أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حجي قادو - من يهدّد وحدة سوريا؟














المزيد.....

من يهدّد وحدة سوريا؟


حجي قادو

الحوار المتمدن-العدد: 8482 - 2025 / 10 / 1 - 12:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من المستحيل أن يتحول العقرب بين ليلة وضحاها إلى حمامة سلام، وكذلك لا يمكن لمن خرج من رحم مدرسة الإرهاب، ومارس العنف والدمار لأكثر من عقدين في العراق وسوريا، أن يتهم غيره بالإرهاب أو يصفه بالانفصالي أو بالخائن. فالتاريخ شاهد على ما جرى من توافقات دولية أفضت إلى إطاحة نظام الأسد، ولا يمكن إنكار أن الجرائم التي ارتُكبت بحق المدنيين في الساحل السوري كانت تُبرَّر بمثل هذه الذرائع.

ضمن هذا السياق، حاول أحمد الشرع من خلال اتفاقية العاشر من آذار مع قوات سوريا الديمقراطية أن يفك حبل المشنقة عن رقبته، وينقذ نفسه، ويطيل عمره السياسي. إلا أنّ تلك الاتفاقية لم تكن سوى طوق نجاة شخصي له، تحوّل سريعاً إلى فخّ محكم نسج بخيوط استخباراتية تركية. فقد سارعت أنقرة إلى الترحيب بالبند المتعلق باندماج قوات سوريا الديمقراطية في الجيش السوري، متجاهلة بقية البنود، وعلى رأسها النصّ الصريح على أنّ الكرد شعب أصيل في سوريا. وبعد ثلاثة أيام فقط، صدر إعلان دستوري جديد لم يأتِ على ذكر حقوق المكوّنات والطوائف والأعراق السورية، الأمر الذي نسف الاتفاق عملياً منذ لحظة صدوره.

لا يمكن أن يُكتب لأي اتفاق سلام أو تسوية سياسية النجاح إذا كان طرفه من تلطخت يداه بدماء الأبرياء، أو من يذبح الناس على الهوية والمذهب. وما جرى في السويداء خير دليل؛ إذ قُتل كل من جهر بانتمائه إلى الطائفة الدرزية، في حين كان الشرع عاجزاً عن ضبط الفصائل المنفلتة والعشائر الخارجة عن السيطرة، منشغلاً بفرض نفوذه على قصر الشعب، وجمع الأموال، والاكتفاء بالتقاط الصور التذكارية مع الوفود الخارجية.

أما الشعارات البراقة التي يرفعها المطبّلون للحكومة المؤقتة المتطرفة، فهي لا تخفي سوى خطاب كراهية وإقصاء، يعمّق الانقسام ولا يسهم في التئام جراح الوطن. وإذا سلّمنا جدلاً بأن ما نشهده اليوم هو دولة سورية، فإنها مصيبة كبرى ومهزلة سياسية. فما يحكم دمشق ليس دولة بالمعنى المؤسساتي، بل عصابة ذات طابع داعشي وصلت إلى السلطة بفضل توافقات دولية أنهت مرحلة الأسد، ومهّدت لفصل جديد من التطرف والفساد. أولئك الذين ملأوا شوارع إدلب إرهاباً مارسوا أبشع أشكال "الشريعة" المزوّرة: من نهب وسلب واغتصاب، إلى ما سُمّي بـ "جهاد النكاح"، مروراً بفرض الضرائب وإصدار الفتاوى بما يخدم أهواءهم الشخصية.

حتى اليوم، ما تزال سوريا تُدار بلون واحد، فيما يُقصى باقي ألوانها، وتُهمّش فسيفساؤها المجتمعية الغنية. وباستمرار هذا النهج، تبقى البلاد رهينة الاستبداد والتطرف والإقصاء.

إن من يهدّد وحدة سوريا اليوم ليس الكرد، ولا الدروز، ولا العلويين، بل الممارسات التي ينتهجها النظام الحالي المؤقت، القائم على العنف والإقصاء والتطرف الديني. فالعنف لا يبني دولة، والإقصاء لا يصنع وحدة، والتطرف لا يحمي أوطاناً.

والحقيقة أنّ من اعتلوا السلطة في دمشق هم من يسعون عملياً إلى تقسيم سوريا، بما يحملونه من عنجهية دينية وعنصرية وإخوانية. أما الكرد، فقد كانوا منذ البداية في طليعة المعارضين لنظام البعث، ومن أوائل من تصدوا للدكتاتورية منذ انتفاضة عام 2004، ورغم ذلك ظلوا مهمشين ومحرومين من أبسط حقوقهم، وعلى رأسها حق الجنسية.

الكرد ليسوا "ضيوفاً" كما يحلو للبعض أن يروّج. فالضيف، كما هو معروف، لا يمكث في بيت مضيفه سوى ثلاثة أيام، بينما الكرد متجذرون في هذه الأرض منذ قرون طويلة قبل مجيء العرب إليها. إنهم سكانها الأصليون، لهم تاريخهم العريق، وجذورهم الراسخة، وثقافتهم الحية، ولغتهم التي حافظوا عليها رغم محاولات الطمس والإلغاء. أما العرب فقد وفدوا إليها في بداياتهم كقبائل رحّل، ثم استوطنوا تدريجياً مناطق سوريا. بل إن اسم "سوريا" نفسه ليس عربياً، وإنما يعود في جذوره إلى "سورانية".

إن التعايش الحقيقي لا يقوم على الإنكار والتهميش، بل على الاعتراف بالتنوع واعتباره مصدر غنى وركيزة أساسية لوحدة سوريا المستقبل.



#حجي_قادو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التحولات الجغرافية... وانعكاسات الانفصال على مسار الدول الحد ...
- سورية الجديدة بين غياب القانون وفوضى السلاح
- الكورد بين حق تقرير المصير ومعضلة الشوفينية الإقليمية
- الكورد في سوريا بين سياسات البعث وجريمة الحزام العربي
- سورية بين فتات التبرعات وحكومات التسوّل
- الكورد بين قرنٍ من المعاناة وتحديات الحاضر
- عن -الشرعية- التي يمنحها ترامب لأردوغان .
- إلى من يهمّه الأمر في الشأن السياسي السوري
- اتفاق العاشر من آذار... بين السقوط السياسي وتكريس الإقصاء
- فلسطين وكردستان ... قراءة في مفارقة العلاقات والتحالفات
- احمد الشرع : من سردٍ فاشل إلى خطاب كاذب الأمم المتحدة
- قتل على الهوية والانتماء: تقارير حقوقية تكشف الجرائم المغيبة
- تفاهمات جنوب سوريا .... بين ضرورات الأمن ومخاطر التنازلات
- قراءة في خطاب الجولاني الأخير في نيويورك حول القضية الكردية ...
- قراءة في خطاب الجولاني الأخير حول القضية الكردية في سوريا
- ازدواجية المواقف وحق الشعوب في تقرير مصيرها
- نحو الحل الوطني الشامل للأزمة السورية
- تشكيل مرجعية كردية في سوريا
- مشاريع تحالفات جديدة
- ردٌ على تصريحات أحمد الشرع


المزيد.....




- إريك داين نجم مسلسل -Euphoria- سيُقاتل -حتى آخر نفس-.. لهذا ...
- فيديو متداول لـ-أسطول الصمود في اتجاه غزة-.. هذه حقيقته
- ترامب يوقع أمرًا تنفيذيًا يعتبر أي هجوم على قطر تهديدًا لأمن ...
- رأي.. إردام أوزان يكتب: السيادة على الطاقة في عصر الانقسام.. ...
- ما هي مخاطر الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في التخطيط لرحلتك ...
- الفلبين: ارتفاع حصيلة ضحايا الزلزال إلى 69 قتيلًا و150 مصابً ...
- -اقبلها أو نتركك-.. ترامب يواجه نتنياهو بلغة -غير مسبوقة- في ...
- +++ احتجاجات شبابية في المغرب تتحول إلى أعمال عنف+++
- الجيش الإسرائيلي يغلق شارع الرشيد ويطبق الخناق على مدينة غزة ...
- ما هو موقف الإسرائيليين من اعتراف عدد من الدول الغربية بالدو ...


المزيد.....

- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حجي قادو - من يهدّد وحدة سوريا؟