أكد الجبوري
الحوار المتمدن-العدد: 8476 - 2025 / 9 / 25 - 04:46
المحور:
الادب والفن
موسيقى:
بإيجاز:(62) بيتهوفن: أثر السيمفونية التاسعة "أنشودة الفرح"/ إشبيليا الجبوري - ت: من اليابانية أكد الجبوري
… تابع
- ما وراء الاحتفاء الحار للسيمفونية التاسعة "أنشودة الفرح"؛
كما ذكرنا في الحلقة السابقة. في العرض الأول للسيمفونية التاسعة (1824)()، لم يسمع بيتهوفن التصفيق. اضطرت عازفة الكونترالتو كارولين أونغر (1803-1877)()إلى أن تديره ليشهد التصفيق المدوي.
- أشاع صمتٌ مُريعٌ؛
في مساء 7 مايو 1824()، في مسرح كارنتنرتور بفيينا()، ساد صمتٌ مدوٍّ؛ شهد العالم لحظةً من التاريخ الموسيقي ستتردد صداها عبر القرون: أول عرض لسيمفونية بيتهوفن التاسعة - عملٌ لا مثيل له، ولا يزال فريدًا من نوعه في نطاقه وطموحه.
بيتهوفن، الذي أصبح الآن أصمًا تقريبًا، لم يظهر أمام الجمهور منذ سنوات(). ورغم أنه ألّف موسيقىً تزداد عظمةً وعمقًا، إلا أن عزلته عن العالم ازدادت. لكن هذه الليلة كانت مختلفة.
كان المسرح مكتظًا بالجمهور. عُيّن قائد أوركسترا ثانٍ، مايكل أوملاوف (1781 - 1842)()، للإشراف على الأوركسترا والجوقة. أصر بيتهوفن على الحضور، فوقف قرب المنصة ليحدد الإيقاع()، لكنه لم يسمع الآلات أو المغنين. لوّح بذراعيه، غافلاً عن أن الموسيقيين كانوا يتبعون أوملاوف بدلاً منه.()
اختُتمت السيمفونية بحركة كورالية جبارة - "نشيد الفرح"() - نشيد إنساني يحتفي بالأخوة والنور. مع خفوت النغمة الأخيرة، دوى هدير من الجمهور. لم يكن مجرد تصفيق، بل كان تصفيقاً مدوياً وحماسياً، لم يسبق له مثيل().
لكن بيتهوفن ظلّ غافلاً، وظهره لا يزال للجمهور، غارقاً في صمته. قرأ النوتة الموسيقية ببطء، غير مدرك أنها انتهت().
ثم حدث ما لا يُنسى. اقتربت منه عازفة الكونترالتو المنفردة، كارولين أونغر (1803-1877)(). أمسكت بذراعه بحزمٍ رقيق، وأدارته نحو الجمهور. أذهلته رؤيته: المسرح بأكمله واقفًا، يهتف، يلوح بالمناديل، والقبعات تتطاير في الهواء. بعضهم كان يبكي.
بيتهوفن، عيناه مفتوحتان على مصراعيهما، منحنيًا بتردد، غارقًا في عاطفته. في تلك اللحظة، رأى ما لم يعد يسمعه: إدراكه الكامل لعبقريته().
تذكر أحد شهود العيان، عازف الكمان المجري جوزيف بوم (1795-1876)()، لاحقًا: "استقبله الجمهور بحماس لم يسبق له مثيل"().
لم يكن انتصارًا للموسيقى فحسب، بل كان انتصارًا للروح البشرية على المعاناة، وللرؤية على الصمت. إن شئتم.
#أكد_الجبوري (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟