويت ليسترد ملك آبائه، ما يشير إلى لقاءات واتفاقيات مع نساء. أخبر سعود العمران علي المالكي بأن جدته استضافت الملك وجيشه ولم يكن في بدايته يتجاوز أربعين رجلا وذبحت وأولمت لهم – وربما بقى العمران ونسل هذه الجدة يحظون بالقرب من العائلة المالكة لأن تلك الحوادث في رحلة عودة الملك المؤسس يُكتب عنها كحوادث مفصلية في كُتب التاريخ! -هذه البدوية امتداد لجداتها وبساطتهن وأفلتت مما نتج عن الثروة لأنها مازالت تمارس الرعي، لو كانت أوضاع النساء في السابق كما هي الآن – فمن أين جاءت قصص الحب والغرام التي يزخر بها تاريخ البادية- كانت الحياة قاسية ولا تحتمل هذا النسق الأخلاقي الوهابي .. إن بناء الحرملك ارتبط بالثروة 2 – قصة حسام رفيق علي المالكي الذي انتقل من المنصورة للعيش بالقاهرة، واستطاع في فترة قصيرة أن يصبح من اشهر النقاد، ويلتقيه علي المالكي بعد عودته من المملكة ب ( الجوريون ) مع شعراء وصحافيين ومطربين، وينقل علي المالكي مادار في هذا اللقاء من مناقشات حول التطبيع ومشاكل النشر والأحزاب السياسية والحرية والاستعمار العربي .. إلخ. ومأساة مرفت التي جاءت من الأرياف، وأغواها حسام، وأخذ منها ما أراد بعد أن وعدها بالزواج، ولكنه لم يف بوعده، فتركت أهلها وقريتها وانتحرت. 3 – قصة محمد سائق السيارة نصف النقل، هذا الإنسان الطيب العطوف والكريم، ينقل الخضار من مزرعة بالمزاحمية إلى التجار، وكان صاحب المزرعة يهديه بعض الخضار، وهي تفوق حاجته بكثير، ويرفض بيعها، ويضع أمام كل شقة من شقق المتعاقدين كرتونة خضار، هذا السائق النبيل دهسته سيارة، ومات. 4 – أشرف ابن بولاق الدكرور الذي يعمل مدرسا بالمرحلة الابتدائية، وامتدح النجديون علمه القرآني، يرتدي جلبابا يصل إلى منتصف ساقيه ويضع على رأسه شماعا سعوديا – بلدياته يقولون بأنه في الإجازات يكون حالقا لحيته ومرتدينا البنطلون الجينز والقميص المشجر يقول علي المالكي : ( كنت أخاف عليه من هؤلاء الذين لا يعرفون الفرق بين الرجال والنساء ) واستقدم زوجته طالبة الثانوية العامة، وطلب من علي المالكي أن تساعدها زوحته في تحصيل دروسها، وكانت تأتي إلى شقة علي اثناء تواجده بالمدرسة، واستباحت لنفسها غرفة النوم، واستاءت زوجة المالكي من احتضانها لطفلها بطريقة غريبة، أقرب إلى الشذوذ، وتدعي تحرش البنات بها بالمدرسة، ويتضح في النهاية بأنهم فصلوها لأنها حرامبة، واكتفوا بفصلها إكراما لزوجهاالشيخ! وتاكد علي المالكي بأنها هي التي سرقت ذهب زوجته! 5 – الأسطى صلاح السويسي، وتتشابك قصته مع القصة السابقة، وهو ميكانيكي ماهر جدا، فضلا عن كونه يتمتع بشهامة ومجدعة أولاد البلد، الذين يكرهون الخسة والندالة، هاجرت عائلته إلى القاهرة بعد النكسة، واستقر فيها ولم يعد إلى السويس بعد زوج أختيه بالقاهرة، وعندما فاتحه علي المالكي في أمر مريم وزوجها الشيخ، قال : ( مريم مين يا عم؟ وسورة إيه؟ ومصلى نساء إيه؟ دي بنت عمه، و .... و .. وراح يحكي له قصة زواجه من مريم وحياته كاملة، فهو يمت إليهما بصلة نسب، وكان الشيخ قد اختلق قصة كاذبة، وطريقة زواجه من مريم، التي تعرف عليها في مصلى النساء، وفي النهاية يبين السويسي كذبه، وخسته وندالته، ويقول في النهاية : ( ده شيطان، وابن .... ) ................. 6 – ويحكي قصة حامد الفلسطيني الذي يجامل الوطنيين في حضورهم، ويغتابهم بمجرد مغادرتهم المجلس، جاء من سوريا، هو وزوجته السورية، ويقضي إجازته السنوية بسوريا. 7 – ويحكي ايضا قصة العم فضل الفلسطيني الذي يحمل وثيقة مصرية منذ أكثر من ثلاثين سنة، وحين ينتهي العام الدراسي يفشل في الحصول على تاشيرة لمصر، فلا يستطيع زيارة أهله في غزة، ولم يتوقف طوال الثلاثين سنة عن التقدم للسفارة المصرية، ولم تتوقف السفارة عن الرفض، كبر أولاده وتخرجوا وسيحال إلى المعاش ولا يستطيع الذهاب إلى أي مكان في العالم، وسينتهي سبب إقامته بالمملكة بإحالته إلى المعاش، وليس لديه أي بلد ليغادر إليه. 8 – عزت البيطار فلسطيني من غزة، ومتزوج من مصرية، ويستثمر أمواله في عقارات بالقاهرة والإسكندرية والمنصورة، ولا يستطيع أن يحصل على تأشيرة للأطمئنان على أولاده وأمواله! 9 – حكاية عوض الله المدرس الذي جاءت عروسه، وأقاموا له زفه من المطار وفشله مع عروسه، ومحاولة الكاتب معالجة هذه القصة من منظور نفسي. 10 – حكاية الأستاذ شعبان القادم إلى المملكة لتوه من ليبيا، وسرعان ما خلع البدلة الخضراء وارتدى ثوبا نجديا كأهل البلاد. ( -فين يا شعبان البدلة الخضرا؟ -دي كانت لايقة على الكتاب الأخضر، إحنا هنا في المملكة! ) وعشرات القصص مبثوثة في الرواية، كل قصة تنتج دلالة، وتحمل رمزية، وتتجاور القصص والحكايات، وتنتج علاقات متشابكة، وتثري الرواية. =وقدم شخصيات مشرقة ومضيئة في الرواية، منها شخصية مدير المدرسة الثانوية التي كان يعمل بها، وأيضا مدير المدرسة المتوسطة التي أُنتدب إليها يومان لسد العجز، وغيرهما الكثير من الشخصيات الوطنية. ..................... وأشار إلى : 1 – الزلزال الذي ضرب مصر في تسعينيات القرن الماضي وأثره المرعب على المغتربين. 2 – السجن في المملكة وطبيعته. 3 – الدبابيس ( الجواسيس ) 4 – كثرة بناء المساجد في المملكة وكيف أصبحت تجارة و" بيزنس ". 5 – ينتقد صلاة بعض الوطنيين فهم يصلون أحيانا بدون وضوء، وكثرة الحركة أثناء الصلاة، وخلع الغترة والعقال، ... إلخ، وهم لا يكفون عن انتقاد صلاة المصريين. 6 – تأثر الطلاب بالأفلام والمسلسلات المصرية. 7 – الامتحانات التي يضعها المعلمون، ويقومون ببيعها للطلاب، والطلاب يقسمون أنفسهم إلى مجموعات، مجموعة تذهب إلى مدرس الرياضيات، وأخرى إلى مدرس الفيزياء، وثالثة إلى مدرس الكيمياء، ورابعة إلى مدرس اللغة الإنجليزية، وخامسة .. وسادسة .. وينقدون المدرس ما فيه النصيب، والنصيب هذا يكون مبالغ طائلة، ويحصلون على الامتحان، ثم يتبادل الطلاب الامتحانات جميعها فيما بينهم! 8 – انتقاد الأطباء أيضا، فهم أكثر سوءا من المدرسين رغم رواتبهم العالية! 9 – القواعد الأمريكية الموجودة بالمملكة، وكيف حضر مترجما عندما استضافهم أحد الأهالي، وفي نهاية الجلسة رآهم كلهم ( لورانس العرب ) 10 – العلاقات الشخصية والصداقة والزمالة في مصر وفي المملكة عابرة للقوانين والأيدولوجيات! 11 – جهاز أمن الدولة في مصر وعلاقته بأحزاب المعارضة. 12 – استخدام الضباط وسطاء لإنهاء بعض المصالح في مصر والمملكة على السواء. أعتقد أنه من الصعب الوفوف على كل ما طرحته الرواية من رؤى وأفكار، ولا الوقوف عند كل الحيل الفنية التي لجأ إليها الكاتب، فالرواية من حيث الرؤية والتشكيل، تحتاج إلى صفحات وصفحات، ونرجو أن نعود لها في قراءة أخرى في الرؤية والتشكيل، والرواية جديرة بالقراءة، وإضافة حقيقية لحقل السرد العربي وللمكتبة العربية.
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ليلة استثنائية في محبة أحمد فضل شبلول باتحاد الكُتّاب – فرع
...
-
مقاربة نقدية في رواية ( الماء العاشق) للشاعر والكاتب أحمد فض
...
-
رواية (من جراب الكونغر) للكاتب أحمد عبده على طاولة النقد بقص
...
-
شهر زاد ( دكتورة هيام عبدالهادي صالح ) وحكاياتها على طاولة ا
...
-
مقاربة نقدية في رواية ( طار فوق عش الخفاش ) للكاتبة هيام عبد
...
-
أدباء وشعراء ونقاد الشرقية يتحلقون حول ديوان ( حكاية سريالية
...
-
المجموعة القصصية ( السقوط من البندول ) للكاتب أحمد عثمان على
...
-
التجربة الإبداعية لفكري داود بمنتدى السرديات باتحاد الكُتّاب
...
-
سردٌ يلامس الروح.. قراءة في رواية -زمن نجوى وهدان- لمجدي جعف
...
-
( السرد الحاوي ) لفرج مجاهد على طاولة النقد بالمركز الدولي ل
...
-
نظرات في شعر حسين علي محمد ( طائر الشعر المسافر )
-
مقاربة نقدية في الرواية الشعرية ( آخر أخبار الجنة ) لحزين عم
...
-
مقاربة نقدية
-
وداعا لآلام مرضى كسور الضلوع
المزيد.....
-
ورشة برام الله تناقش استخدام الذكاء الاصطناعي في غرف الأخبار
...
-
أسماء أحياء جوبا ذاكرة نابضة تعكس تاريخ جنوب السودان وصراعات
...
-
أنقذتهم الصلاة .. كيف صمد المسلون السود في ليل أميركا المظلم
...
-
جواد غلوم: الشاعر وأعباؤه
-
-الجونة السينمائي- يحتفي بـ 50 سنة يسرا ومئوية يوسف شاهين..
...
-
?دابة الأرض حين تتكلم اللغة بما تنطق الارض… قراءة في رواية
...
-
برمجيات بفلسفة إنسانية.. كيف تمردت -بيز كامب- على ثقافة وادي
...
-
خاطرة.. معجزة القدر
-
مهرجان الجونة يحتضن الفيلم الوثائقي -ويبقى الأمل- الذي يجسد
...
-
في روايته الفائزة بكتارا.. الرقيمي يحكي عن الحرب التي تئد ال
...
المزيد.....
-
المرجان في سلة خوص كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
بيبي أمّ الجواريب الطويلة
/ استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
-
قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي
/ كارين بوي
-
ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا
/ د. خالد زغريت
-
الممالك السبع
/ محمد عبد المرضي منصور
-
الذين لا يحتفلون كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
شهريار
/ كمال التاغوتي
-
مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
شهريار
/ كمال التاغوتي
-
فرس تتعثر بظلال الغيوم
/ د. خالد زغريت
المزيد.....
|