عبدالرؤوف بطيخ
الحوار المتمدن-العدد: 8485 - 2025 / 10 / 4 - 08:14
المحور:
الادب والفن
(رسالة موجهة إلى الاجتماع الذي نظمه الحزب الشيوعي الإيطالي بمناسبة الذكرى الأربعين لثورة أكتوبر ونشرت في صحيفة "الحقيقة" بتاريخ 19 نوفمبر 1957).
رغم كل الصعاب، أنا من أولئك الذين ما زالوا يجدون في ذكرى ثورة أكتوبر جزءًا كبيرًا من ذلك الدافع غير المشروط الذي دفعني إليها في شبابي، والذي كان يعني تضحيةً كاملةً بالنفس. بالنسبة لي، لم يتغلب أيٌّ مما حدث منذ ذلك الحين على حركة العقل والقلب هذه. إن الظلم الفظيع المتأصل في النظام الرأسمالي لا يُثير فينا اليوم أقل مما أثار فينا بالأمس، ولذلك لم نتوقف عن الرغبة - أو بعبارة أخرى، عن مطالبة أنفسنا - بوضع حدٍّ له. ولهذا، لا نشكّ أكثر من أي وقت مضى في ضرورة اللجوء إلى الوسائل الثورية.
لقد بدت لنا أيام أكتوبر، في زمنها، وما زالت، كنتيجة حتمية لهذه الوسائل. لا شيء يمنعها من أن تُمثّل نقطة الانطلاق في الانتقال من مستوى الطموحات إلى مستوى التنفيذ الملموس. في هذا الصدد، لا شيء يمنعها من أن تبقى قدوة حسنة، وأن تتلاشى الهيبة التي كانت تحملها.
هذا، دون المساس بما حدث لاحقًا، هو ما يجب علينا إدراكه دائمًا. في أحلك لحظات خيبة الأمل والسخرية والمرارة - كما في زمن محاكمات موسكو أو سحق انتفاضة بودابست - يجب أن نكون قادرين على استعادة القوة والأمل فيما ستحمله أيام أكتوبر دائمًا من إلهام: وعي الجماهير المضطهدة بقوتها وإمكانية ممارستها بفعالية، و"الهدوء" (أعتقد أن هذا التعبير لينيني) الذي هدأ به الكوادر القديمة.
من جانبي، لطالما اعتبرتُ هذه الصورة، التي ضحّى البعض بجهد كبير لإخفائها، والتي أعادت الصحف نشرها بمناسبة الاحتفال الحالي، والتي تُظهر لينين ينحني على جمهوره الغفير، من منصة يقف عند أسفلها، بزيّ الجيش الأحمر، كما لو كان يتولى حرس الشرف، ليون تروتسكي. وهذه النظرة نفسها، نظرة ليون تروتسكي، التي أجدها ثابتة عليّ خلال اجتماعاتنا اليومية قبل عشرين عامًا في المكسيك، وحدها كافية لتحثّني منذ ذلك الحين على الإخلاص التام لقضية، أقدسها على الإطلاق، قضية تحرير الإنسان، قضية تتجاوز كل التقلبات التي قد تعرفها، وحتى أسوأ الإنكارات وخيبات الأمل البشرية، بالنسبة له. لن ينجح شيء في إخماد هذه النظرة والنور الذي ينبع منها، كما لن يُغيّر ثيرميدور ملامح سان جوست. فليكن هذا ما يفحصنا ويدعمنا هذا المساء، في منظور تشتعل فيه ثورة أكتوبر فينا بنفس الحماس الذي لا يتزعزع مثل الثورة الإسبانية والثورة المجرية ونضال الشعب الجزائري من أجل تحريره.
*******
المصدر:ارشيف الماركسيين-الفرع الفرنسى:
رابط المقال:
https://marxists.architexturez.net/francais//general/breton/works/1957/breton.htm
رابط الارشيف:
https://marxists.architexturez.net/francais//index.htm
-كفرالدوار11مايو2019
#عبدالرؤوف_بطيخ (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟