كاظم حسن سعيد
اديب وصحفي
الحوار المتمدن-العدد: 8498 - 2025 / 10 / 17 - 10:28
المحور:
الادب والفن
( مسمار مشوش الذاكرة)
لا اعلم متى وكيف تمت ولادتي
ربما في معمل المسامير في نظران بالبصرة
او في عملية تدوير لاجدادي في احواض الاسكندرية
حيث استعانوا بهم لصنع البوارج التي ستحقق النصر في ذات الصواري.
ربما كنت لقيطا ملقى في قارعة الطريق
فالتقطني نجار سفن ماهر
وانشب مطرقته القاسية على رأسي ،فتحملت حتى انغرزت عميقا في الصاج وخشب الجوز الهندي
هكذا تاقلمت في ظلمة اخشاب السفينة
فشهدت الجزر التي يأكل قاطنوها لحوم البشر..
والبضائع التي تعبر الامصار
هدوء وجنون البحار
لذة الوصول الى السواحل الآمنة
المعارضين الهاربين
تبدل المدن من اكلة القنافذ الى ناطحات السحاب.
ربما غرقت سفينتي ومكثت في القاع
قرونا
( اعذروا ضعف ذاكرتي)
,تأقلمت ،غائرا في ظلمة خشبتي ،مغطى بالقار المنسي
من يفكر بروح مسمار تخبأ باعماق خشبة
يصفقون لدور ممثل عظيم
ويتناسون مهندس الاضاءة
لا ادري من انا
القدر وحده حدّد بوصلتي...
نثابر والاقدار من تقود
اخيرا وجدتني بين تلال اخشاب سفن وزوارق خشبية، خشنة وثقيلة..
توابيت جثمان لارواحنا
نتقاطع،نتكور ،نتعانق،نستند على بعض،نقاوم الاعاصير والعواصف والمطر الحجري
في بقعة جرداء مسوّرة
يستخرجونا بفكوف حديدية قاهرة
نقاوم ننحني نئن ،نستسلم.
نقلع في حالة رثة ونرمى على التراب
لا نلفت نظر احد
نحن المقاتلون المتخفون الرحالة المجهولون
شاركنا في الحروب ضد الروم ،وخبرنا اضطراب الخلجان.
لقد انحنت ظهورنا وتآكلنا من الصدأ
نحن المسامير الغرباء الذين لا يشعر بفاجعتنا احد
حتى النجارون لا يلقون علينا نظرة شفقة
ربما ستكون لنا ادوار اخرى
مثل تثبيت حبال الغسيل
او لعبة للصغار
او مخبأ للعناكب والجرذان
وربما نشهد عصر قحط وحصار
فيعدل نجار من هيأتنا ويعيد استخدامنا
نسينا هدير البحار
ولعبة المد والجزر
وفواجع الغرقى
وتلألؤ النجوم ونحن نجوب جوار الضفاف وسواحل المدن المهيبة
والان ونحن مختبئون في تل اخشاب
نتذكر همس العشاق على السفن الشراعية
وضجة الحروب في البحار
كل مسمار يروي لنا حكايته...
في انتظار ان ندفن في قمامة منسية.
2025
#كاظم_حسن_سعيد (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟