أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عادل صوما - حرام لراغب وحلال للداعية















المزيد.....

حرام لراغب وحلال للداعية


عادل صوما

الحوار المتمدن-العدد: 8416 - 2025 / 7 / 27 - 20:52
المحور: كتابات ساخرة
    


قبلة من معجبة للمطرب راغب علامة، سببت زلزالا أخلاقيا في المحروسة مصر، أسفر عن منعه من الغناء لفترة.
العقاب ديني صحراوي لكن بشكل عصري، لعدم وجود جلادين كما يبدو في نقابة المهن الموسيقية، لكن المُعمم عباس شومان تدارك الأمر وقال: إذا صح ما يُقال عن البنات إللي عملوا فضايح على المسارح انهن غير مصريات، فيجب ترحيلهن فوراً قبل نشر فسادهن بيننا.
شومان يريد ترحيل فتاة حاصلة على فيزة دخول مدفوعة الأجر، وتزور القاهرة بشكل شرعي لأنها قبلّت مطرب.
إرتد شومان إلى زمان لم يكن فيه فيزة دخول للدول أو حق المواطنة، إذ ورد في التاريخ الأعرابي أن عمر بن الخطاب كان يتجسس بنفسه على رعيته المسلمين بدون علمهم، حفاظاً على الأخلاق!!
سمع أثناء تلصصه على الخيام إمرأة تقول لصديقتها أنها تتمنى مجالسة وشرب الخمر مع نصر بن حجاج، فأمر أمير المؤمنين في صباح اليوم التالي بنفي نصر بن حجاج تجنباً لفتنة النساء به، فنصر بن حجاج كان وسيماً حسب الرواية.
بلغت رهافة الحس الأخلاقي عند أمير المؤمنين نفي رجل وسيم تجنباً للفتنة، لكن الحس الأخلاقي الزائف تجاوز أمر التلصص والتجسس والتنصت على خصوصيات الناس.
قبلة وتفسير
قبلة المعجبة يمكن تفسيرها سيكولوجياً بعيدا عن الهوس الأخلاقي السطحي. الفتاة لم تكن على المسرح، إنما صعدت إليه على عجل، وواضح أنها تعاني من "متلازمة المشهورين"، وتعني فقدان التوازن عند رؤية إنسان مشهور، وطالما بكى أفراد عندما شاهدوا وجهاً لوجه أحد المشهورين، وهناك إمرأة في فلوريدا أصابها تشنج وبدأت تصرخ بشكل هسيتيري، عندما فوجئت بدونالد ترمب يسير أمامها مع زوجته في منتجع مارلاغو.
فتاة القُبلة إياها لم تبك أو تصرخ، لكنها اندفعت وسببت سرعتها وحركة رقبتها المفاجئة حدوث قبلة سريعة على الشفاه وليس الخد، لأن راغب علامة فوجئ فعلا بتصرفها، ويبدو أنه لم يتوقع ملامسة شفتيها.
نسى المصريون أن أم كلثوم انهارت وفقدت توازنها، عندما فاجأها شاب على المسرح في تونس، صعد وقبّل يديها، لأنه أيضاً مصاب بمتلازمة المشهورين. بكت ثم تماسكت أم كلثوم بعد حوالي عشر دقائق من جلوسها على الكرسي وهي ترتعش أمام الحضور قبل أن تعاود الغناء.
قشرة الأخلاق
بعيداً عن قُبلة المعجبة إياها التي كانت ستمر بشكل عادي لولا أجواء الرهاب الديني السطحي المستفحل في مصر بشكل مؤسف فعلا، وخلال متابعاتي لهذه الظاهرة الخطيرة، سمعتُ مؤمنة تطلب فتوى عن مدى صحة صلاتها وقبول الله لها، إذا ظهر بعض من شعرها بسبب الركوع والسجود.
لم يقل لها صاحب العمامة أن ما تقوله تافهاً، ولا يجوز سؤاله نسبة إلى عظمة الله ومنطق العقل، بل أجابها بقصص ومرويات عن عن عن تحتاج إلى متفقّه في الدين، ومتضلّع في اللغة، ليتابعها ويفهمها، وجعلها تخجل من عدم ابتكار أي طريقة تمنع هذا الفعل الذي يُبطل الصلاة.
فعل صاحب العمامة ذلك ليكون التحكم فيها مع سواها سهلا، سواء منه أو من معمم غيره أو السلطان، فهم يريدون حكم غائبين عن العقل.
هذا مثال واحد فقط عن سيطرة الرهاب الطقوسي السلوكي الفارغ من أي إيمان، والمطلوب لوأد التفكير في عقول الناس، وافتعال الهياج الجمعي عقب أمور لا تستحق زلازل في المجتمع، بعد الصحوة إياها التي أقامت التفاهات من القبور، وأماتت جوهر العبادة في النفوس.
هل يُعقل أن الله وهو مستوٍ على عرشه فرّغ نفسه لمتابعة شعر المؤمنات إذا ظهر بعضه من غطاء رأسهن بسبب الركوع والسجود؟ هل يُبطل الصلاة ظهور خصلة شعر، عند من يفهمون معناها الروحي والإيماني؟
بداية الوباء
منذ خمسين سنة وأكثر لم تهتز مصر لظهور ممثلاتها بلباس البحر، حتى لو كان قطعتين، بل ظهرت بعضهن شبه عاريات لأن الشخصية التي يمثلنها تقتضي ذلك.
ثم أن السباحة نشاط من أنشطة الحياة، وكان الناس يدركون بعقولهم قبل تكفير فعل التفكير، أن السباحة بالفستان الشائع اليوم لستر العورة أشد إثارة، فهو يُبرز أكثر مما يخفي، والفستان الملتصق بجسد المرأة يغذي الخيال، وقد يضفي جمالا على من لا تستحقه.
إحياء الشكليات الأخلاقية وجعلها أهم من الجوهر، لم يكن وباؤه قد بدأ بعد على المستوى الشعبي، وكان الإعلام والفن إلى حد ما يريدان تقليد الغرب العَلماني، ويتفهم الجميع أن المجتمع يحوي الجيد والرديء.
هذا كان عندما كان العقل مستيقظاً، وإحياء شكليات الطقوس واقحام الدين في كل كبيرة وصغيرة لم يظهروا بعد، الأمر الذي يجعل مصر تهتز بسبب قبلة عابرة من معجبة غير متوازنة عاطفياً.
الثانية إباحياً
غيبة العقل هذه، لم تجعل مصر تهتز عندما ذكر أكثر من مصدر إحصائي موثوق به، إنها تحتل المرتبة الثانية عالمياً بعد العراق في مشاهدة أفلام البورنو، وقد أكدت إحدى ممثلات البورنو العربيات هذه الأرقام من أسماء متابعيها المؤمنين ودولهم وتعليقاتهم ونصائحهم لها بالعربية على موقعها الخاص.
جعل تخدير العقل بالشكليات بعضهم يتهم الممثلة إياها بالفجور والفسق والخلاعة، كما روت هي. تناسوا أنهم مدمنو مشاهدتها والمعجبين بجسدها عارياً!
اهتزت مصر بسبب قبلة عابرة لفتاة فقدت توازنها علانية عند مشاهدة شخصية مشهورة وجهاً لوجه، ولم تهتز لخطورة رقمها القياسي المسجل في الغرف المغلقة في مشاهدة الإباحيات. كما لم أسمع المُعمم عباس شومان أو غيره يعلق على هذا الأمر.
الزلازل المطلوبة
لم تهتز مصر عندما زار دونالد ترمب دول القرار في الشرق الأوسط منذ أسابيع وتجاهل مصر. ربما اعتبروا أن (زيارته مالهاش لزمة).
لم تهتز مصر بسبب ديونها، أو تخلفها العلمي، أو كذب المخترعين على برامج "القناة الثانية"، أو بسبب الفساد والرشوة، أو تجار الدين الذين أصبحوا أكثر من تجار حبوب المزاج والكيف.
لم تهتز مصر ونسبة التحرش بالنساء حتى المحجبات تزداد، ونسبة التحرش بالسائحات أصبحت معروفة عالمياً، والسياحة مصدر دخل قومي بدأ يتضرر من قلة السواح.
لم تهتز مصر بسبب وضع رئيسها أنفه في كل شيء، لدرجة أنه يرفض الوقت الذي يحدده المقاولون لتشييد أي طريق سريع، ويضع توقيتاً آخر لهم بشكل أمر تنفيذي عسكري، ما يجعلهم ينجزون العمل بسرعة، تنتج عنها عمل (قمصان) كما يقولون في مصر لمعظم طرقها السريعة الجديدة، وهذه (القمصان) تعالج التشققات وانهيارات بعض الأجزاء.
مطرب وداعية
اهتزت مصر بسبب قبلة غير متزنة من معجبة لمطرب، ولم تهتز بسبب قضية تحرش جنسي قام به داعية لا يملك شهادة علمية ينادونه بها، بل دبر مفتعلو الزلازل الأخلاقية له سيناريو هروبه من مصر إلى كندا، واغلاق مواقعه التحريضية لمدة شهور، ثم عودته وكأن شيئاً لم يكن.
مر الأمر كأنه زوبعة في فنجان غائبين عن الوعي، بصّر دجالون خطوطه وما تعنيه.
وإذا كانت قضية هذا الداعية ملفقة كما يقول هو كذباً، وهو من المتبجحين، فماذا عن قضايا تحرش حفيد حسن البنا في عدة دول أوروبية، ولماذا لم تأخذ مساحة واضحة في إعلام المؤمنين؟ لماذا لم تهتز على مؤشر رختر الأخلاقي أي دولة مؤمنين بما فيها بلد البنا نفسه؟
لماذا لم يزل المؤمنون يبجلون من يكفّر التفكير، بحجة الأخلاق مرة والإيمان مرة ثانية، ويتوجسون أو يكّفرون مَنْ يحاول إحياء التفكير العلمي ويدعوهم للمقارنة والنقد والبحث عن المصداقية؟



#عادل_صوما (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الضمير الإنساني والضمير الديني (2)
- الضمير الديني والضمير الإنساني
- إذا كان الله معهم فمن هزمهم؟
- الله وكارداشيان وخالة الحاكم
- الملكية الإنسانية لا تخضع للسيادة
- وضع الأقباط في الجمهورية الجديدة
- اعتقلوهن بجرم الغناء (2)
- اعتقلوهن بجرم الغناء
- تقنيات تحارب غيبيات (2)
- تقنيات تحارب غيبيات
- مقاولو هدم الحضارات
- انتهازية الدين السياسي
- تَجَاهَل العلم ليقوى إيمانك
- التخدير الديني سلاح النظم القمعية
- رسائل تنتظر قرارات سياسية
- شجرة زيتون غنّت للمتوسط
- الردع دواء التنمّر والمزايدات
- معايدة المسيحيين في أعيادهم
- أحمد عدوية وازدواجية عصره
- عندما قال فريد الأطرش: مش قادر!


المزيد.....




- فنانون بلجيكيون: لا نريد أن نربي أطفالنا في عالم يموت فيه ال ...
- المسرح الجامعي بالدار البيضاء.. ذاكرة تهجس بالحداثة والتجريب ...
- حماس: نرفض المسرحيات الهزلية التي تسمى عمليات الإنزال الجوي ...
- حكومة غزة: المجاعة تزداد شراسة وما يجري مسرحية هزلية
- موسيقى زياد الرحباني.. حين تتحول النغمات إلى منشور سياسي غاض ...
- تعازي الشيوعي العراقي للشيوعي اللبناني برحيل الفنان الكبير ز ...
- اختتام مسابقة الرواية حول الشهيد يحيى السنوار في مسقط
- في حرب السرد بين المقاومة والاحتلال. من يملك الرواية؟
- من بغداد إلى القاهرة.. دروس الروح الأدبية في منافسات الشعراء ...
- صدور (كوثرة متد حرجة) مجموعة قصصية للأديبة بلقيس خالدب


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عادل صوما - حرام لراغب وحلال للداعية