أسامة خليفة
الحوار المتمدن-العدد: 8432 - 2025 / 8 / 12 - 13:29
المحور:
القضية الفلسطينية
يوم السبت 19/7/2025 أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس بصفته رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، قراراً بإجراء انتخابات المجلس الوطني قبل نهاية 2025، وفي موعد يُحدّده الرئيس عباس نفسه. وكانت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير قررت في اجتماعها المنعقد في مدينة رام الله بتاريخ 17/7/2025 إجراء انتخابات مجلس وطني جديد قبل نهاية العام 2025، وفقاً لنظام انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني، يُحدد موعدها بقرار من رئيس اللجنة التنفيذية.
واعتمدت اللجنة التنفيذية لجنة تحضيرية تختص باتخاذ الترتيبات اللازمة لإجراء انتخابات مجلس وطني فلسطيني جديد، وتكون برئاسة رئيس المجلس الوطني الفلسطيني روحي فتوح، وعضوية كل من: عزام الأحمد، رمزي رباح، بسام الصالحي، صالح رأفت، أحمد مجدلاني، واصل أبو يوسف، فيصل عرنكي، سليم البرديني، عدنان الحسيني، زياد أبو عمرو، علي أبو زهري، أحمد التميمي، أحمد أبو هولي، موسى حديد، وعلي فيصل.
وقد رأت الجبهة الديمقراطية في النص على «إجراء الانتخابات طبقاً لقانون المجلس الوطني الفلسطيني المقر من المجلس الوطني، ومصادقة رئيس اللجنة التنفيذية عليه»، خطوة مهمة، يؤمل أن تستكمل هذه الخطوة بنفس الروحية، بإلتئام الحوار الوطني وفتح باب الانضمام للجنة التحضيرية لجميع الفصائل الفلسطينية، بما فيه تلك التي لم يجرِ ترسيم وضعها بعد في مؤسسات م. ت. ف، باعتبار عضوية م. ت. ف. هي لجميع الفلسطينيين أينما كانوا، ومن باب أولى أن تكون للمؤسسات الكفاحية التي تمثل قطاعات واسعة منهم. وقد أكدت كلمات الجلسة الافتتاحية على الحوار مع الكل الفلسطيني للوصول إلى توافق عام قبل إجراء الانتخابات، وتفعيل لجنة الحوار الوطني المشكّلة سابقاً من اللجنة التنفيذية للمنظمة للقيام بالحوار فوراً.
جاءت نتائج الاجتماع الأول للجنة التحضيرية لانتخابات المجلس الوطني بقرارات إيجابية بالاتجاه الصحيح، إذ أكد الاجتماع على أمرين فائقي الأهمية: الأول هو النص على أن «تجري الانتخابات بعد وقف الحرب بشكل نهائي، وإعطاء فترة تعافي خلال عام من وقف الحرب وتوفير البيئة المناسبة لإجراء انتخابات في القدس وقطاع غزة والضفة الغربية»، والثاني هو «إبقاء باب الانضمام للجنة مفتوحاً لفصائل م. ت. ف. التي لم تنضم إليها حتى الآن». حيث توقفت اللجنة التحضيرية لانتخابات المجلس الوطني الفلسطيني أمام المرسومين الصادرين في 19 و31/7/2025 بخصوص إجراء هذه الانتخابات، وما يترتب عليهما من توجهات ومهام.
ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يدعو الرئيس إلى انتخابات، ففي 16 كانون الثاني/يناير 2021، أصدر محمود عباس مرسوماً بإجراء انتخابات عامّة تشريعية ورئاسية وانتخابات المجلس الوطني الفلسطيني، ابتداءً من شهر أيار/مايو 2021، لم تتم أي انتخابات، وأصدر الرئيس عباس مرسوماً رئاسياً يلغي الانتخابات تحت عنوان «لا انتخابات دون القدس».
ومن بين تنوع الانتخابات لهيئات تمثيلية تبدو أهمية إجراء انتخابات المجلس الوطني، باعتباره برلمان منظمة التحرير الفلسطينية، الهيئة التمثيلية للكل الفلسطيني حيث تواجدت جماهير فلسطينية من اللاجئين أو الصامدين فوق تراب وطنهم.
لم يستخدم الانتخاب المباشر كأداة للتمثيل في المجلس الوطني الفلسطيني بحجة صعوبات يفرضها الواقع الفلسطيني تحت الاحتلال أو في خارج الوطن في مناطق الشتات، علماً بأن المادة الخامسة تنص أن أعضاء المجلس الوطني يتم عن طريق الاقتراع المباشر من قبل الشعب الفلسطيني بموجب نظام تضعه اللجنة التنفيذية لهذه الغاية. وبناء على المادة السادسة من النظام الأساسي لمنظمة التحرير، استمر وجود المجلس الوطني بلا انتخابات وبالتعيين من قبل الأحزاب والفصائل والاتحادات.
كما تنص المادة 32: يحق للمجلس الوطني، وتعود له وحده صلاحية ضم أعضاء جدد إليه من حين لآخر، حسبما يرى ذلك ملائماً، وبحسب ما تمليه متطلبات معركة التحرير، ومقتضيات تعميق الوحدة الوطنية، في ضوء أحكام الميثاق الوطني، وذلك وفق نظام تقدمه اللجنة التنفيذية.
تم تفويض المجلس المركزي بمهام وصلاحيات المجلس الوطني الفلسطيني. قرار تم اتخاذه في عام 2022 في ظل تعذر انعقاد المجلس الوطني بشكل منتظم. يُعد المجلس المركزي هيئة دائمة منبثقة عن المجلس الوطني، ويعمل كوسيط بينه وبين اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية. وفق هذا تطورت التجربة التمثيلية الفلسطينية منذ عقد المؤتمر الأول للمجلس الوطني في القدس عام 1964 اعتماداً على ثلاث طرق: الأولى طريقة الانتخاب: ممثلو المنظمات الشعبية والنقابات والاتحادات الطلابية والمهنية في المجلس منتخبون من قبل مؤسساتهم، بعض ممثلي المنظمات والأحزاب منتخبون في أطرهم السياسية. وفي هذا المجال تواجه انتخابات المجلس الوطني إشكالية تتعلق بالمنظمات والاتحادات الشعبية المعطلة في بعض مناطق الشتات منذ مدة ليست بالقصيرة، ومع توقيع اتفاقية أوسلو تم انتخاب المجلس التشريعي بشكل مباشر يصبح أعضاؤه أعضاء طبيعيين في المجلس الوطني، وهنا تبرز إشكالية أخرى حول كيفية تعويض أعضاء المجلس التشريعي بعد أن أصدرت المحكمة الدستورية العليا قراراً بحل المجلس والدعوة لإجراء انتخابات جديدة خلال ستة أشهر. وأكدت النيابة العامة بانتهاء مدة المجلس التشريعي قانونياً ودستورياً بتاريخ 25/1/2010.
الثانية طريقة المحاصصة: تحصل الفصائل الفلسطينية على نصيبها من مقاعد المجلس اعتماداً على تقديرات خاصة لحجم هذا الفصيل أو ذاك، وسط خلافات حول ترتيب الفصيل الأول والفصيل الثاني والثالث... وخلافات سياسية أخرجت بعض الفصائل من المنظمة ومؤسساتها.
الطريقة الثالثة: تخص اختيار عدد من المستقلين لعضوية المجلس وفق الاتفاق بين الفصائل، وكان معظم هؤلاء من الموالين لحركة فتح.
لم تُعقد أي انتخابات لأعضاء المجلس الوطني الفلسطيني الذي عقد مؤتمره الأول في القدس عام 1964.انتخابات المجلس الوطني المرتقبة هي الأولى التي تجريها منظمة التحرير لانتخاب مجلس وطني. وتأتي أهميتها من أن النظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية ينص على أن المجلس الوطني هو السلطة العليا لمنظمة التحرير، وهو الذي يضع سياسة المنظمة ومخططاتها وبرامجها، وإعادة تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني تمثل مطلباً فلسطينياً عاماً وضرورياً.
ورغم الجدال الذي أثارته الدعوة لانتخابات في هذا التوقيت الخطير فقد فاقه جدلاً تصريح الرئيس الفلسطيني محمود عباس، خلال استقباله وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول، أن الاستعداد للذهاب لانتخابات عامة «لن تشمل القوى السياسية والأفراد الذين لا يلتزمون ببرنامج والتزامات منظمة التحرير الفلسطينية والشرعية الدولية».
وتأتي محاولة التغيير في السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير وسط مطالبات عربية وإقليمية ودولية للسلطة الفلسطينية بإجراء إصلاحات سياسية في السلطة الوطنية ومنظمة التحرير. وكرر الرئيس الفلسطيني شروطه في أكثر من مناسبة، وذلك بعد أن أصدر في 19 يوليو/تموز الماضي قراراً بشأن إجراء انتخابات المجلس الوطني قبل نهاية العام، مبيناً أن من ضمن شروط العضوية التزام العضو ببرنامج منظمة التحرير الفلسطينية وبالتزاماتها الدولية وقرارات الشرعية الدولية. والتي فسرت على أنها موافقة على اتفاقات أوسلو وكل ما ينبني عليها من استحقاقات بما في ذلك الاعتراف بـإسرائيل، والتنازل عن معظم فلسطين التاريخية، ونبذ المقاومة المسلحة والالتزام فقط بالوسائل السلمية. ورأى البعض أن هذا التصريح يمكن أن يتحول إلى مرسوم يصدره الرئيس عباس في ظل الضغوط الدولية. تصريحات الرئيس لا يمكن أن تحل مكان المرجعيات القانونية والأنظمة الداخلية للانتخابات، ومرجعية انتخابات المجلس الوطني الميثاق الوطني الفلسطيني، القانون الأساسي لم يضع أي قيود سياسية للمشاركة في الانتخابات ولا يمكن تعديله حالياً. ولا يجوز وضع قيود على مرشحي الانتخابات تخالف القانون الأساسي وقانون الانتخابات.
رأت بعض القوى والفصائل والشخصيات الفلسطينية في هذه الدعوة للانتخابات استمراراً لنهج التفرد والإقصاء ومحاولة فرض وقائع سياسية ومؤسساتية بمعزل عن التوافق الوطني، وأنه جاء مخالفاً لكافة التوافقات الفلسطينية التي وقعتها فتح وحماس على مدى العشرين سنة الماضية، والتي نصّت على إصلاح أو إعادة بناء منظمة التحرير وتشكيل مجلس وطني فلسطيني جديد بمشاركة كافة الفصائل الفلسطينية، بما في ذلك حماس والجهاد الإسلامي، على أسس تشاركية ديمقراطية وبما يضمن تمثيلاً حقيقياً، وبالانتخاب حيثما أمكن، وبالتوافق عندما يتعذر ذلك؛ وعبر لجنة تحضيرية موحدة. وليس لجنة تحضيرية يستأثر طرف واحد بالهيمنة عليها، لا تتضمن شراكة حقيقية للقوى الفلسطينية الفاعلة فيها، ويُخرج حماس والجهاد وقوى المقاومة الرافضة لأوسلو من حق المشاركة والانتخاب، لأنه يشترط الالتزام باتفاقات أوسلو وما يترتب عليها من التزامات، وهو قرار يتعارض مع الميثاق الوطني الفلسطيني، الذي يعدّ كل الفلسطينيين أعضاء طبيعيين في المنظمة، على اختلاف اتجاهاتهم السياسية والأيديولوجية.
ورأت أنه يأتي في توقيت خطير تتعرض فيه القضية الفلسطينية لأكبر المؤامرات التصفوية
عبر حرب الإبادة الجماعية والتجويع بحق شعبنا الصامد في قطاع غزة، وتكريس مشاريع الاستيطان والتهجير في الضفة الغربية المحتلة وتمرير مخطط تهويد القدس وتقسيم المسجد الأقصى المبارك، خطورة المرحلة، تتطلب توحيد كل القوى الفلسطينية في الداخل والخارج، وإعادة بناء منظمة التحرير ومؤسساتها، في ضوء المخاطر الوجودية التي تشهدها قضية فلسطين، فإن مسألة ترتيب البيت الفلسطيني، بما في ذلك التوافق على قيادة مؤقتة، تشرف على انتخابات جديدة، تؤدي إلى تشكيل مجلس وطني جديد على قاعدة المحافظة على الثوابت، ويقطع الطريق على التدخل الخارجي فيما يتعلق باليوم التالي لإدارة قطاع غزة، وبتنفيذ برنامج عمل مستعجل لمواجهة مخاطر تهويد المسجد الأقصى والقدس، ومخاطر الضم والتهجير في الضفة الغربية وقطاع غزة.
#أسامة_خليفة (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟