أسامة خليفة
الحوار المتمدن-العدد: 8465 - 2025 / 9 / 14 - 13:56
المحور:
القضية الفلسطينية
كاتب فلسطيني
وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب يوم الجمعة 5/9 أمراً تنفيذياً ينص على تغيير اسم «وزارة الدفاع» إلى « وزارة الحرب»، وكان قد طرح للصحافة فكرة التسمية في 25 آب /أغسطس. وقال حينها: «ربحنا الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية وقبلها وبعدها ربحنا كل شيء. وكانت تسمى وزارة الحرب، وهذا برأيي ما هي عليه حقاً، والدفاع جزء من ذلك. كان لدينا تاريخ مذهل من الانتصارات عندما كانت تسمى وزارة الحرب ثم غيّرنا اسم الوزارة إلى وزارة الدفاع، الآن نعيد تسميتها وزارة الحرب». ذلك في إيحاء أن الأمر يتعلق برمزية تاريخية لانتصارات وبطولات وتضحيات، وليس من شأنها أن تُخبر عن مغامرات عسكرية أميركية محتملة. وإذا كان السبب الرئيسي يتعلق بالرمزية التاريخية فالرمزية مرشحة للتصاعد من ذكريات الانتصارات العسكرية الأمريكية إلى مظاهر احتفالية، تخلق بيئة مناسبة لغطرسة القوة التي قد تتجاوز الحدود إلى وقائع تستخدم فيها هذه القوة وتفرغ في حروب طاقتها المخزنة، يشير مضمون نص الأمر أن الهدف منه هو « إظهار القوة والعزيمة»، واعتبر الرئيس الأميركي ترامب أن كلمة دفاع ليست هجومية وليست عدوانية بما يكفي. بينما أكد وزير الحرب الأمريكي على أهمية الكلمات وتأثيرها، قائلاً إن التغيير ليس مجرد إعادة تسمية، بل هو استعادة لهوية الوزارة. وأضاف: «سوف نهاجم، لا ندافع فقط، فاعلية قتالية قصوى، لا قانونية فاترة، تأثير عنيف، لا تصحيح سياسي، سنُربي محاربين، لا مجرد مدافعين».
أثار هذا التغيير تساؤلات حول أسباب الأمر الرئاسي، والرسائل التي يريد ترامب إيصالها. فماذا وراء توقيع ترامب أمراً بتغيير اسم الوزارة؟. هل هي مسألة شكلية، ومجرد تسمية، واستبدال شعار بآخر، ولا تعكس أهدافاً عدوانية؟. أم لها سببها الحربي العدواني؟. ولها بعدها الميداني وأهدافها الاستراتيجية؟. أم استعراض للقوة الفائقة والقدارات الهائلة لترهيب الآخرين؟. الكثيرون يقولون العودة للاسم القديم له معناه ودلالته، حيث كانت الوزارة تحمل هذا الاسم قبل الحرب العالمية الثانية، وانفردت الولايات المتحدة بإلقاء قنبلتين ذريتين على مدينتين آهلتين بالسكان، فاستحقت تسمية وزارة الحرب عن جدارة، واسم وزارة الحرب يليق بالسياسة الأمريكية العدوانية، فقد كانت دائماً وزارة حرب ودمار.
تسمية وزارة الدفاع بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها، لم تمنع الولايات المتحدة من شن الحروب، وإثارة التوتر، وعدم الاستقرار في كل أنحاء العالم، هنا كان تبديل الاسم أمراً شكلياً، وليس حقيقياً أن الهدف كان للتأكيد على دور الوزارة في منع نشوب النزاعات حسب زعم البنتاغون والمسؤولين الأميركيين.
وعن الترتيبات اللازمة قال وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث إن ميزانية الدفاع الأمريكية ستبلغ تريليون دولار لأول مرة في العام 2025، حيث تم الإعلان عن ميزانية ستكون أكبر ميزانية حرب أميركية سنوية حتى الآن. زيادة الانفاق العسكري، وتصنيع وتطوير الأسلحة الفتاكة، ومنظومات حرب عسكرية نووية، وانتشار عسكري واسع في مختلف أرجاء العالم، وتعزيز القواعد العسكرية، هذه مؤشرات على عقيدة عسكرية هجومية تبدو عجولة لتكون في أعلى درجات الجهوزية لحدث قريب، فالتصريحات المرافقة تثير هواجس ومخاوف حول توجيه ضربة عسكرية في مكان ما، وتخلق تصوراً أن واقعة ستحدث.
خلال مراسم توقيع الأمر التنفيذي، خاطب ترامب وزير الدفاع بيت هيغسيث، قائلا: «سأبدأ من الآن بمناداتك بلقب وزير الحرب». لكن لقب وزير الحرب ونائب وزير الحرب سيبقى استخدامه ثانوياً في المراسلات الرسمية والاتصالات العامة. وستستخدم الوزارة الاسم الجديد في البداية كلقب ثانوي بينما تسعى الإدارة الأمريكية للحصول على موافقة الكونغرس لجعل هذا التغيير دائماً. وكان ترامب قد قال للصحفيين إنه واثق من دعم الكونغرس للفكرة. وفي مؤتمر صحفي عقده بالبيت الأبيض، أوضح ترامب أن الإدارة الأميركية اتخذت خطوة جديدة ضمن إعادة هيكلة البنتاغون، وأنه سيطلب من الكونغرس إجراء التعديلات القانونية اللازمة لاعتماد القرار، وفي استهتار بالأنظمة والقواعد في الإدارة الأميركية تساءل ترامب عما إذا كان الأمر يحتاج بالفعل إلى موافقة الكونغرس. وقد قدم عضوان جمهوريان في مجلس الشيوخ، هما مايك لي من ولاية يوتا وريك سكوت من ولاية فلوريدا، وعضو جمهوري في مجلس النواب، هو غريغ ستيوب من ولاية فلوريدا، تشريعاً لإجراء التغيير.
وقد كانت وزارة الدفاع الأميركية تسمى وزارة الحرب منذ عام 1789 حتى عام 1949 بدمج الجيش والبحرية والقوات الجوية في أعقاب الحرب العالمية الثانية، في ظروف وانقسام العالم إلى كتلتين متصارعتين، والخوف من تحول الحرب الباردة إلى حرب ساخنة، ومخاطر انتشار الأسلحة النووية.
ليس بالضرورة أن تسمية وزارة الدفاع تعبر عن عقيدة دفاعية بهدف ضمان أمن البلاد من أي اعتداء، فهذه إسرائيل ومعها الولايات المتحدة كلاهما يتبنى الحرب الاستباقية، وهو ما لا تؤيده الأمم المتحدة لأنه يخرق السلام على أساس من التوقعات التي قد لا تكون صائبة. يقول ترامب أنه يسعى إلى إنهاء الحروب لا سيما في غزة وفي أوكرانيا، وأنه يريد تحقيق السلام، ويتمنى الفوز بجائزة نوبل للسلام، لكن عقيدته في تحقيق السلام باستخدام القوة بدلاً من نجاحها في الوصول إلى السلام أغرقت الشرق الأوسط بالدماء، وأدت إلى اهتزاز صورة ترامب الساعي للحصول على جائزة نوبل للسلام وإنهاء الحروب، ربما سعيه للمجد الشخصي دعاه للقيام بـتغييرات لم تكن استراتيجية كما حلم، وبقيت في إطار التسمية فقط، حتى لو كانت بنيوية تطال أسس المؤسسة العسكرية لن تترك إرثاً يذكر به ، ولا اسماً راسخاً في صفحات التاريخ، إلا إذا كان مجرم حرب أو صانع حقيقي للسلام العالمي.
يشير بعض المحللين إلى توقيت التسمية الجديدة القديمة التي تأتي في أعقاب استعراض الصين العسكري في 3 سبتمبر/أيلول بمناسبة الذكرى الثمانين للانتصار على اليابان ونهاية الحرب العالمية الثانية، وبحضور الرئيس الصيني تشي جين بينغ والرئيس الروسي فلاديميير بوتين والرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون، شكل لقاء الرؤساء الثلاثة قلقاً كبيراً لترامب، أظهرت فيه بكين كل منظوماتها العسكرية القتالية الحديثة، أظهرت الصواريخ الاستراتيجية أنها قوة ردع نووية، وُصف العرض العسكري بأنه تحد كبير وواضح للولايات المتحدة، واعتبر مستفزاً، ويحمل رسالة سياسية لواشنطن، بأنه تحالف قوي يرسم ملامح نظام عالمي جديد، يثير مخاوف الولايات المتحدة، واعتبر المحللون السياسيون أن توقيت التسمية يظهر استعداد واشنطن للرد على أي تهديد، ويضع بعض المحللين تسمية وزارة الحرب في سياق استعدادات أمريكية للعودة إلى عصر المواجهة المباشرة. إثر نجاح الصين في استعراضها العسكري. بينما فشلت الولايات المتحدة في استعراضات القوة، وأخر استعراض أميركي أقيم في العاصمة واشنطن في 14/6/2025 بمناسبة الذكرى الـ«250» لتأسيس الجيش الأميركي، بالتزامن مع عيد الميلاد الـ«79» لترامب وبدل أن يعكس العرض العسكري مظاهر القوة ويشيع في نفوس الأمريكيين الفخر والاعتزاز ويمنحهم الثقة بقدرات جيشهم على الدفاع عن مصالحهم الوطنية، عمّت البلاد احتجاجات حاشدة ضد ترامب وصفته بـالديكتاتور الطامح لأن يكون ملكاً.
#أسامة_خليفة (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟