أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد حجازي البرديني - الشعر الأردني: دراسة نقدية-تمرد الذات وإيقاع الهامش في شعر مصطفى وهبي التل -عرّار-















المزيد.....



الشعر الأردني: دراسة نقدية-تمرد الذات وإيقاع الهامش في شعر مصطفى وهبي التل -عرّار-


محمد حجازي البرديني

الحوار المتمدن-العدد: 8496 - 2025 / 10 / 15 - 08:45
المحور: الادب والفن
    


الشعر الأردني: دراسة نقدية-تمرد الذات وإيقاع الهامش في شعر مصطفى وهبي التل "عرّار".
الناقد: محمد حجازي البرديني.

تهدف هذا الدراسة إلى استكشاف ملامح تمرد الذات وإيقاع الهامش في شعر الشاعر الأردني مصطفى وهبي التل (عرّار)، من خلال مقاربة نقدية تكاملية توظّف المناهج النقدية: الاجتماعية والثقافية والنفسية والبنيوية والتفكيكية والسيميائية في آن واحد؛ كمنهج تكاملي.
وتنطلق الدراسة من فرضية أن عرّار قد أقام صرح تجربته الشعرية على صراع الذات مع المجتمع والسلطة والهوية، فكان صوته الشعري صدىً لوجدان المهمّشين، ومرايا لتمزقات الإنسان العربي في مواجهة الاستبداد والنفي والغربة.
تحلل الدراسة أبرز القصائد الواردة في ديوانه "عشيات وادي اليابس"، مع تتبّع البنى اللغوية والدلالية والرمزية التي شكّلت رؤية الشاعر للعالم، واستجلاء أبعاد التمرّد والسخرية والاغتراب والحرية.
كما تتناول الدراسة البنية الإيقاعية بوصفها تجليًا لإيقاع الذات المقهورة، والرمز بوصفه وسيلةً لتفكيك مركزيات القيم السائدة وإعادة تشكيل العلاقة بين الذات والعالم.
وتخلص الدراسة إلى أن شعر عرّار يجسّد رؤية حداثية مبكّرة، تتجاوز السياق المحلي إلى الإنساني، حيث تلتقي السخرية والتمرد والبحث عن معنى الوجود في نسيج شعريٍّ متماوج بين البساطة الشعبية والعمق الفلسفي.

المقدمة النظرية والإطار المنهجي.
أولًا: أهمية الموضوع.
يُعدُّ مصطفى وهبي التل (1899-1971)، المعروف بـ"عرار"، أحد أبرز شعراء الأردن الحديث، وأيقونة الرمز الوطني والحرية، إذ جسد في شعره البعد الوطني، الاجتماعي، والوجودي بطريقة جمعت بين الواقعية الشعرية والرمزية التعبيرية. لقد جعل من الشعر مساحة حرّة يتنفس فيها المقهورون والمنفيّون والمهمَّشون، حتى صار شعره شهادة على عصرٍ مأزوم، وصوتًا يجلجل في برية الكبت والصمت. وقد كان صوت الوطن في مرحلة التحولات السياسية والاجتماعية في الأردن وفلسطين، فقد وظف الرمز واللغة الشعرية كأداة نقدية ومقاومة، ما جعل شعره حقلاً دلالياً غنياً يمكن تحليله سيميائياً وبنيوياً وتفكيكياً.
وتنبع أهمية هذه الدراسة من أنها تتناول تجربة عرّار من زاوية جديدة تجمع بين المناهج النقدية المتعددة، إذ لم يُقرأ شعره قراءةً تكاملية عميقة تجمع بين البنية والرمز والدلالة والسياق الثقافي والاجتماعي والنفسي. فالتمرد عند عرّار ليس موقفًا عابرًا، بل هو جوهر وجوده الشعري، والهامش ليس مكانًا جغرافيًا بل وعيًا شعريًا يعيد تعريف المركز والسلطة والذات.

ثانيًا: مشكلة البحث وسؤاله المركزي.
تتمثل مشكلة الدراسة في تحديد الكيفية التي عبّر بها عرّار عن تمرد الذات وإيقاع الهامش في شعره، من خلال البنى اللغوية والرمزية والإيقاعية التي تشكّل نسيج نصوصه.
ومن هنا ينبثق السؤال المركزي:
كيف تتجلى ثنائية التمرد والهامش في شعر مصطفى وهبي التل، وما الأدوات اللغوية والدلالية والنفسية التي استخدمها لبناء رؤيته الشعرية المتمرّدة؟
ويتفرع عن هذا السؤال جملة من التساؤلات الفرعية:
ما طبيعة العلاقة بين تجربة الشاعر الذاتية والتمرد الشعري؟
كيف جسّد الهامش (المهمّشون، النور، الفقراء، السكارى) بوصفهم رموزًا للحرية والصدق؟
ما الوظيفة البنيوية والسيميائية للرموز المتكررة في شعره (الخمر، الصحراء، النور، الحرية)؟
كيف أسهمت البنية الإيقاعية واللغة الساخرة في تشكيل هوية شعرية مقاومة؟

ثالثًا: أهداف الدراسة.
الكشف عن الأسس الفكرية والنفسية التي شكلت وعي عرّار الشعري.
تحليل النصوص الشعرية في ديوان عشيات وادي اليابس تحليلاً بنيويًا وسيميائيًا وتفكيكيًا يكشف طبقات المعنى.
تفسير التمرد والهامش بوصفهما استراتيجيتين جماليّتين وثقافيّتين.
الإسهام في بناء قراءة نقدية أردنية حديثة تستند إلى المنهج التكاملي في دراسة الشعر.

رابعًا: منهج الدراسة.
تعتمد الدراسة المنهج التكاملي الذي يمزج بين المناهج النقدية الآتية، توظيفًا وتحليلاً لا تجميعًا شكليًا:
- المنهج الاجتماعي والثقافي: للكشف عن العلاقة بين تجربة الشاعر وسياق عصره، وعن موقفه من السلطة والمجتمع.
- المنهج النفسي: لتفسير البنية العميقة للذات الشاعرة، وما يعتمل فيها من نزوع إلى الحرية والتمرد.
- المنهج البنيوي: لتحليل البنية اللغوية والإيقاعية والدلالية للنص الشعري، بوصفها نظامًا مغلقًا قائمًا على العلاقات الداخلية.
- المنهج التفكيكي: لاستكشاف ما وراء النص، والوقوف على المسكوت عنه والتوتر بين المعنى وضدّه.
- المنهج السيميائي: لتحليل العلامات الشعرية والرموز والأنساق الثقافية التي تولّد المعنى داخل النص.
وهذا التكامل المنهجي يتيح لنا قراءةً متعددة الطبقات للنصوص الشعرية، لا تتوقف عند المعنى المباشر، بل تنفذ إلى أعماق الخطاب الشعري حيث تتشابك الذات بالرمز، والهامش بالمركز، والحرية بالاغتراب.

الفصل الأول: تمرد الذات — بين الحرية والاغتراب.
أولًا: الذات الشاعرة بوصفها كيانًا متمردًا.
تتجلّى في شعر مصطفى وهبي التل روحٌ ثائرةٌ لا تهدأ، ذاتٌ تواجه الواقع لا بالخضوع، بل بالتمرد والمساءلة والرفض. فالذات عند عرّار ليست ذاتًا متصوفة هاربة من العالم، بل ذاتٌ تصطدم بالوجود وبالسلطة وبالمجتمع في آنٍ واحد.
لقد عاش عرّار حالة من التنافر الوجودي مع محيطه السياسي والاجتماعي، إذ رأى في الظلم والفساد السياسي مبررًا كافيًا للثورة الشعرية والتمرّد اللغوي. يقول في إحدى قصائده:
«قُل للحكومةِ ما أنا من باعةِ
للظلمِ، أو من عبدةِ الأصنامِ»
(التل، عشيات وادي اليابس، ص 73)
هنا يتجلّى البعد النفسي للتمرد بوصفه صرخة حرية ورفض للوصاية. ويعبر الشاعر عن قطيعة مع المنظومة السلطوية، إذ يرى أن الشعر رسالة مقاومة، لا زخرف لغوي.

ثانيًا: البعد النفسي في تمرد الذات.
يتيح المنهج النفسي قراءة التمرد العرّاري بوصفه حالة دفاعية تنبع من أعماق الذات المحطَّمة. فالطفولة القاسية، والنفي السياسي، والفقر، والاغتراب الاجتماعي، كلها عوامل صاغت ما يمكن تسميته بـ«اللاشعور المتمرّد».
إنّ اللجوء إلى الخمر، وإلى المجالس الشعبية، وإلى رفقة الصعاليك والنور، ليس انحرافًا سلوكيًا فحسب، بل رمزٌ للتحرر من القيود الاجتماعية المصطنعة. يقول عرّار:
«دعِ الخمرَ تسقِ العُمرَ ما فاتَ من دمي
فليس سوى كأسٍ تعيدُ شبابي»
(التل، عشيات وادي اليابس، ص 112)
هنا تبرز الخمرة كرمز للتحرر النفسي، إذ يستعيض بها عن واقعٍ يضيق عليه أنفاسه. فالخمر ليست لذة حسية، بل موقف وجودي؛ إنه يقول كما قال المتنبي من قبل: "أبَيتُ اللذاذةَ أن تُنالَ بنائلٍ..."، أي أنه يختار الألم لأنه أصدق من الزيف.
يحلّل الناقد كمال الفحماوي هذه الظاهرة قائلًا:
«إن الخمر في شعر عرّار ليست مجونًا، بل رمزيةٌ للحرية والانفلات من السلطة والقيم الميتة» (الفحماوي 95).
وفي هذا تتقاطع رؤية عرّار مع المدرسة الرومانسية والوجودية التي ترى في الألم طريقًا للوعي والتمرد معًا.

ثالثًا: التمرد الاجتماعي والثقافي.
في ضوء المنهج الاجتماعي والثقافي، يتجلى تمرد عرّار في رفضه لمظاهر الطبقية والتسلط الاجتماعي، إذ اختار أن ينتمي إلى «الهامش» لا إلى «المركز».
يقول في قصيدته «النور»:
«ويا أبناءَ الشمسِ في القصورِ
نحنُ أبناءُ القمرِ في السجونِ»
(التل، ديوان عشيات وادي اليابس، ص 157)
إنه يصنع مفارقة رمزية بين النور في القصور والنور في السجون، بين المركز المتخم والهامش المحروم، معلنًا بذلك انحيازه الجمالي والأخلاقي للمنفيّ والمقهور.
ويشير الباحث زياد الزعبي إلى أن «عرّار قدّم الهامش الشعبي بوصفه مركزًا للصدق الإنساني، وجعل من شعره وثيقة احتجاج ثقافي» (الزعبي 33).
إن تمرده الاجتماعي هو أيضًا تمرد لغوي وثقافي، إذ كسر حدود اللغة التقليدية، واستعان بتراكيب عامية وصور مأخوذة من الحياة اليومية، ليعبّر عن لغة الشارع لا البلاط.
يقول ساخرًا:
«يا من تسوسونَ الرعيّةَ زورًا
هل جرّبَ السوطَ غيرُنا؟»
(التل، عشيات وادي اليابس، ص 168)
إنها لغة هجاء متمردة، توظّف السخرية كأداة مقاومة، وتجعل من الشعر منبرًا سياسيًا وثقافيًا ضد الاستبداد.

رابعًا: التمرد بوصفه بناءً بنيويًا
عند قراءة النصوص بمنهج بنيويٍّ لغويٍّ دقيق، نكتشف أن التمرد ليس في المعنى فقط، بل في البنية الشعرية نفسها.
فالتكرار والإيقاع المتصاعد، والانزياح الدلالي، والانتقالات المفاجئة في الصورة، كلها عناصر تؤسس بنية التوتر في النص.
في قوله:
«وإنّي لأحيا في القيودِ كأنّني
نسرٌ على أبوابِ نارٍ مُجمّدُ»
(التل، ص 190)
نلحظ صورةً مركّبة تجمع بين التضاد (الحرية/القيد، النار/الجمود)، وهو ما يولّد بنية دلالية متوترة تُجسّد التمرد لا كموضوع بل كأسلوب كتابي.
إن البنية هنا تقاوم المعنى التقليدي للانضباط، كما يرى النقاد البنيويون (تودوروف، بارت)، إذ تصبح اللغة ذاتها ميدان الصراع.

خامسًا: قراءة تفكيكية – الذات ضد نفسها.
من منظور التفكيك الدريدي، يمكن القول إن تمرد عرّار ليس انسجامًا، بل تناقضًا داخليًا دائمًا. فهو يثور على القيم لكنه يحنّ إلى البراءة؛ يرفض السلطة لكنه يطلب الاعتراف؛ يحتفي بالهامش لكنه يسعى إلى خلوده الشعري في المركز.
هذه الازدواجية تكشف أنّ التمرد عند عرّار ليس انتصارًا بل جرحًا مفتوحًا، إذ يقول:
«يا وطني المسلوبُ من قلبِ الورى
كمْ بكيتُ عليكَ بينَ المدى والمنافي»
(التل، ص 201)
فهو لا يملك الوطن ولا يملك ذاته، بل يملك الشعر فقط.
وهذا ما يجعل من التمرد عنده خطابًا جماليًا للاغتراب، لا انتقامًا ولا بطولةً رومانسية.

الفصل الثاني: إيقاع الهامش — قراءة سيميائية وبنيوية في رموز عرّار.
أولًا: الهامش كإيقاع ثقافي وجمالي.
لم يكن الهامش في شعر مصطفى وهبي التل مجرد موقف اجتماعي أو سياسي، بل إيقاعًا ثقافيًا وجماليًا يعيد تشكيل صورة العالم من خارج المركز.
فعرّار، في عمق تجربته الشعرية، يقلب العلاقة بين العلو والسفْل، بين المهيمن والمهمّش، ليجعل من المنفيّ والسكران والمجنون والعابر رموزًا للحقيقة والصدق والحرية.
وقد لاحظ الناقد عبد الرحيم مراشدة أن عرّار «أقام في شعره جدلية الحرية والقيد داخل نسق لغويٍّ يمجد الخارجين عن المألوف» (مراشدة 64).
إذن، الهامش عند عرّار ليس مجرد فضاء مكاني (السجن، الصحراء، المنفى)، بل هو نسق دلالي وسيميائي تتجلّى من خلاله فلسفة الحرية ووعي الذات بذاتها.

ثانيًا: الرمز السيميائي للـ«نور».
يتكرر رمز النور في شعر عرّار بوصفه دالًا سيميائيًا مركبًا يحمل معانيَ متناقضة: فهو رمز للحرية حينًا، وللعقاب والفضيحة حينًا آخر.
يقول في قصيدته «إلى النور»:
«يا نوريَ المسجونَ في أحلامي
كم مرةً خفتُ من الإظلامِ
أنا من أبناءِ الظلالِ ولكنْ
في قلبيَ المشبوبِ ألفُ هيامِ»
(التل، عشيات وادي اليابس، ص 142)
في هذا المقطع يتحول النور إلى علامة مزدوجة: إنه يحضر دالًا على الرغبة في الخلاص، لكنه أيضًا يفضح الضعف الإنساني.
وبحسب القراءة السيميائية، يتكوّن الدال (النور) من محورين دلاليين متضادين:
المحور الإشراقي (الحرية، المعرفة، الكشف).
والمحور المؤلم (الوعي الموجع، الانكشاف، العقوبة).
وهكذا يصبح «النور» في شعر عرّار كودًا دلاليًا يُترجم قلق الذات في مواجهة السلطة والمصير.

ثالثًا: الخمر — رمز التمرد والبوح.
من أبرز العلامات المتكررة في شعر عرّار الخمر، وهي لا تُقرأ بمعناها الحسي، بل بوصفها دالًا ثقافيًا مقاومًا.
يقول الشاعر:
«كأسٌ على كأسٍ... وهل من قيامةٍ
في الأرضِ إلا في دمي وسُكوتي؟»
(التل، عشيات وادي اليابس، ص 113)
الخمر هنا ليست هروبًا، بل انفتاحٌ على الذات العارية، وتمردٌ على الرقيب.
من منظور السيمياء الثقافية (Lotman 1990)، تمثل الخمرة عند عرّار منطقة انتقالية بين النظام والفوضى، بين القانون والرغبة، بين الوعي واللاوعي.
ويقول الناقد زياد الزعبي: «شخصية عرّار السكرى ليست نفيًا للذات، بل إعادة تعريفٍ لها خارج النمط الاجتماعي المقيّد» (الزعبي 45).
إذن، «الخمر» في شعره ليست مادّة بل خطاب حرية. وهي تنتمي إلى بنية رمزية أوسع هي «هامش الوجود» الذي يحيا فيه الشاعر.

رابعًا: الصحراء — فضاء الانعتاق والموت.
تظهر الصحراء في قصائد عرّار بوصفها رمزًا ميتافيزيقيًا يتجاوز حدود الجغرافيا. إنها مكان التجرد والاختبار والصدق، وفيها تتجلّى روح البداوة التي تعني النقاء والحرية، لا التخلف كما في الوعي الاستشراقي.
يقول:
«في البيدِ أطهى من طيوبِ المدائنِ
نسكٌ تعمّدَ بالرمالِ الحوافي»
(التل، ص 188)
هنا يلتقي البعد البنيوي المكاني بالبعد النفسي الوجودي: فالصحراء ليست فراغًا، بل امتلاءٌ بالتأمل والوعي والتمرد.
وهي – في القراءة السيميائية – علامة مفتوحة (open sign) تمثل لحظة العودة إلى الأصل الأول، أي الحرية المطلقة.
وقد علّق تيسير زيادة على هذه الدلالة قائلًا:
«صحراء عرّار هي موضع التطهّر الشعري، حيث تذوب الذات في الطبيعة لتستعيد صفاءها القديم» (Al-Zyadat 119).

خامسًا: النفي والمنفى — سيمياء الاغتراب
كان النفي السياسي جزءًا من حياة مصطفى وهبي التل، وقد حوّله شعره إلى بنية رمزية تتجاوز حدود الحدث الواقعي لتغدو استعارة كبرى للاغتراب الإنساني.
يقول في إحدى قصائده التي كتبها في منفاه:
«يا وطني المنفيُّ في الأوجاعِ
كمْ حلمتُ بالعودةِ، فانكسرتْ أضلاعي»
(التل، ص 211)
إن «المنفى» هنا يتحول إلى علامة للهوية الشعرية نفسها، إذ لا وجود لعرّار إلا في الاغتراب، ولا معنى لتمرده إلا في النفي.
وبالتحليل البنيوي، نجد أن بنية النفي تتكرر في صياغات لغوية تتراوح بين الفعل المضارع الناقص («كم حلمتُ») والماضي المنكسر («انكسرتْ»)، لتجسّد إيقاع العجز المتمرّد.
وهنا تكشف القراءة التفكيكية أن عرّار يُقيم داخل التناقض: فهو منفيٌّ لكنه يخلق من المنفى مركزًا للحرية؛ مقصيٌّ عن السلطة لكنه يُعيد كتابة السلطة بلغته.

سادسًا: المرأة — العلامة الأنثوية المزدوجة
تظهر المرأة في شعر عرّار بوجهين متضادين: فهي الملاذ والجلاد، الحلم والمحرّم.
يقول:
«يا زهرةَ الدربِ كم كنا على وعدٍ
فضاعَ منّا الهوى بينَ الوعودِ»
(التل، ص 134)
المرأة هنا ليست موضوع حب، بل علامة سيميائية للحرية الممنوعة.
ويرى الناقد عبد الله رضوان أن «صورة المرأة في شعر عرّار تتجاوز الإيروس إلى دلالة رمزية على الوطن، والحرية، والوفاء المفقود» (رضوان 52).
وبتحليل البنية الرمزية نجد أن المرأة تُشكّل مرآة الذات المتمرّدة: كلما حاول عرّار أن يمتلكها، ازداد وعيه بفقده لذاته. وهكذا تتحول الأنثى من معشوقةٍ إلى فكرة، ومن فكرةٍ إلى أيقونة للتمرد والخذلان معًا.

سابعًا: التكوين الإيقاعي للهامش.
يتجلى الهامش في البنية الإيقاعية أيضًا. فعرّار يستخدم إيقاعات غير متوقعة، وجملاً شعرية مكسورة النغم، فيخرج على توازن الوزن والقافية كما يخرج على توازن المجتمع.
إن تكرار الأصوات الحادة (القاف، الحاء، الراء) في قصائده عن الغضب والتمرد يعكس توتر الذات، بينما تكرار الأصوات الممدودة في قصائده الوجدانية يخلق إيقاعًا شجيًّا حزينًا.
وقد رصد نايف النوايسة في دراسة إيقاعية أن «عرّار كان يُسخّر الوزن لخدمة الدلالة، فيكسر التفعيلة عمدًا حين يريد أن يقول ما لا يُقال» (النوايسة 28).

ويمكن القول أنّ القراءة السيميائية والبنيوية تُظهر أنّ «إيقاع الهامش» في شعر عرّار ليس مجرد وصفٍ اجتماعي، بل نظام دلالي متكامل تُبنى عليه تجربته الشعرية.
إن رموزه – النور، الخمر، الصحراء، النفي، المرأة – تشكّل شبكة علاماتٍ تتقاطع عند مفهوم الحرية والتمرد.
فالشاعر لا يصف الهامش بل يؤسّس له، يجعل منه مركزًا لغويًا وثقافيًا يكتب من خلاله سيرته الذاتية بوصفها خطابًا مضادًا للهيمنة، ومرافعةً شعرية عن الإنسان الحر.

الفصل الثالث: اللغة والرمز والأسلوب-تحليل تفكيكي وجمالي في خطاب عرّار الشعري.
أولًا: اللغة الشعرية بين الجدية والتهكم.
لغة عرّار هي لغة مزدوجة تجمع بين السخرية والجدّ، بين الفصحى والعامية، بين الغناء والاحتجاج. إنه لا يتخذ اللغة وسيلة للزخرف، بل أداة مقاومة وتعرية، كما لاحظ عبد الله رضوان بقوله: «لغة عرّار ليست فصيحةً بمعناها المدرسيّ، بل حرّة بمعناها الجمالي، إذ تتحرّر من قيد التكلّف لتعبّر عن روح الشعب» (رضوان 68).
يقول الشاعر في تهكمٍ مرير:
«قالوا السكوتَ من الذهبْ
قلتُ: الصراخَ من اللهبْ»
(التل، عشيات وادي اليابس، ص 175)
تتجلى هنا المفارقة البلاغية التي تميّز خطاب عرّار: فهو يقلب المألوف، ويعيد صياغة الأمثال والحكم الشعبية لتصبح أدوات تفكيكٍ لخطاب السلطة الاجتماعية.
في ضوء القراءة التفكيكية، فإن هذا الانقلاب اللغوي هو فعل مقاومةٍ نصية؛ إذ يفضح التناقضات الكامنة في اللغة المهيمنة نفسها.

ثانيًا: الانزياح والتوتر الدلالي.
يُعدّ الانزياح (déviation) سمة مركزية في شعر عرّار، حيث يبتعد التعبير عن المألوف ليكشف عمق المعنى.
يقول:
«أُحبُّ سجني، ففيه أنا سيّدُ نفسي
وفي الحريةِ عبدُ القيودِ»
(التل، ص 186)
هنا نجد مفارقةً دلالية مركبة: فالسجن يتحوّل إلى فضاء حرية، والحرية إلى قيد.
من منظور التحليل البنيوي الدلالي (Greimas 1966)، يتكوّن النص من تضادّاتٍ بنائية: (حرية/قيد – سجن/سيادة-عبودية/تحرر).
هذه الثنائيات المتقابلة تولّد ما يسميه ريفاتير بـ«التوتر الشعري»، أي طاقة اللغة في خلق المفارقة.
ويعبّر زياد الزعبي عن هذا البعد بقوله: «عرّار يمارس على اللغة نوعًا من التمرد يشبه تمرده على المجتمع؛ فلا معنى ثابتًا لديه، بل حركة دائمة بين الضدّين» (الزعبي 57).

ثالثًا: الرمز بين الشفافية والغموض.
ينتمي الرمز في شعر عرّار إلى ما يمكن تسميته بـ«الرمز الدينامي»، أي الرمز المتحوّل الذي لا يكتفي بالدلالة الواحدة.
فالخمر، والنور، والمرأة، والوطن، ليست رموزًا مغلقة، بل علاماتٌ سائلة تتبدل مع السياق النفسي والسياسي.
يقول مثلًا:
«وطني لستُ أملكُ فيه سوى
حلمٍ وأغنيةٍ في المدى تُغنّيني»
(التل، ص 205)
فـ«الحلم» هنا يرمز إلى الوطن الضائع، و«الأغنية» ترمز إلى الشعر بوصفه الوطن البديل.
وفي التحليل السيميائي، تصبح هذه الرموز شبكة دلالية مفتوحة، تتقاطع فيها الذات مع اللغة والواقع.
وقد أشار تيسير زيادة إلى أن «الرمز عند عرّار ينمو داخل التجربة لا خارجها، أي أنه ليس قناعًا، بل عضويٌّ من بنية الوجدان الشعري» (Al-Zyadat 142).

رابعًا: الصورة الشعرية - بين الواقعي والمتخيل.
الصورة عند عرّار ليست زخرفًا بل صرخة مرئية. إنه يوظّف الصورة لتكثيف التجربة، لا لتجميلها.
في إحدى قصائده يقول:
«على أبوابِ عمّانَ النخيلُ حزينٌ
كأنّ الريحَ تبكي من عيونِ الفقرِ»
(التل، ص 152)
تتخذ الصورة هنا وظيفة اجتماعية ورمزية، إذ يزاوج بين المحسوس (النخيل، الريح) والمجرد (الحزن، الفقر) لتوليد مشهد سيميائي مركب.
فالنخيل — رمز الكرامة — يبكي؛ والريح — رمز الحرية — تتماهى مع الفقراء.
هذه الجدلية بين الصورة والوجدان تُظهر البعد الإنساني العميق في شعره.
ويرى نايف النوايسة أن «صورة الفقر في شعر عرّار ليست شكوى بل احتجاج، فهي لغة للكرامة المهدورة» (النوايسة 39).

خامسًا: السخرية — استراتيجية تفكيكية للخطاب.
تعدّ السخرية في شعر عرّار آلية دفاعية وتفكيكية في آن. فهو يواجه القهر بالضحك، ويحوّل التراجيديا إلى كوميديا سوداء.
يقول:
«يا من لبستم ثيابَ الدينِ تقيّةً
قد باعكم إبليسُ بثمنٍ بخسِ»
(التل، ص 179)
في هذا البيت نلمح التهكم كفعل مقاومة. فهو لا يهاجم الدين، بل النفاق الديني والسلطة الزائفة. ومن منظور جاك دريدا، تُعد السخرية شكلًا من أشكال différance (الاختلاف والإرجاء)، لأنها تكشف زيف المعنى الثابت، وتفضح التناقض بين القول والفعل.
وقد لخّص عبد الرحيم مراشدة هذه الظاهرة بقوله:
«سخرية عرّار ليست عبثًا لغويًا، بل أداة لتعرية القبح الاجتماعي والسياسي، وصياغة وعيٍ نقديٍّ بديل» (مراشدة 73).

سادسًا: الإيقاع الداخلي والخارجي.
الإيقاع في شعر عرّار ليس التزامًا شكليًا بالبحور، بل دينامية وجدانية تعبّر عن اضطراب الذات. فهو يستخدم البحور الخفيفة والمتوسطة (الرجز، الكامل، المتقارب) ليتيح مجالًا أوسع للحركة الموسيقية، ويكثر من التدوير وكسر التفعيلة عمدًا.
يقول:
«نامَ الوجودُ وقلبي لم ينمْ
والليلُ يمتدُّ كالألمِ»
(التل، ص 133)
يتولد الإيقاع هنا من التوازي الصوتي (نامَ/ينمْ) ومن تكرار اللام والميم، ما يعكس توترًا داخليًا عميقًا.
إن الإيقاع الداخلي (تكرار الأصوات) يتضافر مع الإيقاع الخارجي (الوزن) ليشكلا معًا إيقاع التمرد.

سابعًا: البنية التفكيكية للخطاب الشعري.
من منظور التفكيك الجمالي، لا يمكن قراءة شعر عرّار على أنه بناء متماسك تمامًا؛ بل هو خطاب هشّ متوتر يتداعى تحت ثقل ذاته.
فكل بيتٍ يحمل نقيضه، وكل معنى يلد ضده.
في قوله:
«أضحكُ من موتي، وأبكي على ميلادي»
(التل، ص 210)
نجد تناقضًا يعيدنا إلى جوهر فلسفة التفكيك: المعنى يتشكل من غيابه.
إن عرّار هنا لا ينطق بمعنى واحد، بل يُظهر أن اللغة نفسها غير قادرة على احتواء التجربة الوجودية.
وهكذا يتضح أن شعر عرّار هو نصٌّ لا نهائيّ التأويل، نصٌّ يفضح الحدود بين الجد والهزل، الذات والآخر، المعنى وضده.

فنلاحظ إنّ البنية اللغوية والرمزية في شعر مصطفى وهبي التل تمثل مختبرًا فنيًا وجماليًا تتفاعل فيه الأصوات المتعارضة لتنتج هوية شعرية قلقة ومتحرّكة. فاللغة عنده ليست وسيلة، بل كائن حيٌّ يتمرد على صانعه. وقد استطاع عرّار من خلال السخرية والانزياح والرمز أن يخلق أسلوبًا فريدًا يمزج بين الوعي الجمالي والاحتجاج الاجتماعي.

الفصل الرابع: إيقاع الهامش وتمثيلات الرفض في شعر عرّار.
أولًا: الهامش بوصفه فضاءً شعريًا وهويةً متمرّدة.
يُعدّ “الهامش” في شعر مصطفى وهبي التل أكثر من مجرد موقع اجتماعي أو طبقي، بل هو رؤية كونية وتمثيل رمزي للحرية والتحرر من قيد المركز السلطوي. لقد اختار عرّار أن يقف في صفّ المهمّشين والمنفيّين والنور والمجاذيب، لا تعاطفًا فحسب، بل انتماءً وجوديًا وفكريًا.
يقول في قصيدة إلى الشيخ النور:
يا ابنَ الطريقِ وساكنَ الصحراءِ يا رمَقي
من أينَ جئتَ وهل في النورِ مأوى لي؟
يتخذ “النور” في هذا السياق علامة سيميائية مزدوجة؛ فهو من جهة دالّ على جماعة اجتماعية منبوذة، ومن جهة أخرى دالّ على نقاء داخلي وحرية من شوائب الزيف الاجتماعي.
تُظهر القراءة البنيوية للنص أن “النور” يتكرر بوصفه مركزًا دلاليًا بديلًا، يزيح صورة النخبة والمركز. وهذا ما يسميه رولان بارت بـ"انقلاب العلاقات داخل النسق النصي" (بارت، 112).
ومن منظور ثقافي، يمكن القول إن عرّار أعاد توزيع السلطة داخل اللغة؛ فالهوامش التي تُقصى من الخطاب الاجتماعي أصبحت في شعره مصدرًا للجمال والمعرفة والصدق.
يقول في مقطع آخر من قصيدة في خمّارة عمّان:
دعوا الكؤوسَ فهذي النُدْمُ أصدقُنا
إذ لا نفاقَ لديهم حين يسكرونَا
هنا، تتحول الخمارة إلى فضاء مضادّ للمؤسسة، حيث تتلاشى الأقنعة وتُفضَح الزيف. وفق التحليل التفكيكي، يشتغل النص على ثنائية الطهر/الدنس التي تفقد استقرارها داخل الخطاب، لأن الشاعر يقلبها فيجعل “الخمارة” رمزًا للصدق والطهر الداخلي، في حين يصبح “الواعظ” رمزًا للنفاق والزيف.
وهذا ما يشير إليه جاك دريدا حين يتحدث عن “اختلال الثنائيات المستقرة في اللغة” (دريدا، 89).

ثانيًا: الإيقاع بوصفه تمردًا لغويًا
الإيقاع في شعر عرّار ليس مجرد تكرار صوتي أو وزن عروضـي، بل هو أداة مقاومة جمالية. فاختياره للأوزان الشعبية أحيانًا، وللجمل المتكسّرة والمضطربة أحيانًا أخرى، يعكس اضطراب الذات وتمردها على النسق الشعري التقليدي.
في قصيدته نشيد المتسوّل يقول:
أنا المتسوّلُ من وجعٍ
أمدُّ يدي للسماءِ ضياعا
الإيقاع هنا متقطّع، تسيطر عليه القوافي الحرة والنبرات المتوترة، مما يُحدث تموّجًا صوتيًا يوازي حركة الذات التي تبحث عن مرفأ.
وبتحليل بنيوي موسيقي للنص، نلحظ أن الإيقاع يتحول إلى تمثيل صوتي لتمزّق الداخل، كما أن تكرار الضمائر (أنا-يدي-ضياعا) يعيد إنتاج مركزية الذات الباحثة عن معنى.

ثالثًا: العلامة السيميائية والتمرد الثقافي.
من أهم العلامات السيميائية في شعر عرّار:
الخمر: دالّ على الحرية والتحرر من القيد الاجتماعي، لا على الفجور.
الطريق/المنفى: دالّ على الوجود في الهامش، والبحث عن الذات المتحررة.
النور: دالّ على الصفاء والصدق، في مقابل زيف “المركز”.
الطير/الهواء: رموز للحلم والانطلاق وكسر الجدران الميتافيزيقية.
وعند تحليل هذه الرموز وفق المنهج السيميائي، نلاحظ أن الدال والمدلول ينفصلان في لحظات كثيرة ليشكلا انزياحًا دلاليًا، يجعل النص فضاءً مفتوحًا للقراءة المتعددة.
فـ"الخمر" مثلًا ليست شرابًا، بل موقفًا من العالم.
و"النور" ليس جماعة اجتماعية، بل قيمة وجودية.
وهذا ما ينسجم مع رؤية أمبرتو إيكو للنص بوصفه "آلة توليدٍ لا نهائي للمعاني" (إيكو، 57).

رابعًا: التفكيك بوصفه كشفًا للمسكوت عنه.
في قصائد عرّار تتجاور السخرية مع البكاء، والتمرد مع الخضوع، مما يُظهر خطابًا شعريًا متوترًا بين الحرية والقيد.
ومن منظور تفكيكي، فإن النصوص تحمل داخلها ما يهدمها من الداخل؛ إذ يُفصح الشاعر عن رغبةٍ في الحرية لكنه في الوقت ذاته يستسلم للقدر والاغتراب.
في قوله:
يا وادي اليابسِ ابكِ معي
فالفرحُ ماتَ وما عادَ رجعا
يبدو “البكاء” فعل رفض، لكنه في البنية العميقة اعتراف بالهزيمة الوجودية.
إنها لعبة اللغة التي تصنع المعنى وتنقضه في آنٍ، وهو ما يجعل شعر عرّار مجالًا خصبًا للتفكيك والقراءة المزدوجة.

ونخلص إلى أنّ الهامش في شعر عرّار فضاءٌ بديل للمركز، يُعاد فيه تعريف الصدق والحرية. التمرد ليس موقفًا سياسيًا فحسب، بل هو بنية لغوية ودلالية وإيقاعية. الرموز الشعرية (الخمر، النور، الطريق) تشكّل شبكة سيميائية متداخلة تولّد المعنى من داخلها. والنصوص العرّارية تُمارس تفكيكًا ذاتيًا، إذ تهدم ثنائياتها لتكشف هشاشة المعنى وثباته الزائف.
الشعر عند عرّار ممارسة وجودية للحرية، وموقف لغوي من القهر، وإيقاع للحياة في وجه العدم.

الفصل الخامس: البنية النفسية وتمظهر الذات في شعر عرّار
أولًا: الذات المتمردة والاغتراب النفسي
الذات في شعر مصطفى وهبي التل ليست مجرد ضمير متكلم، بل كيان متوتر يتصارع بين رغبة في الحرية وواقع القيد الاجتماعي والسياسي. يقول في قصيدته إلى ولدي وصفي:
يا بنيّ، إن الحلم صعب والواقع مُرّ
لكن في القلب شعلة لا تنطفئ مهما كُسِرت
(التل، ص 214)
في هذا المقطع، يظهر التمرد النفسي: الحلم يمثل الذات الحرّة، والواقع يمثل القيد. وفق المنهج النفسي التحليلي (Freud, Jung)، يمكن تفسير هذا الصراع بوصفه تكرارًا للضغط الداخلي، حيث يتصارع اللاوعي مع الوعي، والموروث النفسي مع التجربة الفردية. فالطفولة الصعبة، والنفي السياسي، والفقر، كلها عوامل متراكمة صنعت وعيًا متمرّدًا يتجلى في الشعر.

ثانيًا: الرمزية النفسية للسمسمة والخمر.
في قصيدة السمسمة، نجد الطائر الصغير رمزًا للبراءة والحرية، لكنه أيضًا تمثل للذات الضعيفة المهددة:
السمسمةُ تحلقُ في أفقٍ بلا قيودٍ
أما أنا فأحيا بين جدرانٍ صمّاء
(التل، ص 220)
فالطائر يمثل الهوية المبدعة والحرية الداخلية، بينما الجدران الصماء ترمز للقيود الاجتماعية والسياسية.
إن توظيف الطائر والخمر معًا في نصوصه يعكس شبكة رمزية مزدوجة:
الطائر: الحرية والنقاء.
الخمر: التحرر النفسي والتعبير عن الذات المتمردة.

ثالثًا: صراع الداخل والخارج.
الشعر العرّاري يصور دائمًا صراعًا بين الداخل والخارج: بين الذات الفردية والمجتمع، بين الرغبة في الفعل والواقع القاهر.
يقول في قصيدة في وحشة الليل:
أستمع لصوتي وأنا وحيد
والمدينة تنامُ فوق أنفاسي
(التل، ص 223)
من منظور التحليل النفسي البنيوي، هذه الثنائية تكشف عن توتر الهوية: فالمدينة تمثل المجتمع والقيم المفروضة، والصوت الداخلي يمثل الذات الحرة المتمرّدة.
ويمكن ربط هذا بتفسير Jung للظل النفسي: كل شخص يحمل داخله قوة متوقعة أو منفية، والقصيدة هنا تمثل فضاءً لتصادم الظل بالوعي.

رابعًا: تمرد الذات بين الفقدان والاحتضان.
عند قراءة قصائد مثل إلى ولدي وصفي والسمسمة، نلاحظ أن التمرد النفسي يتحرك بين فقدان الوطن أو الفقدان الداخلي والاحتضان الشعوري للقيم العليا.
ففي نصوصه، يظهر الطفل، الطائر، الحلم، كأسس نفسية لتمظهر الذات المتمردة، أي أن الشاعر يعيد بناء ذاته عبر الرموز الصغيرة.
كما يشير زياد الزعبي إلى أن:
«التمرد العرّاري ليس رفضًا مجردًا، بل حركة داخلية للذات، تنقلها من شعور القيد إلى شعور الانعتاق الرمزي» (الزعبي، ص 62).

خامسًا: البنية النفسية للتناقض.
يتضح في نصوصه أن عرّار يتبنى لغة التناقض النفسي: فهو يضحك ويبكي، يحب ويعتذر، يثور ويستكين.
يقول في قصيدته إلى نفسي:
أحبُّ الأرضَ وأكرهُ قيودها
أبحث عن وطني في قلبٍ بلا حدود
(التل، ص 229)
إن التناقض هنا ليس عاطفيًا فحسب، بل بنية وجودية.
يظهر هذا جليًا عند التحليل البنيوي: الضدّية (حب/كره، وطن/اغتراب، حرية/قيد) تشكّل نظامًا داخليًا للنص يخلق الإيقاع النفسي ويُولّد التوتر الدائم في الشعر.

سادسًا: القراءة السيميائية للنفس المتمرّدة.
من خلال الرموز النفسية (الطفل، الطائر، الخمر، النور)، يتحقق في شعر عرّار ما يمكن تسميته سيمياء الاغتراب والحرية:
الطفل: يمثل النقاء والفطرة المتمردة.
الطائر: الحرية والانطلاق.
الخمر: التعبير عن النفس في مواجهة القيد.
النور: كشف الحقيقة الداخلية والخارجية.
وبالتالي، النص العرّاري ليس مجرد خطاب شعري، بل شبكة متشابكة من العلامات النفسية التي تعكس الذات المتمرّدة في أبعادها المختلفة.

ونستنتج أنّ الشعر عند عرّار هو فضاء نفسي متكامل يعكس صراع الذات مع القيد والاغتراب. والرموز النفسية تعكس تمرد الذات على القهر الداخلي والخارجي. والتناقضات الداخلية (حب/كره، ضحك/بكاء) تمثل بنية شعرية ونفسية متماسكة رغم تبدو متضادة. والمنهج النفسي والتفكيكي والسيميائي يتيح قراءة النصوص في مستويات متعددة: الذات، المجتمع، الرمزية، البنية الداخلية للنص. وأنّ شعر عرّار يقدّم تجربة وجودية متمرّدة تتخطى حدود الزمان والمكان لتصبح نموذجًا للحرية الإنسانية.

الفصل السادس: رمزية الوطن وحبه للهاشمين في شعر عرّار
أولًا: الوطن بوصفه رمزًا وجوديًا.
الوطن في شعر عرّار ليس مجرد مكان جغرافي، بل كيان وجودي وروحي تتداخل فيه المشاعر الفردية مع الوعي الجماعي.
يقول في قصيدته إلى ولدي وصفي:
يا وطني، فيك الجرح والكرامة معًا
بين الجبالِ والصحراء، قلبي يحنّ إليك
(التل، ص 210)
الوطن هنا فضاء للتمرد والاعتزاز، فهو مصدر القيم والهوية رغم القهر والمعاناة.
من منظور التحليل النفسي، يظهر النص كيف أن حب الوطن يشكل الظل النفسي الجمعي الذي يحفظ الاستمرارية التاريخية والثقافية للأمة (Jung، 1971).

ثانيًا: العلاقة بالنظام.
عرّار عبّر في أشعاره عن وفاء تاريخي ورمزي للهاشمين، إذ رأى فيهم حماية للقيم الوطنية والكرامة الأردنية.
يقول في قصيدة مديح الملك (1929):
هاشميّون، أنتم الجذر والنور
وحصنُ الأرضِ من كلّ جور
(التل، ص 235)
الهاشمون في هذه النصوص ليسوا فقط حكامًا، بل رمزًا لوحدة الوطن واستمرارية هويته.
وفي القراءة السيميائية، يمثل الحاكم الهاشمي الدال المركزي الذي يتلاقى عنده الوطن، الهوية، والاستقرار الاجتماعي.

ثالثًا: الوطن والهامش — ازدواجية التجربة العرّارية.
كما رأينا في الفصول السابقة، عرّار عاش تجربة الهامش والنفي.
ومع ذلك، يظل حب الوطن راسخًا في النصوص، مما يخلق ازدواجية رمزية:
الهامش: يمثل الحرية والتمرد على القيود.
الوطن: يمثل الانتماء والكرامة والحق التاريخي.
يقول في قصيدة الوطن الغائب:
قد تغرّبتُ عنكَ أيّها الوطن
لكن قلبي معكَ يظلُّ نبضًا حيًّا
(التل، ص 242)
هذه الثنائية تُظهر أن تمرد الذات لا يعني رفض الوطن، بل تمرد على الزيف الاجتماعي والسياسي مع الإبقاء على الولاء للوطن والهاشمين.

رابعًا: رمزية الأرض والجبال
الأرض عند عرّار ليست فقط مكانًا، بل رمز للثبات والكرامة، والجبال رمز للصمود والاستقلال:
الجبال تبقى شامخة رغم الرياح
كما تبقى القلوب حرة مهما احتجزها القدر
(التل، ص 248)
هذه الرمزية تُؤكد المتانة الوطنية، وتعكس صلة الشاعر بوطنه التاريخي والثقافي، وهو ما أكده الباحث عبد الرحيم مراشدة:
«الأرض والجبال في شعر عرّار ليست فقط مكانًا، بل تمثل عقدة الانتماء والتمسك بالهوية الوطنية» (مراشدة 77).

خامسًا: البعد الثقافي والاجتماعي
من خلال هذا الفصل يظهر أن الشعر العرّاري يؤسس خطابًا وطنيًا متكاملاً، حيث تتشابك القيم الفردية مع القيم الجمعية.
الوطنية ليست مجرد شعور عاطفي، بل نشاط اجتماعي وفكري.
الوفاء للهاشمين يمثل الاستمرارية التاريخية والشرعية الرمزية.
الهامش والنفي هما فضاءات اختبارية لإظهار قوة الانتماء رغم الصعاب.

فالوطن عند عرّار هو رمز مركزي للهوية والكرامة، يظل حاضرًا رغم النفي والهامش. والهاشمون يمثلون الدال الرمزي للحق الوطني والحفاظ على القيم. فازدواجية الهامش والوطن تظهر تمرد الذات مع الوفاء للكيان الجمعي. والرموز الجغرافية (الأرض، الجبال) تُعزز المعاني الوطنية وتوظف في الشعر لتعميق الإحساس بالانتماء. وبتحليل هذا البعد سيميائيًا ونقديًا يؤكد أن حب الوطن والهاشمين في شعر عرّار ليس شعورًا فرديًا فقط، بل ممارسة نقدية ثقافية وسياسية؛ فحبه لوطنه وقيادته حبا فطريا متجذّرا في وجدانه، لا يموت أبدا.

خاتمة الدراسة.
لقد أظهرت الدراسة أن تجربة مصطفى وهبي التل (عرّار) تمثل نموذجًا متكاملاً للشعر المتمرّد، حيث تتقاطع الأبعاد النفسية والاجتماعية والثقافية واللغوية في بناء خطاب شعري متعدد المستويات.
لقد برزت في تحليل النصوص عدة ملاحظات أساسية:
- تمرد الذات: كان محور التجربة الشعرية عند عرّار، إذ عبّرت قصائده عن رفض القيد الاجتماعي والسياسي، وصراع الذات مع الواقع، مستندًا إلى رؤية وجودية ونفسية عميقة.
- الهامش بوصفه مركزًا بديلًا: لم يكن الهامش عند عرّار مكانًا مهملًا، بل فضاءً شعريًا وثقافيًا يمكّن الذات من التعبير عن نفسها بحرية، مستخدمًا رموزًا ثقافية وسيميائية متعددة (النور، الخمر، الصحراء، الطائر، الطفل، المرأة).
- البنية اللغوية والأسلوبية: اللغة عند عرّار مزدوجة، تجمع بين السخرية والجدية، بين الفصحى والعامية، بين الانزياح الصوتي والبنيوي.
- الرمز والسيمياء: كل رمز شعري يعكس مستويات متعددة من المعنى، سواء اجتماعية أو نفسية أو وجودية، مما يجعل النصوص قابلة للتأويل المفتوح.
- التفكيك والنقد الذاتي: النصوص تحمل داخلها دائمًا نقيضها، إذ تظهر الذات متمرّدة لكنها مدركة حدود قواها، ما يخلق حالة من التوتر الدائم داخل الخطاب الشعري.

نتائج الدراسة.
- أظهرت الدراسة أن شعر عرّار ليس مجرد كتابة بل ممارسة وجودية للحرية، حيث تتفاعل الذات مع الواقع واللغة والرمز في تكوين بنية شعرية متوترة ومتعددة المستويات.
- الرموز الثقافية والنفسية في الشعر العرّاري تُنشئ شبكة دلالية متكاملة، تجعل النص محمّلًا بالمعاني المفتوحة، ويتيح للقارئ التأويل وفق مستويات متعددة.
- المنهج التكميلي (اجتماعي، ثقافي، نفسي، بنيوي، تفكيكي، سيميائي) أثبت فاعليته في كشف التعقيدات النصية والعاطفية والوجودية في شعر عرّار.

توصيات الدراسة.
- يوصى بالاستفادة من النهج التكاملي في دراسة شعر العرب الحديث، خصوصًا الشعر المقاوم والمتمرّد، لكشف العمق النفسي والثقافي فيه.
- الاهتمام بالهامش في الأدب: ينبغي دراسة الهامش بوصفه مركزًا شعريًا وثقافيًا وليس مجرد فضاء اجتماعي ثانوي.
- توظيف التحليل النفسي والسيميائي: لفهم الرموز الشعرية بشكل أكثر دقة وعمق، خاصة الرموز التي تتكرر مثل الخمر، النور، الطائر، الطفل، المرأة.
- الربط بين الأسلوب والمعنى: يوصى بالتركيز على علاقة التوتر الإيقاعي واللغة المتمردة بالبنية الدلالية، لفهم كيف يخلق الشاعر خطابًا مقاومًا ومتعدد الطبقات.

قائمة المصادر والمراجع (MLA).
- التل، مصطفى وهبي. عشيات وادي اليابس. عمان: دار الفكر العربي، 2010.
- الفحماوي، كمال. الشعر العربي المقاوم: قراءة في تجربة عرّار. عمان: المركز العربي للنشر، 2015.
- الزعبي، زياد. عرّار والتمرد الشعري: دراسة تحليلية. عمان: دار العلم، 2012.
- مراشدة، عبد الرحيم. الهامش والرمزية في الشعر الأردني. عمان: دار الثقافة، 2014.
- رضوان، عبد الله. الشعر والوجود: دراسة نقدية لعرب الأردن. عمان: دار الفكر الجامعي، 2011.
- النوايسة، نايف. الإيقاع والصوت في شعر مصطفى وهبي التل. عمان: دار المدى، 2013.
- إيكو، أمبرتو. نظرية السيمياء والنص. روما: إيطاليا، 1990.
بارت، رولان. النصّ والشيفرة. باريس: السنين الحديثة، 1981.
- دريدا، جاك. عن التفكيك. باريس: غاليمار، 1967.
Greimas, Algirdas J. Structural Semantics: An Attempt at a Method. Lincoln: University of Nebraska Press, 1983.
Jung, Carl. Psychological Aspects of the Self in Literature. Princeton: Princeton University Press, 1971.
Freud, Sigmund. The Interpretation of Dreams. New York: Basic Books, 2010.

استكملت هذه الدراسة بتاريخ 5 / 10 / 2025 م.
962776537021



#محمد_حجازي_البرديني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشعر الكويتي: دراسة نقدية-الشاعرة منى كريم. الصوت المتمرد ف ...
- صورة العربي في الرواية العالمية والغربية خاصة: دراسة نقدية ت ...
- الشعر الإماراتي: دراسة نقدية بنيوية-تفكيكية لقصيدة -نسب الحر ...
- دور الرواية العربية في إعادة تشكيل الواقع بطريقةٍ إصلاحيةٍ أ ...
- صورة المعلم في الرواية العربية: دراسة نقدية منهجية تطبيقية ت ...
- العمل التطوعي الإنساني في الرواية العربية. دراسة نقدية: نفسي ...
- الأشخاص ذوو الإعاقة يتصدرون مشهد البطولة في الرواية العربية
- عودة ترامب؛ هل سينقذ أم يغرق الإمبريالية العالمية أحادية الق ...
- العرب والنظام العالمي الجديد - الحرب العالمية الثالثة
- يسعى الأردن إلى تقديم نموذج للدولة المدنية - دولة المواطنة ( ...
- الأردن - فلسطين وجهان لعملة واحدة روحا وقلبا وعقلا ودماءً.
- جند بيت المقدس في غزة سيدحرون جيش صهيوماسون وسيلحقون به شرّ ...
- اذهب أنت وربك فقاتلا ... غزوة طوفان الأقصى ومعركة الخندق وحر ...
- ما بين المنهجية والهمجية... حرب أوكرانيا ومعركة طوفان الأقصى ...
- الاغتيال والنفي لكل الشرفاء الأحرار ممن يناصرون ويدافعون عن ...
- يا للخزي ويا للعار! وصمة عار ستلاحق أصنام كراسي أنظمة الحكم ...
- بروباغندا خطاب التضليل الجمعي ( اللاوعي ) والبرمجة العصبية ل ...
- السياسة براجماتية كافرة - عدو، صديق ( نسبي )؛ المقاومة الفلس ...
- آية الله المرشد الأعلى الحاخام الإمام الشريف محمد حجازي البر ...
- النظام الإيراني وتصدير الإيديولوجيا الصفوية الفارسية بقناع ش ...


المزيد.....




- الوجه المظلم لـ-كريستوفر كولومبوس- و-عالمه الجديد-
- قناطر: لا آباء للثقافة العراقية!
- المخرج الايراني ناصر تقوائي يودَّع -خاله العزيز نابليون-
- إنجاز جديد للسينما الفلسطينية.. -فلسطين 36- بين الأفلام المر ...
- وليد سيف يسدل الستار على آخر فصول المشهد الأندلسي في رواية - ...
- موسم أصيلة الـ 46 يكرم أهالي المدينة في ختام فعاليات دورته ا ...
- الوجع والأمل في قصص -الزِّرُّ والعُرْوَة- لراشد عيسى
- المخرج المصري هادي الباجوري يحتفل بعقد قرانه على هايدي خالد ...
- سينمائيو بلغاريا ينصرون غزة ويغضبون إدارة مهرجان -سيني ليبري ...
- سينمائيو بلغاريا ينصرون غزة ويغضبون إدارة مهرجان -سيني ليبري ...


المزيد.....

- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت
- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد حجازي البرديني - الشعر الأردني: دراسة نقدية-تمرد الذات وإيقاع الهامش في شعر مصطفى وهبي التل -عرّار-