أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عادل صوما - شنق الكلاب موروث ثقافي















المزيد.....

شنق الكلاب موروث ثقافي


عادل صوما

الحوار المتمدن-العدد: 8470 - 2025 / 9 / 19 - 08:08
المحور: كتابات ساخرة
    


ضج المصريون وبعض الشرق أوسطيين على مواقع التواصل الاجتماعي منذ فترة، بسبب صورة لكلب مشنوق في القاهرة، تركه الفاعل مُعلقاً خارج شرفة في الطابق الرابع، ولا أعرف لماذا حدثت هذه الضجة، لأن الاعتداء على الحيوانات معروف بشكل عام في هذا البلاد خصوصا مصر، وضرب الكلاب التي تمارس الجنس بالعصى أو أسياخ الحديد في الاماكن العامة أو الحدائق، هواية سادية شرسة يمارسها المراهقون المصريون، وقد تصل إلي موت أحد الكلبين أو كليهما، بل أنني رأيت مرة حوذي عربة حنطور يهدد حصانه بمطواة، ويشتمه بصوت مرتفع لأن الحصان كما يبدو كان جائعاً أو عطشاناً ولا يريد التحرك بالعربة!
- هو الحصان فاهم إللي بتقوله؟ سألتُ الحوذي وأنا مندهش.
- طبعاً فاهم. أنا عارفه ومربيه! رد الحوذي عليَّ بغضب.
ثم أن الإله الإبراهيمي يخص بعض الحيوانات بغضبه ولعناته رغم أنه شخصياً خلقها لتؤدي بما وضعه في جيناتها؟!!!
هذا الاستهداف واضح في الأدبية الإبراهيمية الثالثة، خصوصاً في صناعة الأحاديث التي أخرجوها بعد وفاة صاحبها بقرون، وتقول عن الكلب شيئاً واضحاً جداً لا يحتاج لنبي ليشرحه، ولا لمفسرين يكتبون تفاسيراً عن هذا الحديث.
الخنزير صاحب مكانة أهم بكثير في الاستهداف، ولا أعرف حقيقة ما خطورة الخنزير على الحضارات أو التقدم أو البشرية، لكن من علامات القيامة وفناء الإنسانية "ينزل فيكم ابن مريم حكماً عدلا، فيكسر الصليب ويقتل الخنزير".
نجاسة الكلب
كلمة نجس بشكل عام في الأدبية الإبراهيمية الثالثة يستحيل أن يفهمها من هو خارج إطار الثقافة العربية، ولا ترجمة صحيحة لها حسب ما يُقصد بها في اللغة العربية، فترجمتها إلى أي لغة تعني ملوث. أما في الثقافة العربية فتحمل معان كثيرة.
عندما تقول عن إنسان أنه نجس، فيُحتمل أن قلبه مفعم بالحقد، أو يتجاهل أصول اللياقة، أو يشمت لمصائب أو خسائر أو موت الناس، وغيرها من معانٍ علاوة على المعنى الديني للنجاسة.
وأعود إلى الكلب، وأنقل بطريقة copy and past ما قيل عنه في المواقع الموثوق بها.
هو نَجِسُ العينِ بِجَميعِ أجزائِه، وهو مذهَبُ الشافعيَّة، والحنابلة، وبه قال أبو يوسفَ ومحمَّدُ بنُ الحسن من الحنفيَّة، وهو اختيارُ الصَّنعانيِّ ، وابنِ عُثيمين والأدلَّة مِن السُّنَّةِ: عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: إنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلّم قال: إذا شَرِب الكلبُ في إناءِ أحَدِكم؛ فلْيَغسِلْه سَبعًا.
ولأن الموضوع مهم كما يبدو، كرر أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه الحديث فقال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: طُهورُ إناءِ أحَدِكم إذا وَلَغ فيه الكَلبُ: أنْ يَغسِلَه سَبْعَ مرَّاتٍ، أُولاهُنَّ بالتُّرابِ، وفي رواية أخرى: ولَغَ الكَلبُ في إناءِ أحَدِكم، فلْيُرِقْه، ثم لْيَغسلْه سَبعَ مِرار.
وجه الدَّلالةِ مِن هذينِ الحَديثينِ: أنَّ الأمرَ بالغَسلِ، واعتبارَ العَددِ، واعتبارَ غَسلِ التُّرابِ معه، ثم الأمرَ بإراقةِ ما وَلَغَ فيه؛ كلُّ ذلك يدلُّ على نجاسةِ الكَلبِ نجاسةً مغلَّظةً.
خرافة الإيمان بثقافة وتقديس الأرقام واضحة للغاية، وأعقّب عليها بسؤال عقلاني: هل ينطبق هذا الكلام على الكلب فقط، ولا ينطبق على القط أو الذئب أو القرد إذا لعقوا في إناء نشرب منه؟
الملائكة والكلاب
وعن مَيمونةَ رَضِيَ اللهُ عنها ورد: أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أصبح يومًا واجمًا، فقالت ميمونةُ: يا رسولَ الله، لقدِ استنكرتُ هيئتَكَ منذُ اليوم! قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّ جِبريلَ كان وَعَدني أنْ يلقاني اللَّيلةَ فلمْ يَلْقَني، أمَ واللهِ ما أخلَفَني، قال: فظلَّ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَومَه ذلك على ذلك، ثم وقَع في نفْسِه جِرْوُ كَلبٍ تحت فُسطاطٍ لنا، فأمَر به فأُخرِج، ثمَّ أَخَذ بِيَدِه ماءً فنَضَحَ مكانَه، فلمَّا أمسى لقِيَه جبريلُ، فقال له: قد كنتَ وعَدتَني أنْ تلقاني البارحةَ، قال: أجَلْ، ولكنَّا لا ندخُل بيتًا فيه كلبٌ ولا صُورة.
رئيس الملائكة جبريل لا يدخل بيتاً فيه كلب أو جرو أو صورة، وبالتالي الملائكة أيضاً، وهنا تظهر إشكالية: كيف سيراقب الملائكة الناس ليُحاسبوا في الآخرة، بينما كل بيوت الدعارة حيث يزني الناس فيها صور، وكذلك النوادي الليلية حيث الخلاعة والمجون وشرب الخمر، والبنوك حيث يمارس الناس تبييض الأموال والتلاعب بأسعار العملات، والمدارس حيث الغش وعدم تقدير المعلم، والبيوت حيث يمارس الناس التلصص على الجيران والكذب والجريمة والزنا وزنا المحارم والسرقة ومشاهدة البورنو على الإنترنت.
إعدام الكلب
من المؤكد أن الذي شنق الكلب مستمع ممتاز لشيوخ الصحوة، خصوصاً أن ميكروفوناتهم أصبحت كثيرة جداً في شوارع مصر، ومن خلال رفع عقيرتهم بواسطتها وبشكل مزعج للغاية، يركزون على كل ما يضع المسلم في عداوة مع كل شيء، وبداهة الكلب والخنزير وأي إنسان مختلف في الدين والمذهب، ما خلق هلوسة دينية جماعية، الظاهر منها حوادث ممارسة الإعتداءات على الكلاب النجسة التي زادت في مصر بشكل ملحوظ، وما خَفِيَ أعظم.
من هذه الحوادث أربع كلاب أحرقها غيورون على طهارة المدرسة الفنية التجارية في منطقة شبرا سنة 2018، وحرق عشرة كلاب في مدينة 6 أكتوبر في السنة نفسها، رغم خلوها من أي مرض، وتسميم كلاب ضالة داخل الحرم الجامعي لجامعة القاهرة سنة 2017، وسحل وحرق كلب دخل عن طريق الخطأ إلى مسجد "الحَمْد" في مارس 2016. لم يطهّر المؤمنون المطهرون سجاد المسجد، بل حرقوا الكلب الذي لا يدرك خطورة ما فعل على إيمانهم القويم بعد سحله!
في سنة 2015 نشب شجار بين جزار ورجل ذهب مع كلبه إلى محله، ويبدو أن الخلاف كان على السعر، فتعاون جزارون آخرون في الجوار مع زميل المهنة، لكنهم لم يتشاجروا مع الزبون بل ذبحوا الكلب النجس ومزقوا جسده بالسكاكين، وتم كتابة المحضر في قسم الشرطة تحت إسم " كلب شارع الهرم".
الكلاب والأساطير
حتى قبل عصر التنوير بقرون وعدم معرفة الناس بالجراثيم، لم يكن الناس يأكلون في الصحن نفسه الذي يأكل فيه أي حيوان، لأن الحيوانات الأليفة التي تعيش مع الإنسان تأكل بفمها سواء ما هو موجود على الأرض أو في صحن، والناس كانوا يدركون أن أفواهها غير نظيفة.
في كل بلاد العالم هناك حقوق للحيوانات وملاذات آمنة للأليفة منها حتى لا تشرد في الشوارع، ويستثنى من هذه القاعدة دول مهد الحضارات ومهبط الأديان السماوية لأن الإنسان نفسه فيها يعيش مقموعاً.



#عادل_صوما (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإرتقاء بالاستنارة والتقدم بالتبعية (2)
- الإرتقاء بالاستنارة والتقدم بالتبعية (1)
- حرام لراغب وحلال للداعية
- الضمير الإنساني والضمير الديني (2)
- الضمير الديني والضمير الإنساني
- إذا كان الله معهم فمن هزمهم؟
- الله وكارداشيان وخالة الحاكم
- الملكية الإنسانية لا تخضع للسيادة
- وضع الأقباط في الجمهورية الجديدة
- اعتقلوهن بجرم الغناء (2)
- اعتقلوهن بجرم الغناء
- تقنيات تحارب غيبيات (2)
- تقنيات تحارب غيبيات
- مقاولو هدم الحضارات
- انتهازية الدين السياسي
- تَجَاهَل العلم ليقوى إيمانك
- التخدير الديني سلاح النظم القمعية
- رسائل تنتظر قرارات سياسية
- شجرة زيتون غنّت للمتوسط
- الردع دواء التنمّر والمزايدات


المزيد.....




- أحمد مهنا.. فنان يرسم الجوع والأمل على صناديق المساعدات بغزة ...
- وَجْهٌ فِي مَرَايَا حُلْم
- أحمد مهنا.. فنان يرسم الجوع والأمل على صناديق المساعدات بغزة ...
- نظارة ذكية -تخذل- زوكربيرغ.. موقف محرج على المسرح
- -قوة التفاوض- عراقجي يكشف خفايا بمفاوضات الملف النووي
- سميح القاسم.. الشاعر المؤرخ و-متنبي- فلسطين
- سميح القاسم.. الشاعر المؤرخ و-متنبي- فلسطين
- -أنخاب الأصائل-.. إطلالة على المبنى وإيماءة إلى المعنى
- -الأشرار 2- مغامرات من الأرض إلى الفضاء تمنح عائلتك لحظات ما ...
- محمد حلمي الريشة وتشكيل الجغرافيا الشعرية في عمل جديد متناغم ...


المزيد.....

- صديقي الذي صار عنزة / د. خالد زغريت
- حرف العين الذي فقأ عيني / د. خالد زغريت
- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عادل صوما - شنق الكلاب موروث ثقافي