رحمة يوسف يونس
الحوار المتمدن-العدد: 8467 - 2025 / 9 / 16 - 00:51
المحور:
قضايا ثقافية
اليوم طرقت بابي موظفة تعمل في مجال محو الأمية، سألتني إن كان احد أفراد العائلة اميًا، أجبتها لا. وأنا أتذكر جداتي رحمهم الله، حيث كان التعليم في زمنهم ضربًا من الترف.
بعد مغادرتها راودني سؤال إن كنت أنا أمية، وانتابني شعور بأنني في بلد غير متقدم. فالأمية في بلدي ما زالت في تعريفها التقليدي، وهو عدم معرفة القراءة والكتابة (الأمية الابجدية). بينما تعريف مفهوم الأمية في الدول المتقدمة تجاوز الجهل بالحروف، ويُعرف على أنه الجهل بمهارات التقنيات والأدوات التكنولوجية، المتعلقة بالهواتف والحواسيب والتطبيقات الاصطناعية، وهي ما تسمى بالأمية الرقمية.
وكذلك من مفاهيم الأمية، الأمية المعلوماتية، وهو الجهل بمصدر المعلومات ونشر معلومات من غير معرفة مصدرها او من مصدر غير موثوق، وعدم التمييز بين الحقيقة والرأي، فكم من فرد يقرأ كتابًا أو مقالًا ويظن افكار الكاتب حقيقة مطلقة، وقد يطبقها وهي لا تناسب ظروفه، او يرفضها ويرفض القراءة من أساسها ويراها مفسدة لحياته المألوفة، وهو لا يدري أن الافكار التي قرأها مجرد رأي او وجهة نظر الكاتب.
ومن الأمية، الأمية بلغة العصر، فكم من فرد يجهل اللغة الانكليزية فلا يستطيع قراءة ارشادات الدواء او ارشادات آلة منزلية لا يعرف كيفية استخدامها، ولا استخدام السلم والمصعد الكهربايي. وهناك حتى من لا يجيد لغته الأم، فلا يعرف أن يكتب او ينطق جملة صحيحة نحويًا، ويظن انه يجيد لغته الأم.
والأمية الحديثة لها صور متعددة اخرى لا مجال لذكرها كلها هنا، والجهل بها يجعل الفرد منعزلًا عن المجتمع الحديث والسريع في تطوره. فيبدو اميًا حتى إن كان يجيد القراءة والكتابة بلغته الأم، وينتابه شعور بأنه ليس ابن زمانه.
فهل سأنتظر يومًا يطرق موظف أبواب أحفادي ويسألهم هل فيكم شخص لا يجيد التقنية، أو لا يميز بين خبر حقيقي وشائع، فيجيبونهم لا، وهم يتذكرونني، كما تذكرت أنا جداتي.
#رحمة_يوسف_يونس (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟