أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حسين علي محمود - جيل Z والمظاهرات في المغرب، من العالم الرقمي إلى الميدان














المزيد.....

جيل Z والمظاهرات في المغرب، من العالم الرقمي إلى الميدان


حسين علي محمود

الحوار المتمدن-العدد: 8484 - 2025 / 10 / 3 - 07:59
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


ولد جيل Z وسط الضوء الأزرق للشاشات، وكبر بأصابع تتقن اللمس قبل القلم.
جيل لا يعرف الانتظار، كل لمسة على شاشة هاتفه بداية قصة جديدة، وكل إشعار يمثل نبضاً إضافياً في عالمه المتسارع، هؤلاء هم مواليد 1997 - 2012، الذين نشأوا في عصر التكنولوجيا والإنترنت السريع، فأصبحوا مبتكرين للفيديوهات، صانعي الترندات، ومتأقلمين مع كل برنامج جديد بسرعة تفوق الأجيال السابقة.
لكن هذا التوصيف لا يعني أنهم غارقون في العالم الافتراضي فحسب، بل العكس، أدواتهم الرقمية صارت وسيلة للوجود في العالم الواقعي، وللتأثير فيه، كما نرى اليوم في المظاهرات المغربية.
لم يعد الحديث عن جيل Z مجرد نقاش ثقافي أو تصنيف سوسيولوجي، بل تحول إلى مفتاح لفهم التحولات الاجتماعية والسياسية التي يشهدها العالم العربي، ومنها المغرب.
هذا الجيل، الذي ولد بين منتصف التسعينيات وبداية العقد الثاني من الألفية، يعيش لحظة تاريخية يعيد فيها تعريف العلاقة بين المواطن والدولة، بين الفضاء الافتراضي والشارع، وبين المطالب الفردية والطموحات الجماعية.

■ مقارنة مع الأجيال السابقة
لفهم خصوصية جيل Z، لا بد من وضعه في سياق تاريخ الأجيال :

- الجيل الصامت (1928–1945) : عاش الحروب العالمية، وتميّز بالانضباط والصبر والإيمان بالعمل الجاد.

- جيل الطفرة السكانية (1946–1964) : بنى بعد الحرب، عاش الاستقرار، وتمسك بالوظائف الطويلة.

- جيل X (1965–1980) : جيل متوازن، واقعي، شهد بدايات التكنولوجيا، وفضل الاستقلال.

- جيل Y أو الألفية (1981–1996) : أول من استخدم الإنترنت بانتظام، جيل مرن، يسعى وراء الشغف في العمل.

ثم يأتي جيل Z، مختلفاً عن الجميع، جيل رقمي بامتياز، متحرر من القيود التقليدية، سريع التعلم ذاتيا عبر الإنترنت، ومؤمن بترك بصمة واضحة في المجتمع.

■ جيل Z المغربي من الافتراضي إلى الميدان
حين نقرأ المظاهرات التي يشهدها المغرب اليوم من خلال عدسة جيل Z، ندرك أن هؤلاء الشباب هم العمود الفقري للحراك. هم أبناء العالم الرقمي، لكنهم ليسوا منفصلين عن واقعهم، بل يحولون غضبهم وإحباطهم إلى فعل جماعي. هواتفهم الذكية ليست للترفيه فقط، بل وسيلة للتنظيم، للتوثيق، ولإيصال الصوت إلى أبعد مدى.
جيل Z المغربي يوظف مهاراته الرقمية في خدمة قضاياه، من إطلاق الحملات على منصات مثل تيك توك وإنستغرام، إلى تحويل هاشتاغ إلى شعار يهتف به الآلاف في الشوارع. إنهم جيل يربط بين الصورة الافتراضية والواقع الملموس.

■ وعي يتجاوز المطالب المعيشية
المثير في هذه الاحتجاجات أن مطالب الشباب لا تنحصر في تحسين ظروف معيشية أو خدماتية، بل تتجاوزها إلى قضايا أكثر عمقاً، العدالة الاجتماعية، الكرامة، المساواة، والمشاركة الفعلية في القرار السياسي.
إنهم جيل لم يعد يكتفي بالحلول الترقيعية، ولا يقبل الخطاب التقليدي الذي كان يُقنع الأجيال السابقة.

■ من العمل الفردي إلى التحرك الجماعي
رغم أن جيل Z معروف عالمياً بفرديته وحبه للاستقلال والعمل الحر عبر المنصات الرقمية، إلا أن المظاهرات تكشف عن قدرته على التحول إلى قوة جماعية عندما يلمس تهديداً لمستقبله أو لكرامته.
هذا التحول يوضح أن الفردية لا تعني الانعزال، بل قد تكون مقدمة لوعي جماعي أكثر قوة وتنظيماً.

■ فضاءات بديلة عن المؤسسات
لم يعد جيل Z المغربي ينتظر من الأحزاب أو النقابات أن تتحدث باسمه، فالفضاء الرقمي صار هو البديل، فيه يُنظم، يُخطط، ويجد لغة مشتركة بعيداً عن الوصاية أو البيروقراطية، هذه القدرة على خلق فضاءات بديلة تمنحه إحساساً بالقوة والفاعلية المباشرة.

■ لماذا لا يمكن تجاهل جيل Z ؟؟
تقول المظاهرات في المغرب شيئاً واضحاً، أن جيل Z لم يعد جيل المستقبل، بل هو جيل الحاضر، إذ أنه القوة التي تفرض خطابها وأسلوبها وأدواتها، وتجاهله يعني المزيد من الاحتقان، بينما الاعتراف بقدراته واستثمار طاقاته يفتح الباب أمام إصلاحات حقيقية وزرع بذور الإبداع والوعي في كل مكان.

الخلاصة :
إن جيل Z هو جيل العالم الرقمي، لكن حضوره في المظاهرات المغربية يبرهن أنه ليس جيل الانعزال، بل جيل الفعل، حيث يجمع بين سرعة التواصل الرقمي وقوة الحضور الميداني، بين الفردية في التعبير والجماعية في المطالب، بين المحلية في همومه والوصل بالعالمية في أسلوبه.
إنهم جيل قادر على إعادة تعريف العلاقة بين المواطن والدولة، وعلى رسم مستقبل مختلف إن أُحسن إحتواءه والإصغاء إليه.



#حسين_علي_محمود (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عودة العقوبات الأممية عبر -آلية الزناد-، تداعيات اقتصادية وس ...
- الشرع وبتريوس، مشهد يختصر تبدل موازين السياسة الدولية
- باغرام جوهرة استراتيجية، دلالات الموقع وابعاد الصراع في معاد ...
- اتفاقية الدفاع السعودي الباكستاني، قراءة تحليلية في إعادة تش ...
- اليوم العالمي للديمقراطية، قراءة نقدية للواقع العراقي
- الخطاب الديني والسياسي واثرهما في تشكيل الوعي الجمعي
- تشارلي كيرك وصراع النخب الأمريكية
- الضربة الإسرائيلية على قطر، قراءة في الأبعاد الاستراتيجية وا ...
- الاستعراض العسكري الصيني 2025، بين رسائل الردع وإعادة تشكيل ...
- ازدراء الأديان، دراسة تحليلية في الأبعاد الفكرية والاجتماعية ...
- إيران بين آلية السناب باك واحتمالات الحرب، قراءة في الدوافع ...
- سيداو من النص الدولي إلى الواقع الأسري، قراءة تحليلية نقدية
- نظرية البجعة السوداء، بين اللامتوقع وصناعة التحولات الكبرى
- إعادة التموضع الأميركي في العراق، قراءة استراتيجية لانسحاب 2 ...
- قمة ألاسكا 2025، توازنات كبرى وانعكاسات إقليمية
- الدولة والدولة العميقة، قراءة تحليلية في بنية السلطة الخفية
- نظرية تأثير الفراشة، قراءة فكرية في الفوضى والنظام
- الثعلب والقنفذ، رؤية استراتيجية معاصرة
- ممر ترامب، إعادة تشكيل موازين القوى في جنوب القوقاز وإيران
- زيارة لاريجاني إلى بغداد، رسائل استراتيجية في لحظة إقليمية ح ...


المزيد.....




- نداء المشاركة في المسيرة الوطنية بالرباط يوم الأحد 5 أكتوبر ...
- كوت ديفوار تحظر التظاهر قبيل مسيرة للمعارضة
- إغلاق قناة -ناصر-.. وأسرة عبد الناصر تتحرك لإنقاذ الأرشيف
- هتافات المتظاهرين في المغرب.. لا نريد كأس العالم، نطالب بتحس ...
- الداخلية المغربية: أكثر من 70% من المتظاهرين قاصرون
- اعتقال متظاهرين مؤيدين لفلسطين أمام مصنع للأسلحة في فرنسا
- السودان: حوار مع المسؤول السياسي للشيوعي بالعاصمة القومية…
- جيل العولمة الرأسمالية والثورة التقنية والرقمية والنضال المي ...
- الجبهة الديمقراطية تثمن الموقف الكولومبي بطرد بعثة الاحتلال ...
- الأحزاب الحكومية تعلن استمرار حرب الطبقة البورجوازية على  ال ...


المزيد.....

- ليبيا 17 فبراير 2011 تحققت ثورة جذرية وبينت أهمية النظرية وا ... / بن حلمي حاليم
- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حسين علي محمود - جيل Z والمظاهرات في المغرب، من العالم الرقمي إلى الميدان