أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد حجازي البرديني - الأشخاص ذوو الإعاقة يتصدرون مشهد البطولة في الرواية العربية















المزيد.....

الأشخاص ذوو الإعاقة يتصدرون مشهد البطولة في الرواية العربية


محمد حجازي البرديني

الحوار المتمدن-العدد: 8489 - 2025 / 10 / 8 - 02:23
المحور: الادب والفن
    


الأشخاص ذوو الإعاقة يتصدرون مشهد البطولة في الرواية العربية.
دراسة نقدية بنيوية تفكيكية فلسفية.
إعداد: محمد حجازي البرديني

الفهرس:
- المقدّمة
الإطار النظري والمنهجي
- الإعاقة كبنية دلالية وسيميائية
- التحليل البنيوي للشخصية الروائية
- الإعاقة بين الجسد والمجتمع: قراءة اجتماعية
- المقاربة النفسية: الإعاقة بوصفها وعيًا بالذات
- السيمياء والرمزية: من «العجز» إلى «القدرة»
- القراءة التاريخية والثقافية
- الجاحظ ومندور: بين البيان والتحليل
- نحو أدب إنساني شامل
- الخاتمة
- المراجع

المقدمة:
شهد الأدب العربي الحديث تحوّلًا جذريًا في نظرته إلى الذات الإنسانية؛ إذ لم يعد الأدب مجرّد ترف أو تسلية، بل صار وسيلةً للوعي والمساءلة. ومن أكثر الموضوعات عمقًا وندرة في هذا السياق صورة الأشخاص ذوي الإعاقة في الرواية العربية، وهي صورة تحوّلت من التهميش إلى البطولة، ومن الشفقة إلى القوة، ومن الصمت إلى الصوت.
فإذا كانت الرواية مرآة المجتمع، فإن حضور ذوي الإعاقة فيها ليس ترفًا بل اعترافًا بإنسانية كانت مغيّبة. وهكذا صار الأدب العربي الحديث يُعيد بناء الوعي الجمعي حول “الاختلاف” لا بوصفه نقصًا، بل طاقة على المقاومة والوجود.

الإطار النظري والمنهجي:
تنطلق هذه الدراسة من منهج بنيوي تفكيكي فلسفي، يعتمد على تحليل البنية الدلالية والسيميائية لشخصيات ذوي الإعاقة في الرواية العربية، مع قراءة نقدية تربط النص بالثقافة والسياق الاجتماعي.
ويستند التحليل إلى مقولات رولان بارت في السيمياء، ومحمد مندور في النقد الأدبي، وأدلر في التحليل النفسي، مع توظيف روح الجاحظ في البيان والجدل والعمق الفلسفي.

الإعاقة كبنية دلالية وسيميائية:
تكشف القراءة السيميائية أن الإعاقة لم تعد مجرّد عَرَض جسدي، بل علامة ثقافية تشير إلى صراع الذات مع المجتمع. فالمعاق، في كثير من الروايات، يمثّل الجسد الاجتماعي المقهور أو المغيّب.
في رواية «قاهر الظلام» المستلهمة من سيرة طه حسين، يتحوّل العمى إلى بصيرة، ويغدو فقد البصر رمزًا للمعرفة ووعي الذات. وهكذا تتحوّل الإعاقة من فقدٍ إلى كمال رمزي.
أما في رواية «أسرار قوقعة» (شهيرة الحسن، 2018)، فالإعاقة السمعية تُجسَّد كبنية سردية تُفكّك معنى الصوت والسكوت، إذ يصبح الصمت لغة للمقاومة والاحتجاج، لا عجزًا عن الكلام.

التحليل البنيوي للشخصية الروائية:
تعتمد روايات الإعاقة على ثنائية "الذات والآخر". فالشخصيات المعاقة في أعمال مثل «الحائط» (شهيرة يوسف أبو الكرم، 2018) تواجه رفضًا أسريًا واجتماعيًا، ما يجعل الإعاقة ليست في الجسد، بل في المجتمع الذي يعجز عن قبول المختلف.
من منظور بنيوي، يُعاد تشكيل الصراع من خلال تكرار رموز مثل «الجدار» و«العزلة» و«النظرة»، ما يخلق شبكة دلالية تعكس الإقصاء الرمزي. وهكذا تتحوّل اللغة إلى بنية كاشفة عن وعي اجتماعي مأزوم.

الإعاقة بين الجسد والمجتمع: قراءة اجتماعية:
تعكس الروايات أن المجتمع العربي لا يزال يربط الإعاقة بالخوف من "النقص"، مما يجعلها مأساة اجتماعية أكثر من كونها تجربة فردية.
في رواية الحائط، تُجسّد البطلة رفضًا مزدوجًا: رفض الجسد المختلف، ورفض الأنثى في ثقافة ذكورية.
الإعاقة هنا تكشف التمييز الطبقي والنوعي، وتصبح مرآة لخلل البنية الاجتماعية كلها.

المقاربة النفسية: الإعاقة بوصفها وعيًا بالذات:
في رواية «بدون أحزان» (عبد الواحد محمد، 2017)، تتجلّى فلسفة أدلر في "التعويض"؛ إذ يحوّل المكفوف بطولته من نقص إلى تفوّق عبر الإرادة.
غير أن الرواية تُظهر أن الإعاقة ليست في العينين، بل في البصيرة المجتمعية الغائبة، وهو ما يجعل الوعي الذاتي محورًا للانتصار.
هنا نلمح أثر التحليل النفسي في كشف البعد الداخلي للشخصية، فهي لا تبحث عن شفقة، بل عن اعتراف.

السيمياء والرمزية: من العجز إلى القدرة:
يتجلى التناقض في فيلم «أمير الظلام» (1999) حيث يتحول الكفيف إلى بطل خارق، مما يُعيد إنتاج "أسطورة السوبرمان" ويبتعد عن الواقع.
أما رواية «اللقيطة» (طالب دوس)، فتقدّم نموذجًا مغايرًا؛ إذ تُصوّر المرأة ذات الإعاقة الحركية كشخصية قانونية قوية، تعمل وترافع وتنتصر. الكرسي المتحرك هنا رمز للقوة والثبات، لا للضعف.

القراءة التاريخية والثقافية:
منذ طه حسين في الأيام إلى الجيل الجديد من الكتّاب، انتقلت صورة المعاق من الشفقة إلى الكرامة.
في الماضي، كان الأدب والسينما يقدّمان المعاق كمصدر للرثاء أو الدعابة، أما اليوم، فصوت ذوي الإعاقة صار حاضرًا بوعي ذاتي، كما في «قصة كفاح ونجاح» (حسين آل رحمة، 2019)، حيث يتحوّل الكاتب ذاته إلى شاهد على انتصار الإرادة.

الجاحظ ومندور: بين البيان والتحليل:
يرى الجاحظ في البيان والتبيين أن الفصاحة ليست في سلامة اللسان، بل في تمام المعنى. ولو عاصر أدب الإعاقة اليوم، لقال إنّ النقص الظاهر ليس إلا كمالًا باطنًا.
أما محمد مندور في النقد الأدبي الحديث، فيُبرز أن القيمة الفنية لا تُقاس بسلامة البنية الجسدية، بل بصدق التجربة الإنسانية. ولعلّ روايات الإعاقة تحقق هذا الصدق الفني والفكري في أسمى صوره.

نحو أدب إنساني شامل:
إنّ الأدب العربي الحديث مدعوّ إلى تجاوز ثنائية “السليم والمعاق”. البطولة الحقيقية تكمن في الوعي الكامل لا الجسد الكامل.
فالرواية التي تُمكّن الإنسان المختلف من الكلام ليست مجرّد عمل فني، بل فعل مقاومة ثقافية ضد الإقصاء.
وحين تتحوّل الإعاقة إلى رمز للوعي والتحدي، يغدو الأدب العربي شاهدًا على نضج حضاري وإنساني.

الخاتمة:
لم تعد الإعاقة في الرواية العربية موضوعًا هامشيًا، بل أصبحت نقطة إشعاع دلالي وإنساني.
إنّ الأبطال المختلفين اليوم يتصدرون مشهد البطولة لا بقوة الجسد، بل بقوة الوعي والإرادة، فيجعلون من الضعف طاقةً للخلق، ومن الألم مصدرًا للجمال، ومن العجز معجزة.
وهكذا يبرهن الأدب العربي على قدرته على إعادة تعريف الإنسان في شموله وكماله المختلف.

المراجع والمصادر (وفق MLA):
أبو الكرم، شهيرة يوسف. الحائط. فلسطين: دار الشروق، 2018.
الحسن، شهيرة. أسرار قوقعة. عمّان: دار الجنان، 2018.
آل رحمة، حسين. قصة كفاح ونجاح. دبي: دار كتاب للنشر، 2019.
محمد، عبد الواحد. بدون أحزان. القاهرة: دار النيل، 2017.
مندور، محمد. النقد الأدبي الحديث. القاهرة: دار نهضة مصر، 1953.
طه حسين. الأيام. القاهرة: دار المعارف، 1949.
بارت، رولان. الأسطورة اليوم. ترجمة محمد البكري، بيروت: دار الساقي، 1998.
أدلر، ألفرد. فهم الطبيعة الإنسانية. ترجمة عبد العزيز حمودة، الكويت: المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، 1986.
الجاحظ. البيان والتبيين. تحقيق عبد السلام هارون، القاهرة: دار الفكر العربي، 1960.

محمد البرديني.
كتب بتاريخ الخميس 10 / 7 / 2025م.



#محمد_حجازي_البرديني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عودة ترامب؛ هل سينقذ أم يغرق الإمبريالية العالمية أحادية الق ...
- العرب والنظام العالمي الجديد - الحرب العالمية الثالثة
- يسعى الأردن إلى تقديم نموذج للدولة المدنية - دولة المواطنة ( ...
- الأردن - فلسطين وجهان لعملة واحدة روحا وقلبا وعقلا ودماءً.
- جند بيت المقدس في غزة سيدحرون جيش صهيوماسون وسيلحقون به شرّ ...
- اذهب أنت وربك فقاتلا ... غزوة طوفان الأقصى ومعركة الخندق وحر ...
- ما بين المنهجية والهمجية... حرب أوكرانيا ومعركة طوفان الأقصى ...
- الاغتيال والنفي لكل الشرفاء الأحرار ممن يناصرون ويدافعون عن ...
- يا للخزي ويا للعار! وصمة عار ستلاحق أصنام كراسي أنظمة الحكم ...
- بروباغندا خطاب التضليل الجمعي ( اللاوعي ) والبرمجة العصبية ل ...
- السياسة براجماتية كافرة - عدو، صديق ( نسبي )؛ المقاومة الفلس ...
- آية الله المرشد الأعلى الحاخام الإمام الشريف محمد حجازي البر ...
- النظام الإيراني وتصدير الإيديولوجيا الصفوية الفارسية بقناع ش ...
- شراء ألقاب؛ شريف، معالي، جنرال ... ريعه يحول إلى دولة إسرائي ...
- ثورة داود بن غزة فلسطين ضدّ المحتل جالوت بن صهيوماسون.
- القدس عاصمة حضارة أمتنا سياسيا.
- التدين لا يصدم مع النص والعقل والواقع.
- قيامة العراق العظيم - سيعود العراق من جديد بقوة يتصدَّر مشهد ...
- الشباب ثورة وثروة 2 - العمل الحزبي وحكومة الظل.
- دولة سليمان الفدرالي الديمقراطية المدنية.


المزيد.....




- مخرج «جريرة» لـ(المدى): الجائزة اعتراف بتجربة عراقية شابة.. ...
- الجديد : مجموعة شعرية لمصطفى محمد غريب ( لحظات بلون الدم )
- أصيلة تكرم الفنان التشكيلي المغربي عبد الكريم الوزاني.. ناحت ...
- المصري خالد العناني مديرًا لليونسكو: أول عربي يتولى قيادة ال ...
- -نفى وجود ثقافة أمازيغية-.. القضاء الجزائري يثبت إدانة مؤرخ ...
- عودة الثنائيات.. هل تبحث السينما المصرية عن وصفة للنجاح المض ...
- اختفاء لوحة أثرية عمرها 4 آلاف عام من مقبرة في سقارة بالقاهر ...
- جاكلين سلام في كتابها الجديد -دليل الهجرة...خطوات إمرأة بين ...
- سوريا بين الاستثناء الديمقراطي والتمثيل المفقود
- عامان على حرب الإبادة الثقافية في قطاع غزة: تدمير الذاكرة وا ...


المزيد.....

- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت
- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد حجازي البرديني - الأشخاص ذوو الإعاقة يتصدرون مشهد البطولة في الرواية العربية