أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أكد الجبوري - أزمة الأزمة بين الأمم المتحدة وغزة: بيروقراطية البديهيات/شعوب الجبوري - ت: من الألمانية أكد الجبوري















المزيد.....

أزمة الأزمة بين الأمم المتحدة وغزة: بيروقراطية البديهيات/شعوب الجبوري - ت: من الألمانية أكد الجبوري


أكد الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 8471 - 2025 / 9 / 20 - 02:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


وصفت الأمم المتحدة ما تعانيه غزة منذ سنوات بالإبادة الجماعية، لكن الأوان قد فات. فبدلاً من تحقيق العدالة، يكشف حكمها عن نظام دولي لا يتفاعل إلا بعد أن يغطي الرماد الأنقاض.

هناك مفارقات مؤلمة. قليل منها بقسوة مفارقات بعض المنظمات الدولية التي أُنشئت لمنع تكرار الفظائع، والتي ينتهي بها الأمر إلى التخصص في إثباتها بعد وقوعها. إن اعتراف الأمم المتحدة مؤخرًا بارتكاب إسرائيل أعمال إبادة جماعية في غزة ليس بادرة شجاعة أخلاقية ولا انتصارًا للعدالة الدولية، بل هو إقرار بيروقراطي بالواضح.

بعد ما يقرب من عامين من المذبحة المتلفزة - أكثر من 60 ألف قتيل، بينهم 18500 طفل على الأقل - خلصت لجنة التحقيق الدولية المستقلة إلى أن أربعة من الأفعال الخمسة المحددة في اتفاقية عام 1948() قد ارتُكبت: عمليات قتل ممنهجة، وإيذاء جسدي ونفسي جسيم، وظروف معيشية مُصممة لإحداث دمار، وتدابير لمنع الاستمرارية الديموغرافية للشعب الفلسطيني. باختصار، لا شيء لم يره سكان غزة، والصحفيون تحت الأنقاض، والمنظمات غير الحكومية، والمراقبون الدوليون(). العار ليس الحكم، بل التأخير. قررت الأمم المتحدة اللحاق بالواقع عندما وصلت الجريمة إلى أبعاد لا رجعة فيها.

- علم التأخير؛
ومن المؤسف أن هذا أصبح نمطًا. فالأمم المتحدة تتأخر دائمًا. فعلت ذلك في رواندا، حيث احتاج العالم إلى 800 ألف جثة في 100 يوم فقط لينطق كلمة إبادة جماعية(). وفعلت ذلك في البوسنة، حيث أُعلنت سريبرينيتسا منطقة آمنة تحت حماية الخوذ الزرقاء حتى وقوع مذبحة راح ضحيتها 8000 مسلم بوسني(). وهي تفعل ذلك الآن في غزة، حيث تحولت عبارة "لن يتكرر أبدًا"() إلى "مرة أخرى"، ولكن بصكوك موثقة.

يبدو أن النظام مصمم للتأخير؛ فقد نُفذت لجان ومراجعات وتقارير وقرارات، وكلها حُجبت بحق النقض المتوقع. وهكذا، عندما بلغت البربرية ذروتها، تُعلن الأمم المتحدة ببالغ الخطورة ما كان واضحًا منذ البداية. يبدو أن دورها، أكثر من مجرد الوقاية، هو إدارة ذكرى الرعب. مُوثِّقٌ للهمجية، عاجزٌ عن مقاطعتها، ولكنه مُستعدٌّ دائمًا للتوقيع عليها.

- العالمية الانتقائية؛
تُعلن اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها هذا المبدأ العالمي؛ إذ يقع على عاتق الدول التزامٌ - لا خيارٌ - بمنع الجريمة في غزة والمعاقبة عليها. إلا أن التجربة تُشير إلى أن هذه العالمية، في الواقع، مجرد وهم. لا يُطبَّق هذا المبدأ بالقوة إلا عندما لا يكون الجناة حلفاءً استراتيجيين للقوى الحاكمة.

تُغفَل غزة أو تُنكر لأنها تُزعج الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، حارسَي الشرعية الدولية وقتَ راحتهما، وحفاري قبورها وقتَ إعاقتها. لقد أصبحت العالمية القانونية، في جوهرها، أداةً لإضفاء الشرعية الانتقائية.

- مرآة الفشل الهيكلي؛
ما يحدث في غزة يكشف عن إبادة شعب، ولكنه يكشف أيضًا عن انهيار البنية الدولية. لقد أصبح مجلس الأمن، بحق النقض الموروث من عام 1945()، آلة عرقلة وحشية، وآلية مثالية لضمان عدم تأثير الشرعية الدولية على الأقوياء.

ومن هذا المنطلق، لا تُجسّد الأمم المتحدة العدالة العالمية؛ بل تُجسّد عدم تكافؤ القوة العالمية، حيث تكون إداناتها رمزية. وعندما تُقرّ أخيرًا بإبادة جماعية، تفعل ذلك بهدوء بيروقراطي مُخيف.

- شرعية أم مهزلة؟؛
مع وزير خارجية مثل ماركو روبيو (1971-)()، الذي صرّح قبل أيام قليلة بأنه لا يُبالي بما تُقرّره الأمم المتحدة، يُطرح السؤال: ما هي الشرعية المتبقية لمنظمة تعمل، في مواجهة إحدى أبشع جرائم البشرية، كموثّق متأخر بدلًا من أن تكون مؤسسة فعّالة لوقفها؟ هل يُمكننا الاستمرار في الحديث عن عالمية القانون، أم يجب أن نُدرك أن ما لدينا هو جهاز شرعية انتقائية؟ لا تُمثل غزة إبادة شعب فحسب، بل تُمثل أيضًا الأزمة الوجودية للأمم المتحدة.

والمفارقة الأخيرة قاسية. وُلدت الأمم المتحدة بوعدٍ جليلٍ بحماية الأجيال القادمة من ويلات الحرب. واليوم، بينما تُباد أجيالٌ كاملة من الفلسطينيين، يتبين أن هذا الوعد مجرد رثاءٍ فارغ. ربما حان الوقت للاعتراف بذلك: لم تفشل الأمم المتحدة في غزة؛ بل قامت ببساطة بالدور الذي أوكله إليها النظام العالمي: إدارة الأخلاق والتأكيد على هزيمة البشرية بلغةٍ قانونيةٍ لا تشوبها شائبة.()


- الخلاصة:
أخيرا. نلحظ أن بيروقراطية البديهيات؛ إنّ تسمية الإبادة الجماعية في غزة الآن ليست انتصارًا أخلاقيًا، لأنها جاءت متأخرة جدًا؛ فقد تطلّبت موت أكثر من 60 ألف فلسطيني لإثباتها()، وهذا أمرٌ مُخزٍ. لقد أكّدت الأمم المتحدة ما كان يعلمه الجميع مُسبقًا، ببطء بيروقراطي يصل إلى النار حين لا يبقى منها إلا الرماد. غزة هي المرآة التي تعكس فشل نظام دولي وعد بالعدالة وخان عجزه عن وقف جرائم الحرب.

إنّ الدرس الحقيقي من هذه الحلقة ليس تأكيد ارتكاب إسرائيل إبادة جماعية - كنا نعلم ذلك - بل إنّ الأمم المتحدة برهنت، مرة أخرى، على أنّ عالميتها خرافة، وأنّ شرعيتها مهزلة مُدبّرة بعناية.

ولكن لا يكفي التنويه بسخرية الأمم المتحدة، ولا الاستسلام لعجزها الذي يُوحي به جمودها. إنّ الإبادة الجماعية في غزة تُشكّل تحديًا للبشرية جمعاء. إلى الحكومات، التي يجب أن تتخلى عن رفاهية الحياد المتواطئ وتتحمل الالتزام القانوني والأخلاقي بوقف هذه الهمجية؛ وإلى المجتمعات التي لا تستطيع تفويض البيروقراطيين واجب التضامن والدفاع عن الحياة. يُعلّمنا التاريخ أن الصمت الاجتماعي والسلبية السياسية هما الذريعة المثالية لمرتكبي الإبادة الجماعية.

إذا قررت الأمم المتحدة الانغماس في بيروقراطية الأمور الواضحة، فالأمر متروك للشعوب والدول لكسر حلقة اللامبالاة هذه وممارسة الضغط الذي تتجنبه المؤسسات. لأن منع الإبادة الجماعية لم يعد مهمة الموثقين الدوليين، بل مهمة المواطنين والحكومات الراغبة في قول كفى. غزة لا تحتاج إلى قرارات متأخرة؛ بل تحتاج إلى عمل وعدالة ومجتمع دولي يفي، ولو لمرة واحدة، بوعده التأسيسي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Copyright © akka2025
المكان والتاريخ: طوكيــو ـ 09/20/25
ـ الغرض: التواصل والتنمية الثقافية
ـ العينة المستهدفة: القارئ بالعربية (المترجمة).



#أكد_الجبوري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موسيقى: بإيجاز:(58) بيتهوفن: أعمالٌ موسيقيةٌ ضخمةٌ والترحيب ...
- من المفكرة السينمائية… يفجيني باور… نبراسًا سينمائيًا روسيًا ...
- من المفكرة السينمائية… يفجيني باور… نبراسًا سينمائيًا روسيًا ...
- سينما… أفغانستان: فلم وثائقي مجتزئ ويميني متطرف/إشبيليا الجب ...
- موسيقى: بإيجاز:(57) بيتهوفن وتقلباته المزاجية/ إشبيليا الجبو ...
- النيبال: صرخة المنصات الرقمية بمواجهة الديمقراطية الغربية/ ا ...
- موسيقى: بإيجاز:(56) بيتهوفن: تنويعات ديابيلي: العبقرية تلتقي ...
- موسيقى: بإيجاز:(55) بيتهوفن: العزلة واختفاء الجمهور (1822)/ ...
- موسيقى: بإيجاز:(54) بيتهوفن: الأعمال المقدسة وظلال العزلة (1 ...
- موسيقى: بإيجاز:(53) بيتهوفن: عودة الصراع: لغة جديدة للتأمل ( ...
- 2. من عمق الحدث… ثورة النيبال / الغزالي الجبوري - ت: من الإن ...
- من عمق الحدث… ثورة النيبال/ الغزالي الجبوري - ت: من الإنكليز ...
- موسيقى: بإيجاز:(52) بيتهوفن: المرض، والهوس، وتدهور الصحة (18 ...
- موسيقى: بإيجاز:(51) بيتهوفن: فترة من الانزواء والمقاومة والت ...
- فلسطين: معيار مسؤولية التماسك الأخلاقي العالمي/ شعوب الجبوري ...
- موسيقى: بإيجاز:(50) بيتهوفن: إعادة تصور المُثُل الكلاسيكية / ...
- موسيقى: بإيجاز:(49) بيتهوفن: تطور الفكر وظهور -الأسلوب المتأ ...
- موسيقى: بإيجاز:(48) بيتهوفن: العزلة الاجتماعية والتوتر في ال ...
- تاريخ الفن تركة إعادة التفكير المفقود/ إشبيليا الجبوري - ت: ...
- عولمة الدين التكنولوجي: الإله في جيبك/أبوذر الجبوري - ت: من ...


المزيد.....




- ماذا قال ترامب عن -انتهاك- مقاتلات روسية المجال الجوي لإستون ...
- روسيا تصدر بيانا للرد على مزاعم -انتهاك- مقاتلاتها لأجواء إس ...
- البرتغال تعترف رسميا بدولة فلسطين الأحد المقبل
- الجزيرة نت تروي قصة مسجد في الفاشر شهد مجزرة وتحول إلى مقبرة ...
- تونس: ما أسباب تراجع الزيجات والولادات
- بعد بولندا ورومانيا، إستونيا تشكو خرق أجوائها من مقاتلات روس ...
- بعد سنوات من العداء، مصر وتركيا تبدآن الإثنين مناورات مشتركة ...
- الجزائر ترفض دعوى مالي ضدها أمام محكمة العدل الدولية
- أمريكا ستنهي وضع الحماية المؤقتة للسوريين
- مستشار ترامب: السودان أكبر كارثة إنسانية في العالم ولا يحظى ...


المزيد.....

- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أكد الجبوري - أزمة الأزمة بين الأمم المتحدة وغزة: بيروقراطية البديهيات/شعوب الجبوري - ت: من الألمانية أكد الجبوري