محمد بسام العمري
الحوار المتمدن-العدد: 8485 - 2025 / 10 / 4 - 02:55
المحور:
الادب والفن
"أنت في الطابق السابع فقط. لا تستخدم المصعد للنزول إلى الأسفل. خصوصًا… لا تضغط على الزر بلا رقم."
سامي، موظف في شركة أرشيف كبيرة. يعمل في الطابق السابع من مبنى شاهق وسط العاصمة.
في يومه الأول، شرح له المسؤول أن الطوابق السفلية لا تُستخدم.
قال له زميله القديم:
"المصعد يحتوي على زر غريب، أسفل زر الطابق الأرضي… لا رقم عليه. إذا رأيته… تجاهله."
ضحك سامي. لكنه مع الوقت، بدأ يلاحظ أشياء غريبة:
يسمع صوت خطوات تأتي من الأسفل، رغم أن الطوابق السفلية مغلقة.
يرى في المصعد انعكاسًا له… يتأخر في الحراك نصف ثانية.
يتكرر أمامه وجه رجل لا يعرفه، يظهر في الانعكاسات وفي أحلامه… دائمًا بنفس الابتسامة، بنفس البدلة الرمادية.
ثم في أحد الأيام، وجد الورقة التالية على مكتبه:
"سامي… الطابق -1 ينتظر. لا تقاوم."
لم يفهم. لكنه تلك الليلة… رأى الزر بلا رقم لأول مرة في المصعد.
يداه تحركتا دون وعي.
ضغط.
المصعد نزل.
لكن ببطء شديد… كأن الجاذبية تتغير.
وصل إلى طابق غارق في الظلام… ليس فيه نوافذ، لا أصوات، لا حياة.
لكنه دخله.
لم يجد مكاتب.
بل ممرًا طويلًا، على الجدران صور له… صور لا يتذكر التقاطها.
صور وهو يضحك، وهو يبكي، وهو يصرخ في نومه…
وصورة له وهو يدخل هذا الطابق… قبل أسبوع من الآن.
وفي نهاية الممر، باب واحد فقط.
وراءه…
نسخة أخرى من حياته.
فيها والدته لا تزال حية.
فيها حبيبته لم تتركه.
فيها هو غني… لكنه لا يشعر بشيء.
نسخة خالية من الألم، لكنها أيضًا… خالية من المعنى.
اقترب منه الرجل ذو البدلة الرمادية وقال له:
"هذا هو الطابق الذي لا يعود منه أحد…
لأنهم يجدون فيه كل شيء… إلا أنفسهم."
استفاق سامي في مكتبه.
ولكن الآن… لا أحد يعرفه.
بطاقته لا تعمل.
المصعد لا يفتح له.
وكلما حاول الخروج من المبنى… يجد نفسه في نفس الطابق مجددًا.
محاصرًا.
كأن الطابق نفسه قرر أن يحتفظ به.
الآن، كل من يستخدم المصعد… يرى انعكاس رجل غريب في الزجاج…
يرتدي بدلة.
ويبتسم.
#محمد_بسام_العمري (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟