أسامة خليفة
الحوار المتمدن-العدد: 8373 - 2025 / 6 / 14 - 13:01
المحور:
القضية الفلسطينية
بين الفعل ورد الفعل كان الحديث عن الحسم، وقدرات إسرائيل الجوية في تحقيق ضربة استراتيجية وإحداث ضعف تعجز إيران بعدها عن التصدي لعمليات الطيران الإسرائيلي، وتقود إيران في مرحلة من العمليات المتتالية إلى الاستسلام والخضوع لشروط الولايات المتحدة وإسرائيل في تفكيك البرنامج النووي والمنظومة الصاروخية، وأرادت إسرائيل من الضربة الأولى منع إيران من القدرة على رد العدوان رداً استراتيجياً سريعاً وحاسماً، وبهذا وضعت إسرائيل والولايات المتحدة ايران أمام خيار وحيد هو الرد بقوة، وطالما تأكد القول إن هذا العدو لا يفهم غير لغة القوة، وبتنا لا ننتظر متى يكون زمان الرد؟. وأين مكانه؟. كما في المرات السابقة، لأن الحرب قد دخلت مرحلتها المفتوحة، إيران تخوض حرب نيابة عن شعوب المنطقة كلها، ضد عدو متسلط لا يريد الأمن والاستقرار لشعوبها، وأمنه الخاص يقوم على نكبات الدول المحيطة وتفتيتها وحروبها الداخلية، فتغزي النزعات القزمية والطائفية والاثنية والمناطقية.
ستقرر القيادة الإيرانية بعد استيعاب الضربة الأولى درجة الرد ومستواه، دفاعاً عن نفسها، وحقها في امتلاك التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية، إيران كانت تحضر خلال ساعات النهار للرد الذي تصفه بأنه سيجعل إسرائيل تندم على ما أقدمت عليه، وهذا الرد سيكون قوياً، لكنه أقل مستوى من الرد الحاسم، إن رداً إيرانياً حاسماً يعني بتر الذراع الطويلة لهذا الكيان والذي روع المنطقة كلها وارتكب جرائم لا حصر لها، وكل وطنيي المنطقة يتمنون ذلك، لكن المتوقع أن يبقى الطيران الإسرائيلي يعربد خلال المعركة حتى التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بغض النظر عن نقاطه وبنوده. والخطأ الإيراني أنها لم تسعَ إلى تملك سلاحاً يحيد على الأقل سلاح الطيران الصهيوني طالما كان متوقعاً اعتماد إسرائيل الرئيسي على القوة الجوين من طائرات ف 35.
الرد الإيراني سيكون مزدوجاً، أولاً: سيكون رداً عسكرياً بضربة صاروخية مؤلمة لإسرائيل، وثانياً: سياسياً بالرد على الداعم للعدوان، ومن يقف وراءه بالامتناع عن حضور الجولة السادسة من مفاوضات الملف النووي يوم الأحد القادم، وربما الانسحاب كلياً من الحوار مع الولايات المتحدة للاتفاق على رفع العقوبات مقابل تخفيض نسبة تخصيب اليورانيوم، والذي أصبح بلا معنى بعد ما حصل، وسيحدث العدوان أثراً سلبياً على المفاوضات، وستؤدي تطورات الأحداث إلى انقطاع كامل للمباحثات النووية. الرئيس الأميركي دعا إلى عقد اجتماعاً لمجلس الأمن القومي الأميركي وحث إيران على انتهاز الفرصة الأخيرة وحضور اجتماع الأحد القادم، قبل أن تفقد كل شيء.
إسرائيل كانت البادئة لكن طهران هي من سيحدد نهايتها، كيف؟. ومتى؟. أعلن الجيش الإسرائيلي بدء معركة سماها عملية «شعب كالأسد»، بدأها بخمس موجات بمئتي طيارة استهدفت مواقع عسكرية، ومراكز دفاع جوي، ومنصات إطلاق صواريخ، واغتيال شخصيات عسكرية من الصف الأول وعلماء بارزين في المجال النووي أكدت إسرائيل أنها استهدفت 10 علماء ذرة على الأقل بينما صرحت إيران استشهاد 6 علماء، وأكد مرشد الثورة الإيرانية أن زملاءهم سيستأنفون عملهم ويديرون المعركة ضد إسرائيل، وقام بتعيين حبيب الله سياري قائداً مؤقتاً للأركان واللواء وحيدي قائداً للحرس الثوري لسد الفراغ الذي تركه سابقيهم.
تم العدوان بالتنسيق مع واشنطن، وضوء أخضر أميركي، وتعتبر ايران الولايات المتحدة شريكة في العدوان حتى لو لم تشارك طائراتها بهذا الهجوم، كونها كانت على علم مسبق به، ولم تمنعه، وقدمت المعلومات الاستخبارية، وأمدت بالدعم اللوجستي والذخائر، وبالعدد الكبير من طائرات ف35 ، وطائرة التزود بالوقود لتمكّن الطائرات الحربية من قطع المسافات الطويلة، وطائرات تجسس لجمع المعلومات، بيان روبيو وزير الخارجية الأميركية أن إسرائيل تصرفت بشكل منفرد وأن أميركا لم تشاركها الهجوم في محاولة للتنصل مما سيؤدي إليه من تداعيات خطيرة على المصالح الأميركية في المنطقة. وحذر أن «ترامب وإدارته أنهم اتخذوا كل الخطوات اللازمة لحماية قواتنا وينبغي على إيران ألا تستهدف مصالحنا»، لكن الرئيس الأمريكي ترامب أكد علمه المسبق بالضربة الإسرائيلية ضد إيران، وأكد أن الهجوم الإسرائيلي الواسع على إيران، لم يكن مفاجئاً بشكل مطلق بالنسبة له، ونقلت قناة «فوكس نيوز» عن الرئيس الأمريكي قوله إن الجيش الأمريكي لم يشارك بأي شكل في الضربات الجوية على إيران وسيبقى كذلك. وصرح أن إيران لا يمكنها أن تمتلك سلاحاً نووياً ويأمل عودتها إلى طاولة المفاوضات. وأنه لا يزال ينوي استئناف المفاوضات النووية مع طهران، لكن إيران سيكون لها رأي آخر.
سادت النشوة ومشاعر السعادة والفرح في الأوساط الإسرائيلية بعد الإعلان عن ضربة حاسمة على المواقع الإيرانية، وفي أذهانهم قدرات خيالية لسلاح الجو ومهارة طياريه، في دقة إصابة الأهداف على الأرض، وأضيف إلى ذلك قدرات في الجو عندما أعلن الجيش الإسرائيلي ظهر يوم الجمعة 13/6 أن «إيران أطلقت في ساعات النهار أكثر من 100 طائرة مسيرة نحو إسرائيل واستطاعت إسقاطها جميعها، حيث عملت كافة أجهزة الدفاع الجوي للتصدي لها». لم تكن إسرائيل وحدها في التصدي لهذه الهجمة، بل شاركت عدة دول في التصدي لهذه الطائرات وإسقاطها قبل وصولها إلى أهدافها. وقال ترامب إن الولايات المتحدة ستدافع عن إسرائيل إذا ردت إيران على الضربات الإسرائيلية على أهداف نووية وعسكرية إيرانية، وأبلغ الرئيس ترامب «فوكس نيوز» أن «القيادة المركزية الأمريكية في حالة تأهب قصوى تحسبا لهجمات انتقامية إيرانية، وستتخذ إجراءات للدفاع عن نفسها وعن إسرائيل إذا ردت إيران». أحدث ذلك انطباعاً أن قدرات إيران قد شلت وتأثرت بشدة بالهجوم الاسرائيلي وأصيبت بضعف استراتيجي سيجعلها تسعى نحو الاستسلام، لكن الوضع تغير مع ساعات المساء عندما أطلقت طهران 100 صاروخاً باليستياً على دفعتين أحدثت دماراً غير مسبوق، وأوقعت إصابات مباشرة بين الإسرائيليين، وأثارت خشيتهم من استمرار القتال مدة طويلة لن تستطيع إسرائيل أن تتحملها.
هجوم فجر الجمعة 13/6 هجوم غير مسؤول، جاء وسط الأزمات الداخلية التي تشهدها إسرائيل، ويعبّر عن تخبط إسرائيلي، دون مبالاة بنتائج مغامراتها العسكرية في طول المنطقة وعرضها، استهداف موقع نطنز لتخصيب اليورانيوم، بهذا الشكل الذي تم فيه غير قادر على وقف البرنامج النووي الإيراني. وفجر اليوم الجمعة، أكد مصدر إيراني، أن انفجاراً جديداً هز منشأة نطنز النووية في محافظة أصبهان، لكن التقييمات الأولية لا تشير حتى الآن إلى حدوث تلوث إشعاعي أو تسرب نووي في الموقع المستهدف، فيما تواصل الجهات المختصة فحص الأضرار والتحقق من سلامة المنشأة، هيئة الطاقة النووية الإيرانية سجّلت تلوثاً إشعاعياً داخل المنشأة التي تحتاج إلى تنظيف من هذا التلوث حتى لا يحدث تسرب خارجي، وقال مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، «إن المنظمة تراقب عن كثب الوضع في إيران بعد القصف الإسرائيلي، وهي على اتصال بالسلطات بشأن مستويات الإشعاع، كما نتواصل مع مفتشينا المتواجدين في إيران». أما الأمين العام أنطونيو غوتيريش فعبّر عن قلقه إزاء الضربات الإسرائيلية على المنشآت النووية الإيرانية ودعا لضبط النفس بعد الهجوم الإسرائيلي على إيران. لا تهتم إسرائيل ولا الولايات المتحدة إلى ما تقومان به من مخاطر أن يؤدي ذلك إلى تسرب نووي يؤثر على المنطقة كلها، الولايات المتحدة وإسرائيل لا تفهمان لغة القانون أن ما يحول برنامجاً نووياً سلمياً إلى سلاح قاتل وقنبلة نووية هو قصف المفاعلات النووية، وخارج الشرعية الدولية تريدان السيطرة على الإقليم بالقوة والقتل والغطرسة وبالتغول على شعوبه لإعادة تشكيل المنطقة، كما قال نتنياهو أنه سيغير وجه المنطقة بما يخدم إسرائيل ومصالح الولايات المتحدة، فشملت الهجمات غزة والضفة وسوريا والعراق ولبنان واليمن والآن تمتد إلى إيران. يهدف العدوان إلى التأثير على مفاوضات يوم الأحد في عُمان لفرض الشروط الإسرائيلية المتعلقة بالملف النووي الإيراني والمطالبة بتفكيكه، والبرنامج الصاروخي، وإيران لن تتراجع عن حقها بامتلاك برنامج نووي سلمي وبرنامج صاروخي دفاعي.
#أسامة_خليفة (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟