أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صلاح زنكنه - حق الإنسان المهدور في ظل النظام المقبور















المزيد.....

حق الإنسان المهدور في ظل النظام المقبور


صلاح زنكنه

الحوار المتمدن-العدد: 8479 - 2025 / 9 / 28 - 00:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قراءة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
جريدة الصباح 28 / 2 / 2004

صدر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (٢١٧) بتاريخ 10 / 12 / 1948 ليكفل للناس جميعا في كل بقاع الأرض حق التمتع بجميع الحقوق والحريات دون تمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي، وفق مبدأ «يولد الناس أحرارًا ومتساوين في الكرامة والحقوق».

ولو تفحصنا بإمعان المواد الثلاثين التي نصّ عليها الإعلان، سنكتشف هول ما كابده الإنسان العراقي من قمع للحريات واغتصاب للحقوق، وممارسة للعنف والإرهاب والتنكيل والإبادة الجماعية من قبل نظام دموي جائر، سجَّل سابقة كارثية في خرق حقوق الإنسان، إلى درجة أن المنظمات الدولية المعنية وصفته ونددّت بممارساته غير الإنسانية عشرات المرات طوال العقود الثلاثة الماضية.
مقارنة واستنتاج

تنص المادة الأولى من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والتي أضحت بديهيّة في المجتمعات المدنية على أن «يولد جميع الناس أحرارًا وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضًا بروح الإخاء».
ونحن نعرف جيدًا كيف كان رجال الأمن والحزب والمخابرات يعاملون الإنسان العراقي بروح العداء والكراهية، يشكّون في نواياه وتوجّهاته، ويضعونه تحت مجهر الاختبار وعدسة المراقبة. كانوا يجردون أفراد الأسر بحثًا عن المناوئين للحزب والثورة من معتقلين ومطرودين من الوظيفة أو مسافرين أو مَهَجَّرين. وكان معيارهم الوحيد هو الطاعة والولاء للنظام؛ ومن يخالف ذلك اعتُبر عدوًّا محتملًا يستحق المطاردة والتصفية.
تؤكّد المادة الثانية على «عدم التمييز بين الناس بسبب العرق أو الدين أو الرأي السياسي»، لكن النظام الصدامي نَفَّذَ بطشه في وضح النهار وفي باطن الليل، واستهدَف أبناء الشعب العراقي كبارًا وصغارًا ونساءً وشيوخًا جراء انتماءاتهم العرقية أو الدينية أو السياسية. ولم يميّز أزلام النظام بين عراقي وآخر إلا وفق مدى الطاعة والولاء.

تنص المادة الثالثة على «حق الفرد في الحياة والحرية والأمان على شخصه». يا للأسف، كانت هذه الكلمات ضربًا من الخيال بالنسبة للعراقيين, لا أمن ولا أمان، حتى خارج حدود الوطن، حيث طاردتهم أجهزة المخابرات واغتالت شخصيات وطنية بعدة وسائل، بينها عمليات اغتيال بالخارج.

وبخصوص المادة الرابعة (التحريم التام للاسترقاق أو الاستعباد) فقد عاش الكثيرون على وقع عبودية للدكتاتور المهووس بالدم.
المادة الخامسة تحظر (إخضاع أحد للتعذيب أو للعقوبة الجسدية) بينما شهدت معتقلات وزنازين النظام أصنافًا من التعذيب البشع واللاإنساني، ابتُكرت فيها أساليب ساديّة لم تُعرف حتى في محاكم التفتيش الأوروبية.
أما المادة السادسة التي تنص على «عدم الاعتقال أو الحجز أو النفي تعسفًا» في حين كانت وشاية صغيرة كافية لتغيب أي شخص في غياهب السجون, ضاربا عرض الحائط المادة 11 والتي تقول (إن كل متهم بريء إلى أن يثبت قانونا اقترافه الجريمة في محكمة علنية تكفل له ضمانات الدفاع عن النفس) لم تكن إلا حبرًا على ورق, فكانت المحاكمات صورية، والاستجواب وحده يكفي لإصدار أحكام جائرة، وواقع الحال يثبت أن لا محكمة ولا مرافعة ولا دفاع ولا شيء سوى استجواب المحقق وسياط الجلاد وموت محقق بأمر القائد الفذ الضرورة.

تجاوزات وخروقات أخرى
انتهك النظام حق التنقل والسفر والإقامة المنصوص عليه في الإعلان العالمي, فقد صارت حركة المواطن داخل بلده مرهونة ببيانات وتصاريح أمنية تعجيزية، والسفر إلى الخارج مشروطًا بموافقات حزبية ومخابراتية ورسمية, ومن تجرّأ وغادر بلا إذن اعتُبر خائنًا، وسحِبت منه حقوق ومزايا، وربما سُحبت جنسيته، كما حصل مع الشاعر الجواهري وكثيرين غيره.
ومن المفارقات العجيبة الغريبة أن آلافَ العراقيين من الكرد الفيلية سُحِبَت منهم الجنسية وجُرِّدوا من ممتلكاتهم وتم ترحيلهم إلى إيران بحججٍ واهية (التبعية) رغم إقامتهم في العراق لأجيال عديدة, وهي مخالفة صريحةً للمادة الخامسة عشرة التي تؤكّد (حق التمتّع بجنسية وعدم جَعْلها محل إسقاط تعسفي لأي سبب كان).

تنص المادة السابعة عشرة على «حق التملك الشخصي والجماعي وعدم تجريد الإنسان من ملكه تعسفًا»، ومع ذلك صُودِرت أموال وممتلكات كثيرة دون وجه حق، وحرِم العديدون من حق التملك في محافظاتٍ بعينها لأسبابٍ طائفية وعرقية، وكانت الموافقات الأمنية شرطًا مسبقًا حتى لحقوق السكن في بغداد.

تنص المادة الثامنة عشرة على «حرية الفكر والوجدان والدين وإقامة الشعائر» لكن طقوسًا دينية كما في الشعائر الحسينية اعتُبرت جرائم شنيعة، وتعرّض ممارسوها إلى القمع والتنكيل.
كما أن حرية الرأي والتعبير المكرّسة في المادة التاسعة عشرة التي تقر (حق التمتع بحرية الرأي والتعبير واعتناق الأفكار والآراء دون مضايقة وتلقى الأنباء والأفكار ونقلهما دونما اعتبار للحدود) كانت مجرد حبر على ورق, كون الرأي والتعبير واعتناق الأفكار يعد جرائم عصيان وتمرد ضد امن الدولة في عرف النظام المخلوع, ويحاسب عليه القانون الجائر الذي شرعه صدام, ومثال ذلك امتلاك واستعمال الصحن الدوار الستلايت الذي كان من الممنوعات والمحرمات آنذاك.

المادة العشرون التي تؤكد «حرية الاشتراك في الاجتماعات والجمعيات السلمية» كانت تعد خرقا مرفوضًا عمليًا فالتجمعات المسموح بها كانت فقط ما يرسمه الحزب، والفقرة الثانية من نفس المادة التي تمنع «إجبار أحد على الانتماء إلى جمعية» انتُهكت مرارا وتكرارا, حين كان يُجبر الناس على الانضمام لصفوف الحزب وإلا حُرِموا من الوظائف والمناصب والامتيازات.

المواد المتبقية.
المواد 21 إلى 30 تغطي الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية, والمشاركة في الشؤون العامة، الضمان الاجتماعي، الصحة، العمل، السكن، والحماية. كلها مفردات لم تكن مرئية على أرض الواقع بالنسبة للإنسان العراقي في ظل حكمٍ اعتبر حقوق الإنسان أمرًا ثانويًا أمام مصالح النظام وحمايته.

دولة قرارات لا دولة قانون.
لم يكن العراق طوال أكثر من ثلاثة عقود دولة قانون بل دولة قرارات, وكان القانون مغيبا ومهمشا ومطاطيا يتحكم به دكتاتور أحمق حسب هواه ومزاجه, يسن ويشرع ويختلق القوانين الجائرة بجرة قلم, استنادا الى قرارات عشوائية بهلوانية تصدر من مجلس قيادة الثورة المشؤوم وبتوقيعه الشخصي, لذا كان الاهتمام بحقوق الإنسان من الأشياء الثانوية والتافهة في فكر القائد, مقارنة بمقارعة الأعداء والحاق الهزيمة بأمريكا التي هزمته واصطادته كجرذ في جحره المكين.



#صلاح_زنكنه (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لكي لا يحل الخراب أيها الأمريكان
- أمريكا من التحرير الى الاحتلال
- شهداء الثقافة العراقية
- خسرو الجاف الانسان والكاتب والفنان
- الخراب الى أين ؟
- شعر أبيض, قلب أبيض, موت أبيض.
- حكايات من ذاكرة الرعب (3)
- حكايات من ذاكرة الرعب (2)
- حكايات من ذاكرة الرعب (1)
- صلاح زنكنه / الكتابة عندي كينونة حتمية ومسؤولية أخلاقية وفكر ...
- سماحيات 36
- صلاح زنگنه / حفّار المجاز ورجل الأسئلة المتمردة
- صلاح زنكنه / قلت كل شيء بوضوح تحت انظار السلطة
- مكاشفة مهمة
- ثلاث شهادات محبة
- الإرهاب جذره ديني
- صناعة الأنبياء
- متى تكف الأحزاب عن توجيه الثقافة ؟
- مانشيتات وتصريحات صادمة عبر حوارات ساخنة أجريت معي.
- تلفزيون الإله / قصة قصيرة


المزيد.....




- عاجل| العقوبات الدولية على إيران تدخل حيز التنفيذ
- مداهمة مقر منظمة مسيحو الشرق قرب باريس بشبهة التواطؤ في جرائ ...
- زيلينسكي يعلن وصول منظمة دفاع من إسرائيل غلى أوكرانيا
- لاري إليسون.. إمبراطور برمجيات يسعى لإعادة تشكيل الوعي الأمي ...
- اقتحامات بالضفة ومركبة إسرائيلية تدهس طفلا في أريحا
- جدل في فرنسا حول -التنفيذ المؤقت- للحكم بسجن ساركوزي قبل الا ...
- -مسار الأحداث- يناقش أبعاد المقاطعة العالمية المتزايدة لإسرا ...
- الحرب على غزة مباشر.. مجزرتان للاحتلال بحي الدرج والنصيرات و ...
- ما تفاصيل الخطة الأميركية لوقف الحرب الاسرائيلية على غزة؟
- محللون: العالم بدأ يعامل إسرائيل كما عامل نظام الأبارتايد في ...


المزيد.....

- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صلاح زنكنه - حق الإنسان المهدور في ظل النظام المقبور