أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد حجازي البرديني - صورة المعلم في الرواية العربية: دراسة نقدية منهجية تطبيقية تحليلية.















المزيد.....

صورة المعلم في الرواية العربية: دراسة نقدية منهجية تطبيقية تحليلية.


محمد حجازي البرديني

الحوار المتمدن-العدد: 8491 - 2025 / 10 / 10 - 22:44
المحور: الادب والفن
    


بقلم: محمد حجازي البرديني.

الملخص:
تتناول هذه الدراسة صورة المعلم في الرواية العربية بوصفها ظاهرة ثقافية وفنية تمثل تحولات الوعي العربي تجاه مؤسسة التعليم، بين المثالية الأخلاقية والانكسار الاجتماعي.
اعتمدت الدراسة المنهج النفسي ـ الاجتماعي ـ الثقافي، جامعًا بين التحليل النصي والقراءة الرمزية، للكشف عن أنماط تمثيل المعلم بوصفه ضمير الأمة تارة، وضحية مؤسساتها تارة أخرى.
وتهدف إلى رسم خريطة تصنيفية لصورة المعلم في الرواية العربية، ومقارنة بين الإيجابي والسّلبي، عبر نماذج روائية مختارة من أزمنة وأقطار مختلفة.

المقدمة.
منذ نشأة الأدب العربي الحديث، اهتم الروائي العربي برموز تعبّر عن تحوّل الأمة من الجهل إلى المعرفة، ومن الاستبداد إلى الحرية، وكان "المعلم" أكثر هذه الرموز حضورًا وتناقضًا. فهو المصلح والواعظ، وفي الوقت نفسه المقهور والمهمَّش.
المعلم في الرواية ليس مجرد ناقل معرفة، بل ضمير أخلاقي وجمالي يرصد اهتزاز القيم وانكسار الطموح.
تسعى هذه الدراسة إلى تحليل صورة المعلم في الرواية العربية، بين الإيجاب والسلب، من خلال تحليل نصوص مختارة وقراءة نفسية واجتماعية وثقافية متكاملة، مستلهمة أسلوب النقد الرافعي، لتبيّن كيف تعكس الرواية وعي الأمة وتصوّر الإنسان العربي حين يعلّم أو يُهان.

الإطار المنهجي والنظري.
اعتمدت الدراسة المنهج الثلاثي:
المنهج النفسي: للكشف عن البنية النفسية لشخصية المعلم، وصراعاته بين الإخلاص والخذلان.
المنهج الاجتماعي: لتفسير كيف تُترجم البنية التربوية إلى صورة رمزية داخل الرواية، بوصف المدرسة نموذجًا مصغّرًا للمجتمع.
المنهج الثقافي: لتحليل الخلفيات الحضارية والسياسية التي توجه خطاب الرواية تجاه التعليم والمعرفة.
كما استخدمت الدراسة التحليل النصي (Close Reading) والقراءة السيميائية والتأويل الثقافي، باعتبار الرواية وعيًا جماليًا بالواقع لا مجرد تسجيل له.

الفصل الأول: المعلم الإيجابي ـ ضمير الأمة ومحرّك وعيها.
في رواية المعلم علي لعبد الكريم غلاب (بيروت: المكتب التجاري للطباعة والنشر والتوزيع، 1971)، يظهر المعلم كإنسان ملتزم يحمل رسالة تربوية ووطنية:
«كان علي يرى في المدرسة بيتًا من بيوت الوطن، يربّي فيه جيلًا يُصلي للحقيقة.»
من المنظور النفسي، يعيش "المعلم علي" صراعًا بين إيمانه برسالته وواقع لا يعترف بها، ما يجعله رمزًا للأنا العليا التي تحاول إصلاح المجتمع.
اجتماعيًا، تكشف الرواية تهميش الطبقة التعليمية رغم كونها حاملة الوعي الجمعي.
ثقافيًا، يظهر المعلم كمنارة قومية للتنوير، ويُجسد مأساة التنوير العربي.

الفصل الثاني: المعلم الإيجابي المقاوم ـ المثقف المنفي في مؤسسته.
في رواية مدرسة العراة للطاهر وطار (بيروت: دار الآداب، 1984)، يتحوّل المعلم إلى مثقف مقاوم، يستخدم السبورة كمنبر للحرية:
«كان يكتب الدرس، ثم يمسحه عمداً، كأنه يمحو جهلًا عمره قرون.»
نفسيًا، يمثل المعلم المتمرد مأساة "العقل المقهور" الذي يعرف الحقيقة لكنه عاجز عن تغييرها.
اجتماعيًا، تتحول المدرسة إلى حلبة للصراع الطبقي والسياسي.
ثقافيًا، تبرز المدرسة كمسرح للنضال الفكري والتنوير.

الفصل الثالث: المعلم السلبي ـ حين يتحول التنوير إلى قمع.
في الرجوع إلى الطفولة لعبد المجيد بن جلون (بيروت: دار الكتاب اللبناني، 1957)، يظهر المعلم كشخصية سلطوية تُخيف الأطفال أكثر مما تُنير عقولهم.
وفي الخبز الحافي لمحمد شكري (بيروت: دار الآداب، 1972)، يصبح المعلم جزءًا من بنية العنف الاجتماعي، يستخدم الضرب والإهانة.
نفسيًا، يمثل المعلم القاسي "الأب السلطوي" في اللاوعي الجمعي العربي.
اجتماعيًا، تعكس الرواية العنف الرمزي في المدرسة كمؤسسة تكرّس السيطرة.
ثقافيًا، تكشف الرواية انهيار المعايير الأخلاقية والتعليمية، وتطرح سؤال الهوية.

الفصل الرابع: المعلم بين الإخلاص والعجز في الرواية الواقعية.
في اللص والكلاب لنجيب محفوظ (القاهرة: دار مصر للطباعة، 1961)، يمثل المعلم نموذج "المثقف المتحوّل"، الذي تتآكل قِيَمه تحت ضغط المصلحة والسلطة.
نفسيًا، يجسد سقوط الضمير المهني وصراع الإنسان بين المثالية والانتهازية.
اجتماعيًا، تعكس الرواية انكسار المعلمين في المدن الحديثة.

الفصل الخامس: المعلم في الرواية المقارنة والرمزية.
في الحي اللاتيني لسهيل إدريس (بيروت: دار الآداب، 1953)، تقارن الرواية بين التعليم العربي والغربي، بين معلم شرقي يلقن ومعلم غربي يحاور.
ثقافيًا، تظهر مأزقية الازدواجية بين المعرفة المستوردة والأصيلة، ويصبح المعلم رمز وعي مأزوم بين الأصالة والمعاصرة.

الفصل السادس: المعلم في الرواية الحديثة والمعاصرة.
في عزازيل العصر الحديث لأمين الزاوي (الجزائر: دار ميم للنشر، 2016)، يظهر المعلم المثقف في عزلة وسط مجتمع استهلاكي.
وفي فيروز والذكاء الاصطناعي لأسماء غريب (بيروت: دار سؤال، 2022)، يصبح المعلم خوارزمية تعليمية، والإنسان على هامش المعرفة الرقمية.
تشير التحولات إلى تهميش دور المعلم أمام التقنية، وتحوّل التعليم من رسالة إنسانية إلى عملية رقمية.

الفصل السابع: التحليل النفسي والاجتماعي للصورة.
تصنيف المعلم في الرواية العربية:
١ النموذج الأدبي-غلاب،وطار/الدلالة الاجتماعية-رمز التنوير والمقاومة/الوصف النفسي-أب بديل، يحمل قيَم الرعاية والرسالة/الفئة-المعلم المخلص.
٢ النموذج الأدبي-شكري،بن جلون/الدلالة الاجتماعية-انعكاس للسلطة السياسية /الوصف النفسي-أب سلطوي، يكرّس الخوف/الفئة-المعلم القمعي.
٣النموذج الأدبي-الزاوي،إدريس/الدلالة الاجتماعية-ضمير النقد الاجتماعي/الوصف النفسي- مثقف منفي داخل مؤسسته/الفئة-المعلم المتمرد.
توضح الدراسة أن صورة المعلم ليست فردية، بل مؤشر نفسي واجتماعي وثقافي لحال الوعي العربي.

الخاتمة.
تخلص الدراسة إلى أن المعلم في الرواية العربية هو ضمير الأمة.
الإيجابي: حامل رسالة ووعي، رغم التهميش.
السلبي: ضحية منظومة فاسدة، يعكس الانكسار الاجتماعي.
صورة المعلم في الرواية العربية مرآة الإنسان العربي: حين يتعلم، ينير؛ وحين يجهل، يدمّر.
التوازن بين الصورتين يعكس توازن المجتمع بين الأمل واليأس، ويظل المعلم رمزًا للوعي والرسالة الإنسانية.

المراجع والمصادر:
- غلاب، عبد الكريم. المعلم علي. بيروت: منشورات المكتب التجاري للطباعة والنشر والتوزيع، 1971.
- وطار، الطاهر. مدرسة العراة. بيروت: دار الآداب، 1984.
- بن جلون، عبد المجيد. الرجوع إلى الطفولة. بيروت: دار الكتاب اللبناني، 1957.
- شكري، محمد. الخبز الحافي. بيروت: دار الآداب، 1972.
- محفوظ، نجيب. اللص والكلاب. القاهرة: دار مصر للطباعة، 1961.
- إدريس، سهيل. الحي اللاتيني. بيروت: دار الآداب، 1953.
- الزاوي، أمين. عزازيل العصر الحديث. الجزائر: دار ميم للنشر، 2016.
- غريب، أسماء. فيروز والذكاء الاصطناعي. بيروت: دار سؤال، 2022.
- ريغي، مسعودة. صورة المعلّم في الشعر العربي الحديث (دراسة في نماذج). برج بوعريريج: جامعة محمد البشير الإبراهيمي، 2024.
- بورديو، بيير. العنف الرمزي. ترجمة سامي الجندي. بيروت: دار الطليعة، 2001.

محمد البرديني.
تم استكمال الدراسة بتاريخ الأربعاء 2 / 4 / 2025 م.



#محمد_حجازي_البرديني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العمل التطوعي الإنساني في الرواية العربية. دراسة نقدية: نفسي ...
- الأشخاص ذوو الإعاقة يتصدرون مشهد البطولة في الرواية العربية
- عودة ترامب؛ هل سينقذ أم يغرق الإمبريالية العالمية أحادية الق ...
- العرب والنظام العالمي الجديد - الحرب العالمية الثالثة
- يسعى الأردن إلى تقديم نموذج للدولة المدنية - دولة المواطنة ( ...
- الأردن - فلسطين وجهان لعملة واحدة روحا وقلبا وعقلا ودماءً.
- جند بيت المقدس في غزة سيدحرون جيش صهيوماسون وسيلحقون به شرّ ...
- اذهب أنت وربك فقاتلا ... غزوة طوفان الأقصى ومعركة الخندق وحر ...
- ما بين المنهجية والهمجية... حرب أوكرانيا ومعركة طوفان الأقصى ...
- الاغتيال والنفي لكل الشرفاء الأحرار ممن يناصرون ويدافعون عن ...
- يا للخزي ويا للعار! وصمة عار ستلاحق أصنام كراسي أنظمة الحكم ...
- بروباغندا خطاب التضليل الجمعي ( اللاوعي ) والبرمجة العصبية ل ...
- السياسة براجماتية كافرة - عدو، صديق ( نسبي )؛ المقاومة الفلس ...
- آية الله المرشد الأعلى الحاخام الإمام الشريف محمد حجازي البر ...
- النظام الإيراني وتصدير الإيديولوجيا الصفوية الفارسية بقناع ش ...
- شراء ألقاب؛ شريف، معالي، جنرال ... ريعه يحول إلى دولة إسرائي ...
- ثورة داود بن غزة فلسطين ضدّ المحتل جالوت بن صهيوماسون.
- القدس عاصمة حضارة أمتنا سياسيا.
- التدين لا يصدم مع النص والعقل والواقع.
- قيامة العراق العظيم - سيعود العراق من جديد بقوة يتصدَّر مشهد ...


المزيد.....




- لازلو كراسناهوركاي.. الكاتب الذي عبر من الأدب إلى السينما وص ...
- صورة المعلم في الرواية العربية: دراسة نقدية منهجية تطبيقية ت ...
- أسماء أطفال غزة الشهداء تقرأ في سراييفو
- الكاتب المجري لاسلو كراسناهوركاي يفوز بجائزة نوبل للأدب
- تامر حسني يعيد رموز المسرح بالذكاء الاصطناعي
- رئيس منظمة الاعلام الاسلامي: الحرب اليوم هي معركة الروايات و ...
- الدكتور حسن وجيه: قراءة العقول بين الأساطير والمخاطر الحقيقي ...
- مهرجان البحرين السينمائي يكرم منى واصف تقديرا لمسيرتها الفني ...
- مهرجان البحرين السينمائي يكرم منى واصف تقديرا لمسيرتها الفني ...
- صدور كتاب تكريمي لمحمد بن عيسى -رجل الدولة وأيقونة الثقافة- ...


المزيد.....

- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت
- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد حجازي البرديني - صورة المعلم في الرواية العربية: دراسة نقدية منهجية تطبيقية تحليلية.