رانية مرجية
كاتبة صحفية وموجه مجموعات
(Rania Marjieh)
الحوار المتمدن-العدد: 8488 - 2025 / 10 / 7 - 12:04
المحور:
الادب والفن
يا ربّ،
هبني القوّةَ لا لأغلبَ الآخرين،
بل لأغلبَ ضعفي حينَ يسكنني،
هبني بصيرةَ من يرى النورَ في ليلِ الغياب،
وصوتَ من يقولُ “لا” للعبوديةِ حينَ تُزَيَّنُ بالألقاب.
يا ربّ،
أنا تلك الأنثى التي خُلِقت من نارٍ وماء،
أحملُ في وريدي تاريخَ الخلقِ منذُ انفتاحِ الفجر،
وفي عينيّ تنامُ ذاكرةُ الأبد،
أعرفُ أن الأرواحَ تمرُّ بمواسمِ الحصاد،
كما تمرُّ السنابلُ بالعواصفِ لتتعلمَ الانحناء.
يا ربّ،
هبني القوّةَ كي لا أُصبِحَ نسخةً عن قطيع،
كي لا أُغنّي للظالمِ حينَ يلبسُ قناعَ الوليّ،
ولا أصفقَ للدمِ حينَ يُقالُ عنه خلاص.
علّمني أن أكونَ نهرًا لا يتوقفُ عندَ سدّ،
أن أكونَ فكرةً تُخيفُ الجهل،
كما تخيفُ الحقيقةُ الظلام.
يا ربّ،
لقد سئمنا الأديانَ التي تُفرّقُ بين الأرواح،
والأوطانَ التي تُقاسُ بعددِ المقابر،
والحكامَ الذينَ يملكونَ اللهَ كأنهُ وثيقةُ أرض.
علّمني أن أؤمنَ بك دونَ وسطاء،
أن أراكَ في عيونِ العصافيرِ لا في كتبِ الوعّاظ،
وفي جسدِ الفقيرِ حينَ يتوضأُ بدمعِ الجوع.
يا ربّ،
في داخلي حربٌ لا يراها أحد،
صراعُ الطينِ مع النور،
وصوتُ الأنوثةِ حينَ يُغنّي للحريةِ على رُكامِ القرون.
أنا ابنةُ الوجعِ الجميل،
والرغبةِ في أن أخلقَ من الرمادِ وردةً،
ومن الخيبةِ يقينًا،
ومن القيودِ أناشيدَ للنهضة.
يا ربّ،
هبني القوّةَ لأغفرَ دونَ أن أنسى،
لأُحِبَّ دونَ أن أُسْلِمَ نفسي للخذلان،
لأمشي على حوافّ الذاكرةِ دونَ أن أنزلقَ في الجراح،
واجعلني كالأرض:
تُدفنُ فيها الأحلام،
لكنها لا تكفُّ عن إنجابِ الربيع.
يا ربّ،
أنا لستُ ملاكًا ولا شيطانًا،
أنا إنسانٌ تائهٌ في دهاليزِ الوعي،
أبحثُ عن معنى واحدٍ للحياةِ
بينَ آلافِ الكلماتِ التي لم تَعُدْ تُنقذُ أحدًا.
هبني القوّةَ لأكونَ نفسي،
حينَ يُريدُ الجميعُ أن أكونَ أحدًا غيري.
يا ربّ،
إنْ كانَ الطريقُ إلى النورِ صعبًا،
فامنحني الصبرَ كي لا أعودَ إلى الظلّ،
وإنْ كانت الحقيقةُ نارًا،
فامنحني الجلدَ كي أحتملَ احتراقَ الوهم.
يا ربّ،
لا أريدُ أن أملكَ العالم،
بل أن أملكَ سلامي الداخلي،
ذلكَ الكنزُ الذي لم يجدْهُ الفلاسفةُ
ولا أنبياءُ السوق.
هبني القوّةَ لأكتبَ نفسي كما أنا،
امرأةً من ضوءٍ وتمرّد،
تسكنها الأسئلةُ لا الأجوبة،
وتؤمنُ بأنَّ اللهَ لا يُحبُّ الصامتين.
#رانية_مرجية (هاشتاغ)
Rania_Marjieh#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟