|
الساراسين والصعاليك ...الجزء الثاني
عبد الحسين سلمان عاتي
باحث
(Abdul Hussein Salman Ati)
الحوار المتمدن-العدد: 8495 - 2025 / 10 / 14 - 16:52
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أَقيموا بَني أُمّي صُدورَ مَطِيَّكُم ...فَإِنّي إِلى قَومٍ سِواكُم لأمْيَلُ فَقَد حُمَّت الحاجاتُ واللَيلُ مُقمِرٌ...وَشُدَّت لِطِيّاتٍ مَطايا وَأَرُحلُ وَفي الأَرضِ مَنأى لِلكَريمِ عَنِ الأَذى...وَفيها لِمَن خافَ القِلى مُتَعَزَّلُ لَعَمرُكَ ما في الأَرضِ ضيقٌ عَلى اِمرئٍ...سَرى راغِباً أَو راهِباً وَهوَ يَعقِلُ وَلي دونَكُم أَهلَونَ سيدٌ عَمَلَّسٌ...وَأَرقَطُ زُهلولٌ وَعَرفاءُ جَيأَلُ .الشنفرى من هم الصعاليك؟ الصعاليك هم المجرمون والطائشون الذين خلعتهم قبائلهم (الخلعاء). الخليع سمي به لأنه خلعته عشيرته، وتبرؤوا منه، أو لأنه خلع رسنه. ويقال: خلع من الدين والحياء (تاج العروس الجزء ١٨ صفحة ٩٢) الخلع بالمناداة عادة في الحج او سوق عكاظ إنما خلعنا فلاناً، فلا نأخذ أحداً بجناية تجنى عليه، ولا نؤخذ بجناياته التي يجنيها. وقد عُرف الصعاليك بالذؤبان وب “ذؤبان العرب” ونقرأ في تاج العروس “ذؤبان العرب لصوصهم وصعاليكهم الذين يتلصصون ويتصعلكون، لانهم كالذئاب” (تاج العروس الجزء الاول، صفحة ٢٤٨ تحت ذأب) وبين الصعاليك قوم من “الغربان” “غربان العرب”، وأغربة العرب سودانهم. شبهوا بالأغربة في لونهم، وسرى اليهم السواد من أمهاتهم. تصعلكوا لازدارء قومهم لهم، ولانتقاص أهلهم شأنهم، وعدم اعتراف آبائهم ببنوتهم لهم، لأنهم أبناء إماء. من أغربة الصعاليك: السُّلَيْك بن السُّلَكَة، وتأبط شراً.
انتشار الصعاليك وخطرهم وقد انتشر الصعاليك في كل موضع من جزيرة العرب، حتى صاروا قوة مرعبة مخوفة، لشدة بأسهم في القتال. . ”وقد كوّن الصعاليك عصابات تنقلت من مكان إلى مكان تسلب المارة و تَغِيرُ على أحياء العرب، لترزق نفسها و من يأوي إليها. أنضم اليها الصعاليك من مختلف القبائل. و لكون أكثر الصعاليك من الشبان الطائشين الخارجين على أعراف قومهم، و من الذين لا يبالون و لا يخشون أحداً، صاروا قوة خشي منها، و حسب لها حسابٌ“.
مكة كملجأ للصعاليك بسبب تعاون بعض قريش معهم نت مكة على ما يظهر من أخبار أهل الأخبار، مكاناً آوى اليه ذؤبان العرب وخلعاؤهم وصعاليكهم، حتى كثر عددهم بها، لما وجدوه فيها من حماية ومعونة“. الذين كانوا يريدون أن يستخدموا الصعاليك الخلعاء كانوا يأتون لمكة بسبب تواجد كثيرين هناك. فلما أراد “أبو جندَب” الهُذلي، الأخذ بثأر جارين له قتلهما “بنو لِحيان”، قدم مكة، فأخذ جماعة من خلعاء بَكْر وخُزاعَة، وخرج بهم على بني لِحيان، وكان قد “قدم مكة، فواعد كل خليع وفاتك في الحرم أن يأتوه يوم كذا وكذا، فيصيب بهم قومه. المرجع: ( الاغاني ٢١: ٦٢
الزبير بن عبد المطلب كان ينزل عنده الفاسقين الصعالكة مثل ابو الطمحان و كان عبد المطلب يجير الصعاليك المخلوعين وأما “أبو الطَّمَحان” القَيْني، فهو “حنظلة بن الشرقي ” من بني كنانة، وكان خليعا فاسقاً، متهتكا، لا يعرف خلقا او أدبا، نازلاً بمكة على الزبير بن عبد المطلب. : ) وكان نديما للزبير بن عبد المطلب. المرجع: (ابن حجر، الاصابة في تمييز الصحابة، رقم ٢٠١٣). وكان ينزل عليه (اي على الزبير بن عبد المطلب) الخلعاء. المرجع: الاغاني للاصفهاني، الجزء ١١، صفحة ١٢٥؛ الشعر والشعراء، الجزء الاول، صفحة ٣٠٤ . ونزل “مطرود ابن كعب” الخزاعي، في جوار “عبد المطلب”. المرجع: المرزباني، معجم الشعراء، صفحة ٢٨٢
استخدام الصعاليك من البعض وهكذا وضع “الصعاليك” أنفسهم في خدمة من يريد استخدامهم لتحقيق أهدافه التي يريدها، مقابل ترضيتهم وإعاشتهم، كما يفعل الجنود المرتزقة هذا اليوم من خدمة الدول الأجنبية، بانضمامهم إلى الفرق الأجنبية. ولما خُلع “امرؤ القيس”، جمع جموعاً من ذؤبان العرب وصعاليكها، وأخذ يَغِير بهم على أحياء العرب. : ولما غزا “زهير بن جَنَاب” الكلبي، بَكراً وتَغْلِب أخذ “من تجمع له من شِذاذ العرب والقبائل” وغيرهم فغزا بهم. المرجع: (الاغاني، الجزء ٢١: ٩٦
انضمام الصعاليك لمحمد في مكة مثل ابو بصير واللحاق به من كل من اسلم من الصعاليك وينفلت منهم أبو جَنْدَل بن سهيل فلحق بأبي بصير فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير حتى اجتمعت منهم عصابة. فوالله ما يسمعون بعير خرجت لقريش الى الشام إلا اعترضوا لها فقتلوهم واخذوا أموالهم. المرجع: صحيح البخاري ٣ : ١٨٣. لقد تبعوا محمد لأن الاسلام يعطي لهم تكتلا اكبر وحرية في استمرار مماراستهم في سرقة القوافل ونوال السبايا تحت حجة الدين. عروة بن مسعود في صلح الحديبة يتعرف على بعض الصعاليك المسلمين “فرفع عروة رأسه فقال من هذا. قالوا المغيرة ابن شُعبة. فقال اي غُدَرُ. ألستُ أَسعى في غَدْرَتِكَ. وكان المغيرة صَحِب قوما في الجاهلية، فقتلهم وأخذ أموالهم ثم جاء فأسلم”. المرجع: صحيح البخاري ٣ : ١٧٩ و ١٨٠ و ١٨٣
صعاليك صاروا قادة مسلمين لقد أدرجهم محمد في المجتمع الاسلامي ادراجا كليا بلا محاذير أو تحفظات.واستمرعدد كبير منهم في الاسلام الى قطاع طرق يتربصون بالقوافل. وصاروا لاحقا على قدر كبير في الاسلام مثل: سارية بن زَنِيم الدائلي الكناني، الذي أمَّره عمر على جيش وسيره إلى فارس سنة ثلاث وعشرين هجرية.”وذكر الواقدي وسيف بن عمر أنه كان خليعا في الجاهلية أي لصا كثير الغارة وأنه كان يسبق الفرس عدوا على رجليه“ابن حجر، الاصابة في تمييز الصحابة، رقم ٣٠٣٦ وأبو ذر الغفاري فقد كان من صعاليك الجاهلية, يقطع الطريق ويغير على النوق عند الفجر. المرجع: (الطبقات الكبرى لابن سعد، ج٤ ص ١٦٢) نلاحظ بان القريشيين قد طعنوا في القران بسبب أن الصعاليك قد دخلوا الاسلام أن القوم طعنوا في صحة القرآن/ وقالوا لو كان خيرا ما سبقنا إليه هؤلاء الصعاليك. المرجع:تفسير الرازي، تعليق على سورة الاحقاف حديث لابي طالب يذكر عن اتباع صعاليك العرب لمحمد: ”كأني أنظر إلى صعاليك العرب… قد أجابوا دعوته وصدقوا كلمته وعظموا أمره فخاض بهم غمرات الموت“. المرجع: السهيلي، الروض الانف، الجزء الثاني، صفحة ١٧٥. نفور قريش من الصعاليك المسلمين: قالت قريش اطردهم عنك…. فقال رسول الله أبشروا معاشر صعاليك المهاجرين بالنور يوم القيامة تدخلون قبل الأغنياء بنصف يوم وذلك خمسمائة عام. المرجع: البداية والنهاية – ابن كثير، الجزء السابع، صفحة ١٢٥. تبشير صعاليك المهاجرين انهم سوف يدخلون الجنة قبل غيرهم. ”فقال رسول اللّه صلعم: “أبشروا يا معشر صعاليك المهاجرين بالنور التَّامِّ يوم القيامة، تدخلون الجنة قبل أغنياء الناس بنصف يومٍ وذاك خمسمائة سنةٍ“. المرجع: سنن أبي داود، رقم الحديث ٣٦٦٦؛ الهندي، كنز الاعمال، رقم ١٦٥٧٦ و ١٦٦١٤ ؛ مِشْكَاةُ الْمَصَابِيحِ، للتبريزي، الجزءالاول صفحة ٣٠٧. تفضيل الصعاليك المجاهدين في سبيل الله على الصدقات الكبيرة. أعَجَبَكُم صدقَةُ ابنِ عَوف، لرَوعَةُ صعلوك من صعاليك المهاجرين يجر سَوطه في سبيل الله أفضل من صدقة ابْنِ عَوف. المرجع: الهندي، كنز الاعمال، رقم ١٠٦٨٣. كان يستفتح بصعاليك المهاجرين (اسد الغابة، لابن اثير، الجزء الاول، صفحة ١٦٤
صعاليك جبل تِهامة وضمهم من محمد جبل تِهامة كمركز مهم للصعاليك المجرمين من سائر القبائل. ”كان في جبل تِهامةَ جُمّاع غَصَبُوا المارّةَ أَي جَماعاتٌ من قَبائلَ شَتَّى متفرّقة“. المرجع: ابن منظور، لسان العرب، تحت جُمّاع. كتابة محمد لصعاليك تهامة: وكتب رسول الله صلعم لجماع كانوا في جبل تهامة قد غصبوا المارة من كنانة ومُزَينة والحَكَم والقارَة ومن اتبعهم من العبيد فلما ظهر صلعم وَفَدَ منهم وفد على النبي صلعم فكتب لهم: بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من محمد النبي رسول الله لعباد الله العتقاء انهم إن آمنوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فعبدهم حر ومولاهم محمد. ومن كان منهم من قبيلة لم يُرَد إليها. وما كان فيهم من دم أصابوه أو مال أخذوه فهو لهم، وما كان لهم من دين في الناس رُدَّ إليهم. ولا ظلم عليهم ولا عدوان وان لهم على ذلك ذمة الله وذمة محمد والسلام عليكم”. المرجع: ابن سعد، الطبقات الكبرى، الجزء الاول، صفحة ١٥٥
المصدر جواد علي، المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام، الجزء التاسع
#عبد_الحسين_سلمان (هاشتاغ)
Abdul_Hussein_Salman_Ati#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الساراسين والصعاليك ...الجزء الأول
-
هل القران محفوظ ؟
-
اليهود المسيحيون / الأبيونيون / الجزء الثاني
-
خرافة توسع السماء في القران
-
اليهود المسيحيون / الأبيونيون / , الجزء الأول
-
محاكم التفتيش ...الجزء الأول
-
تفكيك القرآن ...الجزء الثاني
-
الجواري والغلمان في صدر الاسلام... معاهدة البقط
-
تفكيك القرآن ...الجزء الأول
-
الحرب الاهلية في الدولة الاموية
-
تَشَيطَنَ الشيطان و تفليس إبليس
-
سلسة الشتائم بين الصحابة في الأسلام ...الجزء الأخير
-
الرسائل المتبادلة بين علي و معاوية ....الجزء الأخير
-
الرسائل المتبادلة بين علي و معاوية ....الجزء الأول
-
مذبحة بني قريظة...الجزء الأخير
-
سلسة الشتائم بين الصحابة في الأسلام ...1
-
مذبحة بني قريضة ...3
-
الأعراب بين القران و عمر بن الخطاب
-
مذبحة بني قريظة ....2
-
مذبحة بني قريظة ..1
المزيد.....
-
حملة الملاحقات الأمنية تمتد للادينيين والملحدين وأصحاب الآرا
...
-
بعد إلغاء حكم بالسجن خمس سنوات... قطر تفرج عن زعيم الطائفة ا
...
-
محافظة القدس: 9820 مستعمرًا اقتحموا المسجد الأقصى خلال موسم
...
-
24% ارتفاعا سنويا في عدد مقتحمي المسجد الأقصى في عيد العرش
-
بن غفير يقتحم المسجد الأقصى للمرة الثانية خلال أسبوع
-
في آخر أيام عيد العرش.. مستوطنون يؤدون طقوسا تلمودية في المن
...
-
بن غفير يقتحم الأقصى على رأس مستوطنين في آخر أيام الأعياد ال
...
-
فتوى جديدة من دار الإفتاء المصرية حول إخراج الزكاة لأسر شهدا
...
-
ترامب: لا أعتقد أنني سأدخل الجنة
-
أسهمت في تشكيل قراراته.. أسرة يهودية ثرية أشاد بها ترامب أما
...
المزيد.....
-
كتاب تقويم نقدي للفكر الجمهوري في السودان
/ تاج السر عثمان
-
القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق
...
/ مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
-
علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب
/ حسين العراقي
-
المثقف العربي بين النظام و بنية النظام
/ أحمد التاوتي
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
المزيد.....
|