أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض سعد - بين العراق وتجارب الأمم الأخرى – لماذا انتصرت بعض الشعوب وفشلت أخرى؟














المزيد.....

بين العراق وتجارب الأمم الأخرى – لماذا انتصرت بعض الشعوب وفشلت أخرى؟


رياض سعد

الحوار المتمدن-العدد: 8473 - 2025 / 9 / 22 - 09:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إنَّ قراءة التجربة العراقية المعاصرة ولاسيما تجربة الاغلبية العراقية ، بكل ما حملته من فوضى ودماء وتضحيات ضائعة، لا تكتمل إلا إذا قارناها بتجارب شعوب واقوام ومكونات أخرى... ؛ فالتاريخ لا يُعيد نفسه بحذافيره، لكنه يكشف لنا أنماطًا و"قوانين" متكررة: الأمم والاقوام والجماعات القوية تصنع مصيرها، و الضعيفة تتحول إلى وقودٍ لمعارك الآخرين... .
1- النموذج الكردي: قوة الأمر الواقع
الأكراد في العراق لم يكونوا يومًا أكثر عددًا من العرب ، ولا أكثر ثراءً في الموارد... ؛ لكنهم فهموا مبكرًا أن الضعف يُعالج ببناء مؤسسات ذاتية : برلمان، حكومة ، قوات البيشمركة، علاقات دولية... الخ ؛ فحين سقط صدام 2003، كان الإقليم جاهزًا كي يفرض نفسه ككيان شبه مستقل... ؛ اذ لم ينخرط الأكراد في صراعات خارج حدودهم، بل حصّنوا مناطقهم، وركّزوا على بناء قوة تفاوضية مع بغداد والمجتمع الدولي... ؛ والنتيجة: رغم كل أزماتهم، ما زالوا يحافظون على كيان سياسي معترف به، بينما غرق باقي العراق في الفوضى... .
2- النموذج الفيتنامي: الصبر الطويل وتوظيف الجغرافيا
فيتنام واجهت قوتين عظيمتين: فرنسا ثم الولايات المتحدة... ؛ لكنها لم تندفع عاطفيًا إلى مواجهات غير محسوبة، بل اعتمدت على استراتيجية "حرب الاستنزاف الطويلة" وتجنيد كل الشعب في مشروع وطني واحد... ؛ اذ حوّل الفيتناميون المستنقعات والجبال إلى سلاح، واستثمروا عامل الوقت حتى انهكوا الأميركيين... ؛ و الفارق هنا أن المقاومة كانت جزءًا من مشروع وطني شامل، بينما في العراق تحولت المقاومة إلى فصائل متناحرة بلا هدف جامع او هوية وطنية واضحة المعالم ، فأصبحت عبئًا على الدولة بدل أن تكون رافعة لها... .
3- النموذج الإسرائيلي: القوة قبل الشرعية
إسرائيل – على عداوتها للأمة العربية والإسلامية – تقدم مثالًا واضحًا على "منطق القوة"... ؛ فقد أُسست في قلب منطقة معادية تمامًا، لكن قادتها أدركوا أن البقاء لا يتحقق بالشعارات، بل بجيش مدجج، واقتصاد متين، وتحالفات استراتيجية مع القوى الكبرى... ؛ و لم ينتظروا أن يمنحهم العرب شرعية، بل فرضوا أنفسهم كأمر واقع... ؛ بينما العراقيون – والشيعة خاصة – غالبًا ما قدّموا الشرعية للآخرين (فلسطين، سوريا، لبنان ... ) دون أن يمتلكوا هم شرعية القوة في الداخل... ؛ والنتيجة أنهم صاروا وقودًا في معارك الغير، بينما الآخرون بنوا كيانهم بالدم والحديد... .
4- النموذج الإيراني: الثورة حين تلتقي القوة بالظرف التاريخي
الثورة الإسلامية في إيران (1979) لم تنجح فقط بسبب "الإيمان" أو "الشعارات"، بل لأنها التقت بظرف تاريخي مواتٍ : شعب متماسك خلف قيادة دينية، جهاز دولة منهار، جيش لم يعد يثق بالشاه، وغليان اجتماعي واسع... ؛ وعندما واجهت إيران الحرب مع صدام، اعتمدت سياسة "الدفاع الاستراتيجي" حتى بنت قوتها الصاروخية والنووية والاقتصادية، لتصبح اليوم لاعبًا إقليميًا لا يمكن تجاوزه... ؛ و الفارق أن إيران جعلت من القوة قاعدة للشرعية، بينما ظل العراق يجعل من الشعارات العاطفية والشعبوية والسياسية بديلًا عن القوة الواقعية والامكانات الذاتية والوطنية ... .
الدرس للعراق
إن المقارنة تكشف أن:
الأكراد نجحوا بالتحصّن في الداخل.
الفيتناميون انتصروا بالصبر الطويل ووحدة المشروع الوطني.
الإسرائيليون فرضوا شرعيتهم عبر القوة والتحالفات الكبرى.
الإيرانيون صمدوا حين جمعوا بين العقيدة والقدرة العسكرية.
أما العراق، فظل ممزقًا بين الانتماءات المذهبية والمحاور الخارجية، بلا مشروع وطني جامع، ولا قوة رادعة، ولا استراتيجية واضحة... ؛ ولذلك ظلّ ملعبًا للآخرين: الأميركي يلعب على أرضه، والإيراني يستثمر دماءه وثرواته ، والعربي يرسل انتحارييه، والإرهابي يحوّله إلى ساحة مفتوحة , والتركي يسيطر على اراضيه وينهب خيراته ... .
إنّ السؤال الذي يفرض نفسه اليوم: هل يتعلّم العراقيون من هذه التجارب؟ هل يدركون أن دماءهم أغلى من أن تُهدر في قضايا لا تعنيهم، وأن بناء القوة الداخلية هو الشرط الأول للاحترام الخارجي؟
أم سيظلون يعيدون مأساة التاريخ: من كربلاء إلى ثورة العشرين إلى صراعات ما بعد 2003؟
فالتاريخ لا يرحم، ومن لم يتعلم من تجارب الآخرين، سيُعاد إنتاج مأساته بأبشع الصور.



#رياض_سعد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهند والعراق: تشابه ظاهري وتباين جوهري في إدارة التعددية وا ...
- قضية الصبي علي: دموع تهز الرأي العام وتكشف خلل النظام الإصلا ...
- التيه الوجودي: مقاربة نفسية واجتماعية لاستعادة البوصلة
- ثنائية الدين والوطن - الازدواجية المقدَّسة: تناقض الأصوليات ...
- الدعاية الانتخابية بين الفوضى والتبذير وعشوائية الرسالة وتنا ...
- الترابط المذهبي والاستلاب السياسي: تحليل ظاهرة التأثير الإير ...
- العراق واستقرار الأغلبية الأصيلة: معادلة الأمن الوطني وحقيقة ...
- سوريا بين طمس الهوية وهيمنة العقل الصحراوي والتكفيري
- الخيانة في العراق … الدونية المتوارثة
- الوقاحة… الوجه العاري لانهيار القيم
- مشروع الهوية الرافدينية : نحو تأصيل وطني يتجاوز الطائفة والع ...
- مفارقات ومقارنات بين سقوط البعث العراقي والبعث السوري (4)
- لا تعارض في البين : هوية الاغلبية في طول الهوية الوطنية لا ف ...
- مصير الأغلبية بين ثنائية الدونية والشعارات والبرامج الطوباوي ...
- جنوب العراق :أرض الثروة والإهمال ... المحطات السياسية والاقت ...
- فشل الإعلام الحكومي في معركة الوعي: العراق بين عجز الداخل وه ...
- وادي حوران بين النصر الأمني والرسائل الاستراتيجية
- حملات إزالة التجاوزات في العراق: لعبة انتخابية أم صراع على ا ...
- صرخة في مشهد: الزوار العراقيون بين قدسية المكان وسرقة الكرام ...
- أوكسجين الشفاه


المزيد.....




- توم هولاند يأخد استراحة من تصوير -Spider Man- بسبب إصابة
- ماكرون يعلن اعتراف فرنسا بدولة فلسطينية
- -كيف وصلت من القاعدة لرئاسة سوريا؟- هكذا رد الشرع على سؤال م ...
- القسام تبث فيديو رهينة إسرائيلي يهاجم نتنياهو.. وإسرائيل تحذ ...
- وسط خلاف تجاري مع واشنطن.. كوريا الجنوبية تحذر من أزمة مالية ...
- مناورات -بحر الصداقة-: مصر وتركيا تعيدان تشكيل المشهد في شرق ...
- دولة فلسطين: كيف سيترجم الاعتراف بها عمليا؟
- السعودية تعتمد ضوابط جديدة للمحتوى الإعلامي والرقمي لحماية ا ...
- قطر: الهجوم الإسرائيلي يهدد كل الاتفاقات المبرمة بالمنطقة
- إسرائيل تتوعد أسطول الصمود


المزيد.....

- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض سعد - بين العراق وتجارب الأمم الأخرى – لماذا انتصرت بعض الشعوب وفشلت أخرى؟