|
الساراسين والصعاليك ...الجزء الثالث
عبد الحسين سلمان عاتي
باحث
(Abdul Hussein Salman Ati)
الحوار المتمدن-العدد: 8497 - 2025 / 10 / 16 - 16:15
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
إنما بايعك سراق....الاقرع بن حابس يخاطب محمد
فلَلمَوتُ خيرٌ للفَتى منْ حَياتِهِ فقيراً... ومن موْلًى تدِبُّ عقارِبُهْ وسائلةٍ: أينَ الرّحيلُ؟ وسائِلٍ ... ومَن يسألُ الصّعلوك: أينَ مذاهبُهْ مَذاهِبُهُ أنّ الفِجاجَ عريضةٌ ...إذا ضَنّ عنه، بالفَعالِ، أقاربُه......... عروة بن الورد،
صفات الصعاليك وتأثيرهم على غزوات محمد فلسفتهم في الادعاء بحقهم في انتزاع أي شيء من مالكه. “والصعاليك حاقدون على مجتمعهم، متمردون عليه… لا يبالون من شيء ولو كان ذلك سلباً ونهباً وقتل أبناء قبيلتهم وعشيرتهم، لأنهم خلعوا منها…وكل ما تقع أعينهم عليه، هو مفيد لهم نافع، ومن حقهم بحكم فقرهم انتزاعه من مالكه، وإن كان مالكه فقيراً معدماً مثلهم، ويرون الخلاص من هذا الذل بالحصول على المال بالقنا وبالسيف، فمن استعمل سيفه نال ما يريد، لا يبالي فيمن سيقع السيف عليه، وإلا عدّ من “العيال“. قال “السُّليك”: فلا تصلي بصعلـوك نَـؤوم إذا أمسى يُعد من الـعـيال. حقهم في سلب الاخرين بسبب بخلهم وأن السبي مدفوع لهم من الله. ولذلك كان صعاليك العرب ولصوصهم وأرباب الغارة منهم يرون أن ما يحوونه من النعم بالغارة، إنما ذلك مال منعت منه الحقوق، فأرسله الله لهم، كما قال عروة الصعاليك: لعلّ انطلاقي في البلاد وبغيتي وشديّ حيازيم المطيّة بالرَّحْـل. سيدفعني يوماً إلى رب هجـمة يدافع عنها بالعقوق وبالبخـل.. وهي صارت فلسفة اسلامية في الغزوات وهي حقهم في انتزاع أي شيء من مالكيه بحجة انهم مشركون.
القتل والفتك بالاخرين القتل عند الصعلوك كشربة ماء: فالحاجة عندهم تبرر الواسطة، وإذا امتنع إنسان على صعلوك وأبى تسليم ما عنده اليه، فهو لا يبالي من قتله، فالقتل ليس بشيء في نظره، منظره مألوف…والصعلوك نفسه لا يدريّ متى يقتل، فلا عجب إذا ما رأى القتل وكأنه شربة ماء. فمن وجد شخصاً ومعه مال، لا يجد الصعلوك سبباً أخلاقياً يمنعه من قتله للحصول على ماله. أغار قيس بن الحدادية-صعلوك مشهور- على جموع هوازن، فأصاب سبيا ومالا، وقتل يومئذ من بني قشير: أبا زيد وعروة وعامرا ومروحا، وأصاب أبياتا من كلاب خلوفا، واستاق أموالهم وسبيا. تركت تأثيرا على غزوات محمد حيث نرى أن القتل كشربة ماء
قساوة الصعاليك وفرحهم عندما يقتلون . ”نجد الشَّنْفَرَى، يصف غارة ملأت الرعب في قلب من وقعت عليهم، قام بها في ليلة باردة، عاد منها سالماً معافى بغنائم، وهو فرح بما تركه من قتل وسلب وألم في نفوس النساء والأطفال، إذ يقول: فأَيَّمْتُ نِسْواناً وأَيْتمْتُ إِلْدَةً وعُدْتُ كما أَبْدَأْتُ واللَّيْلُ أَلْيَلُ. ”ونجد “السُّلَيك” يخرج مع صعلوكين يريدون الغارة، فساروا حتى أتوا بيتاً متطرفاً، ووجد شيخاً غطى وجهه من البرد، وقد أخذته إغفاءة، ومعه إبله ترعى، فأسرع اليه وضربه بسيفه فقتله، ونهبوا إبله، وعادوا بها مسرعين فرحين، قتله دون أن يشعر بوخزة ضمير، لقتله انساناً نائماً طاعناً في السن يرعى إبله… والضرورات تبيح المحظورات.“.. الصعالكة صاروا لا يبالون بعرف ولا سنة، يقتلون لأتفه الأسباب،…. هذا “عروة بن الورد” و “أبو خراش” الهذلي وغيرهما، نجد فيهم القسوة بل الوحشية.
تمثيل الصعاليك بأجساد الناس كان الشَّنْفَرَى عندما يرمي رجلا يقطع رجله ويرمي عينه. ذاك يذكرنا بتشريع محمد بقطع رجل ويد الإنسان من خلاف و فقع عيون من يعترض عليه. . ”سليك يدخل بخبث ليسرق بيت عازل ويقطع رأس شيخ“. نرى إذا بأن قطع رؤوس الناس هي عادة قد اختص بها الصعاليك. ونرى محمد يتبع نفس الأسلوب في قطع رؤوس الناس كما فعل في قطع رؤوس بني قريظة بعد أن خندق لهم. وايضا أَمْرُه لأتباعه بقطع رأس من يخالفه.
تقسيم الصعاليك نتاج الغزوة عروة بن ورد كان يجمع الصعاليك ويكرمهم ويغير بهم ويجعل لاصحابه الباقين نصيبه من الغنيمة.. تشبه تصرفات محمد في تقسيم الغنائم على المحاربين وعلى الغائبين. فكرة اخذ زعيم الصعاليك في الغزو الربع او الخمس. حاجز بن عوف أحد زعماء الصعاليك كان عمه يأخذ الربع من الغنيمة.
عادة الصعالكة في تأليف عصابات من صعالكة آخرين من العرب قيس بن الحُدادِية خُلع من قومه وهم خُزاعة وجمع صعاليك من العرب يغير عليهم . تصرُّف محمد بتجميع صعاليك وقبائل أخرى لمهاجمة قبيلته قريش والسماح بالمتعة الجنسية للمحاربين الذين افتتحوا مكة معه، أمر لم يسبق أن حدث في تاريخ العرب. حيث أن كل فرد عربي كان له انتماء شديد لقبيلته. ولكن تصرف محمد هذا لا يوجد نظيره إلا في تصرف الصعاليك في زمانه
تكتلهم وانتمائهم لبعض وأن أخوة الصنف والحرفة ”وهم من عشائر مختلفة، فلا ينتسبون إلى نسب واحد، ونسبهم الوحيد الذي يربط بينهم، هو الصعلكة، والتمرد على المجتمع والتشرد في البوادي والهضاب والجبال“. ونجد في شعر شعرائهم إشادة بأخوة “الصنف” و “الحرفة” تحل محل أخوة العشيرة والقبيلة. ذلك سر وراء انتماء المسلمين لبعضهم رغم أنهم ينتمون لقبائل مختلفة، واستعدادهم محاربة قبائلهم وأهلهم، إذ هم معتادون على هذا في حياتهم قبل الاسلام. فأوامر القرآن بمعاداة الناس والأهل وأن يظهروا غلظة نحو أهل بيتهم غير المؤمنين، الأمور التي لا يقبلها العاقلون في أي جيل أو أي شعب، قد وجدت عند هؤلاء الصعاليك قبولا، لأنهم قد مارسوها من قبل
رغبة الصعاليك إلقاء الرعب في قلوب الناس الحديث عن تأبط شرا – أحد قادة الصعاليك”معنى يفيد أنه يغيرعلى القادم والآيب، يسلبه ويأخذ ما عنده، لا يبالي بشيء إلا بحصوله على غنيمة السلب، وهو إن قابل قافلة، فلم يتمكن منها، يكون قد رضي من فعله بما ألقاه من رعب وذعر في قلوب أصحابها، ويكون قد اشتفى بذلك منها. فهو رجلٍ منتقم، يريد أن يفرج عما ولد في قلبه من غلَ، بأية طريقة كانت”. وفلسفة إلقاء الرعب من محمد في القبائل والمدن هي في توافق مع فلسفة الصعاليك هذه. نُصِرْتُ بالرُّعْب مَسِيرَةَ شَهرٍ، وَأُحِلَّتْ ليَ المَغانِمُ ولم تَحِلَّ لأحَدٍ قَبْلي“. صحيح البخاري، كتاب الصلاة وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ (الأنفال ٦٠
بقية صفات الصعاليك سلب الناس من أجل ان يفتدي أهلهم السبي بمال كثير عروة يسلب امرأة وأهلها يفدوها بفداء كبير. وهي في أيامنا تصرف لأشر العصابات، قد مارسها الصعاليك قبل محمد ومارسها محمد. الغدر والخداع بالدخول بمكر إلى البيوت حيث يقتلوا وينهبوا. “تأبط شرا” يذهب مع صعاليك الى بلاد هذيل ويسأل راعيا لهم ويقول له عن بيت من قبيلة عتير كثير المال. ويبيتهم صاحب البيت، ولكن الصعاليك يقتلوا كل سكان البيت ويستقوا الاموال. يذكِّرنا بإرسال محمد مسلمين لكي يقتلوا بمكر بعض المنتقدين له مثل خداع كعب بن الأشرف بإرسال صديقه محمد بن مسلمة وأبو نائله أخوه في الرضاعة لكي يقتلاه.
الفلسفة الصعلوكية في مواجهة العدد الاكبر “تأبط شرا” يغير مع ستة صعاليك على قبيلة من خَثْعَم، فخرج ٤٠ رجل من خثعم ومعهم كبير القوم. ومبدأ الصعاليك عدم الهرب وهم لا يبالون إن ماتوا. فقتل الصعاليك منهم عددا وهرب الباقون. وقال الشَّنْفَرَى: نحن الصعاليك الحماة البزل (اي المتفطرين بالدماء) إذا لقينا لا نرى نـهـلل (يقصد لا يرتوا من الدماء) وقال كعب حدار: يا قوم أما إذ لقيتم فاصبروا ولا تخيموا جزعا فتدبروا إن تلك الفلسفة الصعلوكية في مواجهة العدد الاكبر وعدم الهرب ولكن قبول الموت، قد انتقلت للاسلام حيث استخدم محمد الصعاليك واستثمر هذه الميزات الصعلوكية.
قبيلة غفار والصعلكة غِفَارُ قبيلة من كنانة العيني، عمدة القاري ج:٤ ص:٢٣٨ قبيلة غِفارُ كقطاع طرق ابن سعد، الطبقات الكبرى، الجزء الرابع، صفحة ٨٧ ”أن الأقرع بن حابس قال للنبي صلعم : إنما بايعك سراق الحجيج، من أَسْلَمُ وغِفَارُ ومزينة و جهينة “صحيح البخاري، باب: ذكر أسلم، وغفار، ومزينة، وجهينة، وأشجع.، حديث رقم ٣٣٢٥ أبو ذر يعترف بأن قبيلته أي بني غفار يسرقون الحاج ”وذاك أني كنت من قبيلة يسرقون الحاج بمحاجن لهم.“ كنز العمال، الهندي، رقم ٣٦٩٠١ قبيلة لها باع طويل في قطع الطريق، فأهلها مضرب الأمثال في السطو غير المشروع، انهم حلفاء الليل، والويل لمن يقع في أيدي أحد من غفار
لقاء محمد بأبي ذر وموضوع إسلام أبي ذر أبو ذر يقول أنه رابع مسلم: عن جبير بن نفير قال كان أبو ذر يقول لقد رأيتني ربع الإسلام لم يسلم قبلي إلا النبي صلعم وأبو بكر وبلال هذا حديث صحيح الإسناد. من بداية نشاطه كان محمد يؤكد لتابعيه بانه يوما ما سوف يحارب ويبدأ بالقتال. حيث ان ابا ذر هو المسلم رقم ٤ أو خمسة. ومن البداية كانت غايته هجر مكة نحو مدينة اخرى لكي يبدأ منها الحرب ضد مكة. لذلك كانت رسالته من البداية هي التحضير لحرب ضد قريش وباقي القبائل العربية. وكان من المتوقع ان الذي كان سوف يسمع له هم الجماعات الثائرة على المجتمع وعلى القبائل، الطامعة في غنى ونساء تلك القبائل وهذه الجماعات هي الصعاليك. أبو ذر لم يتب ولكنه استمر في حياة الصعلكة في الاسلام.
المصادر https://nihaiatulislam.wordpress.com//
جواد علي، المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام، الجزء التاسع
الاغاني لالصفهاني الجزء الأول و السادس، و الثامن
#عبد_الحسين_سلمان (هاشتاغ)
Abdul_Hussein_Salman_Ati#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الساراسين والصعاليك ...الجزء الثاني
-
الساراسين والصعاليك ...الجزء الأول
-
هل القران محفوظ ؟
-
اليهود المسيحيون / الأبيونيون / الجزء الثاني
-
خرافة توسع السماء في القران
-
اليهود المسيحيون / الأبيونيون / , الجزء الأول
-
محاكم التفتيش ...الجزء الأول
-
تفكيك القرآن ...الجزء الثاني
-
الجواري والغلمان في صدر الاسلام... معاهدة البقط
-
تفكيك القرآن ...الجزء الأول
-
الحرب الاهلية في الدولة الاموية
-
تَشَيطَنَ الشيطان و تفليس إبليس
-
سلسة الشتائم بين الصحابة في الأسلام ...الجزء الأخير
-
الرسائل المتبادلة بين علي و معاوية ....الجزء الأخير
-
الرسائل المتبادلة بين علي و معاوية ....الجزء الأول
-
مذبحة بني قريظة...الجزء الأخير
-
سلسة الشتائم بين الصحابة في الأسلام ...1
-
مذبحة بني قريضة ...3
-
الأعراب بين القران و عمر بن الخطاب
-
مذبحة بني قريظة ....2
المزيد.....
-
الإخوان المسلمون ما بعد غزة بين عبء التاريخ واستحقاقات المرا
...
-
مصدر قياديّ في -فتح-: شعبنا سيتصدّى للشرذمة التكفيريّة ونطال
...
-
بزشكيان: على الدول الإسلامية أن تخطو كجسد واحد على طريق السل
...
-
الكوتا المسيحية في دوامة صراع .. خلافات وإتهامات بالاختطاف ا
...
-
عراقيون يحمّلون الطائفية مسؤولية اغتيال المرشح البرلماني صفا
...
-
من 5 بيوت إلى 200 ألف مسلم.. حكاية الجالية الإسلامية في كالغ
...
-
لمسة أمل من الفاتيكان: 5 آلاف جرعة دواء في طريقها لأطفال غزة
...
-
الملكة رانيا تختار الأناقة الكلاسيكية في لقاء بابا الفاتيكان
...
-
كيف نجا الإسلام في البوسنة والهرسك؟
-
الملك عبدالله يلتقي بابا الفاتيكان ويدعوه إلى زيارة الأردن
المزيد.....
-
نشوء الظاهرة الإسلاموية
/ فارس إيغو
-
كتاب تقويم نقدي للفكر الجمهوري في السودان
/ تاج السر عثمان
-
القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق
...
/ مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
-
علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب
/ حسين العراقي
-
المثقف العربي بين النظام و بنية النظام
/ أحمد التاوتي
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
المزيد.....
|